Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعيداً عن الإدانة... كيف يتعامل مجلس الأمن مع الاعتداءات على "أرامكو"؟

مراقبون: على السعودية استغلال نفوذها بروسيا والصين والمطالبة بانعقاد جلسة طارئة لإصدار إجراءات دولية

صور من الأقمار الصناعية الأميركية تكشف الضرر الذي لحق بالبنية التحتية للنفط من الهجمات على حقل خريص بالسعودية (أ.ف.ب)

خلال جلسة مجلس الأمن حول اليمن، هذا الأسبوع، أكدت السفيرة الأميركية الجديدة كيلي كروفت "إدانة الولايات المتحدة الهجمات التي استهدفت منشآت نفط سعودية في بقيق وخريص"، ووصفت الهجمات بأنها "مقلقة للغاية"، باعتبارها "هجوماً مباشراً على إمدادات الطاقة العالمية".

تمثل المنشآت النفطية السعودية التي اُستهدفت أحد أكبر مجمعات مصافي النفط بالعالم وثالث أكبر حقل نفطي بالسعودية، ومن ثم يشكّل الأمر ليس فقط اعتداءً على السيادة السعودية، إنما على أمن إمدادات الطاقة العالمية.

وعلى الرغم من أن جلسة مجلس الأمن شهدت كثيراً من الإدانة والشجب من قبل مختلف الدول الأعضاء وغير الأعضاء في المجلس، للهجمات التي وقعت في الـ14 من سبتمبر (أيلول) الحالي، غير أنها لم تكن "مخصصة لمناقشة الاعتداء"، ومن ثم تتجه الأنظار خلال الأيام القليلة المقبلة صوب مجلس الأمن، انتظاراً لتحرّك ما في هذا الصدد، لا سيما مع بدء الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ تتوالى وفود 193 دولة داخل المنظمة الأممية.

موقف مجلس الأمن
وحسب وكالات أنباء فإن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى دعا إلى رد من مجلس الأمن الدولي على الهجمات التي تلقي الولايات المتحدة بالمسؤولية فيها على إيران، لكن لم تتضح طبيعة الإجراء الذي يطالب به المسؤول الأميركي، أو ما إذا كانت واشنطن ستضمن تعاون موسكو في هذا الصدد.

وقال المسؤول "نعتقدُ أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عليه دورٌ يجب أن يقوم به. السعودية تعرَّضت إلى هجوم، وسيكون من المناسب لهم التوجه إلى مجلس الأمن، لكن علينا أولاً جمع المعلومات القابلة للنشر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتهم الولايات المتحدة إيران بتنفيذ الهجوم من أراضيها أو من الأراضي العراقية، نظراً إلى أن موقع الهجوم قريبٌ من البلدين، بينما تنفي طهران مسؤوليتها، وفي الوقت ذاته أعلنت جماعة الحوثي باليمن، المدعومة من إيران، "مسؤوليتها عن الهجوم"، بحجة الصراع القائم بينها والسعودية منذ سنوات أربع.

وفي تصريحات إلى "اندبندنت عربية"، قال سفير مصر الدائم لدى الأمم المتحدة محمد إدريس، "الأمر في منطقة الخليج يتم التعامل معه داخل مجلس الأمن من عدة أبعاد"، موضحاً "كل طرف له مصلحة ورؤية معينة، فضلاً عن البعد الخاص بالاتفاق النووي الشامل مع إيران، الذي بات يواجه تعثراً منذ إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق، وإعادة العقوبات الاقتصادية على طهران".

ويضيف "يوجد أيضاً بعدٌ خاصٌ بالاستقرار في منطقة الخليج ككل واليمن، وبعدٌ آخر يتعلق برؤية الجانب الأميركي لرد الفعل".

وأشار إدريس إلى أن المجتمع الدولي "دان الهجوم، وبالطبع توجد أطراف تدفع نحو ضرورة توثيق الأدلة والتعرف بشكل موثق على ملابسات الحادث، إذا يوجد إجماعٌ على إدانة الهجوم، أمَّا التعامل معه فسيكون من خلال رؤية كل عضو من المجلس على حدة، وهذا أمرٌ معتادٌ في القضايا الكبرى والمعقدة، لذلك لا يحدث عادة أن يجتمع المجلس، ويتفق فوراً على إجراء بشأنه".

توجد جهود دولية من عدة أطراف بما في ذلك الولايات المتحدة للتحقيق في مصدر الهجمات وملابساتها، إذ أعلنت وزارة الخارجية السعودية أنها "ستوجه الدعوة إلى خبراء دوليين للمشاركة في التحقيقات"، التي تشير حتى الآن إلى أن الهجوم "لم ينطلق من اليمن"، كما زعمت الميليشيات الحوثية. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن باريس سترسل "خبراء للمشاركة في الأمر".

العقوبات تحتاج إلى إجماع
وفي حالة ثبوت تورط إيران بالأدلة، يوضح السفير المصري لدى الأمم المتحدة أن "فرض عقوبات على النظام الإيراني في هذه الحالة واردٌ، لكنه يخضع إلى اتفاق أعضاء المجلس الدائمين وغير الدائمين". ومع ذلك يشير إلى أنه "من المحتمل لأحد الأعضاء الدائمين استخدام حق النقض (الفيتو)، وهو ما حدث في قضايا عديدة، وحتى على صعيد الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية على سبيل المثال".

ويضيف "الأمر منوطٌ ليس بمنطقية رد الفعل، لكن باتفاق الأطراف على أن هذا الرد يحقق رؤيتها في التعامل مع الموضوع ومصلحتها"، في إشارة إلى روسيا والصين اللتين لهما حق النقض (الفيتو) إلى جانب الولايات المتحدة، إضافة إلى فرنسا وبريطانيا اللتين على الأرجح "ستوفران الحماية لإيران".

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ دعت إلى "ضرورة أن تتحلى جميع الأطراف بضبط النفس". وأضافت أن "التفكير فيمن ينبغي إلقاء اللوم عليه في ظل غياب تحقيق شامل هو في اعتقادي تصرفٌ غير مسؤول في حد ذاته، موقف الصين هو أننا نعارض أي خطوات توسع نطاق الصراع أو تصعده". وبالمثل حذّرت روسيا من "القفز على النتائج بشأن المسؤول عن الهجمات".

اختبار لمجتمع الطاقة العالمي
لكن هجوم بهذه الضخامة، حسب مايكل نايتس الزميل لدى معهد واشنطن الذي عمل في الشؤون العسكرية لدول الخليج وديناميات الردع، "قادرٌ بدرجة أكبر بكثير على إثارة عواقب دبلوماسية وعسكرية شديدة الخطورة. وإذا خلصت نسبة كبيرة من أجهزة الاستخبارات إلى أن أهم موقع للطاقة في العالم تعرَّض لضربة بواسطة أسلحة متقدمة على نحو غير مسبوق وأُطلقت مباشرةً من إيران أو من قبل وكلاء النظام الإيراني، سيشكّل هذا الاستنتاج تحدياً ليس للرياض وواشنطن فحسب، بل لمجتمع الطاقة العالمي بأكمله، بما في ذلك الصين التي تعتمد على النفط السعودي".

ويتوقع نايتس، أن أحد الاحتمالات في هذا السياق هو أن "مسؤولي الأمن الإيرانيين قرروا أن بإمكانهم مواصلة اختبار العزم الأميركي والسعودي دون معاناة عواقب وخيمة، ربما بهدف زعزعة أو إبطال ثقة أحدهما بالآخر أو عزمهم على مجابهة طهران". فبالنظر إلى الأشهر القليلة الماضية، "لم تجابَه جميع الضربات التي وجهها النظام الإيراني بوتيرة تصاعدية بأي ردّ انتقامي حقيقي"، بدءاً من هجمات الفجيرة في الـ12 من مايو (أيار)، والضربة التي أعقبتها بيومين على خط أنابيب شرق - غرب في السعودية، مروراً بالهجوم الذي استهدف ناقلتَي نفط في مضيق هرمز يوم الـ14 من يونيو (حزيران)، وصولاً إلى إسقاط طائرة أميركية دون طيار في الـ20 من الشهر نفسه.

النفوذ السعودي مع روسيا والصين
ربما تحاول إيران إجبار الولايات المتحدة، وبالطبع أوروبا، على تخفيف العقوبات عليها مقابل الحد من هذه الهجمات وتجميد أنشطتها النووية التي تسارعت وتيرتها في الآونة الأخيرة. وإذا كان الأمر كذلك، فقد تعتبر إيران أن حادث أرامكو لن يقوم سوى "بتعزيز نفوذها بدلاً من قلب الموازين برمّتها".

ويؤكد الخبير الأميركي "ضرورة ترسيخ قوة الردع، التي بالطبع يجب أن لا تستبعد خيار الرد العسكري"، لكنه يشير إلى "الحاجة إلى إصدار لوم دبلوماسي مدعوم بسلطة رسمية نافذة، من خلال أن تستخدم السعودية نفوذها مع روسيا والصين للمطالبة بانعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، ولضمان إصدار الاجتماع قراراً لا يدين فقط سلوك إيران، بل يتخذ أيضاً المزيد من الإجراءات لتعزيز التدابير الدولية المتعلقة بتنفيذ العقوبات على طهران".

ويضيف، "يجب أن تستهدف هذه الإجراءات أنشطة تهريب الأسلحة وبرامج تطوير الصواريخ التي يقوم بها النظام الإيراني، وأن تتضمن آلية متابعة لحظر مبيعات الأسلحة الإيرانية بمجرد انتهاء صلاحية قرار مجلس الأمن رقم 2231 عام 2021. كما يمكن للولايات المتحدة أيضاً فسح المجال بصورة أكبر أمام التوجيهات الأوروبية بشأن أمن الطاقة والحركة البحرية في الخليج، وأن تنشئ فرق عمل تركّز على توسيع الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) لتشمل جميع جوانب الأنشطة الإقليمية الإيرانية".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات