Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل ومأزق التعقيدات الاستراتيجية بين رفح وطهران

على رغم نجاح إسقاط الصواريخ الإيرانية يحذر أولمرت من المضي في إطلاق عملية عسكرية جنوب القطاع

منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي تسقط الصواريخ الإيرانية (أ ف ب)

ملخص

عاد أمنيون ومسؤولون إسرائيليون ليحملوا متخذي القرار والأجهزة الاستخباراتية مسؤولية الوضع الذي آلت إليه البلاد بسبب عملية استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق.

139 يوماً وإسرائيل غارقة في أبحاث تداعيات مختلف القرارات السياسية والأمنية والاستراتيجية لحكومة بنيامين نتنياهو، أو كما بات يسمى "سيد الأمن"، إذ شهدت في ظل هذه الحكومة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عاصفة من الانقلابات الداخلية التي لم تقتصر على المجتمع الإسرائيلي الذي ضربه طوفان مسلح وهو في ذروة الاحتجاج والانفلات في أعقاب خطة الإصلاح القانوني بل أيضاً بين متخذي القرار.

وكل الجهود التي بذلت لرأب الصدع والتماسك في مواجهة حركة "حماس" ومن بينها انضمام رئيس المعسكر الوطني بيني غانتس إلى الائتلاف الوزاري لم تدفع الحكومة والقيادة إلى وضع سياسة حكيمة تضمن الخروج من هذه الحرب بأقل ما يمكن من الضرر، وفي الأقل إعادة الأسرى من قطاع غزة، حتى وصلت إلى فتح جبهة مع إيران، لم يحذر من خطورتها إسرائيليون فحسب، بل قادة دول حليفة لهم أيضاً.

فبعد ساعات من تنفيذ عملية القنصلية في دمشق، حمل سياسيون وأمنيون، متخذي قرار هذه الضربة من تداعياتها على المنطقة وعلى سير القتال في غزة وصفقة الأسرى، واعتبروا تنفيذ العملية ومصادقة الاستخبارات العسكرية عليها إخفاقاً لا يقل بنتائجه عن إخفاقات إسرائيل خلال ستة أشهر في حرب غزة.

مأزق إسرائيلي

اليوم وبعد 48 ساعة ساعة من الرد الإيراني على هذه العملية وعشية تنفيذ رد إسرائيلي محتمل، عاد النقاش إلى النقطة المركزية التي أدت إلى تطورات الوضع، إذ عاد أمنيون ومسؤولون ليحملوا متخذي القرار والأجهزة الاستخباراتية مسؤولية الوضع الذي آلت إليه البلاد بسبب عملية القنصلية، ووضعها أمام مشهد تابعه العالم لحظة إغراق أجوائها بصواريخ ومسيّرات إيرانية.

وفي الوقت نفسه تعالت الأصوات الداعية إلى التراجع عن قرار الرد على إيران أمام المطالبة التي تعتبر عدم الرد هزيمة لإسرائيل، خصوصاً بعد إطلاق مئة صاروخ باليستي عليها، ورفع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي شعار "لا مجال أمامنا إلا الرد"، مدعوماً بالقيادات السياسية والأمنية.

هنا قال الرئيس السابق لما تسمى "الساحة الفلسطينية في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ميخائيل ميلشتاين إن "إسرائيل في مأزق مضنٍ"، موضحاً أن الخطاب الإسرائيلي يراوح ما بين عمق الانكسار في السابع من أكتوبر وتراجع مكانة البلاد دولياً ونشوة الاحتفاء بإحباط الهجوم الإيراني كهزيمة قاضية لطهران بل بداية نظام إقليمي جديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حديث المسؤول الاستخباراتي السابق جاء متوافقاً مع كثيرين ممن أكدوا أن إحباط الهجوم الإيراني كان إنجازاً عسكرياً لامعاً، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن "البحث الإسرائيلي في تداعيات الحدث يعكس خروجاً دائماً عن التوازن إلى جانب انعدام استراتيجية مبلورة وقصور في التحليل العميق لمنطق اللاعبين في المنطقة. إنها مشكلة أساسية مركزية كامنة في إخفاقات السابع من أكتوبر".

نجاح عملياتي وتعقيدات استراتيجية

وانضم رئيس معهد أبحاث الأمن القومي تمير هايمن إلى مؤيدي ضرورة الرد على إيران ولكن مع إبقاء الضبابية حول موعد الضربة ونوعيتها لعدم طمأنة طهران، وقال "الرد الإسرائيلي على إيران سيأتي ولكن لا ينبغي لنا أن نخلق الوضوح في شأن هذه القضية، فلنترك الجانب الآخر يعاني حال عدم اليقين. الوقت في أيدينا، يمكن التفكير والتخطيط والتصرف بذكاء، فالنجاح في الدفاع يجعل هذا الأمر ممكناً".

ولكن أمام النجاح الدفاعي لامس هايمن لب النقاش الإسرائيلي وخلافات الرأي حول مدى ما سينشأ في أعقاب هجوم إيران والرد الإسرائيلي المرتقب، بقوله "ليل السبت سجلت إسرائيل نجاحاً عملياتياً، لكنها من الناحية الاستراتيجية تواجه تعقيدات خطرة".

وضمن هذا الفشل الذي يتحدث عنه هايمن:

- فشلت إسرائيل والولايات المتحدة في ردع إيران عن الهجوم.

- تمكنت إيران من إلحاق الضرر بإسرائيل من دون إلزام الولايات المتحدة بهجوم مضاد بمشاركة تل أبيب.

-  تحركت إسرائيل ليل السبت للمرة الأولى كجزء من ائتلاف، وهذا أمر فاعل ومهم ولكنه سيحد من حرية التصرف رداً على ذلك.

- التحالف الذي عمل ليل السبت هو الجواب لليوم التالي للحرب في غزة، وهذا هو ما يجب أن نسعى جاهدين للوصول إليه... تشكيل إقليمي ضد إيران وجبهة المقاومة.

درس لإيران أم التدهور إلى حرب شاملة؟

وقوف رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي ليل أمس الإثنين أمام طائرة "أف-35" في قاعدة "نفاتيم" العسكرية يتحدث مع الجنود، ليس صدفة، فهو لم يتحدث بهدف طمأنة الإسرائيليين الذين أدخلتهم قرارات القيادة في حال إرباك وخوف فحسب، بل ليتفاخر أيضاً بقدرات سلاح الجو وجاهزيته وإمكاناته القتالية بعد أن أبلغ بحسم القرار في تنفيذ الرد على الهجوم الإيراني.

وبقوله إن من يطلق كمية كبيرة من الطائرات والصواريخ الباليستية والكروز على إسرائيل عليه أن يعلم أنه سيتلقى رداً على ذلك، يريد هليفي كما رأى بعضهم أن يوضح أن الرد سينفذ لتلقين إيران درساً في عدم التفكير بالهجوم على إسرائيل، مما حذر منه رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت.

 

 

وقال أولمرت، "فهمنا من متخذي القرار أن الهجوم الذي ستنفذه إسرائيل من أجل تعليم إيران درساً يمكن أن يدهورنا إلى حرب شاملة. الهجوم أمر زائد وفقط حاجة سياسية لنتنياهو".

أولمرت الذي تصدر الأصوات الداعية إلى حل الحكومة والانسحاب من غزة والتوقيع على صفقة أسرى حتى إن كان "بتبييض السجون الإسرائيلية"، وقف اليوم أيضاً في أعقاب النقاش والخلاف ومن ثم قرار الرد على إيران، يطالب بعدم الرد والتراجع عن خطوة أخرى تضاعف تدهور وضع بلاده.

واعتبر كذلك أن الهجوم الإيراني "استهدف النقاش في وعي جميع المشاركين في هذه الدراما بالشرق الأوسط بأن إيران هي العامل الرئيس، فطهران لا تتمثل في وكلائها فقط في الشمال (حزب الله) والجنوب (الحوثيون) أو في سوريا والعراق فحسب، بل هي أولاً وقبل كل شيء القوة الرئيسة التي تملي الخطوات والتي تقرر جدول الأعمال وتناور بين القوات التي تعمل في المنطقة".

وفيما رأى أولمرت أن ليلة السبت كانت "ليلة النصر الأكبر لسلاح الجو الإسرائيلي وقادته وطياريه"، إلا أنه اعتبر النصر الأكبر للرئيس الأميركي جو بايدن "لأنه أيضاً إنجاز للولايات المتحدة ليس بالوقوف العلني مع إسرائيل فحسب، بل بالإسهام المباشر في هذا الإنجاز العسكري".

وذهب إلى أن "إسرائيل لم تكُن قادرة على إحباط أكثر من 70 في المئة من الصواريخ والطائرات لولا دعم الأميركيين والبريطانيين، لا سيما في المناطق البعيدة"، موضحاً أن "الفجوة في نسبة نجاح الإحباط قائمة بين ضربة محتملة مؤلمة جداً ’تدمير عدد من قواعد سلاح الجو وعشرات القتلى والشعور بأننا مكشوفون ومن دون حماية‘ وبين نتيجة هجوم إيران الفعلي، وعليه فإن إسهام الولايات المتحدة ليس لينعكس فحسب في الصورة الدولية لتحالف سياسي وعسكري، بل هو إسهام حقيقي لجنود أميركيين ومن دونهم ما كنا سنحصل على صورة النصر الحاسم".

بين رفح والأسرى والرد على إيران

لكن مع حسم إسرائيل قرار الرد على إيران نوه أولمرت إلى نقاط عدة:

- من المهم جداً عدم انجرار إسرائيل إلى حرب تصريحات متبجحة من النوع المعروف في محيطنا.

- عدم تغييب أهمية بايدن في مواجهة المقاتلات الإيرانية "قبل أن تبدأ أدوات رئيس الحكومة وعصابة الزعران المحيطة به بإطلاق التصريحات والتهديدات والتحذيرات والطلبات".

- أحياناً يكون من الجدير ضبط النفس حتى عندما يكون هناك هدف مهم، فعندما يتم تنفيذ عملية تصفية في عاصمة دولة عربية يمكن جمع كل قوة ضبط النفس وعدم الانطلاق إلى احتفال التفاخر والغطرسة، لأن هذا أسهم بالضرورة في رد إيران.

- ليل السبت عند هجوم إيران، ألغيت نهائياً قدرة إسرائيل على الدخول إلى رفح، وهنا يجب على نتنياهو أن يقرر إذا كان يريد حماية أميركا من إيران أو أنه يريد شرخاً مكشوفاً وعلنياً وخطراً مع القيادة الأميركية والشركاء في بريطانيا وفرنسا وألمانيا إزاء اقتحام رفح.

 

 

ويمضي أولمرت في تحليله بقوله، "هذا الخيار ما زال أمامنا، وضغط إيتمار بن غفير وأعضاء عصابته على نتنياهو سيستمر، ولم يتنازلوا عن مواصلة الحرب في رفح. بايدن حذر من هذه العملية، وبعد ليل السبت بات يمكن أن يدهور الهجوم على رفح، خلافاً لموقف الولايات المتحدة وأوروبا، إسرائيل نحو الهاوية. فإذا حدث ذلك فإنه في المواجهة المقبلة مع إيران التي يمكن أن تكون في وقت قريب، سيضطر نتنياهو وبيني غانتس وغادي أيزنكوت إلى اتخاذ القرارات من دون أن تكون إلى جانبهم الدولة الأقوى في العالم، وأيضاً من دون عقد مجلس الأمن الأميركي جلسة ماراثونية في واشنطن لتنسيق الحماية لدولة إسرائيل التي تصمم حكومتها على إدارة حرب لا حاجة إليها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير