Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل هناك اتفاق "غير معلن" بين الأحزاب الكردية لتأجيل الانتخابات؟

الهدف من هذا التوجه كسب الوقت للدخول في تفاهمات ثنائية وأخرى مع بغداد قد تفضي إلى فك عقدة الخلاف

فقد الإقليم الكردي خلال الأعوام القليلة الماضية صلاحيات واسعة كان يتمتع بها لمصلحة حكومة بغداد (أ ف ب)

ملخص

يلف الغموض مصير الانتخابات الكردية في ظل مقاطعة الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني الحاكم في الإقليم مع قوى الأقليات

تذهب المؤشرات في إقليم كردستان العراق إلى أن الانتخابات البرلمانية المقررة في 10 يونيو (حزيران) المقبل باتت أقرب إلى احتمال التأجيل، في مسعى لتجنب تبعات مقاطعة الحزب الذي يقود حكومة الإقليم الائتلافية، فيما كشف سياسيون ووسائل إعلام كردية عن وجود "تفاهم ضمني" بين الحزبين الحاكمين للتأجيل بغية كسب الوقت للدخول في تفاهمات ثنائية وأخرى مع بغداد قد تفضي إلى فك عقدة الخلاف.

ويلف الغموض مصير الانتخابات الكردية في ظل مقاطعة الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني الحاكم في الإقليم مع قوى الأقليات، كرد فعل على قرارات صدرت في وقت سابق عن المحكمة الاتحادية، رأى فيها الحزب "استهدافاً سياسياً لتقويض سلطة الإقليم". وبينما يشدد شريكه في الحكم "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني عبر خطاباته الرسمية على إجرائها في موعدها، تواصل مفوضية الانتخابات مهامها في تنظيم وإدارة العملية الانتخابية وفق الإجراءات والسياقات القانونية.

اتفاق ضمني

ووفقاً لتسريبات كشفت عنها وسائل إعلام كردية وسياسيون، فإن الحزبين الحاكمين متفقان ضمنياً على تأجيل الانتخابات، "لكنهما يتأنيان في الإعلان عن ذلك رسمياً لحين ضم بقية القوى إلى الاتفاق"، بخاصة بعد المحادثات الأخيرة التي أجراها رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في بغداد، وما تمخض عنها من اتفاق على استئناف الأخيرة إرسال مرتبات موظفي الإقليم. لكن قوباد طالباني نفى صحة التسريبات خلال اجتماع مع وزراء حزبه، وشدد على "المضي في الانتخابات حتى لو اضطررت لوضع صندوق الانتخابات في منزلي بأربيل".

وفقد الإقليم الكردي خلال الأعوام القليلة الماضية صلاحيات واسعة كان يتمتع بها لمصلحة حكومة بغداد التي تقودها القوى الشيعية الموالية لإيران، على وقع قرارات قضائية اتحادية متتالية كان أهمها تعطيل تدفق صادراته النفطية بشكل مستقل، وعدم شرعية تمديد دورة برلمانه وحكوماته المحلية ومفوضية الانتخابات الخاصة به، وأخيراً إلغاء المقاعد المخصصة للأقليات وفق نظام "الكوتا" وإجراء الانتخابات وفق نظام الدوائر المتعددة بإشراف من مفوضية الانتخابات الاتحادية، ما وسع من حالة الانقسام بين قواه الحاكمة، حيث أعلن "الديمقراطي" مقاطعته للانتخابات بخلاف حزب "الاتحاد".

ونتيجة للفراغ القانوني القائم جراء غياب السلطة التشريعية، يجد الإقليم نفسه واقعاً تحت ضغوطات محلية ودولية لإجراء الانتخابات التي طال انتظارها بعد تأجيلها ثلاث مرات. وبينما يتمسك حزب بارزاني بقرار المقاطعة، تمضي مفوضية الانتخابات الاتحادية في خطواتها لإجراء الانتخابات بموازاة بروز تساؤلات ملحة حول التحديات والسيناريوهات المحتملة مع غياب طرف له سلطة مترسخة في مؤسسات الإقليم.

الواقع يفرض التأجيل  

وتتعدد الاحتمالات حول ما ستؤول إليه التطورات في حالتي الإجراء والتأجيل والحلول المطروحة على المستويين السياسي والقانوني، سواء بغياب "الديمقراطي" أو إمكان إعادة فتح الباب أمامه للتراجع والدخول في المنافسة.

ويطرح الخبير في شؤون الانتخابات هلشو عبدالفتاح أربعة سيناريوهات يرجح أن يتصدرها خيار التأجيل، حيث قال إن "إجراءها من دون الديمقراطي يعد الاحتمال الأضعف، فعلى رغم أن المقاطعة أمر طبيعي وقانوني وقد حصل ذلك في البرلمان الاتحادي وعلى سبيل المثال التيار الصدري، لكن تطبيق الحالة على الإقليم صعب للغاية لكونه ما زال مقسماً بين الحزبين التقليديين عسكرياً وإدارياً، إذ كيف يمكن إجراء انتخابات في ساحة يمتلك فيها حزب ما سلطة شبه مطلقة ومتوغلة في عمق المؤسسات". وأردف أن "هناك احتمالاً ثانياً وهو أن تقوم مفوضية الانتخابات بإعادة فتح باب تسجيل المرشحين والأحزاب لفترة قصيرة لتسمح للديمقراطي بالمشاركة، طالما أنها تمتلك صلاحية تحديد وتمديد مواعيد التسجيل وإجراء قرعة أرقام القوى والتحالفات. لكن هذا يظل مرهوناً بإرادة الديمقراطي وتراجعه عن المقاطعة، ويبدو من خلال مواقفه الرسمية ما زال متمسكاً بقراره، لذا فإن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً أيضاً".

ووفقاً لمصدر سياسي مطلع، فإن حزب طالباني "يمارس أسلوب المناورة في ملف الانتخابات، حيث يظهر في خطابه الرسمي إصراره على خوضها، لكنه في الواقع يرغب بتأجيلها إدراكاً بصعوبة نجاحها من دون مشاركة حزب بارزاني، فضلاً عن أن مؤشرات التأييد الشعبي لا تبدو في مصلحة كلا الحزبين"، وذلك بعد نحو عقد من أزمات سياسية واقتصادية مزمنة انعكست سلباً على أداء حكومتهما، وعمقت من النقمة الشعبية جراء عجزهما عن تأمين مرتبات موظفي القطاع العام، وما رافقها من زيادة غير مسبوقة في الضرائب، بموازاة تدهور في الخدمات، إلى جانب إخفاقهما في الحد من ظاهرة الفساد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توافق على التأجيل

كما أشار عبدالفتاح إلى "احتمالية تأجيل الانتخابات لبضعة أشهر على أن تتجاوز ستة أشهر، لكن سيتطلب في هذه الحالة تمديد ولاية المفوضية عبر البرلمان والتي تنتهي في مطلع يوليو (تموز)، ما يعني أنها لن تستطيع الإشراف على انتخابات الإقليم إلا في حال تمديد عملها، وهذا لن يكون سهلاً لأنه سيتطلب طرحه على التصويت في البرلمان مع توافر إرادة سياسية نظراً للحاجة إلى موافقة القوى والأطراف في الحكومة والبرلمان". واستدرك "لكن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل وإجراؤها بالتزامن مع نظيرتها الاتحادية، لأن الخيار لن يتطلب سوى موافقة الحزبين، كما لن يكون صعباً حصول ضوء أخضر من القوى الشيعية لحاجتها إلى نظيرتها الكردية بموازاة التحرك الجاري لتعزيز العلاقة مع واشنطن. أما بشأن موقف المجتمع الدولي الضاغط لإجراء الانتخابات، فإنه ليس أساسياً على رغم أهميته عندما يتفق الحزبان على صيغة ما، وهذا حصل سابقاً".

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس البرلمان الاتحادي عن "الديمقراطي" شاخوان عبدالله الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي، "تحفظاتنا تتعلق بحقوق شعب كردستان عموماً، إذ يجب أن تجرى الانتخابات بمشاركة الجميع، وبالطبع من دون حزبنا لن تجرى وهذه حقيقة يدركها الجميع في بغداد، ويتوجب أخذ موقفنا في الاعتبار، وهناك محاولات بهذا الصدد".

حضور إيراني

وتتفق رؤية الباحث في الشأن الكردي والعراقي بختيار سعيد مع احتمالية التأجيل، عازياً ذلك لاعتبارات عدة "تتعلق بموقف الديمقراطي الصارم من القرارات الاتحادية بكونها شركاً لتحجيمه بدافع إيراني". وقال إن "للحزب شكوكاً حول استقلالية مفوضية الانتخابات الاتحادية وإمكان أن تخضع لإملاءات التلاعب بالبيانات والنتائج، ذلك أن الإيرانيين كان لهم التأثير في انتخابات سابقة لمصلحة حزب الاتحاد في بعض المناطق، كما يرى الحزب أن المحكمة الاتحادية تعاملت بازدواجية في إلغاء مقاعد كوتا الأقليات في الإقليم بينما تمتلك الأقليات مقاعد في البرلمان الاتحادي".

ويتوقع سعيد أن "تؤجل الانتخابات إلى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بخاصة وأن لدي معلومات تفيد بأن حزب طالباني يرغب بتأجيلها"، عازياً هذه الرغبة إلى أن "عدم التماس الحزب استجابة جماهيرية في الزيارة التي قام بها قباد طالباني إلى منطقتي كرميان وكلار ضمن ساحة نفوذه، لكنه يتجنب الإعلان عن ذلك في محاولة لإلقاء مسؤولية مبادرة التأجيل على عاتق الديمقراطي". ونوه إلى أن "الإقليم سيشهد خلال الأيام المقبلة اجتماعاً يعقده رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني (عن الديمقراطي) مع القوى السياسية الكردية للبحث في قرار التأجيل، بدليل أن تسريبات تحدثت عن أن رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني نصح بضرورة التأجيل لأن الانتخابات ستفشل من دون الديمقراطي".

أما الكاتب والصحافي ريبوار كريم ولي، الذي كان ضمن المقربين من رئيس الإقليم، فقد كشف عبر "فيسبوك" عن "وجود تحرك محلي وإقليمي ودولي لتأجيل الانتخابات بغية إعطاء الوقت للديمقراطي لاتخاذ خطوات هامة، منها إعادة تحسين العلاقة مع قادة حزب الاتحاد والاتفاق معه على حسم أزمة منصب محافظ كركوك، وأن يتخلى الديمقراطي عن أحد المنصبين إما رئيس الحكومة أو رئيس الإقليم لمصلحة الاتحاد، والعمل على تمديد ولاية مفوضية الانتخابات الاتحادية بعد تأجيل موعد انتخابات الإقليم"، موضحاً أن "الديمقراطي يبدي المرونة، ومن المنتظر أن يتوجه رئيس الإقليم في الأسبوع المقبل إلى طهران لفك عقدة الانتخابات، على أن يجري في ما بعد اجتماعات موسعة مع القوى الكردية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير