ملخص
توقع بنك "غولدمان ساكس" فائضاً في التمويلات الخارجية لمصر بقيمة 26.5 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة
من المقرر أن يجتمع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، اليوم الجمعة، لمناقشة المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج مصر الاقتصادي، بعدما أعلن بداية الشهر الجاري التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع السلطات المصرية في شأن تمويل يتيح 8 مليارات دولار، لافتاً إلى الاتفاق على كل التفاصيل المتعلقة في شأن المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج مصر.
وأكد الصندوق أنه سيعرض الاتفاق على مجلسه التنفيذي للموافقة، منوهاً بأن فريقه أجرى تقدماً ممتازاً في المناقشات البناءة مع الحكومة المصرية في شأن المراجعتين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من قبله. وأشار إلى أهمية آلية سعر الصرف المرن، والاتفاق على زيادة الإنفاق الاجتماعي، ودعم الفئات الأكثر احتياجاً، مؤكداً أن المناقشات مستمرة مع الحكومة المصرية خلال المرحلة المقبلة.
وعقب القرارات الأخيرة التي أعلنها البنك المركزي المصري، سواء ما يتعلق برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس، أو تحريك سعر صرف الدولار، غيرت المؤسسات الدولية نظرتها تجاه مصر بعد حزمة القرارات الاقتصادية الأخيرة، لترفع مؤسسات التصنيف العالمية نظرتها للاقتصاد المصري.
وأرجعت بعض المؤسسات الدولية نظرتها الإيجابية إلى القرارات الاقتصادية التي شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة، وإبرام صفقة تطوير "رأس الحكمة" وتوقيع اتفاق صندوق النقد بعد طول انتظار، بما يشير بمضي الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح، وسط تأكيد بأهمية استمرار اتباع سعر الصرف المرن الفترة المقبلة، وتوقعات وصول سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى 55 جنيهاً خلال العامين المقبلين.
أزمة ارتفاع كلفة خدمة الديون السيادية
وقبل أيام، رفعت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى إيجابية. وأكدت تصنيفها عند مستوى "-B". وقالت الوكالة إن التوقعات الإيجابية تعكس وجهة النظر بأن تحديد قوى السوق لسعر الصرف سيساعد في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لمصر، كما أضافت أن الارتفاع الشديد لخدمة ديون الحكومة المصرية ما زال عامل ضعف رئيس بالنسبة إلى تصنيف البلاد.
وأضافت الوكالة أن رفع نظرتها لمصر إلى إيجابي، بفضل برنامج الدعم الخارجي القوي وتأكيد تصنيفها عند مستوى "B-/B"، لكنها في الوقت نفسه حذرت من أنها قد تضطر إلى مراجعة التوقعات مرة أخرى إلى مستقرة، إذا تعثرت الحكومة في التزامات إصلاح الاقتصاد الكلي، بما في ذلك مرونة سعر الصرف، وإذا عادت الاختلالات الاقتصادية مثل نقص العملات الأجنبية إلى الظهور مرة أخرى.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أعلنت الوكالة تخفيض تصنيف مصر إلى "-B" من "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، بسبب تزايد ضغوط التمويل على البلاد وزيادة أزمة شح الدولار، مما تسبب في ارتفاعات جنونية في جميع أسعار السلع والخدمات.
في السياق، أعلنت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف ديون الحكومة المصرية إلى "إيجابية" من "سلبية"، كما أكدت تصنيف إصدارات البلاد بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند "Caa1". جاء التعديل انعكاساً لـ"الدعم الكبير الرسمي والثنائي" الذي أعلن عنه أخيراً من جانب الحكومة المصرية والبنك المركزي.
وقالت "موديز" إن الأخطار السلبية التي دفعت إلى تغيير نظرتها المستقبلية إلى سلبية في يناير (كانون الثاني) انخفضت بصورة كبيرة، إذ تعمل مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر المتعلقة بمشروع "رأس الحكمة" على تعزيز احتياطات الاقتصاد من النقد الأجنبي بصورة كبيرة لتغطية فجوة التمويل الخارجي التي تتوقعها الوكالة حتى السنة المالية المنتهية في يونيو (حزيران) 2026.
زخم التمويل يسير في الاتجاه الصحيح
وفي تقرير حديث، قالت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، إن تحول السلطات في مصر إلى سياسة تقليدية على مستوى الاقتصاد الكلي سيضغط بشدة على النمو في السنة المالية الحالية والمقبلة، لكن اعتباراً من السنة المالية 2025/2026، ستبدأ فوائد الإصلاحات الأحدث في الظهور، أما على الأمد الطويل فمن المتوقع أن يراوح نمو الاقتصاد المصري ما بين خمسة وسبعة في المئة.
وقالت المؤسسة إن ذلك التحول سيؤدي في الأمد القريب إلى أوجاع اقتصادية، لكنه من المتوقع أن يرسي الأساس لنمو أقوى للناتج المحلي الإجمالي على نطاق واسع. وذكرت أن زخم التمويل في مصر يسير في الاتجاه الصحيح تزامناً مع صفقة "رأس الحكمة" وخفض البنك المركزي سعر صرف الجنيه، وسط دلائل مبكرة على أن ذلك سيسمح له بالتحرك بحرية أكبر، فضلاً عن زيادة الفائدة وإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، وكذلك الحصول على مساعدات أخرى من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقعت "كابيتال إيكونوميكس" أن يتراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار إلى 49 جنيهاً بنهاية هذا العام، من متوسط عند 47 جنيهاً في الوقت الحالي، وأن يواصل التراجع إلى مستوى عند 50 و55 جنيهاً في العامين المقبلين.
وفي مطلع مارس (آذار) الجاري سمح البنك المركزي المصري بتخفيض سعر صرف الجنيه للمرة الأولى منذ أكثر من 14 شهراً مقابل الدولار، عقب الخطوة المفاجئة برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي. وطلبت مصر من صندوق النقد الدولي أن تكون قيمة أول شريحة تحصل عليها في أبريل (نيسان) المقبل 5 مليارات دولار، نظراً إلى حاجتها إلى توفير أكبر قدر ممكن من السيولة الدولارية لدعم اقتصادها.
واتفقت مصر مع الصندوق، مطلع الشهر الجاري، على زيادة قيمة برنامج التمويل الممنوح للبلاد من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، بعد الجهود التي اتخذتها القاهرة والتي شملت خفض قيمة العملة بصورة كبيرة، ورفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس.
وعلى خلفية هذه البيانات توقع بنك "غولدمان ساكس" فائضاً في التمويلات الخارجية لمصر بقيمة 26.5 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، مقابل توقعات سابقة بعجز قدره 13 مليار دولار، نتيجة التمويلات المرتقبة من صندوق النقد الدولي وشركاء آخرين، بخلاف قيمة الاستثمار المحقق من صفقة "رأس الحكمة". ومن شأن التوصل إلى اتفاق مع الصندوق أن يسهم بانتشال مصر من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، في وقت تزيد حرب إسرائيل على غزة المجاورة من الحاجة الملحة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ولتوفير السيولة الأجنبية قبيل خطوات الإصلاح الاقتصادي، وقعت مصر والإمارات أخيراً صفقة تطوير مشروع "رأس الحكمة" مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة، إلى جانب تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي ستستخدم للاستثمار في مشاريع رئيسة بجميع أنحاء البلاد، فيما أعلنت القاهرة تقدمها في برنامج الطروحات، وهو ما يعكس عودة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.