ملخص
ما هي أبرز الأعمال التي فرضت نفسها بعد مرور أكثر من 15 يوماً على العرض الرمضاني من وجهة نظر النقاد؟ وما سر التوليفات الفنية التي تقف وراء نجاحها من خلال تضافر جهود صناعها لتقديم الأفضل، سواء بين الكتاب والمخرجين، أو بين المخرجين والممثلين، أو بين الممثلين أنفسهم والتي ظهرت نتائجها واضحة على الشاشة؟
أسهمت التوليفات الفنية الذكية التي اعتمدها صناع الدراما في الموسم الرمضاني 2024 في ولادة مسلسلات ناجحة أقبل الجمهور على مشاهدتها بشغف، وتمكنت من اجتياز امتحان المنافسة بسلاسة وتفوق، سواء من خلال عرضها على المنصات أو محطات التلفزة، بينما لم تتمكن أعمال أخرى، أبطالها وكتابها ومخرجوها من نجوم الصف الأول عربياً، من كسب الرهان، وكان نصيبها إما المتابعة المحدودة أو الفشل الذريع، ومرت مرور الكرام، ولم تكن على قدر التوقعات، وعجزت عن تحقيق ما كان مرجواً على مستوى المشاهدة في موسم درامي بامتياز يعوّل عليه صناع الدراما كثيراً من الآمال ويرصدون له كل الطاقات المادية والفنية اللازمة.
وتبقى الكلمة الفصل للمشاهد في تحديد الأعمال الأفضل التي كسبت ثقته بأحداثها وقصتها وصورتها وإخراجها وأداء ممثليها وتوفر التشويق والإثارة فيه، والتي أسهم بصنعها جنود خلف الكاميرات من كتاب ومخرجين وتقنيين، وأيضاً ممثلون يظهرون على الشاشات ويفرضون حضورهم بأدائهم البارع والمتميّز.
فما هي أبرز الأعمال التي فرضت نفسها بعد مرور أكثر من 15 يوماً على العرض الرمضاني من وجهة نظر النقاد؟ وما سر التوليفات الفنية التي تقف وراء نجاحها من خلال تضافر جهود صناعها لتقديم الأفضل، سواء بين الكتاب والمخرجين، أو بين المخرجين والممثلين، أو بين الممثلين أنفسهم والتي ظهرت نتائجها واضحة على الشاشة؟
"نعمة الأفوكادو" يتفوق على "الحشاشين"
الناقد أندور محسن يفرّق بين الثنائيات الفنية الجديدة والثنائيات الفنية القديمة في الدراما المصرية، ويقول لـ "اندبندنت عربية" إنه على رغم الضجة الكبيرة الثي أثارها مسلسل "الحشاشين"، إلا أن مسلسل "نعمة الأفوكادو" كان أفضل منه، ويوضح "هذا العمل شهد تعاوناً جديداً بين المخرج محمد سامي الذي شارك في الكتابة أيضاً، وبين الكاتب مهاب طارق بعد نجاحهما الكبير، العام الماضي، في مسلسل "جعفر العمدة"، ومع أن الانتقادات لاحقت "نعمة الأفوكادو"، واعتبرته من الأعمال الضعيفة فنياً، لكنه حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، أما بقية الأعمال التي عرضت في الموسم الرمضاني الحالي التي شاركت في صناعتها ثنائيات مكررة، سواء تلك التي جمعت بين مخرج وكاتب، أو بين مخرج وممثل، فلم تحقق نجاحاً يمكن التوقف عنده، ومن بينها مسلسل "عتبات البهجة" للفنان يحيى الفخراني الذي تعاون فيه، مرة جديدة، مع المخرج مجدي أبو عميرة بعد أن كانا قد اجتمعا في عدد من الأعمال منذ سنوات بعيدة، ومشكلة هذا العمل أنه يقوم على بطولة الممثل الأوحد، وحتى تعاون المخرج بيتر ميمي مع الممثل كريم عبدالعزيز في مسلسل "الحشاشين" لم يحقق ما كان متوقعاً منه، ولم يحقق النجاح نفسه الذي حققاه من خلال تعاونهما السابق في فيلم "بيت الروبي"، ومسلسل "الاختيار" بجزئيه، وهناك فرق كبير في المستوى بين الأعمال الثلاثة، ويمكن القول إن مسلسل "الحشاشين" استفاد من نجومية وشعبية وأداء كريم عبدالعزيز، لكنه لم يضِف إلى عبدالعزيز، ولم يكن بقوة إنتاجه الضخم نفسها وقصته التاريخية بسبب الكتابة الضعيفة لكثير من الشخصيات المشاركة فيه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعرفت الدراما المصرية، هذه السنة، تقديم أجزاء جديدة من أعمال كانت قد حققت النجاح في المواسم السابقة، ولكن لم تبرز أي ثنائية فيها، بحسب محسن "في هذه الأعمال لم تلفت ثنائيات وراء الكاميرا لأنها مكملة لأجزاء سابقة، إذ استمر مخرج مسلسل "الكبير أوي" مع فريق الكتابة نفسه، وينسحب الأمر على مسلسل "كامل العدد"، أما بالنسبة للثنائيات الجديدة فيمكن التوقف عند مسلسل "مسار إجباري" الذي شهد تعاوناً بين المخرجة نادين خان والمؤلفين المشاركين فيه، ويبدو التفاهم بينهم واضحاً على الشاشة، ويمكن القول إنه العمل الأبرز والأهم كنتيجة نهائية على مستوى التمثيل والإخراج والنص والإنتاج، كما يمكن التوقف عند ثنائية الممثلين أحمد داش وعصام عمر في مسلسل "مسار إجباري" من خلال أدائهما المتميّز، وكذلك في مسلسل "أشغال شقة" لثنائية الممثلين هشام ماجد وأسماء جلال".
تراجع أعمال وتفوق ممثلين
في المقابل، بدا التراجع ملحوظاً في الدراما المشتركة كماً ونوعاً مقارنة مع الأعوام الماضية، ولكن هذا الأمر لا ينفي تميز بعض الممثلين على مستوى الأداء، ويرى الإعلامي الناقد روبير فرنجية أن "النجاح في هذه الأعمال برز على صعيد الأفراد، وليس على صعيد الأعمال، وأبرزهم عادل كرم الذي يحاول تعزيز وجوده في التراجيديا، وخالد السيد بشخصية المعلم عزت، وندى أبو فرحات بشخصية كارما في مسلسل "نقطة انتهى"، وهي ذكّرتنا بهذا الدور بأدوارها المهمة السابقة، وفي المقابل، فإن نجاح المخرج محمد عبدالعزيز والممثل عابد فهد لم يتكرر هذه السنة، وجاء مسلسل "نقطة انتهى" نسخة عن مسلسل "النار بالنار"، كما جاء إيقاع مسلسل "ع أمل" متطابقاً مع إيقاع مسلسل "للموت"، وكررت ماغي بو غصن الدور نفسه في العملين، وكذلك لم يتمكن مسلسل "نظرة حب" من الصمود والمنافسة بل خرج سريعاً من السباق الرمضاني".
نجاح فني حقيقي
أما خليجياً، فتمكنت بعض الأعمال من تصدر "الترند" لأسباب مختلفة وقليلة جداً، وهي الأعمال الناجحة فنياً من وجهة نظر الصحافي والناقد محمد العيشاوي الذي أكد أن "هناك أعمالاً أثارت الجدل بجرأتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن مسلسل "خيوط المعازيب" هو الأول والأهم خليجياً، وتتناول قصته صناعة البشوت في السعودية في ستينيات القرن الماضي، ونشأته في المنطقة الشرقية في الأحساء، ومن أبرز أسباب نجاحه الثنائية التي جمعت بين قطبيّ الدراما السعودية إبراهيم الحساوي وعبد المحسن النمر اللذان تألقا بأدائهما المتميّز وإتقانهما اللهجة الشرقاوية أو الحساوية، كما نجح هذا العمل أيضاً بثنائية الكاتب والمخرج، وهذا النجاح تجلى من خلال نص جذاب يحاكي الماضي بأبعاده الكبيرة، وإخراج متميّز للسعودي عز الشلاحي والكويتي مناف عبدال اهتم في أدق تفاصيل المباني والبيوت والشوارع من خلال بناء قيصرية تحاكي السوق الشعبية في فترة الستينيات، تضم محلات تجارية لحياكة البشوت وصناعة الحديد وغيرها، وتسلط الضوء على تفاصيل مهمة فيها كما على البيوت الشعبية بطريقة تحاكي الماضي في بيوت الأحساء القديمة".
"ولاد بديعة" و"تاج"
في المقابل، تمكنت الدراما السورية من أن تفرض نفسها بقوة عبر مجموعة من الأعمال التي حققت نجاحاً لافتاً بعضها فاجأ بتفوقه، إذ كان يتوقع البعض أن يكون من نصيب أعمال أخرى. وفي هذا السياق، يقول الناقد فؤاد مسعد "وجود بعض الأسماء في بعض الأعمال يجعلنا نفترض بأنها ستكون جيدة، ولكن يبقى الحكم النهائي عند المشاهدة من دون أن يؤثر ذلك في أعمال اجتماعية ودافئة اشتقنا إليها. وعادة يختلف طقس العرض الرمضاني عن طقس الأعمال التي تعرض خلال السنة، لأن المنافسة تفرض حشداً في الإنتاج والنجوم، والأعمال بعضها يكون مبرراً، وبعضها غير مبرر، وبعضها الآخر مبالغ أو غير مبالغ فيه، وتمكنت الدراما السورية هذه السنة من فرض نفسها بفضل تنوع أعمالها، وفي ظل غياب للأعمال التاريخية والكوميدية المهمة. والأبرز هذه السنة مسلسل "ولاد بديعة" الذي فرض نفسه بإخراجه ونجومه وأحداثه، كما بلعبة الزمن الجاذبة، مع أنها ليست الأولى في الأعمال التي يكتبها يامن الحجلي وعلي وجيه، لكنها أكثر تطوراً في هذا العمل، وهذا الثنائي أثبت نجاحه وفرض نفسه بقوة في مختلف الأعمال التي تشاركا في كتابتها سواء من خلال تناولهما سوق الدباغة في مسلسل "ولاد بديعة"، أو سوق الهال في مسلسل "مال القبان"، وقبلهما لعوالم القمامة في مسلسل "على صفيح ساخن"، وغيرها من الأعمال. ويبقى النص المهم هو المنطلق للأعمال المهمة ثم تتكامل الصورة مع بقية العناصر كالإخراج والعناصر الفنية التقنية، كالتصوير والإضاءة والموسيقى وأداء الممثلين. وبالنسبة لثنائية تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي فهي أثبتت نفسها أيضاً هذه السنة في "تاج" لأنه عمل من الصف الأول يحترم عقل المشاهد، وحقق نقلة متطورة على مستوى الإخراج كما على مستوى أداء حسن للشخصية عن طريق الحركة والكلمة".
وتوقف مسعد عند التعامل، للمرة الثانية، مع الكاتب عمر أبو سعدى الذي كتب، العام الماضي، مسلسل "عاصي الزند" قائلاً "تبقى لكل تجربة خصوصيتها سواء في مسلسل "عاصي الزند"، أو مسلسل "تاج" الذي تميّز هذه السنة بالمشاهد التوثيقية التي هضمها المسلسل، فبدت وكأنها من صلب العمل الدرامي، ولا شك أن التنسيق بين الكاتب والإخراج كان كبيراً لكي تظهر الصورة على هذا النحو".
وختم "كذلك حققت الدراما السورية النجاح في أعمال أخرى من بينها مسلسل "وصايا الصبّار"، ومسلسل "أغمض عينيك"، وغيرهما، وكلها أثبتت أنها دراما منافسة لكنني لا أدعي ألا مثيل لها وربما سبقنا الآخرون درامياً وتناولوا مواضيع لم تتناولها الدراما السورية".