Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفلسطينيون في يوم الأرض "لم يعد لنا إلا اسمه"

تتنشط الدعوات إلى التظاهر والاحتجاج في هذه الذكرى للتعبير عن التمسك بالأرض والهوية الوطنية

يعود "يوم الأرض" إلى الهبة الجماهيرية التي خرج فيها فلسطينيون من داخل إسرائيل في عام 1976 احتجاجاً على مصادرة نحو 21 مليون مترمربع من أراضي المواطنين العرب (اندبندنت عربية)

ملخص

قالت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان إن عام 2024 يمثل ذروة في نطاق الإعلانات عن "أراضي الدولة"، حيث بلغت المساحات التي تم الاستيلاء عليها تحت هذا المسمى، ما مجموعه 10 ملايين و640 ألف متر مربع في إعلانين منفصلين.

على مشارف إحدى التلال في غور الأردن بين مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"كيدار"، يقف حمزة دراغمة (60 سنة) من بعيد يتأمل أرضه التي لم يعد بإمكانه الوصول إليها لحراثتها وزراعتها بالشعير والحنطة كما اعتاد لعقود، فعشية إحياء الفلسطينيين الذكرى الـ48 ليوم الأرض في الـ30 من مارس (آذار) الجاري، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مصادرة ثمانية ملايين متر مربع في منطقة الأغوار في الضفة الغربية واعتبارها أراضي إسرائيلية، بهدف توسيع مستوطنة "بافيت"، الواقعة بالقرب من قرية "فصائل" الفلسطينية، عبر بناء مئات الوحدات السكنية الجديدة، وكذلك من أجل إقامة منطقة صناعية وتجارية، في خطوة وصفها ناشطون مناهضون للاستيطان بأنها الأكبر منذ توقيع اتفاقات أوسلو مع "منظمة التحرير الفلسطينية" في عام 1993. وفيما يعتبر الفلسطينيون غور الأردن، الذي تبلغ مساحته ربع مساحة الضفة الغربية، جزءاً أساسياً من دولتهم المستقبلية، يرفض الإسرائيليون التخلي عنه لدواع أمنية وعسكرية.
ويعود "يوم الأرض" إلى الهبة الجماهيرية التي خرج فيها فلسطينيون من داخل إسرائيل في عام 1976 احتجاجاً على مصادرة نحو 21 مليون متر مربع من أراضي المواطنين العرب في عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها، وتخصيصها لإقامة مزيد من المستوطنات، ضمن نطاق خطة تهويد الجليل، وتفريغه من سكانه العرب. وأعقب ذلك إضراب عام وشامل ومسيرات جماهيرية، لمواجهة أمر المصادرة الذي أُلغي آنذاك، إثر مقتل ستة فلسطينيين برصاص الشرطة الإسرائيلية. ويعتبَر هذا اليوم بمثابة أول مواجهة حقيقية بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد النكبة في عام 1948. ووفقاً للمركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية "عدالة" فإن 93 في المئة من أراضي إسرائيل (لا يشمل الأراضي المحتلة عام 1967) تملكها الدولة والصندوق القومي اليهودي، وتقع داخل حدود أراضي 1948، وجرى استملاكها عن طريق قانون شراء الأراضي، وقانون أملاك الغائبين، في حين لا يملك الفلسطينيون سوى 3 إلى 3.5 في المئة من الأراضي فقط.

أراضي دولة

وإلى جانب قوانين مصادرة الأراضي والممتلكات بعد عام 1948، سُنّت قوانين لمنع عودة أصحاب هذه الممتلكات إلى أراضيهم، ومنعهم من نقل ملكية الأراضي التي تمت مصادرتها إلى جهات غير يهودية. ومنذ سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية في عام 1967، بدأ تعديل المنظومات القانونية بأوامر عسكرية تسهل مصادرة الأراضي العامة والخاصة في الضفة الغربية بذرائع مختلفة، مثل كونها مناطق عسكرية مغلقة، أو محميات طبيعية أو الاستملاك للمصلحة العامة أو المصادرة تحت مسمى "أملاك الغائبين" و"مناطق تدريب عسكرية" و"أملاك دولة". وأظهرت نتائج أبحاث أجراها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بيتسليم" أن إسرائيل ضمت بين عامي 1979 و2002 أكثر من 900 مليون متر مربع تُقدر نسبتها بـ16 في المئة من أراضي الضفة وحولتها إلى أراضي دولة، وهي زيادة بنسبة 170 في المئة على أراضي الدولة التي كانت في الضفة قبل عام 1967. وبحسب التقديرات، يوجد في مناطق "جيم" التي تسيطر إسرائيل عليها بالكامل، نحو 1.2 مليار متر مربع مصنفة "أراضي دولة"، وهو ما يشكل 36.5 في المئة من مناطق "جيم"، و22 في المئة من مجمل أراضي الضفة الغربية، إضافة إلى نحو 200 مليون متر مربع مصنفة "أراضي دولة" تقع ضمن مناطق "أ" و "ب" التابعة للسلطة الفلسطينية. وقالت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان إن عام 2024 يمثل ذروةً في نطاق الإعلانات عن "أراضي الدولة"، حيث بلغت المساحات التي تم الاستيلاء عليها تحت هذا المسمى، ما مجموعه 10 ملايين و640 ألف متر مربع في إعلانين منفصلين، الأول جرى قبل شهر واستهدف أراضي العيزرية، وأبو ديس شرقي القدس، واستولى من خلالها على مليونين وستمئة ألف متر مربع، بزعم أنها جاءت رداً على عملية إطلاق نار عند حاجز عسكري قريب من مستوطنة "معاليه أدوميم"، والثاني قبل أيام استهدف ثمانية ملايين من أراضي الأغوار لصالح إجراء توسعة مستوطنة "يافيت"، بالإضافة إلى 500 ألف متر مربع أخرى تم الاستيلاء عليها نهاية عام 2023 من أراضي قرية جبع شرقي القدس.
وبحسب المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بيتسليم"، تكثّف إسرائيل منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الضغط الذي تمارسه على الفلسطينيين في الأغوار الشمالية لكي تجبر سكانها على مغادرة منازلهم وأراضيهم، وقلّصت مساحات مراعيهم ومنعت إمدادهم المنتظم بالمياه وعملت على عزل منطقة الأغوار عن مناطق الضفة الغربية الأخرى. وأوضح المركز أنها فعلت هذا كله عبر التعاون والتنسيق بين الجيش والشرطة ومستوطني المنطقة ومجلس غور الأردن الإقليمي.


موضوع استراتيجي

وفقاً لإذاعة "كان 11" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية الجديدة، فإن مديرية الاستيطان التي تعمل ضمن الإدارة المدنية الخاضعة لمسؤولية سموتريتش، خططت على مدار العام الأخير لمصادرة هذه الأراضي وتوسيع الاستيطان فيها. واعتبر سموتريتش أن "دفع إعلانات عن أراضي دولة هو موضوع هام واستراتيجي"، وادعى أن الإعلان عن مصادرة ملايين الأمتار في غور الأردن "ستسمح بمواصلة البناء وتعزيز الأغوار". وكتب عبر حسابه على منصة إكس، أن "الأعداء يحاولون إيذاءنا وإضعافنا لكننا سنواصل البناء والتعمير في هذه الأرض". ورداً على ذلك، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن "المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية توسعت بمقدار قياسي وتهدد بالقضاء على أي إمكانية عملية لقيام دولة فلسطينية". في حين أكد مركز "معاً" للتنمية ومقره رام الله، أن "المصادرات الأخيرة في المناطق المحيطة بالقدس، وصولاً إلى البحر الميت، تنسف مستقبل العاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية".
من جهتها، دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية قرار سموتريتش، واعتبرت في بيان، أنه "يندرج في إطار سياسة رسمية تسابق الزمن لضم الضفة الغربية وشطب أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية". وشددت على أن "الفشل الدولي المتواصل في حماية الفلسطينيين، وعجزه عن احترام التزاماته وقرارته، أصبح يشكل غطاءً وتواطؤاً مع جريمة القرن". وبحسب تصريحات رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" مؤيد شعبان، فإن مجمل عمليات إعلانات أراضي الدولة الأخيرة تهدف إلى إحداث ربط بين مستوطنات "معاليه أدوميم" و"كيدار" و"جيفع بنيامين" و"آدم"، مؤكداً أن "تلك الأوامر ستؤدي إلى عزل القرى الفلسطينية وخنقها وإعدام إمكانية تواصلها تماماً". ومن خلال دراسة تحليلية لواقع المستوطنات أجراها معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، تبين أن 51 في المئة منها بُنيت على أراضٍ صنفتها إسرائيل "أراضي دولة"، بينما بُنيت 49 في المئة منها على أراضٍ فلسطينية ذات ملكية خاصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بدورها، رأت الجامعة العربية، أن القرار يمثل "تحدياً للإرادة الدولية الراغبة في تطبيق حل الدولتين. وأوضحت في بيان على لسان محدثها جمال رشدي أن "على العالم أن ينتبه إلى خطورة ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية، الخاضعة كلياً للمتطرفين والمستوطنين، من تدمير للأفق السياسي المستقبلي للفلسطينيين"، في حين جددت "منظمة التعاون الإسلامي" دعوتها للمجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن، إلى تحمل مسؤولياته تجاه وضع حد لما وصفته "جرائم واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، وخصوصاً في قطاع غزة". وحض الاتحاد الأوروبي إسرائيل على التراجع عن هذه القرارات، مؤكداً في بيان أن المستوطنات تشكل "انتهاكاً خطراً" للقانون الإنساني الدولي، و"تغذي التوترات وتقوض احتمالات التوصل إلى حل الدولتين، الذي يظل الضمانة الوحيدة للأمن طويل الأمد لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين".

حكم عسكري

مع مرور عام جديد على ذكرى "يوم الأرض" التي تُعتبر جوهر الصراع الممتد بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ أكثر من 75 سنة، يرى الفلسطينيون أن السياسات الاستيطانية عاماً بعد عام رسخت مشروع تفتيت الضفة الغربية، لعزل الفلسطينيين في مناطق محدودة المساحة مقطعة الأوصال، كيف لا وقد شكلت المستوطنات الإسرائيلية ما نسبته 42 في المئة من مساحة الضفة الغربية، بينما تخضع 68 في المئة من مساحة المنطقة "جيم" لمصلحة المستوطنات، وهي منطقة تضم 87 في المئة من موارد الضفة الغربية الطبيعية و90 في المئة من غاباتها و49 في المئة من طرقها. ووفقاً لتقرير صادر عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، يعيش حالياً ما يقل قليلاً عن 700 ألف مستوطن في 279 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس الشرقية مقارنة مع 520 ألفاً في عام 2012. وبحسب بيانات معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، فإنه وخلافاً لقوانين الاحتلال الدولية، خصص القائد العسكري الاسرائيلي، الأغلبية الساحقة من الأراضي العامة خدمة للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية. في حين أكدت المنظمتان الحقوقيتان الإسرائيليتان "كرم نابوت" و"حقل" أن السلطات الإسرائيلية قدمت نصف الأراضي التي صادرتها في الضفة الغربية إلى المستوطنين ليستخدموها وحدهم، فيما اثنان في المئة فقط من الأراضي المصادرة يستخدمها الفلسطينيون. وأشارتا إلى أنه ومنذ احتلال الضفة الغربية، في عام 1967، وحتى عام 2022 أصدرت إسرائيل 313 أمر مصادرة أراض بمساحة 74 مليون متر مربع تقريباً، وزعمت أنها لخدمة احتياجات الجمهور.

أراض مدمرة

ويقتصر إحياء ذكرى يوم الأرض عند الفلسطينيين، على المشاركة في تظاهرات شعبية حاملين الأعلام الفلسطينية تجوب الشوارع وزراعة أشجار الزيتون، وإحياء نشاطات مختلفة مثل افتتاح معارض تتضمن منتجات تراثية فلسطينية وأشغال يدوية وتنظيم حملات دعم واستذكار على مواقع التواصل الاجتماعي وإقامة المهرجانات المختلفة في كل أماكن وجودهم.
في المقابل، تكثف الحكومة الإسرائيلية من جهودها لحسم المعركة على الأرض بشكل أكثر صرامة، وبحسب مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، دمرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المندلعة منذ السابع من أكتوبر الماضي، نحو 34 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الزراعية، وذلك من من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية التي تُقدَّر بـ185 كيلومتراً مربعاً. ومقارنة بمتوسط السنوات الست الماضية، فقد تراجعت صحة وكثافة الأراضي الصالحة للزراعة في القطاع بنسبة 18 في المئة. ووفقاً للمركز، فإن الدمار الذي لحق بأراضي محافظة شمال غزة التي تعد الأكبر في القطاع، بلغ نحو 39 في المئة من أراضي المحافظة، وهو ما أدى بحسب منظمات الإغاثة، إلى تعطل عملية إنتاج الغذاء وانهيار سلسلة التوريد للزراعة بالكامل. أما الجيش الإسرائيلي فقال إن قصف وتجريف الأراضي الزراعية في القطاع جاء بعدما تبين بأنها تُستخدم من قِبل حركة "حماس" لإطلاق القذائف والصواريخ.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير