ملخص
قال مسؤولون في كييف إن هجمات روسية استهدفت شرق ووسط أوكرانيا أدت إلى انقطاع إشارات التلفزيون والإذاعة في خمس مدن وبلدات كمحاولة على ما يبدو لقطع المعلومات عن الناس.
أعلنت أوكرانيا اليوم الجمعة مقتل 14 شخصاً وإصابة 46 آخرين بقصف روسي على مدينة أوديسا جنوب البلاد، في حصيلة جديدة أوردها مسؤول محلي.
وقال حاكم منطقة أوديسا أوليغ كيبر على شبكات التواصل الاجتماعي "نتيجة للهجوم الصاروخي الروسي قتل 14 شخصاً بينهم سكان وعامل طبي ومسعف، فيما أصيب 46 آخرون بينهم سبعة موظفين في جهاز الطوارئ الحكومي".
وأوضحت النيابة العامة الأوكرانية أن القصف طاول مبان سكنية وسيارات.
مزيد من جرائم الحرب
من جهة أخرى أصدرت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة تقريراً جديداً الجمعة حول الجرائم التي ترتكبها روسيا خلال حربها على أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من عامين، بين حصول عمليات تعذيب وعنف جنسي وارتفاع عدد القتلى المدنيين، إضافة إلى سرقة ممتلكات ثقافية.
ووجدت لجنة التحقيق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان بعد 16 زيارة لأوكرانيا ومقابلات مع 422 امرأة و394 رجلاً "أدلة جديدة على أن السلطات الروسية انتهكت حقوق الإنسان الدولية والقوانين الإنسانية الدولية وارتكبت جرائم حرب".
وأشار التقرير الذي يستكمل التحقيقات السابقة التي أجرتها اللجنة ونشرت العام الماضي إلى أن "اللجنة تشعر بقلق بالغ إزاء حجم الانتهاكات والجرائم التي حققت فيها ومدى خطورتها واستمرارها، فضلاً عن تأثيرها في الضحايا والمجتمعات المتضررة".
وأوضح المحققون أن هذا التقرير "يؤكد الاستنتاجات السابقة التي تفيد بأن تعدد هذه الهجمات في أوكرانيا يظهر عدم اكتراث القوات المسلحة الروسية بالأضرار التي يمكن أن تلحق بالمدنيين".
ولفتوا إلى وجود "أدلة جديدة تؤكد النتائج السابقة التي توصلت إليها اللجنة، والتي تفيد بأن عمليات التعذيب التي ترتكبها السلطات الروسية في أوكرانيا وروسيا الاتحادية منتشرة على نطاق واسع ومنهجية".
ووصف التقرير "المعاملة المروعة" التي يتعرض لها أسرى الحرب الأوكرانيون داخل مراكز احتجاز في روسيا الاتحادية.
وكتب المحققون في التقرير، "تكشف قصص الضحايا عن معاملة وحشية وقاسية سببت لهم أوجاعاً ومعاناة أثناء احتجازهم لفترة طويلة، مع تجاهل صارخ للكرامة الإنسانية".
ويتحدث التقرير بشكل مفصل عن مصير جندي أوكراني احتجزته السلطات الروسية وعذبته داخل كثير من مراكز الاحتجاز، كما وثق التقرير أيضاً "عمليات اغتصاب وأشكال عنف جنسي أخرى تعرضت لها نساء في ظروف تصل حد التعذيب، ووجد أدلة إضافية على نقل غير قانوني لأطفال إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية".
محفوظات ثقافية
وكانت هذه المرة الأولى التي تبحث فيها مصير قطع ومحفوظات ثقافية في الأراضي المحتلة، حيث شمل تحقيقهم خصوصاً مدينتي خيرسون وأوديسا.
وتبين أن "السلطات الروسية نقلت قطعاً ثقافية من متحف خيرسون للفنون وأرشيفات مقاطعات" إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.
وأضاف التقرير أنه "بحسب تقديرات موظفي المؤسستين فقد أخذت أكثر من 10 آلاف قطعة من المتحف و70 في المئة من الوثائق من المبنى الرئيس لأرشيف الدولة"، فيما كانت السلطات المحلية شددت على ضرورة حماية هذه المواد الثقافية.
واعتبر المحققون أن السلطات الروسية ارتكبت جريمة حرب باستيلائها على الممتلكات الأوكرانية، خصوصاً عبر قانون أقر في مارس (آذار) 2023 ينص على أن هذه الممتلكات والأرشيفات التي اُستحوذ عليها ملك لروسيا.
وفي ما يتعلق بمدينة أوديسا فقد عرض التقرير تفاصيل القصف الروسي الذي أمطرها نهاية يوليو (تموز) 2023 وطاول مبان ثقافية ودينية وتاريخية تقع كلها في المركز التاريخي للمدينة، بما فيها كاتدرائية التجلي.
وختم التقرير أن "هذه الهجمات أصابت ممتلكات ثقافية تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي".
قتيلان بهجوم روسي
وأعلنت موسكو اليوم الجمعة أنها تصدت لجميع محاولات المقاتلين الموالين لأوكرانيا السيطرة على أراض في مناطق تقع في الجانب الروسي من الحدود، بعد تزايد الهجمات هذا الأسبوع استباقاً للانتخابات الرئاسية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية "على مدى الأيام الثلاثة الماضية، من الـ12 حتى الـ14 مارس (آذار) الجاري، أحبط جنود من القوات المسلحة الروسية... جميع محاولات المسلحين الأوكرانيين للتوغل في أراضي منطقتي بيلغورود وكورسك التابعتين لروسيا الاتحادية".
من جانبها، قالت السلطات في أوكرانيا اليوم الجمعة إن شخصين قتلا بعد أن شنت روسيا ثاني هجوم بأعداد كبيرة من الطائرات المسيرة الليلة الماضية على أوكرانيا خلال يومين.
وقالت القوات الجوية في كييف إن الدفاعات الجوية أسقطت جميع الطائرات المسيرة إيرانية الصنع وعددها 27 في سبع مناطق بجميع أنحاء البلاد، بما في ذلك حول العاصمة.
وأشار حاكم مدينة فينيتسا بوسط أوكرانيا إلى مقتل شخصين في المدينة عندما تضرر مبنى سكني في الهجوم.
وأضافت القوات الجوية أن القوات الروسية أطلقت ثمانية صواريخ في شرق ووسط أوكرانيا، لكنها لم تقدم مزيداً من التفاصيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأتي هجوم اليوم في أعقاب غارة بطائرة مسيرة مساء أمس الخميس استهدفت خلالها القوات الروسية البنية التحتية المدنية في شمال شرقي أوكرانيا.
وقال مسؤولون في كييف إن هذا الهجوم أدى إلى انقطاع إشارات التلفزيون والإذاعة في خمس مدن وبلدات، في محاولة على ما يبدو لقطع المعلومات عن الناس.
وتنفذ روسيا ضربات جوية منتظمة على مراكز سكانية خلف خطوط حربها المستمرة منذ عامين لأوكرانيا.
لقاء شولتز وماكرون
من ناحية أخرى، يستقبل المستشار الألماني أولاف شولتز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في برلين اليوم الجمعة بعدما خرجت الخلافات بين الزعيمين في شأن كيفية دعم أوكرانيا إلى العلن.
وبعد اجتماع ثنائي لتلطيف الأجواء في مقر المستشارية، سينضم رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إليهما لإجراء مشاورات عاجلة في شأن سبل المضي قدماً في دعم كييف عسكرياً.
وواجهت أوكرانيا صعوبات في التصدي للقوات الروسية أخيراً إذ تعاني قواتها من نقص كبير في الذخيرة فيما يتأخر حلفاؤها الغربيون في تقديم الدعم.
وما زالت حزمة مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 60 مليار دولار (55 مليار يورو) عالقة في الكونغرس نظراً لمنع الجمهوريين اليمينيين تمريرها فيما أقر الرئيس جو بايدن بأن حزمة مساعدات عسكرية منفصلة بقيمة 300 مليون دولار أعلن عنها الثلاثاء "غير كافية".
وقال توسك إن الأمر يعود إلى باريس وبرلين ووارسو "لحشد أوروبا بأكملها" لتزويد أوكرانيا بمساعدات جديدة.
لكن الخلافات بين ماكرون وشولتز هددت بتقويض التعاون بين البلدين الحليفين.
وقال المحلل لدى "مؤتمر ميونيخ للأمن" نيكو لانغ إن التباينات بين فرنسا وألمانيا "قد تكون بلغت ذروتها عبر ما شهدناه خلال الأسابيع الأخيرة، لكن كانت هناك صعوبات منذ مدة طويلة".
وأفاد بأن قمة ما يسمى بـ"ثلاثي فايمار" للقوى الأوروبية التي استضافتها برلين كانت "مؤشراً جيداً على أن الأخطاء تم تصحيحها أخيراً إلى حد ما".
ويشعر شركاء ألمانيا في الاتحاد الأوروبي بالإحباط حيال رفض شولتز تقديم صواريخ بعيدة المدى من طراز "توروس" إلى أوكرانيا، على رغم مناشدات كييف الملحة.
في المقابل، رد المستشار بغضب على رفض ماكرون استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا وتصريحاته التي حض فيها الحلفاء على ألا يكونوا "جبناء".
وأفاد جاكوب روس من "المجلس الألماني للعلاقات الخارجية" بأن الرئيس الفرنسي سعى عبر تصريحاته إلى "إعادة مستوى معين من الغموض الاستراتيجي" لتعقيد مسألة صناعة القرارات بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف أنه فضلاً عن إثارة نقاش في شأن الحد الذي يتعين أن تتوقف عنده المساعدات إلى أوكرانيا، لربما كانت التصريحات "محاولة محسوبة" لحشد الحلفاء في شرق أوروبا.
لكن ضغوط ماكرون سلطت الضوء على الخلافات الواضحة مع شولتز.
وقال الأخير أمام البرلمان الأربعاء إن مشاركة جنود ألمان في النزاع هو "خط، أنا كمستشار، لا أرغب بتجاوزه".
وأضاف في إطار توضيحه أسباب رفضه تقديم صواريخ "توروس" أن الأمر لا يقتصر على نشر جنود في أوكرانيا، بل يشمل أيضاً أي تخطيط عملياتي محتمل في ألمانيا.
وأفاد بأنه لا ينبغي على الجنود الألمان في أي مرحلة كانت المساعدة في اختيار "المكان الذي سيتم استهدافه"، وهي خدمة لمح إلى أن المسؤولين الفرنسيين يقدمونها لأوكرانيا لقاء صواريخ "سكالب" بعيدة المدى التي زودتها بها باريس.
وبقي ماكرون متمسكاً بموقفه الخميس عندما قال للتلفزيون الفرنسي إن من شأن انتصار روسيا في أوكرانيا "أن يفقد أوروبا صدقيتها تماماً"، مشدداً على أن أمن القارة "على المحك".
وأضاف بينما حذر الحلفاء من فرض قيود على المساعدات "في حال تدهور الوضع، سنكون على استعداد لضمان عدم انتصار روسيا إطلاقاً في هذه الحرب".
وأشار إلى أن أي شخص يدافع عن تحديد ضوابط للمساعدات المخصصة لأوكرانيا "يختار الهزيمة".
على رغم خلافاتهما، قال شولتز إن "علاقة شخصية جيدة جداً" تربطه بماكرون، وهو أمر تعكسه مشاورتهما المتكررة.
وأوضح أن "قوة التعاون تأتي تحديداً من حقيقة أننا نقوم بذلك حتى عندما تتباين آراء البلدين حيال مسائل معينة".
وأكد شولتز أن اجتماع الجمعة يحمل "أهمية بالغة" بالنسبة إلى الحلفاء "لتنظيم أكبر قدر ممكن من الدعم لأوكرانيا".
أجرى شولتز مكالمة هاتفية الخميس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد خلالها على "التضامن الثابت" لألمانيا مع كييف.
وبينما تعد ألمانيا أكبر داعم لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، إلا أن الجهود الأوروبية الرامية لحشد الدعم واجهت تحديات.
يسعى الاتحاد الأوروبي لتكثيف إنتاج الأسلحة والذخيرة لكنه ما زال يواجه صعوبات في هذا الصدد مع دخول الحرب عامها الثالث.
ونوه لانغ إلى أن حضور السياسي المخضرم توسك الذي شغل في الماضي منصب رئيس المجلس الأوروبي سيساعد على "تخفيف حدة الخلافات" بين فرنسا وألمانيا.