أظهرت إيران ضيقاً بالبيان الخليجي الذي حمل لهجة صريحة ضد تجاوزاتها "غير البناءة" في الإقليم، خصوصاً نحو النزاع الذي تراه دول الخليج مفتعلاً في شأن "حقل الدرة"، فضلاً عن بدء طهران في فرض الأمر الواقع، وسط الجزر الإماراتية في مياه الخليج التي تحتلها إيران منذ عقود وبدأت أخيراً خطط تأهيلها بالمصانع والإسكان، مما جدد إدانة خليجية جماعية.
وقالت إيران في تصريحات صحافية للمتحدث باسم الخارجية فيها ناصر كنعاني "إن مثل هذه التصريحات أحادية الجانب التي لا أساس لها من الصحة، غير بناءة"، وأكد التمسك بإجراء محادثات دبلوماسية وفنية لتحديد وضع حقل الغاز، وذلك تأكيداً لموقف بلاده التي سبق أن طالبت بحصة في الحقل، ووصفت الاتفاق الكويتي - السعودي لتطويره، الموقع في عام 2022 بأنه "غير قانوني"، بينما رفض أي محادثات في شأن الجزر.
جاء ذلك رداً على البيان الخليجي الذي أوضح أن "حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية - الكويتية بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين السعودية والكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة، وفقاً لأحكام القانون الدولي واستناداً إلى الاتفاقات المبرمة والنافذة بينهما، وأكد رفضه القاطع أي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة".
وكانت إيران محوراً رئيساً في بيان الوزراء الخليجيين المعقود أمس في الرياض، نظير نقاط الاختلاف المتعددة معها، على رغم تمسك المجلس بعلاقات حسن الجوار، ومرور نحو عام على عودة العلاقة مع الرياض التي كان خلافها مع إيران، الأكثر ضراوة وتأثيراً في المنطقة برمتها.
ملف الجزر الإماراتية يعود حياً
وجاء في البيان المطول المكون من 89 بنداً إدانة دول المجلس "استمرار الحكومة الإيرانية ببناء منشآت سكنية لتوطين الإيرانيين في الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران، والمواقف والإجراءات التصعيدية التي قامت بها، بما فيها التصريحات الصادرة من الرئيس الإيراني بتاريخ الـ4 من فبراير (شباط) 2024، خلال اجتماع مجلس الوزراء حول المساعي الإيرانية الصناعية في الجزر".
أما في ما يتعلق بالملف النووي، فطالب الخليجيون بضرورة مشاركة المجموعة "في جميع المفاوضات والمحادثات والاجتماعات الإقليمية والدولية بهذا الشأن، وأن تشمل هذه المفاوضات إضافة إلى البرنامج النووي الإيراني كل القضايا والشواغل الأمنية لدول الخليج العربية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة، وسلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية".
ولم يقتصر الجانب المتعلق بإيران على هذا الحد، إذ حملت مضامين البيان إشارات واضحة إلى طهران، في تعليق مجلس التعاون على الشأنين اليمني والعراقي، إذ دعا بغداد إلى احترام سيادة الكويت والعودة لاتفاقها المبرم مع جارتها بخصوص "خور عبدالله"، الذي يرى محللون في المنطقة أن الانسحاب منه جاء بتحريض إيراني، في حين تستحوذ على معظم مناطق النفوذ في بغداد عبر المنتمين إليها في النسيج الشيعي هنالك.
ورفض المسؤولون في الخليج عند الحديث عن الجانب اليمني التدخلات الأجنبية في جارتهم العربية، منددين بـ"استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لليمن، وتهريب المتخصصين العسكريين والأسلحة إلى الميليشيات الحوثية، في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن 2216 و2231 و2624"، مؤكدين ضرورة التطبيق الدقيق لحظر الأسلحة على تلك الميليشيات.
إيران تدعي أبدية السيادة على الجزر
وردت الخارجية الإيرانية بغضب على بعض بنود الاجتماع، خصوصاً المتعلق منها بالجزر الإماراتية ومشروعها الصاروخي، وقالت "إن الجزر الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى جزء أبدي لا يتجزأ من أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولن تتدخل الجمهورية الإسلامية في أي مطالبة بخصوص هذه الجزر الواقعة ضمن أراضيها".
أما القدرات الصاروخية التي صارح الخليجيون جارتهم بأنها تبعث على قلقهم، فذكر المتحدث كنعاني أنها "تأتي في إطار العقيدة العسكرية الشفافة والمرتكزة على الردع والحفاظ على الأمن القومي، والخطر الحقيقي على الأمن الإقليمي هو الوجود العسكري للجهات الفاعلة من خارج المنطقة وكذلك النظام الصهيوني. المصدر الرئيس لانعدام الأمن والتهديد للدول الإسلامية والاستقرار والأمن الإقليميين"، على حد قوله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
علاقة مد وجزر
لكن المجموعة على رغم ذلك لا تزال تحتفظ بشعرتها التي تشتد وترتخي حسب الأحوال مع النظام الإيراني، إذ جددت انفتاحها على العلاقات مع الجمهورية الإيرانية، شريطة "التزامها الأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، ومبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، ونبذ الطائفية".
يأتي ذلك بينما تستقبل قطر التي ترأست الاجتماع الوزاري وزير الدفاع الإيراني العميد محمد رضا أشتياني الذي يزور الدوحة في سياق أعمال النسخة الثامنة من معرض ومؤتمر الدوحة الدولي للدفاع البحري "ديمدكس 2024"، وفقاً لوكالة الأنباء القطرية، التي أردفت أن المسؤول الإيراني ناقش مع نظيره القطري المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وعلاقات التعاون بين الجانبين وسبل تعزيزها وتطويرها.
بدورها لفتت وكالة "مهر" الإيرانية إلى أن مشاركة طهران في المعرض المقام من 4-6 مارس (آذار) الجاري، ستركز على استعراض منتجاتها وإنجازاتها البحرية في مجال صناعة "الجو-فضاء" (الصواريخ) وصناعة الإلكترونيات والاتصالات وصناعة الطيران ومنظمة الصناعات الدفاعية.