Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف من احتراق الورقة الثمينة في غزة

لا شيء قليل التعقيد في هذه الحرب ورهاناتها لدى الأطراف في الداخل والخارج

الحرب، في أية حال، أكبر من موضوع الرهائن على رغم أهميته وحساسيته (أ ف ب)

ملخص

ماذا لو احترقت ورقة الرهائن في يد "حماس" مع مرور الوقت واستمرار الخلاف على الشروط؟

حرب غزة دخلت شهرها الخامس من دون أفق سياسي للحل. طرفاها المباشران، إسرائيل و"حماس"، ضد التسوية السياسية على أساس حل الدولتين. وطرفاها غير المباشرين، أميركا وإيران، في موقفين متناقضين: إدارة الرئيس جو بايدن تجد لأسباب أميركية وإقليمية فرصة لتسوية وقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وجمهورية الملالي ترفع شعار تحرير فلسطين، بصرف النظر عن فعل التحرير، لأنها تعتبر الإمساك بورقة فلسطين مفتاح التسليم بدورها ونفوذها في العالم العربي. والفصائل المسلحة في العراق وسوريا ولبنان المرتبطة بـ"الحرس الثوري" الإيراني، و"أنصار الله" الحوثيون المدعومون من طهران هم بالطبع ضد التسوية ومع التحرير والاستمرار في فتح الجبهات لإسناد "حماس" إلى أن تنتهي حرب غزة بالفشل الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ما يدور التفاوض حوله على الطاولة هو هدنة لأشهر واتفاق على تبادل المختطفين الإسرائيليين في غزة يوم "طوفان الأقصى" والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وأطراف الحرب المباشرون وغير المباشرين منخرطون في العمل على صفقة التبادل، فضلاً عن الوسطاء وأبرزهم مصر وقطر. والخلاف في هذا الإطار كبير أيضاً، فـ"حماس" مصرة على وقف النار الشامل وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة كشرطين لا تراجع عنهما في الصفقة، وحكومة نتنياهو رافضة الشرطين ولما تسميه "حماس" والفصائل المقاتلة معها "تبييض السجون الإسرائيلية" بإطلاق كل الأسرى الفلسطينيين مقابل كل المخطوفين الإسرائيليين، وأميركا مع الوسطاء بين بين.

والكل في حاجة إلى صفقة التبادل، "حماس" لاستراحة محارب وإعادة تنظيم كتائبها وبدء الإعمار في غزة إلى جانب العناية بالمهجرين وإعادتهم إلى أماكنهم الأصلية، والجيش الإسرائيلي لإعادة تنظيم صفوفه وإكمال النواقص بسبب أعداد القتلى والجرحى والمعطوبين في صفوفه، وإعادة المستوطنين المهجرين إلى مستوطناتهم في غلاف غزة، وأميركا وأوروبا والعواصم العربية والسلطة الفلسطينية في رام الله للعمل الجدي في التسوية على أساس "حل الدولتين". والكل يدرك خطورة العجز عن ترتيب صفقة التبادل ويتخوف من تصعيد يقود إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط لا أحد يريدها، وإن بدت حكومة نتنياهو تعمل للوصول إليها وتوريط أميركا فيها، وأعلنت إيران وأذرعها المسلحة أنها لا تخشاها ومستعدة لها.

ذلك أن ورقة المختطفين على يد "حماس" ثمينة جداً، ومصدر قوة للفصيل الفلسطيني المقاتل بسبب حساسية الموضوع في إسرائيل. حساسيته داخل المجتمع ككل، وحساسيته الأهم عند أهالي الرهائن الذين يتظاهرون يومياً ويتجمعون في الساحات أمام منازل المسؤولين من رئيس الحكومة إلى الوزراء، وهم يطالبون بإعطاء الأولوية لاستعادة الرهائن ولو كان الثمن وقف النار التام وإخلاء السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، ولا يتخلون عن الدعوة إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات عامة.

نتنياهو في حاجة إلى استعادة الرهائن لتصبح يده أكثر حرية في الحرب على غزة وربما على "حزب الله" في لبنان، غير أنه يرفض "صفقة بأي ثمن"، هو يريد الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية لكي يبقى رئيساً للحكومة وتظل محاكمته بتهمة الفساد وإساءة الأمانة معلقة، حيث السجن ونهاية حياته السياسية. وهو قضى سنوات يراهن على "بقاء حماس" في غزة لتكريس الانقسام الفلسطيني وإضعاف السلطة الوطنية وكضمان ضد "حل الدولتين"، ثم وجد نفسه بعد عملية "طوفان الأقصى" مكرهاً على حرب "القضاء على حماس" من دون أن يتخلى عن رفضه قيام دولة فلسطينية.

والحرب، في أية حال، أكبر من موضوع الرهائن على رغم أهميته وحساسيته. وهذا ما أكده سلوك حكومة نتنياهو، لكن السؤال هو: ماذا لو احترقت ورقة الرهائن في يد "حماس" مع مرور الوقت واستمرار الخلاف على الشروط؟ ماذا لو طالت الحرب وزادت الهمجية الإسرائيلية فيها ولجأ الجيش إلى استخدام ما يسمى "بروتوكول هنيبعل"، أي قتل المختطفين مع الخاطفين على طريقة "داعش" والتيارات الإرهابية التي تعمل ضمن فتوى "التترس"، أي قتل الأخ إذا كان لا بد منه لقتل العدو؟

لا شيء قليل التعقيد في حرب غزة والرهانات عليها لدى الأطراف في الداخل والخارج.

المزيد من تحلیل