Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصر الأمير محمد علي... ملتقى الفنون الإسلامية على نيل القاهرة

كان صاحبه على بعد خطوة واحدة من حكم مصر لثلاث مرات ويضم قصره قاعة عظيمة للعرش

أنشأ الأمير محمد علي قاعة للعرش في داخل القصر على رغم عدم وصوله إلى سدة حكم مصر (اندبندنت عربية)

ملخص

120 عاماً مرت على إنشاء قصر الأمير محمد علي بالقاهرة، فما هي حكاية صاحبه الذي كان ولياً للعهد ثلاث مرات ولم يصل إلى حكم مصر؟

في حي المنيل بالقاهرة يقع واحد من أجمل القصور المصرية وهو قصر الأمير محمد علي (1875 - 1954)، الابن الثاني للخديوي توفيق الذي كان حاكماً لمصر بعد عزل أبيه الخديوي إسماعيل.
القصر البديع المطل على نيل القاهرة بُني على طراز إسلامي رفيع وشكل علامة فارقة سواء في طرازه المعماري أو في انتقاء صاحبة لدرر من التحف زيّنت جنبات القصر حتى أنه أنشأ متحفاً داخل القصر يعرض فيه مقتنياته التي لم تسعها سرايات القصر الكثيرة.
ومن بين المفارقات التي تميزت بها حياة الأمير هي أنه كان لثلاث مرات ولياً للعهد على عرش مصر. وعلى رغم أنه كان على بعد خطوة واحدة من حكم البلاد في المرات الثلاث، إلا أن القدر لم يمنحه هذه الفرصة، فتتغير الأحداث ويذهب حكم مصر إلى شخصية أخرى من أبناء الأسرة العلوية.
وشغل الأمير محمد علي منصب ولي العهد للمرة الأولى في عهد أخيه الخديوي عباس حلمي الثاني، حتى رُزق الخديوي بابنه الأمير محمد عبد المنعم. وفي المرة الثانية تولى ولاية العهد بعد وفاة ابن عمه الملك فؤاد الأول في عام 1936، حين كان ابنه الملك فاروق دون السن القانونية لتولي الحكم. وأدى الأمير محمد علي حينها القسم الرسمي أمام البرلمان رئيساً لمجلس الوصاية على العرش، وبعد تولي الملك فاروق الحكم رسمياً نصب الأمير محمد علي ولياً للعهد حتى أنجب ابنه الأمير أحمد فؤاد في عام 1951.
يمر الآن 120 عاماً على إنشاء قصر الأمير محمد علي الذي تحول بعد وفاته إلى متحف تحت اسم "متحف قصر المنيل" يزوره الجمهور لمشاهدة عمارته البديعة وطرازه الرفيع والتعرف إلى حكاية صاحبه الراحل.
تقول آمال صديق، المديرة العامة لمتحف قصر المنيل، لـ "اندبندنت عربية"، "بني هذا القصر بذوق خاص لم يتكرر في قصور الأسرة العلوية، منذ عهد محمد علي باشا وحتى الملك فاروق، فكان الأمير محباً للفنون الإسلامية وأراد أن يحييها بإنشائه لهذا القصر ولذلك كتب على اللوحة التأثيثية له: تم إنشاء هذا القصر إحياءً للفنون الإسلامية وإجلالاً لها. وأراد أن يكون القصر جامعاً للفنون من كافة الأقطار، فإلى جانب الفنون الإسلامية المصرية بطرزها المختلفة، يضم القصر ملامح من الفنون الإسلامية التي تميزت بها كافة الأقطار من الشام إلى المغرب، جمعهم بانسجام وتناغم مبهرين. ويتكون القصر من حديقة غنّاء تضم عدة سرايات منفصلة، منها سراي الاستقبال، الإقامة، العرش، كما يضم مسجداً، وبرج الساعة الذي بني على الطراز الأندلسي".
وتضيف أن "تصميمات القصر وضعها الأمير بنفسه وهو من اختار الديكورات والقطع الفنية الكثيرة التي يضمها. وإلى جانب ولعه بالفنون الإسلامية حرص على انتقاء بعض رسوم المستشرقين التي تعبر عن ملامح من الثقافة والتاريخ المصريَين، ونجدها معلقة في أكثر من سراي على رأسها سراي العرش. ومن الأشياء البارزة أن كم التحف التي امتلكها الأمير كان كبيراً لدرجة أنه أنشأ متحفاً يجمعها داخل القصر. ويخضع هذا المتحف حالياً للترميم وسيتم افتتاحه قريباً ويضم حوالى 15 قاعة مليئة بالتحف المنتقاة بعناية والتي اقتناها الأمير".


عرش بلا حاكم

من بين أكثر الأشياء اللافتة في قصر الأمير محمد علي هو احتواؤه على قاعة شديدة الفخامة للعرش تعطي انطباعاً بأنه قصر لملك أو حاكم حقيقي. وتضم القاعة عرشاً وأماكن للجلوس وتحفاً بديعة وتزين جدرانها لوحات زيتية متتابعة بالتسلسل الزمني لحكام الأسرة العلوية بدايةً من محمد علي باشا وحتى السلطان حسين كامل.
وتقول صادق "أنشأ الأمير محمد علي قاعة العرش أملاً في الوصول إلى سدة حكم مصر لتكون مقراً يحكم منه البلاد وليظهر لأسرة محمد علي أحقيته في الحكم. وكذلك بنى في القصر قاعة تُعرف بالقاعة الذهبية، لإقامة الاحتفالات والاستقبالات الكبرى، وسراي الإقامة هي الأولى التي تم إنشاؤها لتتوالى بعدها سرايات القصر ومنها سراي الاستقبال التي تقع بجوار المدخل الرئيس للقصر وكان يستقبل فيها زواره وتضم قاعات عدة تعكس ملامح مختلفة من الفنون والتراث الإسلامي أبرزها القاعة الشامية والقاعة المغربية".

وتضيف "أنشأ الأمير محمد علي توفيق مسجداً في قصره يقع بالقرب من بوابة القصر، كان يُفتح للعامة لتقام فيه صلاة الجمعة. وأوصى الأمير أن يظل هذا الأمر مستمراً حتى بعد وفاته وبالفعل لا تزال تُقام فيه الصلاة نزولاً على وصية الأمير ولم تنقطع طوال أكثر من 100 عام. ومن المشاهد اللافتة أنه على باب المسجد توجد لوحة كبيرة مسجل عليها أسماء المشاركين في بناء القصر والذين أبدعوا فنوناً متنوعة سواء في العمارة، الخط العربي، النجارة، الرخام، وغيرها من الفنون عرفاناً بدورهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أمينة هانم إلهامي

اهتمام وشغف كبير بالفنون كان عند الأمير محمد علي، وكان أحد أهم أسبابه والدته أمينة هانم إلهامي التي زرعت في أبنائها تقدير الفنون وحبها، وكانت تعنى بها كثيراً وانعكس ذلك بصورة مباشرة عليهم سواء الأمير محمد علي الذي عُرف باهتمامه الشديد بالفنون ويُعد قصره دليلاً واضحاً على ذلك، وأيضاً ابنها الأكبر الخديوي عباس حلمي الثاني الذي كان له اهتمام كبير بالآثار والمتاحف وأُنشئت في عهده الكثير من المتاحف في مصر مثل المتحف الإسلامي، والمتحف القبطي. وافتُتح في عهده المتحف المصري في ميدان التحرير، حتى أنه أطلق عليه اسم أبو المتحفيين المصريين".
وتتابع صديق "كان للخديوي توفيق، والد الأمير محمد علي، زوجة واحدة هي أمينة هانم إلهامي وكانت سيدة شديدة الرقي ومن الطبقة الارستقراطية وكانت محبة للفنون وكان ذلك أحد الأسباب التي جعلت الأمير محمد علي، مقدراً ومحباً للفن. وفي الوقت ذاته كانت لها نشاطات خيرية كثيرة حتى أنه أُطلق عليها لقب أم المحسنين. وكان لأمينة هانم إلهامي مشروع رائد جمعت فيه بين الخير والفن حيث أنشأت مدرسة لتعليم الأيتام وأولاد الشوارع الحرف التراثية المصرية مثل الأرابيسك، والخيامية، والزجاج المعشق، وغيرها من الفنون إحياءً لها وحفاظاً على استمراريتها وبالفعل هناك قطع معروضة في القصر من نتاج أبناء هذه المدرسة". وتضيف "أوصى الأمير محمد علي بأن يتحول قصره إلى متحف يحمل اسمه بعد وفاته، بخاصة أنه لم ينجب ولم يكن له أبناء يرثوا القصر وكان قد أوقف مجموعة من الأوقاف للإنفاق عليه. وعندما قامت ثورة يوليو/ تموز 1952 سافر الأمير إلى سويسرا وسلم هذا الطلب للدولة المصرية التي استجابت بالفعل وتم الحفاظ على كامل مقتنياته وافتتاح القصر كمتحف للجمهور. وكان للأمير وصية أخرى وهي أن يُدفن جثمانه بعد رحيله في مصر. وبالفعل دُفن في المقابر التي أنشأتها والدته أمينة هانم إلهامي".
وتشير مديرة المتحف إلى أنه تحول حالياً إلى "مؤسسة ثقافية متكاملة فإلى جانب زيارات الجمهور تقام فعاليات ونشاطات ثقافية متعددة وهناك نشاط كبير للقسم التعليمي من خلال التواصل مع المدارس والجامعات للزيارات والتعريف بالقصر وصاحبه وأهميته، إلى جانب التعاون مع مراكز ثقافية متنوعة مصرية ودولية والقيام بفعاليات متنوعة تعنى بالثقافة والفنون المختلفة".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات