ملخص
منذ سنوات بدأ عدد من المطربين العرب الإنتاج لأنفسهم بعيداً من شركات الإنتاج لضمان امتلاك الحقوق.
منذ بداية القرن الماضي وبروز المطربين في العالمين الغربي والعربي، نشأت شركات الإنتاج والتي رعت آلاف الألبومات الغنائية لأهم المطربين، ومنهم داليدا وشارل أزنافور وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفيروز وصباح ووديع الصافي وعشرات غيرهم، وصولاً إلى نجوم التسعينيات وبداية الألفية الثالثة مثل نجوى كرم وراغب علامة وعمرو دياب ومادونا العالمية ومايكل جاكسون وإليسا ونانسي عجرم وغيرهم.
وكان هؤلاء النجوم يتكلون على سخاء شركات الإنتاج التي كانت تهتم بتسويق أعمالها في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب والإعلانات في الشوارع، فضلاً عن تصوير الفيديو كليبات، لكن مع مرور الزمن، تغير كل شيء، وأصيبت هذه الشركات بنكسات عدة، وتحديداً في العالم العربي، حيث كانت القرصنة هي الضريبة القاضية لأصحابها، لكن مع ظهور البث الرقمي "ديجيتال" تبدلت الظروف، وأصبح المنتجون يعتمدون على المنصات الموسيقية، ومواقع التواصل الاجتماعي لاسترداد أموالهم من الإنتاج.
قنوات خاصة
لكن منذ سنوات بدأ عدد من المطربين العرب الإنتاج لأنفسهم بعيداً من شركات الإنتاج لأسباب عدة في ما يعرف بـ"الانقلاب الفني"، إذ يقول الشاعر العراقي فائق حسن وزوجته المطربة السورية أصالة، "إن معظم النجوم العرب لجأوا إلى الإنتاج لأنفسهم بسبب وجود قنوات خاصة لهم على منصات عديدة من أهمها (يوتيوب) و(إنستغرام) و(إكس)، فأصبح انتشار الأغنية من خلال هذه المنصات أسرع، وبالإمكان الحصول على عوائد مادية مباشرة".
فائق وهو مدير أعمال المطرب ماجد المهندس، أضاف "باعتقادي أن الفنان يبقى في حاجة إلى شركة إنتاج أو توزيع لأعماله، والحرص على وصولها للجمهور بجميع الطرق المتاحة لأن الفنان بمفرده غير قادر على متابعة كل هذا الكم من منافذ البيع".
يحرص النجم على ضمان امتلاك الحقوق – وفقاً لحسن - وهو السبب الرئيس الذي يجعله يحاول الإنتاج لنفسه، لذا فالصحيح هو توقيع عقد لفترة موقتة مع شركة إنتاج يكون مجزياً للطرفين لأن زمن الاحتكار والعقود الطويلة انتهى.
وحول الضرر بالفن الغنائي يرى الشاعر العراقي "أنه لا شك أن ما يحصل أحدث ضرراً وأزمة ثقة كبيرة بين الفنانين وبعض الشركات، وهذا انعكس على واقع الإنتاج، لذا فإن معظم شركات الإنتاج الغنائية اكتفت بالتوزيع لعدم وجود مردود كبير من عملية الإنتاج بسبب فوضى السيطرة على الحقوق، ولكن في السنوات القليلة الماضية تم ترتيب الأمر بشكل جزئي، وأعتقد خلال فترة وجيزة ستكون عملية الحصول على الحقوق أكثر حرفية."
وعن كيفية عمل شركات الإنتاج حالياً، قال فائق حسن "إن بعض الشركات اتجهت إلى توقيع عقود إدارة الأعمال مع الفنانين للحصول على عوائد من الحفلات، وربطت هذه العملية بالإنتاج لضمان الحصول على مردود مادي يوازي المبالغ المدفوعة لإنتاج الأعمال، ونجحت في شركة (روتانا) بشكل كبير، وهناك محاولات من بعض الشركات في السياق نفسه. وعلى رغم وجود القرصنة بطرق حديثة، ولكن إلى حد ما، انقلبت الصورة وأصبح من السهل السيطرة على 80 في المئة من طرق القرصنة."
"أغنيات ملكنا فقط"
أما جيجي لامارا، مدير أعمال النجمة نانسي عجرم، فتحدث بدوره عن إنتاج الأخيرة لنفسها من خلال شركتها الخاصة التي أسساها معاً منذ نحو 15 سنة تقريباً. وكانت عجرم تعاملت في بدايتها من خلال ألبومين مع إحدى الشركات، قبل التوجه نحو الإنتاج الذاتي.
هنا أشار لامارا إلى قرار نانسي عجرم بقوله، "عندما أنشأنا شركتنا لم يكن هدفنا المردود المادي، بخاصة أن أحداً لم يعد يدفع حقوق المطرب والمؤلف والملحن، لكن الهدف أن تكون الأغنيات ملكنا فقط".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن إنتاج النجوم الكبار لأنفسهم، أوضح أن "معظم هؤلاء المطربين لم يعودوا ينتجون ألبوماً غنائياً كاملاً بل فقط أغنيات منفردة، أما الألبومات المتكاملة فتكون من إنتاج شركات كبيرة مثل (روتانا)، فالفنان عندما تكون أعماله ملكه فهذا هو رصيده الفني".
وعما إذا كان "الديجيتال" مربحاً مادياً للمطرب فيؤكد لامارا أن لا أحداً تصله حقوقه كاملة بسبب وجود القرصنة في كل وقت.
"المنظومة ساءت"
للمنتج المصري نصر محروس الذي يطلق عليه في بلده لقب "صانع النجوم"، رؤية خاصة إذ أسهم في نجاح شيرين عبدالوهاب وتامر حسني وبهاء سلطان وغيرهم من خلال شركته، فيقول "إن معظم النجوم العرب بدأوا ينتجون لأنفسهم لأسباب عدة، أولها أن عدد هذه الشركات أصبح قليلاً جداً في الوطن العربي، والنجوم الكبار باتوا يطلبون مقابلاً مادياً عالياً جداً وهو ما يقابل بالرفض من المنتجين".
وأضاف "يضطر المطرب إلى طرح أغنية جديدة في كل فترة من خلال قناته على (يوتيوب) والمنصات الأخرى، في ظل المردود المادي المجدي من (الديجيتال)، كما أن أغنياته تكون ملكه الشخصي ولا يعيش تحت رحمة شركات الإنتاج. وإذا كان قد أضر هذا الأمر بالفن".
وذهب المنتج المصري إلى أبعد من ذلك بقوله "إن الشركات قلت والمنظومة الفنية ساءت كلها بسبب ما حصل. وبالنسبة لي كمنتج أراهن دائماً على الوجوه الجديدة، وأسعى إلى تقديم نجوم جدد. ومنذ سنتين، قدمت للجمهور المصري المطرب نبيل، وحالياً ندعم وفاء، علماً أن موضوع اكتشاف نجم جديد والبدء معه من الصفر مكلف مادياً، لكننا نتقاسم الأرباح معاً عبر (الديجيتال) والحفلات، وهذا لا يحصل مع النجوم الكبار".
وختم نصر محروس حديثه بقوله "إن شركات الإنتاج حالياً باتت تعتمد على أرشيفها الخاص الذي يساعدها على الاستمرارية بالمردود المادي منه".
التخلي عن المجد
أما المطرب السوري "الشامي" الذي يحقق نجاحاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ونال جائزة أفضل أغنية في حفل "جوي أواردز" عن أغنيته "يا ليل ويا العين"، قرر منذ بدايته أن ينتج أعماله بنفسه. وعن تجربته في هذا المجال قال "بدأت احتراف الغناء في عام 2017، وقدمت مجموعة من الأغنيات كلها كانت من إنتاجي الخاص لأنني قررت منذ الانطلاقة أن أكون مالكاً لأعمالي الفنية بهدف التصرف بها بحرية".
ولفت الانتباه إلى قراره بالتعامل مع شركة إنتاج خاصة في إدارة الأعمال، وشركة أخرى في التوزيع الرقمي لتحصيل حقوقه من قنواته الموسيقية، وذلك بسبب تجربتهما الناجحة في العالم العربي في إدارة أعمال الفنانين وحل أزماتهم.
أما عن سبب لجوء النجوم الكبار إلى الإنتاج الخاص بهم فشرح "الشامي" وجهة نظرة بقوله، "إن انعدام الشغف لدى هؤلاء المطربين الذين باتوا ينظرون إلى الفن من زاوية مادية فقط، وتخلوا عن المجد والتطور والعمل مع فريق عمل محترف."