Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تتمسك بإقامة منطقة عازلة في غزة

تل أبيب تمضي في تنفيذ المشروع على أنقاض 2849 بيتاً فلسطينياً على رغم رفض القاهرة وواشنطن

تهدف إسرائيل إلى تطهير منطقة بطول 40 كيلومتراً على طول الحدود وبعمق كيلومتر واحد (أ ف ب)

ملخص

إسرائيل ترى أن حاجتها إلى إقامة منطقة عازلة في غزة باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى.

في حين يواصل أهالي الجنود الـ21 الذي قتلوا في عملية المغازي جراء انهيار مبنيين خلال تحضيرهما للهدم ضمن خطة إسرائيل لإقامة منطقة عازلة عند الحدود، أعلن الجيش أنه يتقدم نحو تنفيذ الخطة وفق تهديدها وبأسرع وقت لطمأنة سكان الجنوب الذين أُجلوا عن بيوتهم بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واندلاع حرب "طوفان الأقصى" وضمان أمنهم وأمن الحدود.

وقال مسؤول أمني إن الحاجة إلى إقامة المنطقة العازلة باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، وأكد أن متخذي القرارات ماضون في خطوات وقرارات تضمن أمن السكان وتدفعهم إلى العودة لبيوتهم في غضون فترة قصيرة، وهو أمر رفضه السكان الذين اشترطوا العودة بضمان تحقيق الجيش هدف القضاء على "حماس" وقدراتها العسكرية.

مقتل الجنود

وكشف عن تفاصيل هذه العملية التي كانت تنوي إسرائيل الاستمرار فيها بصمت وبعيداً من الإعلام بعد تحذير الولايات المتحدة وجهات دولية أخرى، ورفضها أي نشاط يؤدي إلى تقليص مساحة غزة، وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جولته الأخيرة في إسرائيل.

وبدأ تنفيذ الخطة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد شهر من اندلاع الحرب، إذ أوكل الجيش لجنود الاحتياط مهمة تحويل الجزء الشمالي من قطاع غزة إلى أرض قاحلة.

وفي سياق تقارير الجيش التي يتفاخر فيها بقدراته ونشاطاته في غزة، نقل عن أحد الجنود أن مهمتهم كانت تطهير منطقة بطول 40 كيلومتراً على طول الحدود وبعمق كيلومتر واحد، كجزء من خطة إسرائيلية لبناء منطقة أمنية على حدود غزة من الجانب الفلسطيني، والتي سيحظر على الفلسطينيين دخولها، وشرح بأنهم يستخدمون الجرافات وغيرها من المعدات الثقيلة، وقد نجحوا في تسوية الدفيئات الزراعية وغيرها من المباني بالأرض، وسدت فتحات الأنفاق كما دُمرت الحقول الزراعية، ووفق خريطة المنطقة فهناك 2849 بيتاً ومبنى ستهدم جميعاً وفق مختلف الوسائل عبر الجو والبر.

وفي أعقاب تفجير المبنيين ومقتل الجنود، وهي عملية اعتبرتها إسرائيل الأكثر كارثية لجنودها منذ اندلاع الحرب، تقررت إعادة النظر في وسائل التنفيذ وإذا ما كانت ستعرض حياة الجنود للخطر، لكنها وعلى رغم التقارير التي أشارت إلى أن منطقة كهذه لن تضمن الأمن الذي تهدف إسرائيل إلى تحقيقه من المنطقة العازلة، إلا أنها تعتبر قرارها أحادي الجانب خطوة محسومة ولن تتراجع عنها.

وردت واشنطن في أعقاب تدمير المبنيين وكشف تفاصيل الخطة الإسرائيلية عبر بلينكن برفضها تقليص مساحة غزة أو تهجير السكان، وقال "لقد كنا واضحين جداً أمام الإسرائيليين بمعارضتنا الشديدة لكل ما يتعلق بالتهجير القسري للناس والحفاظ على التواصل الإقليمي لغزة".

تنفيذ الخطة

ويبلغ عمق المنطقة العازلة ما بين 850 متراً وكيلومتر واحد، وهي منطقة قد تتغير نظراً إلى التضاريس ومدى قربها من حدود البلدات الفلسطينية الواقعة أقصى الشرق، وفق مسؤول إسرائيلي مطلع على الخطة، والذي أضاف أنه في بعض الأماكن قد لا يزيل الجيش الإسرائيلي جميع المباني كما فعل في بعض الأماكن، وأن الأمر يتعلق بطبيعة العمليات التي سيقوم بها لتجهيز المنطقة.

وطُرح أكثر من تساؤل حول كيفية تعامل الجيش مع فلسطينيين يحاولون التسلل إلى إسرائيل عبر هذه المنطقة التي ستكون منزوعة السلاح، فبالنسبة لضباط الجيش تعتبر المنطقة العازلة خطوة أمنية ضرورية كجزء من خطة نزع سلاح غزة وضمان عودة الإسرائيليين للبلدات القريبة من قطاع غزة.

وحول أهداف هذه المنطقة في ضمان أمن الحدود والسكان اختلف الإسرائيليون، إذ حذر سياسيون من انعكاس إصرار إسرائيل على تنفيذ الخطة على رغم رفض الأميركيين لها، في وقت لن تضمن مثل هذه الخطة عدم إطلاق صواريخ أو تنفيذ هجمات بطائرات من دون طيار قد يستخدمها عناصر "حماس" بعد الحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن في مقابل هذا الرأي قال ضباط إسرائيليون إنهم يسعون إلى تطهير المنطقة الواسعة في غزة لإزالة البنى التحتية الإرهابية، وفق تعبيرهم، معتبرين الخطة ضرورية "لتنفيذ خطة دفاعية تضمن زيادة أمن جنوب إسرائيل".

ووفق بحث أجراه المحاضر في الجامعة العبرية بالقدس عدي بن نون، والذي فحص صور الأقمار الاصطناعية منذ بدء الحرب، فإن التقديرات أن الجيش هدم 1072 مبنى من أصل 2824 تقع على بعد كيلومتر واحد أو أقل من الحدود، على حد قول بن نون.

وضمن المنطقة التي تعتبر الأكثر كثافة قرب السياج الحدودي، فإن معظم المباني سكنية وقريبة من خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، حيث هُدم 67 في المئة من المباني القائمة والتي تساوي 704 مبان من أصل 1048 مبنى تقع على بعد كيلومتر واحد من الحدود، وفقاً للدراسة.

 وبحسب جنود عائدين من غزة فقد فخخت حركة "حماس" كثيراً من البيوت والمباني، واستخدمت معظمها أيضاً لإخفاء أسلحة أو حفر أنفاق على طول حدود غزة.

من جهته قال الضابط السابق في قسم غزة شاؤول أريئيلي إن "إنشاء منطقة عازلة دائمة داخل القطاع سيكون على الأرجح غير قانوني بموجب القانون الدولي، لأن إسرائيل ستسيطر على الأراضي خارج حدودها المعترف بها، وكقوة احتلال يجب ألا تغير الحدود".

لكن وسط النقاش حول تداعيات مثل هذه الخطة قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن اسرائيل لا تعتزم احتلال غزة بصورة دائمة، لكنها ستحافظ على "السيطرة الأمنية" حتى إشعار آخر.

خلو المنطقة

وفي أعقاب عملية المغازي شهدت إسرائيل نقاشاً عاصفاً حول العمليات التي تنفذ في غزة ويكون الجندي الإسرائيلي لقمة سهلة فيها، غير أن المسؤولين أعلنوا أن المنطقة خالية من أي عنصر من "حماس"، وكذلك الأنفاق المتوقع أن تكون تحت الأرض في هذه المنطقة خالية من الأسرى الإسرائيليين.

وجاء حديث المسؤولين في أعقاب احتجاج أهالي جنود عملية المغازي وازدياد قلق أهالي الأسرى من نتائج شبيهة لعملية تدمير المبنيين على الجنود الإسرائيليين، ولكن داخل الأنفاق التي يختبئ فيها أسرى، وذلك بعد تقارير تحدثت عن احتمال أن يكون أسرى فلسطينيون قتلوا داخلها بسبب غازات سامة انبعثت داخل الأنفاق خلال عملية اغتيال القيادي في "حماس" أحمد الغندور.

وأبلغ المسؤول في الفريق الإسرائيلي الذي يجري مفاوضات حول تبادل الأسرى نيتسان ألون عائلات الرهائن الثلاث عن إمكان أن يكون الثلاثة قُتلوا جراء استنشاق غاز سام تسرب من القنابل التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في عملية اغتيال الغندور، مضيفاً "في هذه المرحلة ليس بالإمكان نفي أو تأكيد أن الرهائن قُتلوا نتيجة اختناق أو تسمم أو بسبب تبعات هجوم الجيش أو عمل نفذته ’حماس‘".

إزالة الخطر

وفي أكثر من تقرير إسرائيلي أكد باحثون وأمنيون سابقون أن المناطق العازلة لن تزيل الخطر أو تضمن الأمن المطلق للإسرائيليين، سواء في غزة أو لبنان، فالهدف من إقامة المنطقة هو منع تسلل من الطرف الآخر، لكن قبل السابع من أكتوبر الماضي كان هناك جدار كلف إسرائيل ملايين الدولارات، إذ ركبت عليه مختلف أنواع التقنيات المتطورة لضمان الأمن، لكنه لم يمنع إطلاق الصواريخ من غزة على بلدات الجنوب.

وبحسب مسؤول عسكري فإن "الجدار نفسه سيطبق على المنطقة الشمالية، أما بالنسبة إلى المنطقة العازلة التي تنوي إسرائيل إقامتها بين مصر وغزة لضمان منطقة آمنة عند محور فيلادلفيا، فهذه من شأنها أن تؤجج الأوضاع إذا ما نفذ الإسرائيليون تهديداتهم وباشروا بإقامتها بعد أن رفضتها مصر".

وسبق أن أبلغت إسرائيل مصر بخطتها عند محور فيلادلفيا بضمان  منطقة عازلة وضيقة على طول الحدود.

وخلال نقاشهم حول الموضوع مع المصريين طلب الإسرائيليون المشاركة في مراقبة المنطقة، بما في ذلك تقاسم استخدام تكنولوجيا المراقبة الجديدة التي ستزودها إسرائيل، غير أن مصر رفضت الفكرة واتخذت خطوة استباقية بتعزيز الحواجز على جانبي الحدود.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير