Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرئيل تتخلى عن ضوابط الدقة: القصف في عمق دمشق

عرف عن حي "فيلات غربية" أنه سكن مراراً من قبل شخصيات محسوبة على "الجهاد الإسلامي" و"حزب الله"

ما تبقى من المبنى الذي تم استهدافه في دمشق (رويترز)

ملخص

أثار الصاروخ الذي أطلق اليوم السبت هلع سكان دمشق الذين سمعوا صوت الضربة التي سوت بناءً من طوابق عدة بالأرض

لم تتوقف إسرائيل عن استهداف سوريا بالضربات الجوية خلال السنوات الماضية من أجواء الجولان أو بيروت أو شرق البحر المتوسط، وحتى من ناحية الأردن باتجاه أهداف في دير الزور بشرق سوريا. وفي حين أنها تعمدت دائماً أن تبتعد بقصفها الصاروخي عن مراكز المدن والتجمعات المكتظة لأسباب عسكرية ودولية مفهومة، فإنها خرقت تلك القاعدة مرات عدة، وفي دمشق تحديداً، حيث يتركز الثقل العسكري واللوجيستي والعملياتي لحلفاء دمشق، وتحديداً "حزب الله"، و"الحرس الثوري" الإيراني، والفصائل العراقية والفلسطينية، وبعيداً من أي مناوشة أو مواجهة مع حليف دمشق الآخر، روسيا الاتحادية.

ويكتسب القصف الذي نفذته إسرائيل ظهر اليوم السبت عمق دمشق، وتحديداً باتجاه حي المزة "فيلات غربية" خصوصية بسبب استغناء إسرائيل عن مفهوم القصف النقطي بالصواريخ الموجهة كما حدث في عام 2019، حين حاولت اغتيال عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" أكرم العجوري الذي كان حينها مقيماً في ذات الحي الذي استهدف اليوم، ويرأس العجوري الدائرة العسكرية في الحركة، وهو مسؤول إمدادها بالسلاح. يومها لقي نجل العجوري، معاذ، مصرعه ونجا هو من محاولة الاغتيال.

وتحدث شهود حينها والمشاهدات العينية اللاحقة عن استخدام إسرائيل لصاروخ موجه شديد الذكاء تمكن من دخول الشقة المستهدفة من شرفتها دون إحداث جبلة أو أضرار تدميرية في البناء المستهدف عموماً، في حين أن ضربة اليوم جاءت مشابهة لاستهداف إحدى الشخصيات الإيرانية، الذي وقع أواسط فبراير (شباط) من العام الماضي في حي كفرسوسة وسط دمشق أيضاً، وحينها كان الصاروخ شديد التدمير أيضاً، مفضياً إلى دمار في الأبنية والشوارع المحيطة، حتى إن شظاياه تطايرت لتصل إلى شوارع بعيدة من موقع الاستهداف.
وأثار الصاروخ الذي أطلق اليوم السبت هلع سكان دمشق الذين سمعوا صوت الضربة التي سوت بناءً من طوابق عدة بالأرض، وموقعاً عدداً من القتلى المدنيين بينهم مسؤول الاستخبارات في "الحرس الثوري" الإيراني ونائبه وعنصرين من الحرس، وفق ما ذكرت وكالات الأنباء.

وأفادت مصادر متطابقة في دمشق "اندبندنت عربية" بأنه "من المؤكد أن الاستهداف كان لشخصيات قيادية في الحرس الثوري الإيراني قد تكون بينهم شخصيات رفيعة للغاية" مع عدم استبعاد وجود العجوري نفسه مرة أخرى في دمشق، دون نفي أو تأكيد رسمي بعيد تأكيد مغادرته إلى لبنان نهائياً في عام 2019.
اللافت أن هذه الاجتماعات تجرى بصورة سرية للغاية، وبعيداً من أي مراقبة ودراية من أي طرف خارج المعنيين به. وقد عرف عن الحي ذاته (فيلات غربية) أنه سكن لمرات عدة من قبل شخصيات محسوبة على حركة "الجهاد الإسلامي" و"حزب الله".
من جهة أخرى، جاء القصف الإسرائيلي السبت، مركزاً ودقيقاً لينسف مبنى كاملاً، مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين أيضاً وفق ما أكدت السلطات السورية. ولا يمكن فصل هذا الاستهداف عن امتلاك إسرائيل لمعلومات حول وجود سوريا الفعلي على صعيد الترابط العملياتي أو اللوجيستي أو الإيواء العسكري المؤثر في الأقل، عن ملف حرب غزة، خصوصاً أنه قبل أسابيع قليلة اغتالت آلة الحرب الإسرائيلية أبرز مستشاري "الحرس الثوري" في سوريا، رضي موسوي، في محيط دمشق، وقبله عشرات العمليات التي لم تبدأ مع حرب غزة، ولكنها اشتدت بعدها. فلم تكد تنقضي أيام قليلة على بدء العمليات العسكرية في غزة حتى قصفت إسرائيل مطار دمشق، ثم ألحقته بقصف مطار حلب، ثم مطار دمشق من جديد، وعلى رغم كل ذلك فإن النظام السوري لم يفتح أراضيه مباشرة للمواجهة العسكرية مع إسرائيل باستثناء مناوشات محدودة بقذائف الهاون من اتجاه جبهة الجولان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ومن الصعب إحصاء عدد الغارات الإسرائيلية على سوريا، ولكن مما لا شك فيه أنها استهدفت ما استطاعت قدرات منظومة الدفاع الجوية ومصانع البحوث العلمية قبل أن تنتقل إلى اغتيال أفراد وقيادات من القيادات الفلسطينية والإيرانية والعراقية و"حزب الله"، وفي كل تلك الاغتيالات كان يسقط مدنيون سوريون.
تغير نمط القصف الإسرائيلي في الآونة الأخيرة يشير إلى أمور عدة، أبرزها تحقيقها خرقاً استراتيجياً استخباراتياً، فضلاً عن الاستمرار في انتهاج مبدأ الرد السريع تحديداً بعد مشكلات بنيامين نتنياهو في الحكومة الحربية الإسرائيلية المصغرة والبحث عن مكاسب كان أفضلها الرد على القصف الإيراني في العراق قبل أيام باستهداف شخصيات إيرانية في قلب دمشق، وفي الحالتين فإن سوريا والعراق ساحتا حرب مفتوحتان لتصفية حسابات إقليمية.
وعلى رغم تخلي النظام السوري عن دعم حركة "حماس" لأسباب سياسية وعقائدية وفكرية مختلفة ترتبط جذورها بالحرب السورية، فإن النظام لم يغير تموضعه الإقليمي في حلفه مع إيران وغيرها، الفصائل الفلسطينية ضمناً، مما يضعه تحت الخطر باستمرار، كما كان الحال حين بدأت الحرب في سوريا، وكما كان وما زال في احتضان نظام دمشق لتلك الفصائل، من طهران إلى غزة.
كل ما يحصل من قصف وإن وقع على الأراضي السورية وأزهق أرواحاً لمواطنيها، إلا أنه يبقى حصيلة حرب لم يردها السوريون يوماً ولم يرغبوا بدفع ثمنها الذي كبر عليهم، ففي حين ينشغل أهالي الضحايا المدنيين في تشييع أولادهم سائلين أنفسهم ليس عن فداحة غيابهم فقط، بل عن أي مكان سينامون فيه مساءً والمبنى الذي كانوا يقطنونه صار ركاماً دون أن يعرفوا لماذا.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات