Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اشتعال المعارك بأم درمان و"إيغاد" تدعو البرهان و"حميدتي" للقاء

تزايد حدة المواجهات بين طرفي القتال على جبهات عدة في الخرطوم وخارجها

الرئيس الكيني ويليام روتو (يمين) برفقة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (يسار) يحضران قمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيغاد" في قصر الرئاسة في عنتيبي – أوغندا (أ ب)

ملخص

أكد بيان "إيغاد" أن السودان ليس ملكاً لأطراف الصراع فحسب بل للشعب السوداني

في وقت تتجه المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، هذه الأيام، نحو التصعيد، إذ شهدت مناطق عدة بأم درمان معارك عنيفة باستخدام الأسلحة الثقيلة، فضلاً عن شن الطيران الحربي التابع للجيش غارات جوية على مدينتي الجنينة ونيالا بإقليم دارفور، دعت الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية "إيغاد" قائدي الجيش عبدالفتاح البرهان و"الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى لقاء مباشر خلال أسبوعين لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ تسعة أشهر.

وحث البيان الختامي لقمة "إيغاد" التي عقدت في أوغندا على التنسيق مع الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي لحشد الدعم لعملية السلام بهدف حل النزاع في السودان، مبدياً قلق قادة الهيئة إزاء استمرار القتال في الخرطوم والحالة الأمنية والإنسانية المتردية الناجمة عن الحرب، وحض طرفي النزاع على التزام الحوار والمفاوضات. ونوه البيان باستعداد قادة دول "إيغاد" المستمر لتقديم مساعيها الحميدة لتسهيل عملية سلام شاملة لإنهاء الصراع بالتعاون الوثيق مع أصحاب المصلحة السودانيين والاتحاد الأفريقي والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية.

وأكد البيان أن السودان ليس ملكاً لأطراف الصراع فحسب، بل للشعب السوداني، مطالباً بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وكذلك وقف الأعمال القتالية لإنهاء هذه الحرب الظالمة التي تؤثر في السودانيين تمهيداً للمضي قدماً نحو الحوار السياسي. وأشار البيان إلى أن الدول الأعضاء في "إيغاد" ستستخدم مختلف الوسائل والقدرات لضمان حل النزاع بالسودان سلمياً، إذ أصدر القادة توجيهاتهم إلى أمانة الهيئة بتقديم آخر المستجدات إلى الجمعية العمومية، فضلاً عن التنسيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي لمراجعة خريطة الطريق لحل النزاع السوداني التي تم اعتمادها أخيراً من قبل الهيئة مع جداول زمنية واضحة، واتخاذ خطوات عملية في غضون شهر لتشكيل حكومة ديمقراطية في البلاد.

وأبدى قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو سعادته بالمشاركة في القمة الاستثنائية لرؤساء دول وحكومات "إيغاد" التي قال إنها بحثت كيفية وقف الحرب في السودان.

آخر الحروب

واعتبر قائد "الدعم السريع" في منشور على منصة "إكس" القمة التي شارك فيها فرصة سانحة لتقديم شرح مفصل لرؤساء دول "إيغاد" حول أسباب نشوب الأزمة في السودان ورؤيتهم لوقف الحرب والتفاوض للوصول إلى سلام شامل ومستدام يعالج جذور الأزمة، ويؤسس لبناء مستقبل أفضل للشعب السوداني بما يجعل هذه الحرب آخر الحروب في البلاد. ولفت دقلو إلى أنه جدد، خلال الاجتماع، الرغبة الصادقة في تحقيق الأمن والاستقرار بالبلاد لرفع المعاناة الإنسانية عن الشعب، آملاً أن تكلل جهودهم في تحقيق السلام والاستقرار بالسودان بما ينعكس على أمن واستقرار المنطقة.

إسكات الأسلحة

في السياق، نوه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة، خلال القمة، بأنه تلقى تأكيدات من الأطراف السودانية المتحاربة التي التقاها على الرغبة في إنهاء الحرب، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة تعتقد أن الحاجة الأكثر إلحاحاً لشعب السودان هي وضع حد لهذه الحرب التي دمرت بلاده على مدى الأشهر التسعة الماضية، مما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم. وتابع "هناك حاجة ملحة إلى عملية وساطة دولية موحدة ومتماسكة تسخر موارد ونهج منظماتنا لمساعدة السودانيين على إنهاء هذه الحرب الشرسة". وقال لعمامرة "في كل دقيقة تستمر فيها هذه الحرب، يدفع الشعب السوداني ثمناً باهظاً من الأرواح البشرية، لذلك، فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون وقفاً وطنياً للأعمال العدائية قابلاً للتنفيذ ومراقباً من كثب، ويشكل الأساس للسلام الدائم"، مؤكداً ضرورة إسكات الأسلحة، لأن الحرب لا تزال تشكل تهديدات خطرة لوحدة السودان وسلامة أراضيه وكذلك لأمن واستقرار المنطقة وخارجها.

ترحيب أميركي

كما رحبت الولايات المتحدة بقمة "إيغاد" التي حضرها مبعوثها الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر، وقالت السفارة الأميركية بالخرطوم إن هامر سيواصل دعم الجهود الإقليمية والدولية الجارية لإنهاء الصراع، والضغط من أجل وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، وتعزيز التحول الديمقراطي، ودعم العدالة والمساءلة لضحايا العنف، كما سيلتقي مسؤولي الاتحاد الأفريقي في إثيوبيا لتنسيق الجهود في شأن السودان والأولويات الإقليمية الأخرى.

هيمنة "الإخوان"

في الأثناء، أشار القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عروة الصادق إلى أن "انطلاق قمة (إيغاد) بغياب تمثيل رسمي للجيش أمر مخيب للآمال، لكنه كان متوقعاً في ظل هيمنة فلول النظام السابق على وزارة الخارجية السودانية واختطاف القرار السياسي لحكومة بورتسودان، مما يعني أن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لم يستطع فك ارتباطه بتنظيم (الإخوان) المحلول، وعاجز عن المضي في عملية السلام والاستجابة لنداءات دول الجوار والأصدقاء والأسرة الدولية، على العكس تماماً، حرص قائد قوات "الدعم السريع" على حضور القمة لإثبات مدى جديته، فضلاً عن كونها فرصة مواتية لمتهميه ومحاربيه لمواجهته أمام المحيط الإقليمي والدولي. أضاف الصادق "المرجو من هذه القمة الاستثنائية تقديم مقاربة نهائية وموضوعية ومعقولة للحل في السودان لا سيما أن وفداً رفيعاً من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) يشارك في مناقشات الأوضاع حول الأزمة السودانية"، وتابع "ستظل جهود (إيغاد) مستمرة لحل أزمة السودان لكنها ستكون قاصرة وغير قادرة على إحداث اختراق ما لم يتم توفير الدعم اللازم والإسناد القوي لها من جميع الشركاء والمهتمين بالصراع في هذا البلد، لأن قرار (إيغاد)، هذه المرة، يتأثر بتنازع داخلي وسط دول المنظمة وتقاطعات الوضع في الصومال وصوماليلاند، وهو أمر قد يجعل استصدار القرار حول السودان خاضعاً للمساومات وعدم الإجماع حول قرار محدد".

وتوقع القيادي في قوى الحرية والتغيير أن يتم، عقب انتهاء القمة، اتخاذ خطوات عملية بدعوة طرفي الحرب مجدداً إلى منبر جدة بمقاربة نهائية مدعومة من كل الأطراف الإقليمية والدولية، مما سينهي الصراع "ولكن هذا يتطلب المضي نحو الحلول بعقول وقلوب منفتحة".

المواجهات العسكرية

أمنياً، تزايدت حدة المعارك بين طرفي القتال على جبهات عدة في العاصمة وخارجها، حيث احتدمت الأوضاع في مدينة أم درمان بخاصة ناحية أحياء الموردة وأمبدة ومقر الإذاعة والتلفزيون التي شهدت تبادلاً للقصف المدفعي، مما أدى إلى تزايد حالات النزوح من المناطق الجنوبية للمدينة إلى شمالها، بينما ما زالت الخدمات تشهد انقطاعاً مستمراً، فالمياه استمر انقطاعها للشهر الثالث، في حين تعمل الكهرباء والاتصالات بصورة متقطعة.

وبحسب شهود، فإن جنوب الخرطوم يشهد استقراراً جزئياً وتوقفاً للاشتباكات مع استمرار القصف المدفعي وسقوط بعض القذائف على مرافق ومقار مدنية من دون الإفادة عن سقوط ضحايا، لافتين إلى توقف القصف المدفعي والجوي في مناطق شرق النيل والحاج يوسف.

وفي ود مدني، قصف طيران الجيش تمركزات "الدعم السريع" في مناطق متعددة من المدينة، بخاصة المناطق المحيطة بجسر حنتوب وكوبري البوليس، بينما ردت الأخيرة بالمضادات الأرضية.

كما شن الطيران الحربي غارات جوية على مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور وهي الغارة الأولى للطيران على المدينة منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) الماضي، حيث سمع دوي انفجارات قوية شرق المدينة وتحديداً في مطار الشهيد صبيرة. كذلك عاود الطيران الحربي قصف مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور مستهدفاً أهدافاً لـ"الدعم السريع" بنحو ثلاثة براميل متفجرة.

حل لجان التغيير

إلى ذلك، قرر والي شمال كردفان عبدالخالق عبداللطيف حل لجان التغيير والخدمات بالولاية، وذلك بعد 24 ساعة من قراره بحظر نشر المعلومات المتعلقة بالقوات النظامية. وتضمنت العقوبات لمخالفي هذه القرارات غرامات مالية أو السجن.

وتأتي تلك القرارات في خطوة مماثلة اتخذها واليا نهر النيل والقضارف بإصدار القرارات نفسها التي واجهت معارضة ورفضاً من قبل لجان الخدمات والتغيير، ولجان المقاومة، وتحالف قوى الحرية والتغير، وعدد من منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووجه القرار المديرين التنفيذيين بالمحليات لتكوين لجان تسييرية بالمحليات والوحدات الإدارية، والأحياء والفرقان، للمساعدة في تقديم الخدمات والإشراف على التعبئة والاستنفار بالولاية، كما وجه الأمانة العامة للحكومة والمديرين التنفيذيين للمحليات والجهات ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ هذا القرار. واعتبرت اللجان والمنظمات المدنية والقوى السياسية هذه الخطوة مدخلاً لإعادة سيطرة وتمكين عناصر النظام السابق في ما كان يعرف باللجان الشعبية.

العلاقات الخارجية

دبلوماسياً، التقى وزير خارجية السودان علي الصادق عدداً من الوزراء المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري لحركة عدم الانحياز يتقدمهم وزير خارجية جمهورية أوغندا أبو بكر جيجي أودونغو، ووزير الدولة لشؤون التعاون الإقليمي بالخارجية الرواندية كابرابي جيمس، ووزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، ووزير الخارجية الأنغولي تيتي أنطونيو، ووزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة ليبيا الطاهر سالم الباعور، ووزير خارجية تشاد أحمد النظيف.

وبحثت هذه اللقاءات عدداً من الموضوعات الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن العلاقات الثنائية التي تجمع السودان بهذه الدول وسبل تطويرها وترقيتها.

وقدم الصادق شرحاً مستفيضاً عن مستجدات الأوضاع بالبلاد والجهود الحثيثة التي تبذلها حكومة الخرطوم لاستعادة الأمن والاستقرار، مؤكداً أن إيقاف الحرب يتوقف، بقدر كبير، "على حث الدول الداعمة للتمرد على التوقف عن دعمه سياسياً وعسكرياً"، وأكد وزير خارجية السودان التزام حكومة بلاده مخرجات إعلان جدة وانفتاحها على كل المبادرات السياسية التي من شأنها تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وابتدار عملية سياسية تقود البلاد إلى سلام دائم.

بعثة تقصي الحقائق

دولياً، دعت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة الأطراف المتحاربة في السودان إلى وقف القتال في وقت بدأت عملها لجهة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في النزاع الدامي. وطالب الفريق المكون من ثلاثة أعضاء الأطراف المتحاربة بالوفاء بالتزاماتها حماية المدنيين وضمان محاسبة مرتكبي الجرائم الجسيمة.

وقال رئيس البعثة الدولية محمد شاندي عثمان، في بيان، "بدأت منظمات المجتمع المدني السودانية وأطراف أخرى بإعلامنا بادعاءات تتعلق بانتهاكات جسيمة ومستمرة"، مضيفاً أن "هذه المعلمات تؤكد أهمية المحاسبة وضرورة تحقيقاتنا والحاجة الملحة إلى إنهاء العنف فوراً".

وإلى جانب رئيس المحكمة العليا السابق في تنزانيا محمد شاندي عثمان، تضم البعثة العميد الفخري لكلية القانون في جامعة "نيجيريا" جوي إيزيلو والأردنية - السويسرية منى رشماوي وهي الخبيرة المستقلة السابقة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الصومال.

وقالت رشماوي "للأطراف المتحاربة التزامات قانونية دولية لحماية المدنيين من الهجمات، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والامتناع عن القتل والتهجير القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري تحت أي ظرف". أضافت "سنتحقق بعناية من الادعاءات التي تلقيناها وننفذ عمليات تقصي الحقائق بصورة مستقلة ومحايدة"، وتابعت أن مزاعم الاغتصاب وتجنيد الأطفال لاستخدامهم في الأعمال العدائية ستلقى "اهتماماً خاصاً".

ودعت البعثة الأفراد والجماعات والمنظمات إلى تقديم المعلومات مشددة على أن ذلك يتم بسرية.

ومن المقرر أن يقدم المحققون إحاطة شفوية بالنتائج الأولية التي توصلوا إليها خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، يليها تقرير شامل في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول).

وقتل أكثر من 13 ألف سوداني منذ بدء الحرب في أبريل، وفق تقدير متحفظ صادر عن مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها "أكليد"، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 7 ملايين شخص نزحوا.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات