Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهادة الناجي الوحيد من مذبحة عائلية شمال غزة

قال لـ "اندبندنت عربية": قتلوهم حتى قبل الاطلاع على وثائقهم

تصل أخبار السكان في شمالي غزة بصعوبة فهم يعيشون حالاً من الانقطاع شبه الكامل عن مناطق الجنوب (اندبندنت عربية)

ملخص

رصد المكتب الإعلامي الحكومي 137 إعداماً ميدانياً في شمال القطاع بينها حالات لنساء حوامل

بينما كان رجب عنان ينام مع عائلة والنازحين الذين وصلوا إلى شقته السكنية، كسر الجنود الإسرائيليون المدججون بالأسلحة باب منزله وسط مدينة غزة ودهموا البيت، ومن دون تحذير أطلقوا النار صوب 12 فرداً من العائلة، بينهم نازحون من أقاربهم.

في زاوية الصالة كان شريف نائماً، ولحسن حظه لم تصل إليه الأعيرة النارية، إذ نجا بأعجوبة من الإعدام، وهكذا تمكنت "اندبندنت عربية" من الاستماع لشهادة الناجي الوحيد الذي لا يزال موجوداً في الجزء الشمالي من القطاع رافضاً النزوح نحو الجنوب.

حصد المدنيين

شريف (غير الاسم لدواع أمنية وحفاظاً على حياة الشاهد) أحد أصهار صاحب المنزل، افتتح شهادته بالقول، "ما إن دخل الجنود طلب واحد منهم أن نكشف عن بطوننا ونرفع أيدينا للأعلى، أعتقد أنه كان يخطط لاعتقالنا. ولكن جندياً آخر يقف بجانبه سارع وأطلق النار نحو الجميع بشكل عشوائي، كنت أتظاهر بالنوم ولم تصل إلي الأعيرة النارية، وبعد ذلك دخل الجنود الغرف وغادروا البيت بسرعة، وآخر واحد منهم ألقى قنبلة غاز في الداخل قبل أن يخرج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بحسب شريف فإن البيت كان يضم عائلة صاحب المنزل وأبناء عمه وأصهاره، ومن بينهم ثلاثة أطفال دون سن العاشرة، وأربع سيدات بينهن طاعنة في السن، وجميعهم أعدموا حتى قبل التحقيق معهم أو الاطلاع على وثائقهم الشخصية.

يؤكد شريف أن جميع الأشخاص في المنزل كانوا مدنيين ولا يوجد بينهم أي مقاتل أو شخص لديه ارتباطات مع الفصائل الفلسطينية، وعلى رغم ذلك صفوا بدم بارد ولم تتحرك مشاعر الجنود أو يرأفوا بالأطفال.

من دون صخب

تكرر ما حدث في منزل عنان مع بيسان الحرازين التي تقول، "بعد دهم بيت عائلتي طلب الجنود من الرجال الانفصال عن النساء والأطفال والوقوف في طابور واحد، ثم سألوا الأول عن اسمه وقبل أن يجيب أطلقوا عليه رصاصة في القلب".

وتضيف "عم الضجيج بين الرجال فصرخ أحدهم بالعربية (أنا لا أحب الصخب)، وأطلق عليهم جميعهم النار في منطقة الرأس والقلب، نحن النساء كنا في غرفة من دون باب نشاهد الحدث، ولم يقترب أحد منا، إلا أنهم بعد أن غادروا المنزل ألقوا نحو الغرفة قذيفة متفجرة".

تؤكد بيسان أن النسوة أصبن بجروح خطرة ولم تتمكن من إسعافهن بسبب تمركز الآليات أمام بيتها، وتذكر أن زوجها وشقيقها وثلاثة من أقاربها جرى إعدامهم أمام عينيها، وهي منذ تلك اللحظة لا تنام الليل من شدة الخوف.

بسبب كثافة النيران غادرت عائلة عامر العشي منزلها في حي الشيخ رضوان شمال غزة، وحمل جميع الأفراد رايات بيضاء، وفي الطريق التي تنتشر فيه الآليات العسكرية الإسرائيلية، صوب جندي النار على رأس شقيق الشاب وأعدمه. يقول "كان أخي يمسك بيد أمي الكبيرة في السن، وتطاير دمه على حجابها، والدتي مذعورة وخائفة".

ويضيف "أجيد تحدث العبرية، لذا قلت للجندي (نحن مدنيون وجميع من معي نساء)، لكنه أطلق صوب قدمي النار وقال لي (اخرس)، أكملت طريقي وأنا أرفع الراية البيضاء، علماً بأنه طلب مني عدم الالتفات إلى أي اتجاه".

موظف أممي وتوثيق

أمام أعين سامي النجار أعدم الجيش الإسرائيلي شقيقه وأخته، لكنه صرخ أمام موظف في الأمم المتحدة فتوقف الجندي واصطحبه إلى زاوية وحقق معه لساعات بطريقة مهينة، يقول "لم يسمح لي الجنود بدفن الجثة ولا إخراجها من الغرفة، وبقيت ثلاثة أيام حتى انسحبوا من المكان".

في الحقيقة تصل أخبار السكان في الجزء الشمالي من قطاع غزة بصعوبة، فهم يعيشون حالاً من الانقطاع شبه الكامل عن مناطق الجنوب، وعلى رغم ذلك فإن المكتب الإعلامي الحكومي رصد ووثق 137 حال إعدام ميداني في تلك المنطقة، من بينهم نساء حوامل.

ولا يقتصر إثبات الإعدامات الميدانية على جمع الشهادات وتوثيق المؤسسات الحقوقية، بل ذكرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن القوات الإسرائيلية "قتلت بعد إجراءات موجزة" 11 فلسطينياً أعزل في ما يمكن تصنيفه كإعدام ميداني وجريمة حرب في قطاع غزة، وطالبت المفوضية إسرائيل بفتح تحقيق في "احتمال ارتكاب قواتها جرائم حرب".

يعد الإعدام الميداني في القانون الإسرائيلي فعلاً يعاقب مرتكبه، إلا أن الحكومة الإسرائيلية صوتت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، على تغيير تعليمات إطلاق النار بشكل جذري، بما يتيح تنفيذ إعدامات ميدانية، وذلك بعد موافقة المستشارة القضائية للحكومة غالي باهاراف ميارا على طرح ذلك للتصويت.

الملف إلى "الجنائية"

انتقدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (منظمة رسمية) قيام الجيش الإسرائيلي بإعدامات ميدانية لمدنيين في مناطق شمال القطاع، وذكرت أن جزءاً من هذه الإعدامات حصل في مدرسة حلب في بيت لاهيا، ومدرسة شادية أبو غزالة في جباليا، وفي مبنى العودة السكني بحي الرمال، وجميعهم في شمال غزة.

يقول وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، "الإعدامات الميدانية التي تنفذها إسرائيل تعبر عن تصرف عصابات وليس دولة تدعي الديمقراطية، هذا قتل خارج القانون، ونحن سنحمل الملف إلى المحاكم الدولية، كما يجب تشكيل لجنة تحقيق أممية لمتابعة هذه الإعدامات باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

في المقابل لم ترد إسرائيل بشكل واضح على الإعدامات الميدانية، لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري ذكر أنهم فتحوا تحقيقاً مع أحد الجنود يشتبه بأنه أطلق النار على فلسطيني كان الجيش يحتجزه في قطاع غزة وأرداه قتيلاً.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات