Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الملتقى المغربي يحتفي بالرواية الفلسطينية والصوفية

مأساة غزة حضرت في الندوات ونقاش حول العلاقة بين السرد والتصوف واهتمام بالأدب الأمازيغي

لوحة للروائي غسان كنفاني عن النزوح الفلسطيني (مؤسسة كنفاني)

ملخص

مأساة غزة حضرت في الندوات ونقاش حول العلاقة بين السرد والتصوف واهتمام بالأدب الأمازيغي

لم يشأ ملتقى الرواية في المغرب، في دورته الثامنة التي اختتمت مساء أول من أمس في مدينة أغادير، أن يفتح أي نقاش حول هذا النوع الأدبي في العالم العربي من دون التوقف عند راهن الوضع الفلسطيني. لم يتعلق الأمر بالإشارات الرمزية فقط ذات الطابع التضامني والكلمات التي تعبّر عن قيم التآزر والتعاطف مع الشعب الفلسطيني في محنته. بل امتد تفاعل ملتقى الرواية إلى مساحات أوسع، عبر استدعاء أسماء فلسطينية للمشاركة في الملتقى، وعبر اختيار الروائي الفلسطيني ربعي المدهون من أجل تكريمه في الدورة الراهنة لملتقى الرواية في أغادير، مع الروائي المغربي عبد الإله بن عرفة. وإذا كان ربعي المدهون يمثل الأدب الفلسطيني المعاصر بما يحمله من قضايا متشابكة، فإن عبد الإله بن عرفة هو رمز للرواية الصوفية أو "العرفانية" كما يسميها. وهي تجربة تدعو إلى الانتباه إلى الحاجة الروحية، والتخفف من المشاغل المادية التي تسحب إنسان العصر إلى متاهات غير منتهية، وتسلبه إنسانيته.

بدا ربعي المدهون متأثراً، وهو يتحدث عن تجربته الأدبية خلال حفلة الافتتاح، واستحضر جراح الماضي والمستقبل، وأكد أهمية الرواية في مسلسل الصمود الفلسطيني. اختنق صوت ربعي المدهون وسالت دموعه وهو يتحدث عن الكتّاب الذين قضوا تحت الأنقاض، مشيراً إلى أن هذه الحرب التي تشنها إسرائيل لا مثيل لها، وأن هدفها التهجير والتطهير العرقي. وقد أهدى هذا التكريم إلى الروائيين والكتّاب في غزة الذين يتعرضون للقتل والتشريد.

وأشاد المدهون بتعاطف الشارع المغربي مع الشعب الفلسطيني وبحضور فلسطين في قلوب المغاربة، مؤكداً "أن ما تبقى لنا في عالم اليوم هو التشبث بالقيم الإنسانية النبيلة التي يعمل العدو على إبادتها".

ويعتبر ربعي المدهون (مواليد 1945 - عسقلان) أحد الأسماء البارزة في الحياة الثقافية العربية، فهو أول فلسطيني حصل على جائزة البوكر للرواية العربية سنة  1916. قضى طفولته في خان يونس في قطاع غزة، ثم التحق بجامعة الإسكندرية لمواصلة دراساته العليا، غير أنه وجد نفسه مطروداً من الجامعة المصرية بسبب نشاطه السياسي. عاش المدهون حياة المنفى في عدد من البلدان العربية والأجنبية إلى أن استقر به المقام في لندن لفترة طويلة، قبل أن ينتقل إلى أسبانيا حيث يعيش الآن. بدأ نشر مؤلفاته القصصية والروائية منذ أواخر السبعينيات، ومعظم أعماله تنهل من تجربته في الحياة، وتتناول المعاناة الفلسطينية: "أبله خان يونس"، "السيدة من تل أبييب"، "طعم الفراق، ثلاثة أجيال فلسطينية في ذاكرة"، "مصائر: كونشترو الهولوكست والنكبة"، "سوبر نميمة".

نظم الملتقى ندوة حول الرواية الفلسطينية شارك فيها إلى جانب ربعي المدهون الكاتبة الفلسطينية منى ظاهر والناشر الفلسطيني خالد سليمان الناصري، وطغت أحداث غزة على النقاش، وتفاعل الجمهور مع مجريات اللقاء بالكثير من التعاطف. وناقشت الندوة تحولات الكتابة الروائية في فلسطين، ووظيفة هذا اللون الأدبي في نقل تفاصيل المعاناة إلى القرّاء في الخارج، ووظيفة الأدب في ممارسة الاحتجاج ومقاومة كل أساليب المحو والإلغاء.

الحاجة إلى الأدب الروحي

اسضاف الملتقى أسماء عربية معروفة في حقل الرواية كتابة ونقداً، كالمصري وائل فاروق والمغربي يوسف توفيق والمصرية صفاء النجار والمغربي صالح آيت صالح والمصري محمد رفيع وغيرهم. واختار تيمة جديدة، غير متداولة في النقاش الثقافي المغربي: الرواية والخطاب الصوفي، شارك فيها باحثون ونقاد يمثلون عدداً من الجامعات المغربية، من بينهم أحمد بوزيد ورشيد جدال وسعيد أوعبو وسعيد الفلاق وهشام موسوي وعبد العاطي الزياني ومحمد بوشيخة وسعيدة بوحسينة وفاطمة فرس وجامع هرباط، وناقشت جلسات ندوة الرواية والخطاب الصوفي أعمالاً أدبية لروائيين مغاربة وعرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تطرقت الندوة إلى العلاقة بين سلطة التاريخ وسلطة التخييل في الرواية العرفانية، وأصناف الرواية الصوفية وخصائصها، وتمازج الفكر والإبداع في هذا النوع من الكتابة. وقدم الباحثون نماذج تطبيقية عبر تفكيك عدد من الروايات العربية التي أطرتها التجربة الصوفية، مثل "ثورة المريدين" للمغربي سعيد بنسعيد العلوي،  و"الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" للجزائري الطاهر وطار، و"واحة تينونة" للمغربي أحمد التوفيق، و"موت صغير" للسعودي محمد حسين علوان، و"سدوم" للمغربي عبد الحميد شوقي"، وروايتي "الجنيد" و"خناثة" للمحتفى به عبد الإله بن عرفة.

وقد خصصت هذه الدورة فقرة "شعراء في ضيافة الرواية" للشعر الأمازيغي شارك فيها محمد واكرار ومحمد تايشينت ولحسن باكريم. وشهدت هذه الجلسة، فضلاً عن القراءات الشعرية، نقاشا غزيرا حول راهن الشعر المكتوب بالأمازيغية، وأشكال تداوله وما يعرفه من إكراهات النشر والحضور.

وفي تصريح خاص ب"اندبندنت" عربية أكد مدير الملتقى عبد العزيز الراشدي أن اختيار الرواية الفلسطينية محوراً للملتقى جاء تزامناً مع أحداث غزة، على اعتبار أن الأدب هو أحد أشكال الترافع على القضايا الإنسانية، وأن الهدف كان هو تعميق علاقة القارئ المغربي بالأدب الفلسطيني الراهن، فضلاً عن ترسيخ قيم التضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته. وأضاف الراشدي: "فضلاً عن الاحتفاء بالرواية الفلسطينية وتركيز النقاش على الصوفية في الخطاب الروائي المعاصر والحاجة إلى الأدب الروحي في خضم حياة مادية طاغية، راهنّا على الاهتمام بالكتّاب الشباب وتحفيزهم على المضي في طريق الكتابة بهمة متجددة، فقد أحدثنا جائزة تشجيعية لهم. ونحن نؤمن بضرورة حوار الأجيال، الذي يقطع مع كل صراع متوهم، وينتصر للتفاعل الخلاق والتلاقح الإيجابي".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة