حين تتجلى شخصية والت ديزني الحقيقية في "ويش"

تذهب شركة الترفيه العملاقة (ديزني) في رحلة بصرية نحو الماضي قبل 100 عام، وتحديداً إلى عام 1923، أي تاريخ تأسيسها وإلى مئات السنين افتراضياً من خلال زمن العمل الحقيقي وهو القرون الوسطى المتأخرة.

تؤكد أحداث "ويش" على قصة حقيقية عانتها "ديزني" بعد وفاة الأب الروحي لها "والت" عام 1966 من خلال حكاية خيالية تدور أحداثها في مملكة "روزا" بطلتها صبية عمرها 17 سنة واسمها "آشا".

تسعى "ديزني" في مئويتها الأولى من خلال فيلم "ويش 2023" للمخرج كريس بك إلى تأكيد أن لا أحد يستحق أن تتحقق أمنيته حالياً أكثر من "والت ديزني" نفسه. وتتمثل أمنية "والت" من خلال العاملين على حماية إرثه، وفي إعادة الشركة العالمية للترفيه إلى مسارها الصحيح، بعد أن حرفتها أطماع أناس آخرين عن وجهتها، بهدف تحويلها إلى إمبراطورية مالية تحكمها الحسابات المادية.

وتذهب شركة الترفيه العملاقة في هذا العمل الكرتوني الطويل، من خلال موازنة بلغت 200 مليون دولار، في رحلة بصرية نحو الماضي قبل 100 عام واقعياً، وتحديداً إلى عام 1923 تاريخ تأسيس الشركة، وإلى مئات السنين افتراضياً من خلال زمن العمل الحقيقي، وهو القرون الوسطى المتأخرة في شبه الجزيرة الإيبيرية، لتسرد لجماهيرها ملخص حكاية حدثت واقعياً وتحدث في كل وقت وحين، وهي حكاية السطو على أمنيات الآخرين وسرقة إنجازاتهم وأحلامهم.

أمنية والت ديزني

تشير أحداث "ويش" إلى قصة حقيقية عانتها "ديزني" بعد وفاة الأب الروحي لها "والت" عام 1966 من خلال حكاية خيالية تدور أحداثها في مملكة "روزا"، إذ قررت الفتاة مواجهة أعتى سلطة غاشمة في ذلك الزمن، وهي سلطة الملك مجنيفيكو من أجل استعادة أمنية جدها الذي بلغ من العمر 100 عام من دون أن تتحقق أمنيته.

ويبث الفيلم رسالة مشفرة من خلال الأغاني والموسيقى والمؤثرات البصرية مفادها بأن "والت ديزني" الحقيقي، مات من دون أن يحقق أمنيته التي تمثلت في خلق عالم واقعي، يكون موازياً تماماً لعالم "ديزني" الخيالي. وهو عالم مثالي وردي، تتساوى فيه كل المخلوقات من بشر وأجناس أخرى في حقها في تحقيق الأحلام.

بعد وفاة الأخوين

تعرضت شركة "ديزني" بعد وفاة الجد والت هو وشقيقه روي (توفي 1971) لمحاولات عديدة لنهب إرث هذه العائلة، الذي يتمثل بمكتبة "ديزني" من الأفلام، أكثر من المال والثروة أو أي شيء آخر.

وبلغ صافي أرباح "ديزني" عام 2018، وفق الموسوعة العلمية الأوروبية 13 مليار دولار، فيما تعرضت الشركة لأعنف محاولات الاستيلاء عليها وفق المصدر ذاته في الفترة بين 1984-2004 ممن سمتهم "ديزني" المغيرين على الشركات، وهم مجموعة من رجال الأعمال الذين حاولوا بعدائية كبيرة الاستيلاء عليها وبيع أصولها.

الجد ومجنيفكو

قبل أن تخوض "آشا" مغامرتها أو حربها ضد الملك غير المتوج مجنيفيكو من أجل تحقيق حلم جدها داخل الفيلم، دارت معركة طاحنة حقيقية بين مجنيفيكو والرجل العجوز جد "آشا"، الذي يمثل شخصية والت ديزني الحقيقية.

فالدجال مجنيفيكو الذي يسرق أحلام الآخرين ما هو إلا رجل الأعمال المعاصر، الذي يفتخر بأناقته وشكله الجذاب ويخفي خلفه صورته الشرسة. وتبلغ كراهية الناس لهذه الشخصية في الواقع لدرجة أن صناع الفيلم حرموا هذا الدجال طوال الفيلم من ارتداء التاج الذي يحدد شخصيته كملك، مع التركيز على محددات شخصيته الحقيقية من خلال إظهار وسامته.

في المقابل ترتدي مايا الملكة ذات الشخصية الخيالية، التي تتميز شخصيتها بالثبات على دور الخير منذ بداية الأحداث حتى نهايتها، تاجاً مميزاً طوال فترة العمل. بدوره يظهر جد "آشا" في صورة الإنسان الساذج البسيط، الذي يرفض أن تتحقق أمنيته إلا بعد أن تتمكن حفيدته، من استعادة أحلام شعب مملكة روزا كلها.

شخصية الأنثى

ركزت "ديزني" كثيراً من خلال "ويش" على شخصية الأنثى الفاعلة والمحاربة من أجل تحقيق أحلامها. فزمن العمل الحقيقي الذي يمكن الاستدلال عليه من خلال الأزياء والأدوات الظاهرة في العمل، ما هو إلا زمن القرون الوسطى المتأخرة (1400-1900م)، فيما المكان - وفق ما أعلن العمل عنه - هو شبه الجزر الإيبيرية وهي منطقة جغرافية شاسعة شملت قديماً إسبانيا وأجزاء من البرتغال والبرازيل وفرنسا، أو ما كان يعرف في تلك الفترة باسم بلاد الأندلس، أو مملكة تاج آرغون التي يشار من خلالها إلى مصطلح الخلافة الإسبانية، التي انتهت من الوجود عام 1715.

وتميز ذلك الزمن بوجود أكثر من نمط لشخصية الأنثى وأهمها الأنثى الأنانية وغير الفاعلة، التي ترغب في التحول إلى امرأة ثرية من خلال قوة الملك الرجل، لذلك لا يتردد مجنيفيكو في تحقيق أمنية أي شخص أناني في مملكته خصوصاً النساء، لأنها لا تهدد عرشه.

النهاية

وبعد حبس الدجال مجنيفيكو والإمساك بزمام الحكم، توجه الملكة مايا أفراد الرعية نحو العمل من أجل تحقيق أحلامهم مبشرة بولادة عصر الآلة، التي يرمز لها عبر طائرة ورقية تمنحها لروبرت، الذي يفكر في صناعة آلة طائرة من أجل إسعاد حبيبته، التي كانت أمنيتها أن تتمكن من الطيران.

بدورها تتردد "آشا" بقبول العصا السحرية، مما يعني أن دور السحر الذي تجسده النجمة ستار في مملكة روزا / روساس الجديدة، هو دور ثانوي، في مقابل العمل والعلم والمعرفة. وأخيراً وبعد تحقق جميع الأمنيات، يبدأ الجد ديزني العزف والغناء على آلته الموسيقية من جديد.