Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران والقضية الفلسطينية: الرؤية والأهداف والأدوات (2)

حاولت توظيفها للتغلغل داخل الأنظمة العربية في المنطقة

لقاء جمع ياسر عرفات بالخميني خلال زيارة إلى طهران (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

ساعد النظام الثيوقراطي في إيران الجماعات الإسلامية الفلسطينية الناشئة كجزء من حملتها لتصدير الثورة.

عملت طهران على ربط الأفكار المرتبطة بالثورة الإيرانية والأيديولوجية الناتجة منها بالقضية الفلسطينية، للاستفادة من كون القضية ترتبط بأطراف عربية سنيّة، ومن ثم رغبة إيران في ترسيخ صورة ذهنية بأنها لا تدعم الحركات الشيعية فقط بل والسنيّة كذلك، لزيادة شعبيتها وسط العالم الإسلامي كمنافس للسعودية ممثلة العالم الإسلامي.

كما أن القضية الفلسطينية ترتبط بالطرف الإسرائيلي والأميركي، وهما المحوران الأساسان اللذان بنى عليهما النظام شرعيته ومقاومته لما سمّاه الإمبريالية الغربية، ومن هنا انعكست أفكار النظام الإيراني على تعامله مع القضية الفلسطينية.

وكجزء من حملتها لتصدير الثورة فقد ساعد النظام الثيوقراطي الجماعات الإسلامية الفلسطينية الناشئة، ولا سيما "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، وأرسل كلاهما ممثلين إلى طهران، إذ دربت طهران كثيراً من المقاتلين الفلسطينيين وزودتهم بجزء كبير من الأسلحة المستخدمة ضد إسرائيل، ومن ثم أصبحت الجماعات الفلسطينية من بين أهم الحلفاء السنّة لإيران.

مظاهر اهتمام إيران بالقضية الفلسطينية

عملت إيران على نسج علاقة مع القضية الفلسطينية عبر عدد من المظاهر غير المادية، ومنها تخصيص يوم القدس في زمن الخميني ثم إصدار كتاب علي خامنئي عن قضية فلسطين.

يوم القدس

وقد تأسس "يوم القدس" من قبل إيران عام 1979، وحينها أعلن الخميني تحديد الجمعة الأخيرة من شهر رمضان "يوم القدس" الذي يعبر عن التطلع إلى تدمير إسرائيل، داعياً المسلمين وحكوماتهم إلى إقامة مراسم تضامن مع النضال الفلسطيني، كما حاولت إيران توظيف القضية الفلسطينية للتغلغل داخل الأنظمة العربية في المنطقة، إلى جانب تعزيز الضغط العسكري على إسرائيل من خلال رعايتها المنظمات المسلحة، وهكذا أصبحت القضية الفلسطينية بشكل عام و"يوم القدس" بخاصة أداة مهمة لطهران، لتعزيز شرعيتها في المجالين العربي والإسلامي في الشرق الأوسط، إذ أصبح "يوم القدس" أداة لإضفاء الشرعية.

وعمل الخميني على التأكيد أن "يوم القدس" لا يقتصر على القضية الفلسطينية وحدها، بل هو يوم انتفاضة الشعوب المضطهدة ضد المستكبرين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلفائها، وبذلك أشار إلى أن الجوهر الحقيقي لـ "يوم القدس" كونه أداة توسيع نفوذ إيران في الدول الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشكل "يوم القدس" مرتكزاً رئيساً في إيران، ويتميز بمواكب تقام في مدن مختلفة أبرزها طهران، حيث يلقى الخطاب الرئيس لهذا اليوم وتعكس الشعارات في المسيرات القيم الأساس التي يسعى النظام إلى نقلها، وأبرزها الطاعة المطلقة لخامنئي والرغبة في تدمير إسرائيل ومعارضة الولايات المتحدة.

وعادة ما تنطلق المواكب من المساجد بعد صلاة الجمعة، والمحور الرئيس للخطب التي يلقيها مسؤولو النظام هو دعوة حكومات وشعوب المنطقة إلى إنشاء كتلة إسلامية بقيادة إيران ضد إسرائيل، وكذلك يوظف النظام المشاركة في احتفالات هذا اليوم على اعتبار أنه دليل إضافي على الشرعية الداخلية له، ولذلك يبذل جهوداً لحشد الجماهير.

العلاقة مع الفصائل الفلسطينية المختلفة

وذات مرة صرح علي خامنئي بأن إيران ستواصل دعم تنظيمات المقاومة على رغم الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إثر العقوبات وأزمة كورونا، كما اعتاد خامنئي دعوة التنظيمات المسلحة الفلسطينية المدعومة من إيران إلى تكثيف تعاونها، مما يعكس أولويات النظام.

وابتكرت إيران أخيراً ما سمته "وحدة الساحات"، بما يعني إشعال المواجهات بتحريك التنظيمات المسلحة في كل من سوريا والعراق وفلسطين واليمن حال وجهت طهران بذلك.

منظمة التحرير الفلسطينية

وعلى رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية دعمت الثورة الإيرانية عام 1979 حين ترأس ياسر عرفات وفداً مؤلفاً من 58 عضواً إلى طهران، وجرى تسليم مفاتيح السفارة الإسرائيلية السابقة إلى المنظمة وتغيير اسم الطريق أمام السفارة إلى شارع فلسطين، وسافر عرفات في جميع أنحاء إيران لإنشاء مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لأنها تعاملت مع الصراع الإسرائيلي من منطلق قومي عروبي، فقد ناقض ذلك المصلحة الإيرانية في إضفاء الصبغة الإسلامية على القضية.

ولم يرحب الخميني بعرفات خلال اجتماعهما عام 1979، بل وانتقد منظمة التحرير الفلسطينية بسبب أجندتها القومية والعربية، وطلب من عرفات أن يضع نموذجاً لمنظمة التحرير الفلسطينية على مبادئ الثورة الإسلامية، وهو ما رفضه حينها ولم يلتق الخميني وعرفات مرة أخرى.

وكذلك تدهورت العلاقات بين إيران ومنظمة التحرير الفلسطينية بصورة أكبر عندما اتخذ عرفات موقف معظم الدول العربية ودعم العراق خلال حربه مع إيران من عام 1980وحتى 1988.

ليس هذا فحسب، بل دانت إيران "تحركات عرفات" بعد أن دعا إلى محادثات سلام مع إسرائيل وانخراطه في "مسار أوسلو" برعاية أميركية. كما عارضت طهران عملية السلام في الشرق الأوسط بشكل عام خلال ما عرف بفترة الإصلاح الاقتصادي الإيراني أثناء حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997- 2005).

وأشار خاتمي إلى أن طهران قد تقبل أي قرار تتبناه الغالبية الفلسطينية، ولكن هذا الموقف لم يستمر مما يفسر التغير في الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية ورغبة طهران في تحسين علاقتها بالدول العربية حينها والغرب لتحقيق انفراجات اقتصادية، وبالتالي كان على حكومة خاتمي تجنب الصدام مع الرؤية العربية والأميركية لحل القضية الفلسطينية، وألا تبدو طهران المعوق أمام علمية السلام في الشرق الأوسط.

ولم يزر عرفات إيران مرة أخرى حتى عام 1997 عندما استضافت طهران منظمة المؤتمر الإسلامي، وحافظت منظمة التحرير الفلسطينية على وجود دبلوماسي في طهران، لكن الأخيرة لم تساعد منظمة التحرير الفلسطينية حتى عام 2000.

وعندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 بعد انهيار محادثات السلام في الشرق الأوسط، ومن أجل دعم الانتفاضة وزيادة الضغط على إسرائيل، أطلق عرفات نشطاء "حماس" و"الجهاد الإسلامي" المحتجزين لدى السلطة الفلسطينية، وأشادت إيران بعرفات وحركة "فتح" لمقاومتهما.

وفي عام 2001 استضافت إيران مؤتمراً ثانياً بعنوان "دعم الانتفاضة الفلسطينية" حضره برلمانيون فلسطينيون وممثلون عن "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، فيما أشاد خامنئي بالانتفاضة وقدرتها على استعادة الوحدة الفلسطينية.

المزيد من تحلیل