Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واشنطن تسير بإجراءات غير عادية لتزويد إسرائيل بأسلحة إضافية

يشير خبراء أمنيون إلى أن إدارة بايدن لم ترفض أي طلب من تل أبيب ولم ينظر في أي قطع للمساعدات العسكرية أو التلويح باستخدامها

فعّلت الإدارة الأميركية إعلان الطوارئ لتسريع بيع قذائف الدبابات لإسرائيل (أ ف ب)

ملخص

يقول مسؤولون أميركيون إنه من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كان سلوك إسرائيل يتوافق مع قوانين الحرب

ف وقت اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فيه خطوة غير عادية بتفعيل إعلان الطوارئ لتسريع بيع قذائف الدبابات لإسرائيل، متجاوزة عملية مراجعة الكونغرس المطلوبة لمبيعات الأسلحة إلى الدول الأجنبية، واجهت الإدارة ضغوطاً داخلية لتكثيف التدقيق في عمليات نقل الأسلحة، التي كان من المفترض ألا تتم عندما ترى الحكومة الأميركية أن هناك انتهاكات للقانون الدولي، فما طبيعة الجدل القائم في واشنطن حول هذه القضية؟ وهل يمكن أن تسفر الضغوط عن أي تغيير؟

تناقض صارخ

على رغم أن الإدارة الأميركية أنشأت نظاماً جديداً في وزارة الدفاع "البنتاغون" للحد من الوفيات بين المدنيين خلال العمليات العسكرية الأميركية، وأطلقت مبادرة منفصلة في وزارة الخارجية لتتبع الأضرار التي يسببها حلفاء الولايات المتحدة الذين يستخدمون الأسلحة الأميركية، فضلاً عن مصادقة الولايات المتحدة العام الماضي على إعلان عالمي يهدف إلى الحد من استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية، إلا أن ذلك لم يكن على ما يبدو محل اعتبار أثناء تزويد الإدارة نفسها للأسلحة والذخائر الأميركية إلى إسرائيل، وهو ما يضعها في محل تناقض صارخ بالنسبة إلى تسليحها المتوصل لإسرائيل، وفقاً للمنتقدين ومن بينهم عدد من الديمقراطيين.

وتواجه إدارة بايدن ضغوطاً متزايدة في شأن تزويدها حكومة بنيامين نتنياهو بأسلحة قوية، في وقت ارتفع فيه عدد القتلى في غزة إلى نحو 18 ألف شخص، 40 في المئة من الأطفال، وفقاً لوزارة الصحة في غزة، مما يعمق التساؤلات حول ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة، باعتبارها الداعم العسكري الرئيس لإسرائيل، بذل مزيد من الجهد لضمان سلامة المدنيين بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

ليست كإدارة ريغان

وعلى عكس إدارة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، التي علقت شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب مخاوف في شأن استخدام الذخائر العنقودية الأميركية خلال غزوها لبنان المجاور في ثمانينيات القرن الماضي، مضت إدارة بايدن قدماً في عملية بيع لإسرائيل مكونة من 13 ألف طلقة من ذخيرة الدبابات تزيد قيمتها عن 106 ملايين دولار، متجاوزة بذلك عملية مراجعة الكونغرس المطلوبة لمبيعات الأسلحة إلى الدول الأجنبية ضمن صلاحيات الطوارئ للمرة الأولى من نوعها منذ هجوم "حركة حماس" على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على رغم أن الكونغرس لم ينته بعد من مراجعة غير رسمية لطلبية أكبر من إسرائيل للحصول على قذائف الدبابات.

لكن بينما استخدمت وزارة الخارجية الأميركية شرط الطوارئ مرات عدة منذ عام 2022 لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا كي تدافع عن نفسها ضد روسيا، ولم تعتبر تلك الشحنات مثيرة للجدل لأن المشرعين والمواطنين الأميركيين كانوا يؤيدون بأغلبية ساحقة إرسال مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، إلا أنه في حال الحرب بين إسرائيل وغزة، كانت هناك إدانة متزايدة في الولايات المتحدة وخارجها للطريقة التي تنفذ بها إسرائيل هجومها. ومن المؤكد أن عملية البيع ستثير أيضاً غضب الدول العربية التي تنتقد بشدة إدارة بايدن، لمنعها الجهود الدولية للضغط على إسرائيل من أجل وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".

تجاهل إدارة بايدن

غير أن السؤال حول مدى قدرة الضغوط في الداخل الأميركي على إحداث تأثير على الإدارة الأميركية يظل بلا إجابة واضحة حتى الآن، إذ تعمل جماعات حقوق الإنسان، إلى جانب كتلة متنامية من داخل الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه الرئيس بايدن، على تكثيف عمليات التدقيق في تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، الذي شمل عشرات الآلاف من القنابل خلال العمليات الإسرائيلية للتخلص من "حماس" بعد هجومها على البلدات الجنوبية في غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي قلب النقاش، تبرز قضية القواعد الخاصة بتسليح الدول الأجنبية ومدى التزام الدول التي تستخدم هذه الأسلحة بالقواعد والضوابط التي حددتها واشنطن. ففي وقت يسعى الرئيس بايدن وإدارته للحصول على أكثر من 14 مليار دولار كمساعدات عسكرية إضافية لعملية إسرائيل في غزة، تثار تساؤلات حول قواعد الإدارة الخاصة بتسليح الدول الأجنبية، التي تشير إلى أن عمليات نقل الأسلحة يجب ألا تتم عندما ترى الحكومة الأميركية أن هناك انتهاكات للقانون الدولي.

لكن يبدو أن إدارة بايدن أقل احتمالاً من أن تطبق هذه القواعد على إسرائيل التي تعد أقرب حلفاء الولايات المتحدة، إذ يشير مسؤولو الإدارة خلال وصفهم لنهجهم في التعامل مع هذه المبادئ التوجيهية، إلى أنهم أجروا مناقشات مكثفة مع نظرائهم الإسرائيليين للتأكد من فهمهم للالتزامات الخاصة بالقانون الإنساني الدولي.

أسباب النكوص

ومع ذلك يفسر المسؤولون الأميركيون أسباب الإحجام عن تطبيق القواعد بأن الولايات المتحدة لا تجري تقييمات فورية لمدى التزام إسرائيل بقوانين الحرب، ويبررون ذلك بأن الإدارة غير قادرة على إجراء تقييم في الوقت الراهن لمدى امتثال إسرائيل، لأن المسؤولين لا يستطيعون الوصول إلى المعلومات الاستخبارية التي تستخدمها القوات الإسرائيلية للتخطيط لعملياتها أو لما يعتزم القادة العسكريون القيام به، وأن ما يمكنهم القيام به بشكل عملي ولكن بحزم، هو الحديث عن الإطار والمبادئ القانونية، والمعايير الدولية التي تحكم الصراع.

وفي بعض الحالات، طرح مسؤولو الإدارة أسئلة محددة على الإسرائيليين، كما فعلوا بعد غارة أكتوبر التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص في مخيم جباليا للاجئين. وفي مثل هذه الحالات، تبادل المسؤولون الإسرائيليون المعلومات حول استهدافهم والتحليل القانوني له، مما يؤكد استنتاج المسؤولين الأميركيين بأن إسرائيل تشاركهم فهمهم لالتزاماتها، وفقاً لما ذكره مسؤول كبير في إدارة بايدن لصحيفة "واشنطن بوست".

معضلة متفاقمة

لكن بعض الخبراء القانونيين مثل بريان فينوكين، المحامي السابق في وزارة الخارجية الذي يعمل الآن كمستشار في مجموعة الأزمات الدولية، يعتبرون أن هذه المناقشات يجب أن يتبعها مراقبة أكثر نشاطاً لما يحدث مع الأسلحة الأميركية قبل توفير أسلحة إضافية، لأنه حتى لو اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على القواعد نفسها المتعلقة بسير الحرب والاستهداف، فإن ذلك لا يزال يترك السؤال مفتوحاً حول كيفية تفسير هذه القواعد.

ويمثل الوضع معضلة متفاقمة لبايدن، الذي تعهد بتقديم الدعم المطلق لأمن إسرائيل، لكنه وعد كذلك بوضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية الأميركية. وتساءلت آني شيل مديرة مركز حماية المدنيين في الصراع، وهو مؤسسة حقوقية أميركية، عن كيفية تحقيق موقف بايدن لهدفه المعلن المتمثل في حماية سكان غزة الأبرياء، وأشارت إلى تناقض المسؤولين الأميركيين حينما يتحدثون عن ضرورة أن تفعل إسرائيل مزيداً لحماية المدنيين، بينما من ناحية أخرى يقدمون شيكاً على بياض من دون شروط، لكيفية استخدام إسرائيل للمساعدات العسكرية الأميركية، قائلة: أين النفوذ في ذلك؟

ضغوط في الكونغرس

وخلال الأسبوع الماضي، شجب خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ في رسالة إلى الرئيس بايدن "المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحملة الإسرائيلية في غزة"، لكنهم دانوا هجوم "حماس" على إسرائيل، وأوضح الأعضاء الخمسة، وهم السيناتور إليزابيث وارين وجيف ميركلي وبيرني ساندرز وتيم كين ومارتن هاينريش، أن خطر انتهاك القانون الدولي ومعايير الولايات المتحدة يتزايد مع استخدام مع الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان. كما اشتكى المشرعون أيضاً من افتقار الإدارة للشفافية في شأن الأسلحة المقدمة لإسرائيل، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع الشفافية التي اتبعتها الإدارة في كشفها حساب المساعدات لأوكرانيا.

وكانت إليزابيث وارن أكثر وضوحاً خلال مقابلة تلفزيونية حين قالت إن الحكومة الأميركية ملزمة بربط المساعدة لإسرائيل بالامتثال للقوانين الأميركية والعالمية، وأنه من المهم للغاية أن تتابع واشنطن في الوقت الفعلي ما إذا كان الذين يتلقون مساعدات أميركية يقومون في الواقع بحماية أرواح المدنيين.

هل من تأثير؟

قليل من المراقبين في واشنطن يرون أي تأثير واقعي لنداءات العدد القليل من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الذين يضغطون على البيت الأبيض. فقد تعهد بايدن بتقديم دعم غير مشروط لأقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، الذي ظل على مدى عقود يحتل المرتبة الأولى في قائمة المستفيدين من المساعدات الأمنية الأميركية، ولا تزال إدارته تتخذ خطوات غير عادية آخرها تفعيل إعلان الطوارئ لتسريع بيع قذائف الدبابات لإسرائيل على رغم المخاوف المتزايدة في الكونغرس.

ولا شك أن الأسلحة الأميركية الصنع لعبت دوراً مركزياً في الحرب، وخلال شهر ونصف شهر، أسقطت إسرائيل أكثر من 22 ألف قنبلة موجهة وغير موجهة على غزة زودتها بها واشنطن، ووفقاً لأرقام استخبارية قدمت إلى الكونغرس ولم يتم الكشف عنها سابقاً، نقلت الولايات المتحدة خلال هذه الفترة ما لا يقل عن 15 ألف قنبلة، بما في ذلك 2000 رطل من القنابل الخارقة للتحصينات، وأكثر من 50 ألف قذيفة مدفعية عيار 155 ملم.

وعلى رغم هذه المساعدات الضخمة المستمرة، يعترف المسؤولون الأميركيون علناً أنه من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كان سلوك إسرائيل يتوافق مع قوانين الحرب، وأن الإدارة تقوم بجمع المعلومات لضمان عدم استخدام المساعدات الأميركية بطرق تنتهك قوانين الولايات المتحدة، وهي عملية يمكن أن تستمر إلى ما بعد انتهاء فترة الصراع الحالي.

تطور محتمل

ويشير خبراء أمنيون إلى أن إدارة بايدن لم ترفض أي طلب من إسرائيل، ولم يتم النظر في أي قطع للمساعدات العسكرية أو التلويح باستخدامها، ويعود السبب وراء ذلك لأن الإدارة تعتقد أن بإمكانها التأثير بشكل أفضل على معاملة إسرائيل للمدنيين إذا حافظت الولايات المتحدة على دعمها القوي لتل أبيب.

ومع ذلك حذر مسؤولون في إدارة بايدن من أن وجهة نظر البيت الأبيض قد تتطور مع استمرار الصراع، إذ لا توجد إجابة نهائية عما إذا كانت الإدارة ستغير نهجها، فيما بررت نائبة مساعد وزير الخارجية المسؤولة عن عمليات نقل الأسلحة ميرا رينسك موقف إدارتها بأن الوضع الراهن مليء بالتحديات بوجود ضباب الحرب، ووسط تحديات أمام الإدارة للحصول على المعلومات الصحيحة، وأشارت إلى عدم توافر معلومات تشير إلى تجاوز قد  يغير نهج الإدارة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير