Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تجنيد" لبنان في حرب البعد الآخر لـ"وحدة الساحات"

لم تكن "حماس" بحاجة إلى اتفاق مع بيروت للقيام بعمليات عبر الجنوب وإطلاق "طلائع طوفان الأقصى"

البلد مستباح من حرب غزة وما تتخوف منه أكثرية اللبنانيين هو البعد الآخر لوحدة الساحات (أ ف ب)

ملخص

مرحباً "يونيفيل" و1701 ورفض أكثرية اللبنانيين لربط لبنان بحرب غزة و"محور المقاومة"

لبنان يبدو اليوم كأنه من جديد في ستينيات القرن الـ20، ولكن في ظروف خارجية بالغة الخطورة وأوضاع داخلية بالغة السوء. وليس إعلان "حماس - لبنان" إطلاق "طلائع طوفان الأقصى"، وسط حرب غزة وفتح جبهة الجنوب لمساندة "حماس" سوى عامل يضاف إلى عوامل عدة في تذكير اللبنانيين بأن "تجنيد" لبنان في حرب الفصائل الفلسطينية أمر مستمر. فلا هو انتهى، كما تصوروا بإخراج ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية منه بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ثم إلغاء "اتفاق القاهرة" والتوصل إلى "اتفاق الطائف" الذي أوقف حرب لبنان. ولا تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي على يد "المقاومة الإسلامية" بقيادة "حزب الله"، التي أخذت مكان المقاومة الوطنية، أنهى دور "حزب الله" العسكري. وهو دور أتاح له السيطرة على مفاصل السلطة في البلد، وتجاوز الاستعداد لمواجهة أي خطر إسرائيلي إلى لعب دور عسكري وأمني إقليمي في حرب سوريا وحرب اليمن وصراعات العراق. فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن ليس كما قال كارل ماركس في الرد على هيغل الذي قال: "إن جميع الأحداث والشخصيات العظيمة في تاريخ العالم تظهر مرتين". ماركس أعاد التذكير بوقائع تاريخية وشخصيات، ليقول إن هيغل نسي أن يضيف: "المرة الأولى كمأساة والمرة الثانية كمسخرة". أما في لبنان فإن المرة الأولى كمأساة، والمرة الثانية كمأساة أكبر.

في مطلع العام الجديد عام 1965، أعلنت حركة "فتح" القيام بعملية من لبنان ضد العدو الإسرائيلي في بداية مرحلة من "الكفاح المسلح لتحرير فلسطين"، يومها كانت دمشق تدعم "فتح" قبل خلاف معها وصل إلى صدامات عسكرية. أما القاهرة فإنها كانت كثيرة الشكوك فيها، لا بل إن الفريق أول علي علي عامر قائد القيادة العربية المشتركة أرسل في تلك الفترة رسالة إلى رؤساء الأركان في الجيوش العربية تحت بند "سري جداً جداً". جاء فيها حرفياً: "إن حركة فتح حركة عميلة لحلف السنتو، وهدفها توريط العرب في حرب غير متكافئة مع إسرائيل". لكن مصر عدلت موقفها بعد هزيمة 1967 ورعت "فتح"، وتولى الرئيس جمال عبدالناصر تقديم ياسر عرفات إلى القادة السوفيات. ومهما يكن، فإن الكفاح الفلسطيني من لبنان فشل في تحرير شبر من فلسطين، لكنه نجح في جر لبنان إلى حرب طويلة دمرت دولته. في تلك الأيام، كان في لبنان اقتصاد جيد، وحركة وطنية قوية، وشبه دولة، بحيث كان على منظمة التحرير عقد "اتفاق القاهرة" معها برعاية عبدالناصر لكي تملك حرية التحرك في "فتح لاند"، قبل التحكم بالبلد وتمركز كل المنظمات الفلسطينية فيه بعد "أيلول الأسود" في الأردن.

اليوم لم تكن حركة "حماس" في حاجة إلى اتفاق مع السلطة اللبنانية للقيام بعمليات عبر الجنوب وإطلاق "طلائع طوفان الأقصى". فالدولة في فراغ لا فقط بلا رأس في الشغور. الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية عميقة. و"حزب الله" يتصرف كأنه صاحب الأرض، فيقرر هو، لا فقط فتح جبهة "ضغط ومساندة" ضمن" وحدة الساحات"، بل أيضاً إدخال "حماس والجهاد الإسلامي" إلى الجنوب للقيام بعمليات ضد إسرائيل. ومرحباً "يونيفيل" و1701 ورفض أكثرية اللبنانيين لربط لبنان بحرب غزة و"محور المقاومة"، فالبلد مستباح من حرب غزة، وما تتخوف منه أكثرية اللبنانيين هو البعد الآخر لوحدة الساحات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ذلك أن الظاهر هو التركيز على التضامن والتعاون بين الساحات، بعدما أكدت الوقائع خلال حرب غزة أن الكلام على دخول كل الساحات في حرب شاملة مع ساحة غزة كان تصوراً خيالياً أو مجرد مبالغات. أما البعد الآخر الذي يمكن أن يتبلور عبر مقدمات حالية، فإنه "التكامل" بين الساحات، كيف؟ بمعنى أن المقاتلين في أية ساحة يمكن أن ينتقلوا للعمل على ساحة أخرى هي على الأرجح "الساحة" اللبنانية التي بلا سياج.

هكذا حدث بعد إخراج المنظمات في الأردن عام 1970، بحيث تجمعت قياداتها وعناصرها في الوطن الصغير وتحكمت به. وهذا ما يمكن أن يحدث بعد حرب غزة، سواء أدى ضغط آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة إلى أن تصبح بيروت مقر قيادات "حماس والجهاد الإسلامي"، أو فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، بحيث تبدأ قوى "محور المقاومة" وفي طليعتها "حزب الله" و"حماس" مرحلة طويلة من تحرير فلسطين بالمقاومة، في حين أن القمة العربية والإسلامية في الرياض كررت ما كرسته القمة العربية في بيروت عام 2002، وهو أن "السلام خيار استراتيجي". وتكرار التجربة سيقود إلى تكرار النتائج: تدمير لبنان "المجند" في حرب تحرير مسارها معاكس للمسار العربي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل