Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمنيات اليمنيين محاصرة بمأساة لا أفق لنهايتها

يخشى غالبية السكان من انسداد حل الأزمة التي طالت معاناتها

نحو المدى تتسمر نظرات الصغار في اليمن بانتظار قدوم نبأ انتهاء الحرب (ا ف ب)

ملخص

كيف تلاشت آمال اليمنيين إلى الاكتفاء بالقليل من الغذاء والأمن ؟

يعيش اليمنيون بين عام مضى من عمرهم المعمد بسنة تاسعة في عداد المكابدة والخوف، وآخر جديد يطرق الأبواب يرجون بأمل يخالطه يأس أن يحمل في ثناياه البشرى لسلام طال انتظاره على أحر من نار الحرب في لهيب سنين الانتظار العجاف.

ومع توالي السنوات واحدة إثر أخرى من دون بارقة ضوء في ظلام الحرب تبشر براحة البال المنتظرة وتشبع البطون الملهوبة بالجوع، بلغ اليأس بقطاع واسع منهم حد الاعتقاد أن بلدهم قد سقط في وهدة الصراع السحيق، الذي يتخذ أشكالاً متعددة راح البعد الطائفي وادعاء "التفويض والاصطفاء الإلهي" يغذي نوازعها ويشحن أوارها فأضحى كالبارود الذي يورثه كل جيل عركته الحرب لمن بعده.

سنين والحال من بعضه

ولعل القاسي في الأمر أن ظلال السنوات التسع القاتمة على كل الصعد السياسية والمعيشية والحقوقية والاقتصادية أفرغت طموحات من نجا وبقي على قيد الحياة من كل مباهج الحياة والرفاه أو طموحات اللحاق بركب الحياة المتطورة، للاكتفاء بالبقاء على قيد الحياة والقليل من زاد يسد رمق الجوع والقليل من الأمن، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم بحسب تصنيف الأمم المتحدة.

في حين دفعت الحال عشرات الآلاف من الشباب للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا والولايات المتحدة بحثاً عن فرص أخرى لحياة كريمة.

إذ تسبب استمرار الصراع الناشئ عن الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران بسلسلة من الأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية والأدوية لمستويات غير مسبوقة لا يقدر جل السكان على مواجهتها بفعل استمرار تدهور قيمة العملة مما "دفع ملايين اليمنيين إلى هاوية الجوع"، وصولاً إلى "مستويات مخيفة من نقص الغذاء إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في الانهيار خلال العام الجديد" بحسب الأمم المتحدة.

وخلال سنوات الحرب، فقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار بفعل انهيار النظام الاقتصادي والمالي في البلاد، مما تسبب بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار وسط عجز غالبية السكان البالغ عددهم الكلي نحو 30 مليون نسمة عن شراء غالبية السلع الغذائية والأساسية ودفعهم إلى هاوية الجوع.

رأفت غلام، من أبناء عدن، موظف حكومي يبلغ من العمر 54 سنة، وأب لأربعة أحدهم طالب جامعي، يقول إن كل ما نتمنى تحقيقه خلال العام المقبل تحسين معيشة الناس من خلال دعم العملة المحلية التي أصبحت لا تساوي شيئاً يذكر أمام الغلاء المعيشي المتواصل الذي لم يسبق له مثيل.

يضيف "وصل سعر كيلو السمك أكثر من ثمانية آلاف وأحياناً 12 ألف ريال (نحو سبعة دولارات) والناس مش لاقية (لا تجد) ما تأكله".

بشيء من الانكسار الذي يصارع عزة النفس، يشكو الحال التي تعانيها غالبية الناس، ويدلل براتبه الحكومي الذي لا يتجاوز سبعين ألفاً (نحو 50 دولاراً) الذي لم يعد يكفي لشراء أقل المتطلبات، خصوصاً أن لديه أطفالاً يحتاجون إلى التعليم وأكبرهم طالب جامعي.

طال الانتظار

يأمل في أن يشهد العام الجديد انفراجة وإن في الجانب المعيشي للمواطنين من خلال "توفير الرواتب من دون انقطاع، ودعم التيار الكهربائي خصوصاً ونحن في مدينة ساحلية مرتفعة الحرارة وأيام الصيف تصل درجة الحرارة فيها إلى 50 درجة مئوية، وإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات العامة وتوفير اللوازم الطبية لمواجهة حاجات الناس بدلاً من المستشفيات الخاصة والتجارية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يأمل "تعزيز الأمن المجتمعي من خلال نقل المعسكرات من داخل المدن إلى خارجها وإنهاء المظاهر المسلحة واستعادة الروح الحضارية لمدينة عدن كنموذج ظل مضرب مثل في التمدن ومنع العشوائيات ونهب أصول الدولة من عقارات ومبان، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة على أساس الكادر المؤهل وليس على أساس المناطقية أو الحزبية، وتفعيل الموارد المالية والاستثمارية خصوصاً ميناء عدن التاريخي".

وعلى رغم عدم تمديد اتفاق الهدنة الإنسانية الذي انتهت برعاية الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر (تشرين الثاني) 2022، فإن هدنة غير معلنة تعيشها البلاد ترجمة للمشاورات السياسية الجارية برعاية إقليمية ودولية تهدف للتوصل إلى سلام دائم، مع أن كل توقعات وتقارير منظمات الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة لوضع اليمن في 2023.

ومما يزيد من خيبة الأمل غياب مؤشرات انفراج للأزمة التي تقابل جهود السلام فيها بتعنت جماعة الحوثي و"طلباتها التي لا تنتهي" وفقاً للحكومة الشرعية، مما سيفاقم الأزمة الإنسانية "التي دفعت نحو 18 مليوناً من السكان إلى هاوية المجاعة" بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يشير إلى معاناة الملايين من اليمنيين جراء تداعيات العنف والأزمة الاقتصادية وتعطل الخدمات العامة.

وقال في تقرير حديث إن الحاجات الإنسانية في اليمن ستظل مرتفعة خلال العام الحالي، باحتياج نحو 21.6 مليون شخص إلى توفير المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية.

موضحاً أن أكثر من 80 في المئة من سكان البلاد يكافحون للحصول على الغذاء ومياه الشرب والخدمات الصحية الكافية، في حين أن ما يقارب 90 في المئة من السكان لا يحصلون على الكهرباء التي توفرها الحكومة.

رحيل المأساة وأيامها

كامرأة يمنية، تأمل الإعلامية صفاء يوسف أن يرحل عام 2023 ومعه أوجه المأساة المركبة التي شهدها اليمن وغيره من البلدان، كتلك الأحداث والتطورات السياسية الدامية التي عصفت بالعالم العربي في السودان وفلسطين وأضافت مزيداً من الحزن والمعاناة.

وترجو أن يحمل العام المقبل الخير والسلام لبلدنا والعالم ووقف المعاناة اليومية، خصوصاً تلك التي تواجهها النساء والأطفال سواء في المدن المكتظة بالنازحين أو مخيمات النزوح التي تفتقر إلى الحد الأدنى من الحاجات الضرورية.

وتختتم "أملنا كبير بعام جديد واعد بالانفراج ينهي كل أوجه الأوجاع التي يعانيها اليمنيون منذ بدء الحرب وحتى اليوم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات