Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقود مطلب إثيوبيا بمنفذ بحري لتوترات في القرن الأفريقي؟

تصريحات قادتها ربطت القضية بخلق تعاون إقليمي ومراقبون أشاروا إلى تمسك أديس أبابا بالقوانين والقرارات الدولية

تصريحات آبي أحمد حول ضرورة إيجاد منفذ بحري لبلاده أثارت مخاوف دول الجوار (أ ف ب)

ملخص

قد يكون الحل لحصول إثيوبيا على ما تريده من منفذ بحري سيادي عبر التمسك بالقوانين والقرارات الدولية

لا تزال تصريحات القيادة الإثيوبية في شأن المنفذ البحري قيد التداول بما أثارته من ردود فعل سياسية وإعلامية، وبما توحي به من نوايا إثيوبيا تجاه أوضاع إقليمية قائمة... فهل تقود هذه التصريحات المنطقة إلى ظروف جديدة؟ وما هي معطياتها وأبعادها على منطقة القرن الأفريقي؟ 

كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قال أمام جمع من الوزراء وقيادات حزبية رفيعة المستوى في أديس أبابا منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن البحر الأحمر بالنسبة إلى إثيوبيا هو مسألة "حياة أو موت"، وإنه حان الوقت لمناقشة الموضوع علناً دون مواربة.

ووفقاً لما نقله موقع "نيلوتيك بوست" الإثيوبي كشف أحمد النقاب عن استعداده لإثارة مطالب بلاده للحصول على منفذ بحري سيادي على البحر الأحمر في المحافل الدولية، مشيراً إلى أن "مسألة الحصول على منفذ بحري بالنسبة إلى بلاده ليست ترفاً"، مضيفاً أن "البحر الأحمر ونهر النيل هما ثنائيان يتوقف عليهما مصير إثيوبيا وجهودها التنموية".

أبعاد سياسية

تصريحات آبي أحمد أخذت أبعاداً سياسية وإقليمية، تجلت في ردود الفعل من السلطات الإريترية التي قالت إنها "لن تدخل في محادثات متعلقة بوصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر"، وفق ما نقلته وكالة "أفريكا نيوز"، لكن إثيوبيا لم تشر إلى جهة بعينها عندما تحدثت عن المنفذ البحري، كما أنها طرحت القضية باعتبارها تحدياً يواجه الطموح التنموي لدولة يزيد عدد سكانها على الـ120 مليوناً. وأشار رئيس الوزراء الإثيوبي، في كلمته أمام مجلس النواب، إلى أن "عديداً من نظريات المؤامرة والتحليلات ظهرت بعد إعلان إثيوبيا السعي إلى الوصول إلى منفذ بحري".

وقال أحمد إن "إثيوبيا لم تطرح سؤالاً غير مناسب أو غير قانوني، وإنها لا تملك رغبة في استخدام العنف ضد الدول المجاورة"، مؤكداً أنه "لا نية لبلاده للتعدي على سيادة أية دولة أو القيام بغزو. وشدد على ضرورة مناقشة هذه القضايا بما يتماشى مع القانون". وأضاف أن "من يربط قضية البحر الأحمر بسيادة إريتريا فهو مخطئ".

خلق تعاون

كانت أهم إشارة في تصريحات القيادة الإثيوبية ربط قضية المنفذ البحري بخلق تعاون إقليمي تتكامل فيه المصالح عبر الإمكانات المتنوعة لدول المنطقة من خلال مشاركات اقتصادية كبرى كالخطوط الجوية الإثيوبية أو سد النهضة الإثيوبي الكبير أو غيرها من الشركات الإثيوبية الناجحة كدعوة لتكامل حقيقي يحفظ وينمي المصالح المختلفة.

وكانت جامعة أديس أبابا قد نظمت في الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري ندوة بمعهد الدراسات الإثيوبية حول "الاستخدام العادل للموانئ من أجل السلام والتنمية المستدامة في القرن الأفريقي"، شارك فيها علماء وخبراء، وسلطت الضوء على ضرورة إعادة النظر في استخدام الموانئ بالقرن الأفريقي، بهدف تعزيز السلام والازدهار المستدام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد رئيس جامعة أديس أبابا صامويل كفلي أهمية الموقع الجيوسياسي والاستراتيجي للقرن الأفريقي، مشدداً على ضرورة استغلال المنطقة لمواردها بشكل متبادل، وبخاصة الموانئ البحرية، وهو الشيء نفسه الذي أكده وزير الدولة بالخارجية الإثيوبية السفير مسغانو أرغا، حيث قال في حديث مع وكالة الأنباء الإثيوبية إن "الوصول إلى البحر يعد مسألة وجودية بالنسبة إلى إثيوبيا غير الساحلية، وستعزز الجهود الدبلوماسية، معتمدة على مبدأ الأخذ والعطاء والمنفعة المتبادلة، لتحقيق الوصول إلى البحر من خلال التفاوض واستخدام وسائل سلمية".

تصريحات الدبلوماسي الإثيوبي وقبلها حديث آبي أحمد ربما تعطي استدلالات وإشارات كافية تجاه نوايا إثيوبيا، ودوافع القيادة تجاه المنفذ البحري، وفي هذا الإطار يقول الكاتب والباحث السياسي موسى شيخو إن الدوافع اقتصادية في المقدمة وسياسية في المرتبة الثانية وتاريخية أيضاً". ويوضح شيخو أن "الدوافع الاقتصادية تتمثل في رغبة إثيوبيا بتلبية حاجات سكانها، فهي أحد أكثر البلدان كثافة من حيث عدد السكان والعدد في ازدياد مطرد، ومن جهة أخرى فإن إثيوبيا تشهد تطوراً في تحسين إنتاجها الزراعي، وكذلك تنتشر المدن الصناعية في غالب الأقاليم والولايات ومنتجاتها تحتاج إلى منفذ بحري سيادي مباشر".

وفي ما إذا كانت تلك التوجهات تجد تعاطفاً أو تأييداً من الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، يقول شيخو إن "دعم الدول الإقليمية سيكون مضموناً لأسباب استراتيجية تتمثل في التكامل الاقتصادي بين دول القرن الأفريقي والارتباط عبر المصالح الاقتصادية والمنافع المتبادلة، وأيضاً هناك أسباب أمنية تجعل دول الجوار تؤيد عودة إثيوبيا إلى منفذ بحري". ويضيف "هناك أيضاً قناعة لدى المجتمع الدولي بأهمية إثيوبيا كدولة ذات ثقل سياسي كونها مقراً للاتحاد الأفريقي ومنظمات دولية وإقليمية أخرى، وأيضاً يعتقد الساسة في إثيوبيا أن حرمان بلادهم من الوصول إلى البحر معناه وقوفها مكتوفة الأيدي تجاه أي صراع على النفوذ في البحر الأحمر وانتشار قواعد ومقار عسكرية لدول كبرى شرقية وغربية".

وعن الحلول المناسبة للاستجابة للرغبة الإثيوبية، يقول الباحث السياسي شيخو إن "الحل لحصول إثيوبيا على ما تريده من منفذ بحري سيادي يكون عبر التمسك بالقوانين والقرارات الدولية والاتفاق السابقة بين إثيوبيا والأمم المتحدة من جهة خلال انسحاب المستعمر الإيطالي، وكذلك توجد اتفاق أخرى بين إثيوبيا وإريتريا خلال استقلال الأخيرة عن إثيوبيا، وتحاشي التصادم قدر الإمكان".

حكمة

من جهته يقول الباحث في الشؤون الدولية محمد حسب الرسول إن "الطرح الإثيوبي يحمل صدقية في الظروف التي تمر بها إثيوبيا وحاجتها الحقيقية إلى ميناء بمواصفات معينة تلبي طموحها الاقتصادي والسياسي كذلك، لكن حقيقة ما تعانيه المنطقة من تحديات وطموحات متباينة لبعض دولها هي التي تقود إلى تفسيرات خاطئة". ويضيف "إثيوبيا لم تطالب بالمنفذ البحري بالأسلوب الآمر، بل طالبت بذلك مع طرح مقرحات نظير إعطائها إياه، حيث طرحت القضية على أساس صفقات وتبادل منافع وتخصيص أسهم في شركات إثيوبية كبرى كالخطوط الإثيوبية وغيرها من شركات حكومية ناجحة، ومن هنا ينبغي النظر للمطلب الإثيوبي وتقييمه".

ويتابع حسب الرسول "الأوضاع السياسية ملتهبة على المستوى الإقليمي والعالمي، وهناك تحركات لبعض القوى وأطماع لأخرى في منطقة القرن الأفريقي، ومن ثم فإن الظرف يحتاج إلى حكمة، وتعامل يقدم المصالح والمشاركات والتعاون الإقليمي والقطري على التنافس، فإذا أحسنت دول كإريتريا الظن وهي الدولة المعنية في المقام الأول بتلبية الطلب الإثيوبي بحكم الجغرافيا والتاريخ، فإن هذا يقود إلى استقرار ونماء تكسبه الدولتان معاً".

المزيد من تقارير