Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"معركة الصور" في غزة... حين تسبق الكاميرا القذيفة

تنافس فلسطيني - إسرائيلي على استقطاب الرأي العام العالمي ومواقع التواصل تعيد تشكيل صراع السرديات 

عنصر الصورة مهم للغاية في المعركة الإعلامية المترافقة مع الحرب في الميدان (غيتي)

ملخص

معركة الصورة بين الفلسطينيين والإسرائيليين... كيف تجري ومن الرابح فيها؟

بكاميرات فوق خوذاتهم، اقتحم مقاتلو حركة "حماس" قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، في دلالة على حرص الحركة على "معركة الصورة" لكسب الرأي العام المحلي والخارجي، فيما استغلت إسرائيل صور ضحايا الهجوم لشن حربها على قطاع غزة من أجل القضاء على الحركة، وفق أهدافها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين أبرزت إسرائيل وضخمت من صور القتلى الإسرائيليين الـ1200 الذين سقطوا في هجوم "حماس"، فإن إعلامها يحجب صور نحو 16 ألف فلسطيني أكثر من ثلثهم من الأطفال سقطوا بفعل الغارات الجوية والقصف البري والبحري الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ نحو شهرين.

ومستغلة هجوم "حماس" على قواعد عسكرية إسرائيلية ومستوطنات في غلاف غزة وما خلفه من قتلى مدنيين إسرائيليين، شنت إسرائيل حملة إعلامية لشيطنة الحركة وتشبيهها بتنظيم "داعش" تارة وبالنازية تارة أخرى بهدف نزع الإنسانية عنها وحشد الدعم الدولي لحربها للقضاء على الحركة نهائياً.

قتال الصور المتحركة

لكن "حماس" تحرص منذ بدء هجومها على تصوير وتوزيع صور عملية "طوفان الأقصى" واجتياز مقاتليها الشريط الحدودي مع إسرائيل واقتحامهم معسكرات الجيش الإسرائيلي والمستوطنات.

 وبهدف رفع معنويات الفلسطينيين تعمل الحركة منذ بدء الهجوم البري الإسرائيلي على تصوير تصدي مقاتليها للدبابات الإسرائيلية في شوارع قطاع غزة وتفجيرها من مسافة الصفر أحياناً.

جاء ذلك تنفيذاً لاستراتيجية اعتمدتها الحركة تقوم على أن كاميرا مقاتلي القسام "تصطاد الجيش الإسرائيلي قبل وأثناء وبعد الاشتباك المسلح".

 

 

منذ الأيام الأولى للحرب تحرص حركة "حماس" على إطلالة مسؤوليها الإعلامية اليومية من غزة، ومن العاصمة اللبنانية بيروت، لاستعراض تفاصيل الحرب على القطاع، إضافة إلى اللقاءات الإعلامية لمسؤولي الحركة.

في المقابل، تطل إسرائيل عبر الناطق باسم جيشها بشكل يومي لاستعراض تفاصيل العملية العسكرية وإنجازاتها، إلى جانب المؤتمرات الصحافية المتكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، والوزير في حكومة الحرب بيني غانتس.

ومع أن متخصصين تحدثت إليهم "اندبندنت عربية" أشاروا إلى أن إسرائيل كسبت "معركة الصورة" في الأيام الأولى لهجوم أكتوبر، لكنهم شددوا على أن الفلسطينيين ربحوا في ما بعد تلك المعركة بسبب "مئات المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة، وحجم الدمار غير المسبوق الذي خلفته".

كاذبون وضحايا

يرى أستاذ الإعلام الجديد في الجامعة العربية الأميركية شادي أبو عياش أن عنصر الصورة مهم للغاية في الحرب الإعلامية التي تترافق مع الحرب الميدانية، "فكل طرف يحاول تقديم صورة من نمطين: الأول هو صورة الضحية التي لها الحق في الدفاع عن نفسها، والثاني هو صورة المنتصر في المعارك الميدانية".

وأوضح أبو عياش أن إسرائيل حاولت في الأيام الأولى لهجوم حركة "حماس" على إسرائيل تشبيه الحركة بتنظيم "داعش"، وربطها في ذهن الرأي العام الغربي بالتنظيم ذي السمعة الدموية الأبشع في العالم.


من هنا جاء تنظيم إسرائيل زيارات للصحافيين إلى مستوطنات غلاف غزة، وفق أبو عياش، للاطلاع على آثار هجوم "حماس"، وإبراز صورة الضحية، ثم عملت في المرحلة الثانية على إظهار إنجازاتها الميدانية في القضاء على الحركة.

يؤكد أبو عياش "إسرائيل نجحت لأسبوع فقط في كسب التعاطف الشعبي العالمي قبل أن تفقد ذلك بعد وصول صور الدمار والمذابح في قطاع غزة إلى الرأي العام العالمي".

 

 

لكنه يشير إلى أن وسائل الإعلام الغربية التقليدية "لم تعد تتحكم في الصورة في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي أفقدت الإعلام التقليدي القدرة على التحكم في ما يراه جمهورها ونشر الصور التي تخدم سرديتها".

سبب ذلك إشكالية لإسرائيل، وفق أبو عياش، ذلك "لأن صور ضحايا الحرب من المدنيين والأطفال انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أسهم في تغيير الرأي العام العالمي لمصلحة الفلسطينيين".

وعن الصور التي بثتها "حماس" أثناء تسليمها الرهائن الإسرائيليين لمنظمة الصليب الأحمر، وظهر خلالها نوع من الود بين الطرفين، شدد أبو عياش على أن ذلك سبب "إشكالية لإسرائيل التي حاولت نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وحركة حماس".

"الصور التي يشاهدها الرأي العام في العالم تحمل قصصاً إنسانية للفلسطينيين مناقضة لما يحاول الإعلام الإسرائيلي تقديمه"، تلك القصص، بحسب أبو عياش، "ستبقى في أذهان العالم في المستقبل".

وأشار إلى أن الرواية الإسرائيلية "تفككت بسبب دور وسائل التواصل الاجتماعي لصالح الرواية الفلسطينية، إذ تم نقل صور معاناة الفلسطينيين في ظل عدم وجود قيود ولو نسبياً على نشر تلك الصور".

وعن الصور التي تنشرها حركة "حماس" خلال معاركها مع الجيش الإسرائيلي، قال أبو عياش إن "الحركة نجحت من خلالها في رفع معنويات الفلسطينيين والعرب والمناصرين للقضية الفلسطينية حول العالم".

سرديات متصارعة

يرى السفير الفلسطيني لدى بريطانيا حسام زملط أن "فظاعة الصور الخارجة من قطاع غزة انتشرت في كل مكان حول العالم على رغم رفض إسرائيل دخول صحافيين إلى القطاع، واقتصار ذلك على مصاحبة الصحافيين الأجانب للقوات الإسرائيلية داخل القطاع".

"الإعلام الغربي تقاعس عن نقل حقيقة ما يجري في غزة"، يقول زملط لـ"اندبندنت عربية"، مشيراً إلى أنه كان "يغطي مناطق حرب أكثر خطراً من قطاع غزة"، لكنه أوضح أن الفلسطينيين العاديين أسهموا بكاميراتهم الشخصية في نقل ما يجري إلى العالم، رافضاً وصف ذلك بـ"نجاح السردية الفلسطينية"، بل في إيصال الحقيقة إلى العالم.

 

 

"هناك مخطط إسرائيلي كبير لقتل الفلسطينيين مرات عدة، مرة عند قتلهم فعلاً، وأخرى عند حجب حقيقة هذا القتل الجماعي، والثالثة عند لومهم على الموت لأنهم إما إرهابيون أو داعمون للإرهاب أو أنهم يستخدمون دروعاً بشرية". يتابع زملط.

لكن السفير الفلسطيني الذي يقود تحركاً في الإعلام الغربي للدفاع عن السردية الفلسطينية، شدد على أن "إسرائيل فشلت في ذلك منذ الأسبوع الأول بفضل الصحافيين في قطاع غزة والناشطين الشباب والخطاب الرسمي الفلسطيني"، مشيراً إلى أن ذلك كله "هشم الخطة الإسرائيلية".

وأضاف زملط أن الرأي العام العالمي بخاصة في بريطانيا وأميركا ودول أوروبية أصبح "أكثر قرباً للسردية الفلسطينية".

لكن المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف أشتيرن أوضح أن إسرائيل بجميع مؤسساتها "منشغلة في السيطرة على صور وتفاصيل ما يجري في وحول قطاع غزة".

وبينما تهتم حركة "حماس" بالرأي العام العربي في المقام الأول ثم الغربي، وفق أشتيرن، فإن إسرائيل تحرص على كسب الرأي العام الغربي.

وأوضح أن إسرائيل كانت حريصة على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بشكل هادئ ومنظم، فيما تصرفت "حماس" خلال تسليمها الأسرى الإسرائيليين بطريقة تسوقها على أنها جزء من الشعب الفلسطيني وبأنها تخدمه، وذلك من خلال حشدها الفلسطينيين خلال عملية التسليم.

وأشار إلى أن حركة "حماس" استخدمت إمكاناتها الإعلامية كلها خلال الهجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر، "لكن ذلك تحول إلى أداة ضدها".

وقال إن "معاناة الشعب الفلسطيني لا تصل إلى الإسرائيليين"، مضيفاً أن "الإعلام الإسرائيلي فشل في أداء دوره، وهو ما يعتبر نقطة ضعف في حقه، فبينما يصل ما يجري في قطاع غزة إلى العالم أجمع، فإنه محظور على الإسرائيليين".

وأوضح أن المسؤولين الإسرائيليين يرون في نقل الصورة من غزة دعماً لـ"حماس"، ذلك لأنها قد تمس بوحدة الشعب الإسرائيلي ودعمه ما يقوم به الجيش في القطاع.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير