Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريحات ترمب الانتخابية مجرد تغطية لنواياه الانتقامية

إحياء الرئيس السابق الدعوة إلى "إلغاء واستبدال" برنامج "أوباما كير" للرعاية الصحية له سمة أساسية واحدة – الثأر

الرئيس السابق دونالد ترمب (رويترز)

ملخص

تصريحات ترمب الانتخابية حول "أوباما كير" وقناة "أن بي سي" تحمل في طياتها رغبة الثأر

هل تذكرون "الإلغاء والاستبدال؟".

على مدى عقد من الزمن تقريباً، كانت تلك العبارة هي شعار عديد من الجمهوريين في العاصمة الأميركية واشنطن، الذين وكلوا أنفسهم مهمة اقتلاع مشروع "أوباما كير" [قانون الرعاية الصحية الأميركي ويعرف باسم أوباما لصدوره في عهده] من جذوره، ذلك المشروع الذي يعد أبرز إنجازات أول رئيس أميركي أسود للجمهورية.

وعندما انتقل دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، مع أغلبيته الجمهورية في مجلسي الكونغرس، للنواب والشيوخ عام 2017، كان بديهياً أن ذلك الهدف كان في المتناول، حتى ولو لم يكن واضحاً تماماً ماذا سيفعل الجمهوريون، فيما يتعلق بجزئية "الاستبدال" من خطتهم.

وبشكل مماثل، لم يكن واضحاً أبداً بنسبة 100 في المئة، ماذا كان اعتراض الجمهوريين على قانون "حماية المرضى وتوفير الرعاية الميسرة مادياً" Patient Protection and Affordable Care Act، بخاصة أن الفكرة من وراء التشريع - أي فرض شراء بوليصة التأمين الصحي من القطاع الخاص، بدلاً من أن يكون هناك برنامج نظام رعاية صحية تديره الحكومة مشابه "لهيئة خدمات الصحة البريطانية" (أن أتش أس) NHS – كان وليد مركز بحوث منحاز للحزب الجمهوري، وكان أول من قام باعتماده حاكم ولاية ماساتشوستس في حينه، ميت رومني، قبل سنوات من قيامه بمنافسة السيد أوباما في سباق انتخابات عام 2012 الرئاسي.

والقصة في هذا الشأن طويلة، ولكن بالمختصر المفيد، لم ير ذلك "الإلغاء" أو "الاستبدال" يوماً النور بعدما كان الجزء المتعلق "بالإلغاء" قد قضى بحركة يد (أو بصيغة أدق بحركة من إصبع) السيناتور الراحل عن ولاية أريزونا جون ماكين خلال تصويت جرى في يوم متأخر من شهر يوليو (تموز) 2017.

لكن حالياً، وبعد أكثر من ست سنوات على قيام بطل زمن حرب فيتنام، الذي تحول إلى بطل أيضاً بالنسبة إلى الديمقراطيين (والأشخاص الذين يقدرون مبدأ توفير نظام تأمين صحي اقتصادي)، يقوم السيد ترمب وبشكل منفرد بإعادة إحياء الحلم الجمهوري المستحيل القديم، الذي كان قد مات منذ مدة طويلة، بالعمل على إنهاء ما كان قد أصبح تشريعاً يحظى بشعبية كبيرة.

يبدو أنه ومن فراغ تام، قام الرئيس السابق بنشر على موقعه "تروث سوشيال"، عن كيفية "خروج كلفة مشروع أوباما كير عن السيطرة"، وأنه "ليس نظام رعاية جيد".

وأضاف ترمب أنه بصدد "النظر وبجدية في البدائل المتوفرة"، مسترجعاً من الماضي ما كان السيد ترمب يقوم في إطلاق الوعود في شأن تحقيقه باستمرار، عن نيته الكشف عن خطته الخاصة بالرعاية الصحية "خلال أسبوعين"، في زمن ولايته الرئاسية (تفصيل يفسد القصة هنا! لم يحدث ذلك أبداً).

ولكن ما دفع ترمب لإعادة إحياء اقتراح سياسي في مجال هناك إجماع واسع على أن الديمقراطيين يتمتعون بصدقية لا جدال فيها من قبل شريحة واسعة من الناخبين؟ ليس لديَّ أدنى فكرة.

هل هو يقترب من اقتراح خطة بديلة بصورة أكبر من وقت توليه الرئاسة؟ لا أعتقد.

لكن ذلك لم يمنع الصحافة من نقل الأخبار حوله بشكل مكثف ومن دون توقف، وكأن السيد ترمب كان يقدم، وببساطة اقتراح مشروع قرار شرعي كأي مرشح طبيعي للرئاسة.

حسناً، عند هذه النقطة يجوز أن تطرحوا سؤالاً: ما الخطب في ذلك؟

يا عزيزي القارئ، سأقول لك ما الخطب. عند هذه النقطة، ليس هناك حقيقة من سبب يدعو إلى تغطية صحافية لأي حدث يشبه اقتراح سياسي يأتي من دونالد ترمب أو من حملته الانتخابية.

بالطبع، لقد قام الرئيس السابق بنشر مجموعة من التصريحات التي ترسم إطاراً لما تطلق عليه حملته الانتخابية "أجندة 47" Agenda47 - وما سيقوم بتنفيذه إذا قام الناخبون في إعادته إلى الرئاسة في الانتخابات العامة السنة المقبلة - في سلسلة من أحاديث فيديو مسجلة موجهة مباشرة إلى عدسة الكاميرا.

لكن هناك موضوعاً واحداً خلف كل تلك الأحاديث، وهو أمر كثيراً ما قام ترمب في التطرق والتركيز عليه في كل ظهور علني قام به تقريباً: إنه الثأر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن محاولات السيد ترمب الفوز بولاية رئاسية ثانية لا يتعلق بجزء كبير منها بما يعتقد أنه سيمكنه تحقيقه لتحسين حياة المواطن الأميركي العادي، بل إنها تتعلق بما يتعلق برغبته التي لا تنضب في مساعيه إلى إلحاق الضرر بالأشخاص الذين كانوا قد وجهوا إليه أية إهانة، أو أنهم كانوا قد ألحقوا الضرر به، والأشخاص الذين يلومهم أنصاره على أنهم مسؤولون عما آلت إليه حياتهم.

إنه يسعى إلى تدمير جهاز الخدمة المدنية المحايد سياسياً، والذي كان النواة الأساسية التي أرست كيفية تفادي الولايات المتحدة الأميركية، وعلى مدى قرن ونصف القرن الماضي، الإدارات التي لا تتمتع بالكفاءة، والتي تميزت بالفساد، وذلك في سبيل تحقيقه هدفاً نهائياً، وهو التأكد من أن أحداً لن يقول له "لا"، عندما يقوم بالمطالبة بأن يسمح له باستخدام سلطات إنفاذ القانون وأجهزة الأمن القومي ضد أعدائه.

اليوم مثلاً، أمضى ترمب صباحه في نشر منشورات إلكترونية يهاجم فيها المدعين العامين الذين يلاحقونه، في أكثر من ولاية قضائية، وهو ولسبب وجيه قام بمهاجمة الرئيس التنفيذي لشركة "كومكاست" Comcast، براين روبرتس، لارتكابه خطيئة لا تغتفر على ما يبدو، المتمثلة في إدارته للشركة المالكة والمشغلة لشبكة كابل "أم أس أن بي سي" MSNBC.

وكان ترمب اشتكى من أن القناة الإخبارية التقدمية إلى حد ما "تستخدم مجاناً موجات بث حكومية موافقاً عليها، ومع ذلك فهي متفرغة وبحسب، لمهاجمة دونالد ترمب والحزب الجمهوري على مدى أربعة وعشرين ساعة في اليوم، بهدف التدخل في الانتخابات".

لنتوقف هناك أيها القارئ العزيز، من أجل محطة سريعة لتدقيق المعلومات.

من المعلوم أن قناة "أم أس أن بي سي" MSNBC، لا تستخدم أياً من "موجات بث" لأنها لا تعتمد على البث الهوائي، ولذلك فهي ليست مشمولة بآليات الحصول على رخصة للبث كما هو حال قنوات التلفزيون المحلية في مناطقكم. ثانياً، إن قناة "أم أس أن بي سي" MSNBC، لا تبث برامجها على مدار "24 ساعة"، لأنها تعيد برامجها التي تبث بين الساعة التاسعة مساءً إلى الـ12 ليلاً مرتين بعد انتهاء برنامج ستيفاني روهل الذي يختم نهار عمل برامج المحطة، ببرنامج "الساعة الحادية عشرة" The 11th Hour إن ما يطلق عليه السيد ترمب "تدخلات انتخابية" هو في الواقع واجبات صحافية.

واختتم ترمب ثورة هيجانه، شاكياً كيف أن شبكة الكابل المالكة لقناة "أن بي سي" الإخبارية [الشركة المالكة نفسها لقناة "أم أس أن بي سي"] هي "من أكبر الداعمين السياسيين العالميين لتيار اليسار الراديكالي للحزب الديمقراطي، والتي بالمناسبة، تقوم بتدمير بلدنا"، وهو اقترح أنه على الحكومة الأميركية "أن تقوم بالتضييق عليهم وأن تقوم بمحاسبتهم على نشاطهم السياسي غير المشروع".

"وهناك مزيد قادم، تابعوا!"، أضاف ترمب.

إنه ذاك التصرف تحديداً - إغلاق وسائل الإعلام الناقدة ومعاقبة الذين يديرونها، وليس العودة لـ[دعوة] "الإلغاء والاستبدال" - هو جوهر برنامج ترمب. وهذا تحديدا ما يخطط للقيام به إذا كتب له أن يصبح رئيساً من جديد.

© The Independent

المزيد من آراء