Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معيار ذهبي عن المناخ تنشره إدارة بايدن بعدما عرقله ترمب

أميركا باتت تعاني كارثة بمليار دولار كل ثلاثة أسابيع لكنها كانت تحدث كل أربعة أشهر خلال ثمانينيات القرن الـ 20

عواقب النيران الكارثية في لاهانيا بهاواي بتاريخ أغسطس 2021. نشرت الإدارة الأميركية الخميس الفائت تقريرها الدوري الشامل عن المناخ الذي يقدم قراءة عامة عن تأثر أميركا بالمناخ وما الذي ينتظرها في المستقبل (أسوشيتدبرس)

ملخص

اعتادت الرئاسة الأميركية نشر تقييمات علمية دورية عن المناخ لكن ترمب خرج عن تلك العادة وحال دون صدور تقرير يتضمن معايير ذهبية لتقييم خطط مواجهة كوارث المناخ، ويعتزم بايدن نشر ذلك التقرير.

نشرت الولايات المتحدة التقرير الأحدث عن التقييم الدوري لأزمة المناخ ويتضمن تقريراً عن "المعيار الذهبي" [يتمثل ذلك المعيار بالتوصل إلى صافي انبعاثات صفري] الذي يتعلق بكيفية تأثير ارتفاع الحرارة العالمي على البلاد حالياً وما الذي سيحمله المستقبل لها في هذا السياق. وتوضيحاً يقدم "التقييم الوطني للمناخ" نظرة شاملة حول كيفية تأثير الأزمة المناخية في المناطق والقطاعات كافة إلى جانب تضمنه خريطة طريق تتعلق بأفضل طريقة في مواجهة تلك التأثيرات بدءاً من حرائق الغابات وموجات الحر ووصولاً إلى فشل المحاصيل والفيضانات المدمرة.

ومنذ عام 2000 نص القانون على وضع "التقرير الوطني للمناخ"، وقد نشر اليوم في نسخته الخامسة بعد صدور التقرير السابق له عام 2018.

وتذكيراً عانى التقرير المناخي الخامس من انطلاقة متعثرة بعد أن حاول الرئيس السابق دونالد ترمب عرقلته، وآنذاك أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن محاولات ترمب باءت بالفشل بفضل صلابة العلماء واضعي التقرير، وأثناء توليه الرئاسة انتهك ترمب المنكِر الدائم لأزمة المناخ وشؤونها عشرات الأنظمة والقوانين المتعلقة بالمناخ والبيئة.

وشمل التقرير الخامس الذي صدر يوم الثلاثاء مئات العلماء والخبراء من أنحاء الولايات المتحدة كافة وغوام وبورتو ريكو والجزر العذراء في أميركا.

وفي السياق نفسه أعلنت إدارة بايدن رصد أكثر من 5 مليارات دولار لجهود التكيف [مع أزمة المناخ] بما في ذلك تعزيز الشبكة الكهربائية وتحديثها وتسريع المشاريع المجتمعية المحلية وتحسين الطاقة الكهرومائية في المناطق التي يضربها الجفاف.

ومنذ صدور التقرير الأخير [الرابع] اشتغل العلماء على تنقيح توقعاتهم المناخية لهذا القرن، وقد قلصوا النطاق التقديري للاحتباس الحراري إلى ما بين 2.5 و4 درجات مئوية (4.5 -7.2 فهرنهايت) مع الإشارة إلى أنه لا يزال فوق المعدلات الآمنة نسبياً التي نص عليها "اتفاق باريس للمناخ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك أصبح العلماء أكثر ثقة في ربط عدد من كوارث الطقس المتطرف بالأزمة المناخية، ومثلاً تشير التقديرات إلى أن التغير المناخي زاد من هطول الأمطار التي رافقت إعصار هارفي الذي ضرب ساحل خليج المكسيك عام 2017 بما يتراوح بين 15 و20 في المئة.

وفيما تظهر الكوارث المناخية بصورة متواترة حالياً ضمن الأخبار المسائية في الولايات المتحدة، إلا أن الحصيلة الشاملة تحتفظ بقدرتها على إحداث صدمة لدى المشاهدين.

وتشهد الولايات المتحدة كارثة تصل قيمتها إلى مليار دولار كل ثلاثة أسابيع كمعدل وسطي، مقارنة مع حدوثها مرة كل أربعة أشهر خلال ثمانينيات القرن الـ 20.

وفي نسخته الخامسة حذر "التقرير الوطني للمناخ" من أن كلفة الحوادث المناخية المتطرفة في الولايات المتحدة تبلغ قرابة 150 مليار دولار سنوياً، مع توضيح أنه تقدير "متحفظ" لأنه لا يحتسب الوفيات وكلف الرعاية الصحية أو الأضرار التي تلحق بالأنظمة الأيكولوجية بصورة عامة.

وكذلك كشف التقرير عن أن المجتمعات المكونة من أصحاب البشرة الملونة ومحدودي الدخل تتحمل العبء الأكبر الناجم من تلك الكوارث، ومثلاً يميل الأميركيون من أصحاب البشرة السوداء إلى العيش في منازل متقادمة تفتقر إلى تقنيات العزل الحراري [بمعنى تبطينها بما يقي من البرد خصوصاً] وتكون أنظمة التبريد فيها غير فاعلة مما يسبب مشكلات صحية متزايدة.

وتسوء جودة الهواء أيضاً في تلك المنازل لأن الحر المتزايد يتسبب في جعل مستويات التلوث أكثر حدة بصورة أشد تواتراً وتكراراً.

وعلى نحو مماثل يتفاقم تلوث الهواء بسبب اندلاع حرائق الغابات، ويأتي مثل على ذلك متمثلاً في الأوضاع المزرية التي حلت بعدد من الولايات خلال صيف عام 2023 جراء الحرائق غير المسبوقة التي اندلعت في كندا، وتطلق حرائق الغابات الغازات والجزيئات الدقيقة في الجو مما يسهم في انتشار الربو ومشكلات صحية أخرى، إضافة إلى الوفيات الباكرة.

وبالترافق مع ذلك تحدِث الأزمة المناخية تأثيراً في سلاسل توريد الطعام وستستمر في إحداث ذلك مما يجعل الطعام أقل توافراً وأغلى ثمناً، ووجدت الدراسة أنه من شأن هذا الأمر أن يؤثر بصورة متفاوتة في غذاء وصحة النساء والأطفال والمتقدمين في السن والمجتمعات الأكثر فقراً.

وفي الإطار نفسه أشار التقرير الخامس إلى أن عدداً من الأسر في الولايات المتحدة بدأت تشعر بالعبء المالي للتغير المناخي، ومن المتوقع أن ترتفع الكلف المعيشية بالترافق مع ارتفاع كلف الرعاية الصحية والغذاء والتأمين والبناء والتصليح بصورة كبيرة، وسيترافق ذلك أيضاً مع زيادة الضغط على الموازنات العامة بسبب زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية وأعمال الإغاثة لدى حصول كوارث.

واستكمالاً يشرح التقرير أن "نوعية الحياة أصبحت مهددة بفعل التغير المناخي بطرق قد يكون تحديدها أصعب [من التأثيرات السالفة الذكر] على غرار ازدياد معدلات الجريمة والعنف الأسري وإلحاق ضرر بالصحة العقلية وتراجع مستويات السعادة وتقليص فرص الخروج للترفيه واللعب". وتؤثر أزمة المناخ أيضاً في أعداد متزايدة من المنازل والممتلكات والبنى التحتية الحيوية مثل الطرقات والنقل العام والمستشفيات.

وفي سياق متصل تواجه المجتمعات الساحلية التي تؤوي 40 في المئة من الشعب الأميركي ارتفاعاً في مستوى مياه البحر وخطر نزوح ملايين الاشخاص من منازلهم بحلول نهاية القرن الحالي.

وفضلاً عن ذلك بات استقرار الصفائح الجليدية القطبية أكثر غموضاً مع كل زيادة في درجات الحرارة، مما يعني أنه لا يمكن استبعاد ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 3 (91.2 سنتيمتر) إلى 7 أقدام (213.3 سنتيمتراً) على طول القارة الأميركية بحلول عام 2100.

وجاء في التقرير أن الأزمة المناخية ستؤثر في الولايات المتحدة كلها، لكن كيفية معاناة المجتمعات لهذه الأزمة سيختلف من منطقة إلى أخرى بين اليوم وعام 2030.

 

وفي المنطقة الشمالية الشرقية سيؤدي الطقس المتطرف مثل الفيضان الكارثي الذي ضرب نيويورك وفيرمونت وماساتشوستس هذا العام إلى إلحاق ضرر بالبنى التحتية الرئيسة، وتتحمل الفيضانات والتدفق الفائق لمياه المجاري المسؤولية عن تدفق الحطام والنفايات التي تسبب ظهور الطحالب المضرة وتلوث مياه الشرب، ويضاف إلى ذلك أن ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات يتسبب في دفع الثروة السمكية في ولاية نيو إنغلاند مثل المحار والقريدس وأسماك القد إلى الانتقال شمالاً.

وفي ملمح استكمالي أظهر التقرير أنه خلال المدة التي غطاها أدى التغير المناخي دوراً في حدوث 18 كارثة في ألاسكا، وأصابت الثروة السمكية ومصائد الأسماك كوارث أضرت بالسكان الأصليين (الشعوب القبلية) الذين يعيشون على الساحل وبصيادي الكفاف (الذين يصطادون بمقدار حاجاتهم)، وكذلك الحال بالنسبة إلى المجتمعات الريفية.

واستطراداً ففي جزر الكاريبي الأميركية يتوقع أن يزداد انعدام الأمن الغذائي بسبب خسارة المحاصيل الناجمة عن الأعاصير الاستوائية الشديدة، وعلى النحو نفسه ستتزايد الخسائر المرتبطة باليد العاملة في تلك المناطق وفي ولايات الجنوب الشرقي لأن الطقس سيصبح شديد الحرارة وسيحول دون تمكن الأشخاص من العمل في الخارج بأمان خلال أوقات معينة من العام.

أما في السهول الكبرى الشمالية فسيؤدي ارتفاع الحرارة إلى تراجع كثافة الثلوج ويهدد إمدادات المياه والقدرة على مواجهة حرائق الغابات.

وعلى رغم سلسلة المخاوف ترك التقرير مجالاً لبعض التفاؤل، فقد انخفضت انبعاثات غازات الدفيئة [أي تلك المرتبطة بحدوث ظاهرة الاحتباس الحراري على غرار ثاني أكسيد الكربون والميثان] في الولايات المتحدة بـ 12 في المئة بين عامي 2005 و2009، ويعود سبب ذلك بصورة كبيرة إلى تراجع استخدام الفحم الحجري، ومنذ عام 2017 تجاوز قطاع النقل صناعة إنتاج الطاقة الكهربائية بصفته أكبر مصدر للتلوث الكربوني.

ووفق إدارة بايدن فإن الولايات المتحدة "على الطريق الصحيح" نحو خفض الانبعاثات إلى النصف مع حلول عام 2030 من خلال اللجوء إلى خيارات استخدام طاقة أقل كلفة خالية من الكربون أو منخفضة الكربون، وفي هذا الصدد أيضاً تراجعت كلف الطاقة الهوائية 70 في المئة، فيما انخفضت كلف الطاقة الشمسية 90 في المئة خلال العقد الأخير بحسب الأرقام الواردة في التقرير.

وفي ما يتعلق بالتكيف مع الكوارث المناخية التي لم يعد بالإمكان تجنبها يرسم التقييم خطاً بين التغير التدريجي والخطوات التغييرية، فمثلاً بوسع الأشخاص استخدام وحدات تبريد الهواء خلال موجات الحر أو قد يغدو مستطاعاً إعادة تصميم مدينة ومبانيها لمواجهة الحر على نطاق أوسع.

وفي ما خص الجفاف يستطيع السكان التقليل من استهلاك المياه أو تحويل الصناعات التي تستهلك المياه بكثافة مثل الزراعة والمزارع إلى أشكال تلائم أنماط هطول الأمطار، وإضافة إلى ذلك قد تشيّد المنازل كي تصبح مرتفعة عن مياه الفيضانات، أو أن تتكثف في مناطق أقل عرضة لحصول الفيضانات.

وفي إطار متصل وُضع عدد من الاستراتيجيات التي باتت حالياً في طور العمل في مختلف المناطق والقطاعات، وفي هذا السياق وبهدف حماية إمدادات الطعام يلجأ المزارعون ومربو الماشية إلى مراقبة محاصيلهم انطلاقاً من البيانات [التي تتوفر لهم عبر الشبكات الرقمية] ويعتمدون على ممارسات أكثر تناغماً مع النظام الإيكولوجي المحلي بغية تحسين التربة وجودة المزروعات.

أما في السهول الكبرى فسيعمد عدد متزايد من الأشخاص إلى العمل في وظائف مرتبطة بتقنيات الطاقة المتجددة المنخفضة في الانبعاثات الكربونية مع زيادة التحول نحو الكهرباء بالترافق مع تراجع الوظائف في قطاع النفط والغاز، وشكلت السهول الجنوبية 42 في المئة من الكهرباء الوطنية المولدة من طريق الهواء عام 2022، وبالتالي سيرتبط تأثير من سيحصلون على تلك الوظائف [لجهة عددهم كأيد عاملة] بتغيير في كيفية إرساء صناعة الطاقة الأميركية من أساسها، إذ يشير التقرير الخامس إلى أن "تدريب القوى العاملة والوصول العادل إلى وظائف الطاقة النظيفة التي تعمدت في السابق استثناء النساء وأصحاب البشرة الملونة، أصبحا عنصرين في غاية الأهمية لتحقيق انتقال عادل نحو اقتصاد خال من الكربون".

وبالفعل تبذل جهود في شأن توسيع الشبكة والكفاءة في استخدام الطاقة ضمن مناطق على غرار نيفادا وفيرمونت وألاسكا، وحالياً باتت مدينة بيتسبرغ في بنسلفانيا تطلب من المطورين أخذ الزيادات المتوقعة في هطول الأمطار الغزيرة بعين الاعتبار في مشاريع البناء الجديدة.

وفي جنوبي ألاسكا تمزج لجان الموارد الإقليمية في تشوغاش المعرفة المتوافرة لدى السكان الأصليين مع العلم الغربي بهدف معالجة التهديدات التي تتربص بالطعام التقليدي، وتنمو زراعة أعشاب البحر للحد من حموضة المحيط مع تأمين الموارد في الوقت نفسه.

ولكن مع استمرار الانبعاثات العالمية بالتزايد فستستمر الأخطار البيئية على الولايات المتحدة في الارتفاع، وفي هذا الإطار يحذر التقرير من أن "كل درجة حرارة نتجنبها في سياق الاحتباس الحراري مهمة لأن كل زيادة في الاحتباس الحراري من شأنها أن تحدث مزيداً من الاضرار والخسائر الاقتصادية في الولايات المتحدة، وكل خطوة مناخية تتخذ بغية خفض الاحتباس الحراري وتتجنبه تقلل من تلك الأخطار والتأثيرات المضرة".

© The Independent

المزيد من بيئة