Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا وراء عودة ديفيد كاميرون؟

إعادة بعث رئيس الوزراء السابق للحياة السياسية ليس مصالحة بل عمل غير ديمقراطي ينم عن يأس

أثناء استفتاء 2016 قاد ديفيد كاميرون حملة من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي (رويترز)

ملخص

عودة ديفيد كاميرون إلى الحكومة تطرح أسئلة حول صحة هذا الخيار لمصلحة بريطانيا

فيما كان الشعب البريطاني يحتفل أخيراً بعملية طرد وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، يظهر فجأة ديفيد كاميرون كوزير خارجيتنا الجديد، والجميع يتعجب الآن فلقد أعطي لنا بيد وأخذ منا باليد الأخرى.

إعادة إحياء دور كاميرون، وهو من ضمن شخصيات قليلة في الحياة السياسية البريطانية، مكروه أكثر من وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، وهو بلا شك ضرب من الجنون، وإذا لم تكونوا مقتنعين بذلك فجربوا أن تطرحوا على أنفسكم الأسئلة التالية:

هل كان كاميرون من قام بطرح إجراء استفتاء حول علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي؟ هل حدد خيارات ذاك الاستفتاء لتكون عملياً "عضوية في الاتحاد الأوروبي" أو "أي علاقة أخرى بين المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي"؟ هل كان مفروضاً على المملكة المتحدة أن تُمضي عدداً من الأعوام وهي تتجادل مع نفسها ومع الاتحاد الأوروبي حول شكل المفترض للعلاقة الجديدة؟ وبعد سبعة أعوام هل جرت الإجابة عن هذا السؤال؟ أم أنه السبب لعدم وجود حكومة في إقليم إيرلندا الشمالية لمدة عامين تقريباً، لأن الحزب الديمقراطي الاتحادي DUP المؤيد لعملية "بريكست" رفض العلاقة الجديدة؟

ألم يستقل كاميرون مانحاً أناس مثل بوريس جونسون شيكاً على بياض كي يقرر كيف ستكون عليه علاقات المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، ومن خلال ذلك موقع بلادنا في العالم؟

ألم يتبع جونسون نهجاً سياسياً أكثر شعبوية مشابه لطريقة ترمب في المملكة المتحدة؟ وألم تلعب برافرمان دوراً أساساً في ذلك؟

وبحلول الآن يجب أن تكونوا حسمتم إذا كنتم من المعجبين بالوزيرة برافرمان أم لا؟ وبالنسبة إلى المجموعة القليلة منكم التي لم تحسم أمرها بعد فلدي سؤالين آخرين كي أضيفهما.

ألم تعلن وزيرة الداخلية السابقة أخيراً نيتها معاقبة المؤسسات الخيرية التي تقوم بتوزيع خيم على الأشخاص المشردين، لأنه بالنسبة إلى كثيرين فإن الإقامة في الشوراع أمر يتعلق "باختيار طريقتهم الخاصة بالحياة"؟

وألم ترفض برافرمان تقديم اعتذار لأحد الناجين من المحرقة اليهودية بعد قيامه بانتقاد الوزيرة لاختيارها الإشارة إلى طالبي اللجوء على أنهم يقومون باجتياح الجزر البريطانية؟

إذاً هل تشعرون أن طرد وزيرة الداخلية وإعادة كاميرون يوحي بأن "المحافظين" يقومون بحل المشكلة؟ أم يوحي لكم ببساطة أنهم يقومون باستبدال المشكلة بالشخص الذي خلق المشكلة من الأساس؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكفي الإشارة إلى أنه وفقاً لاستطلاع "يوغوف" للآراء فإن البريطانيين كانوا يريدون من ريشي سوناك رئيس الحكومة أن يطرد برافرمان بنسبة اثنين لواحد، ويفصح كل ذلك كثيراً عن كيفية تفكير أعضاء حزب المحافظين، فهذه هي المرة الثانية خلال عامين يكون فيه حزب المحافظين في هذا الحال من الفوضى، وقد قاموا بالطلب من إحدى أكثر الشخصيات تأييداً للبقاء [في الاتحاد الأوروبي] في الإدارة التي كانت تمسك السلطة عام 2015، كي تساعد في السيطرة على دفة سفينة حكمهم.

في عام 2016 قام [وزير المالية الحالي] جيرمي هانت بالتحذير في منشور له من أن هيئة خدمات الصحة الوطنية "أتش أن أس" ممولة من تلك العائدات الضريبية التي ستتبخر بعد عملية "بريكست"، وأن ثمن ذلك "سيدفعه الأكثر فقراً والأكثر تهمشاً في المجتمع". وكان هانت هو الشخص الذي جيء به العام الماضي وعيّن وزيراً للخزانة بعدما قامت [رئيسة الوزراء السابقة] ليز تراس ووزير ماليتها المؤيد لعملية "بريكست" في حينه بالتسبب بانهيار قيمة الجنيه الاسترليني.

ولا تدعوا الشك يساوركم، فالوزير هانت لم يغير آراءه بخصوص "بريكست"، فهو لا يزال يقول بأن الاقتصاد من شأنه أن ينمو بصورة أسرع في السوق الموحدة في الاتحاد الأوروبي، والآن وبعدما قامت الوزيرة برافرمان بتحريض المئات من صغار المجرمين من أنصار اليمين المتطرف للتظاهر خلال مناسبة عطلة نهاية الأسبوع الخاصة بـ "يوم الهدنة"، وكأنه نوع مشابه ومنقول عن أحداث تمرد السادس من يناير [في الكابيتول الأميركي]، قاموا [حزب المحافظين] بإعادة توظيف [ديفيد كاميرون] رئيس المروجين لحملة البقاء في الاتحاد الأوروبي كي يقوم بإدارة وزارة الخارجية البريطانية.

وهذا دليل إضافي واعتراف بأن حكومات "لننجز عملية ’بريكست‘" التي تحملتها البلاد لأعوام كانت تعرف بأن برنامجهم كان مسيئاً لمصلحة المملكة المتحدة، وأنهم يحتاجون إلى الجماعة المؤيدة للبقاء في أوروبا للمساعدة في إصلاح ما تخرب.

وكانت "بريكست" نقطة التحول بالنسبة إلى حزب المحافظين، ففي عام 2018 قال خبراء حكوميون إنه وبمعزل عن شكل صيغة "اتفاق بريكست" الذي يجري التفاوض عليه، فإن عملية الخروج ستجعل الناس أكثر فقراً.

إذاً ومن خلال دعمهم لعملية "بريكست" بغض النظر عن صيغته، تخلى حزب "المحافظين" عن صورته "التي تقول بأنه يتعاطى عادة بمسؤولية مع الملف الاقتصادي"، وبدلاً من ذلك ألحقوا الضرر به وبصورة مقصودة، وإذاً ربما تشكل عودة كاميرون والإبقاء على الوزير هانت في موقعه في وزارة الخزانة، إشارات عن عودة تدريجية لقيم المحافظين التقليدية لكنه سيكون من الصعب علي تصديق ذلك إن لم يقم الحزب بإدارة ظهره والتخلي عن عملية "بريكست" [برمتها].

وبغض النظر عن الدوافع إلا أن كاميرون ليس عضواً في مجلس النواب حالياً ولم يجر انتخابه وليس أمامه مسؤولية الخضوع للمحاسبة من قبل الشعب البريطاني، كما أن لديه سجلاً حافلاً من التهور لمسؤوليته عن إطلاق العنان لعملية "بريكست" ولجونسون وفرضهما على المملكة المتحدة، لكنه اليوم يصبح مسؤولاً عن ملف السياسة الخارجية للمملكة المتحدة، فيما نحن معنيون بصورة كبيرة في نزاعين دوليين رئيسين، ومن خلال ترفيع كاميرون وتسميته نبيلاً في مجلس اللوردات حصراً من أجل موافاة المعايير القانونية التي تتيح له الجلوس على طاولة الحكومة، يقوم سوناك بتجاهل التطلعات الشعبية بأن يكون الوزير منتخباً.

ويقوم بكل ذلك حزب يتمتع بأقلية من الأصوات من خلال رئيس للحكومة لم يصادق أحد من الناخبين على التصويت له، والذي جرى رفضه [كمرشح لرئاسة الحزب والحكومة] في البداية حتى من قبل أعضاء حزبه.

وهنا إليكم سؤالي الأخير: هل لا تزالون تعتقدون أن الديمقراطية في المملكة المتحدة بصحة وعافية؟

 فايمي أولوولي هو ناشط متحمس يعمل ضد "بريكست"، ومؤسس مشارك في مجموعة تحمل لواء تأييد الاتحاد الأوروبي تسمى "مستقبلنا وخيارنا".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء