ملخص
كيف سيكون شتاء هذا العام؟ سؤال يؤرق السوريين مع رفع أسعار المحروقات
يترقب السوريون شتاء قاسياً هذا الموسم عقب رفع أسعار المشتقات النفطية، ومنها المازوت "الحر" أو غير المدعوم، إلى أثمان ليست في متناول أصحاب الدخل المحدود.
يعتقد أبو رامي، وهو رب لأسرة مكونة من ثلاثة أشخاص، باستحالة شراء كمية المازوت اللازمة هذا العام على رغم قلتها، حيث تقدر بـ50 لتراً فقط، يقول "كيف لي أن أشتريها؟ قد أحتاج إلى أربعة رواتب حتى أتمكن من الاستحواذ على هذه الكمية".
تعمد العائلات السورية الأشد عوزاً حيال التضخم المتنامي إلى تحويل المدافئ العاملة بالمازوت إلى مدافئ للحطب، يروي أحد المواطنين "لا أعلم كيف ستجري معي الأمور هذا الشتاء، عكفت العام الماضي وأولادي على الذهاب إلى الغابات لنقطع بعض الأغصان ونضع في أكياس النايلون كل ما تلتقطه أيادينا من أقمشة مهترئة وغيرها من الملابس الممزقة أو الكرتون والورق".
الأسعار تحلق
أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قراراً يفيد برفع أسعار المحروقات، وأثار ما أثاره من جدل حول توقيته مع بدء فصل الشتاء، بحيث صعد سعر لتر البنزين (95 أوكتان) إلى 12720 ليرة (ما يعادل دولاراً واحداً)، في حين نص القرار أيضاً على زيادة سعر المازوت "الحر" ليصبح سعر اللتر الواحد 12430 ليرة.
قرار ارتفاع الأسعار شمل أيضاً رفع سعر طن مادة "الفيول" إلى سبعة ملايين و928 ألف ليرة (ما يناهز 500 دولار)، وفي وقت سابق أعلن مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية إسماعيل المصري، استمرار الوزارة بإصدار نشرة أسعار للمشتقات النفطية كل أسبوعين بحسب تطورات السوق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يرى الباحث الأكاديمي في الاقتصاد السياسي محمد حاج عثمان، أن الحكومة لديها خياران حول التعامل مع واقع المشتقات النفطية، إما أن تعكف على تحرير سعر المحروقات وتصدر نشرات تسعيرة متبدلة بحسب واقع الأسواق وبثمن يوازي السعر الرائج مع عدم اتباع سياسة التقنين وتوفير المادة، أو الإبقاء على تبني السعر المدعوم بالتالي نضوب المادة، والنتيجة مزيد من طوابير المستهلكين.
وأضاف، "تواجه سوريا أزمات اقتصادية عديدة، منها خروج مناطق تعج بالآبار النفطية خارج سيطرتها في الشمال الشرقي، بالتالي بدا الاعتماد على الإنتاج المحلي من النفط والغاز، مع دعمه بناقلات النفط الإيرانية كحل موقت، لا سيما مع دمار الآبار النفطية في وسط سوريا بعد نزاعات مسلحة للسيطرة عليها مع فصال متشددة، وحاجة المنشآت الصناعية لحوامل الطاقات".
يعتقد حاج عثمان أن تطورات الموقف الاقتصاد في غاية الصعوبة، فأغلب المرافق الخدمية ومحطات التوليد الكهربائية الكبرى أصابها دمار شبه كلي، مما جعل التقنين يصل إلى ساعتين أو ثلاث ساعات في اليوم للتيار الكهربائي، وهو ما دفع إلى الاعتماد على المولدات الكهربائية في الأحياء السكنية وجعل الحاجة متزايدة لمادة المازوت من أجل تشغيلها.
ومن المتوقع تأرجح التغذية الكهربائية وإصابتها بالخلل مع تشغيل المدافئ العاملة بالكهرباء خلال فترة التغذية، وسط مفاوضات مع الجانب الإيراني لإعادة تأهيل وإعمار المحطات لتلبي احتياجات القطاع الصناعي والمنزلي.
يأتي ذلك في وقت تشهد الليرة السورية تراجعاً، إذ خفض مصرف سوريا المركزي في دمشق (المسؤول عن رسم السياسة النقدية) سعر الليرة أمام الدولار الأميركي في نشرة الحوالات والصرافة إلى 11500 ليرة مقابل الدولار الواحد، وبقيت قيمة العملة المحلية تتأرجح في السوق الموازية (السوداء) هبوطاً وصعوداً بحدود 14 ألف ليرة مقابل كل دولار.
وسائل بديلة
في غضون ذلك تتقطع السبل بأرباب الأسر في إيجاد بدائل للحصول على تلك النار لتدفئهم في ليالي الشتاء الباردة، يتحدث حسام قطماني (نجار) عن غلاء أسعار الحطب هذا العام، إذ تراوح الطن الواحد بين ثلاثة وأربعة ملايين ليرة (400 دولار). مضيفاً "يحاول كثير من النجارين تأمين أكياس من نفايات الأخشاب الزائدة، التي تباع بأثمان أقل من حطب الأشجار الواصل من الغابات، وذلك من أجل التدفئة".
بالمقابل تتخوف أوساط أهلية من زيادة التحطيب الجائر هذا العام، الذي يؤثر في الغطاء النباتي، وسط اتهامات طاولت أصحاب نفوذ بافتعال حرائق في غابات وسط وغرب سوريا بغية "التفحيم"، أي تحويل الأشجار إلى فحم للاستفادة منه في أغراض تجارية.