Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شرق سوريا صندوق بريد من بارود بين القوات الأميركية والإيرانية

الحرب المفتوحة خيار لا ترغب فيه كل الأطراف المتنازعة على الساحة السورية وإن حصل فسيكون "الأصعب"

تشهد منطقة شرق سوريا اتساع التصعيد العسكري من قبل القوتين المتنازعتين على الأرض السورية (اندبندنت عربية)

ملخص

ثمة اتجاه لدى كل الدول التي تحاذي أراضيها خطوط التماس إلى أن الحرب المفتوحة هي خيار لكنه يبقى "الأصعب" والإقدام عليه يعني "فتح باب جهنم" على مصراعيه

على وقع الهجوم الإسرائيلي الشرس مساء الجمعة على قطاع غزة تتصاعد في البادية السورية أدخنة القصف المتبادل بين القوات الأميركية والفصائل الإيرانية، وتعيش المنطقة سلسلة توترات وتحبس أنفاسها خوفاً من حرب إقليمية تأكل "الأخضر واليابس" بعد الشرارة التي أطلقتها حركة "حماس" في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، التي أعادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء مجدداً.
وتعرضت السبت الماضي قاعدة عسكرية أميركية ثانية في دير الزور، شرق سوريا، لهجمات بصواريخ أرض - أرض في موقع حقل غاز "كونيكو"، سقطت في محيط القاعدة دون إحداث أية أضرار. واستهدفت مجموعات موالية لإيران قاعدة حقل العمر النفطي بـ10 هجمات بالأسلوب نفسه دون أضرار.
وأتى هذا التصعيد بعد غارات أميركية رداً على هجمات سابقة على قاعدة التنف، ومنطقة الشدادي بالحسكة بطائرات مسيرة، وقذائف صاروخية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي حول العمليات العسكرية الأميركية في سوريا إنها "تستهدف إحباط ومنع هجمات على الجنود الأميركيين في المنطقة بالمستقبل". واقتصرت الضربات الجوية الأميركية مستودعات ذخيرة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بهدف التأثير في القدرات الهجومية للمجموعات القريبة من طهران في المنطقة.

الهجمات المتبادلة

وفي وقت حذر فيه الرئيس الأميركي جو بايدن في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بالرد على الهجمات في حال استمرارها، بعد تصاعدها خلال الأسابيع القليلة الماضية إثر حرب غزة، كان الرد الأميركي الأوسع حين أعطى الرئيس الأميركي أمراً لقواته بقصف مصادر النيران، أو أهداف إيرانية، وجاء في رسالة إلى مجلسي الشيوخ والنواب، "إننا على استعداد لاتخاذ مزيد من التدابير المناسبة للتعامل مع مزيد من التهديدات أو الهجمات".
وفي الوقت ذاته ذكرت وزارة الدفاع (البنتاغون) أن الجيش الأميركي نفذ ضربات ضد منشأتين في شرق سوريا يستخدمها "الحرس الثوري" الإيراني، وجماعات مدعومة منه، رداً على سلسلة هجمات ضد القوات الأميركية في كل من العراق وسوريا، بينما تعرضت القوات الأميركية منذ 17 أكتوبر الجاري لما يقل عن 14 هجوماً، وأعلن البنتاغون إصابة 21 فرداً بجروح طفيفة.
وتشهد منطقة شرق سوريا اتساع التصعيد العسكري من قبل القوتين المتنازعتين على الأرض السورية، واتسعت حدة هجمات الطائرات المسيرة على القواعد الأميركية في شرق سوريا منذ أكثر من أسبوع، إضافة إلى استهداف خطوط إمداد حقول الغاز الطبيعي الواقعة تحت سيطرة الجيش الأميركي، ومن بينها تفجير وقع في 19 أكتوبر الجاري، لأنبوب ينقل الغاز الطبيعي ينتجه معمل كونيكو (13 مليون متر مكعب يومياً)، وذلك في منطقة بادية أبو خشب غرب محافظة دير الزور، شرق سوريا.

اتساع رقعة الحرب

في غضون ذلك تتجه أنظار الشارع السوري إلى جبهة الجولان وما يلفها من توترات، لا سيما الردود الإسرائيلية المتلاحقة عبر قصف الجبهة السورية، فضلاً عن ضرب مطارات دمشق وحلب ثلاث مرات خلال 10 أيام كرسالة رد على الحشد الإيراني تجهيزاً لفتح معركة "حرب تعدد الساحات" بإشعال الجبهة الشمالية من طرف جنوب لبنان، والجولان من جهة سوريا.
وتحرص تل أبيب على الرد على الضربات الصاروخية التي تخرج من القنيطرة ودرعا من قبل فصائل تتبع لما يسمى "محور المقاومة"، بينما يقبع شرق سوريا على صفيح ساخن. ويجزم رئيس مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي، جمعة العطواني بعدم وجود مصلحة لأي طرف من الأطراف المتنازعة على الساحة السورية وغيرها في الدخول بحرب واسعة وشاملة".
وعبر عن اعتقاده أن "منطقة غرب آسيا تعيش وضعاً شديد التعقيد بسبب الحسابات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، تحديداً بعد الحرب الأوكرانية التي جعلت الغرب والولايات المتحدة تستشعر الحاجة الملحة لوجود منطقة مستقرة إلى حد ما". وأضاف، "لكن مع دخول المنطقة في عملية (طوفان الأقصى) اشتعلت أكثر، وأرى أنه ليس من مصلحة أحد إشعال الحرب، إن كان من جهة أميركا والقوات المحلية التي تدعمها، أو إيران ومحور المقاومة، وربما يشعر الكيان الصهيوني بأن من مصلحته توسيع رقعة الحرب لوجود الدعم الأميركي بسبب عدم استطاعته أن يواجه منفرداً، وهي حقيقية يمكننا تلمسها منذ ثلاثة أسابيع".
ورجح العطواني "استمرار المساعي الإيرانية لتوسيع رقعة الحرب ليكفل ذلك دخول أميركا والدول الغربية بمواجهة وجهاً لوجه مع إيران، ومن يتحالف معها بحيث يعطي متنفساً أكبر لإيجاد حلول تخدم مصالح تل أبيب العسكرية والأمنية والسياسية بما في ذلك دفاع الدول الغربية عنها باجتماعات مجلس الأمن الدولي والجمعية المتحدة للأمم المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحرب المفتوحة وأضرارها

وثمة اتجاه لدى كل الدول التي تحاذي أراضيها خطوط التماس والاشتباك أو تلك الموجودة على أراض تفوح منها رائحة البارود في سوريا، إلى أن الحرب المفتوحة هي خيار، لكنه يبقى "الأصعب" والإقدام عليه يعني "فتح باب جهنم" على مصراعيه.
وقال العطواني إن إسرائيل "لا تعلم أن انفتاح رقعة الحرب ليس من مصلحتها في النهاية، إذ إن هذا الانفتاح سيؤدي إلى وضع تل أبيب وبقية المناطق الإسرائيلية في مرمى الصواريخ الباليستية القادمة من إيران".
في المقابل، هدد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان بفتح جبهات جديدة ضد الولايات المتحدة إذا واصلت دعم إسرائيل في صراعها مع "حماس". وقال إن "المنطقة مقبلة على الانفجار مع استمرار الهجمات الإسرائيلية، فإن فتح جبهات صراع جديدة سيكون أمراً لا مفر منه".

الجغرافيا تتحدث

إزاء هذه التطورات يعيش الشرق السوري التصعيد الأخطر مع اندلاع حرب غزة، بعدما عاش فترة هدوء نسبي بين الفصائل الموالية لإيران والقوات الأميركية على خلفية السيطرة على طريق الممرات الحدودية، حيث تصاعدت خلال الأشهر الماضية حدة التدريبات والمشاريع العسكرية التكتيكية في التنف، أو ما تسمى المنطقة (55) كيلومتراً، وهي الواقعة على المثلث الحدودي الأردني – السوري - العراقي.

ولفت الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الإيرانية سعد الشارع إلى معارك "القوة الجغرافية"، بمعنى توازن عسكري وجغرافي يعيشه الطرفان المتنازعان، فالولايات المتحدة توجد ضمن قواعد عسكرية ليست قليلة ضمن حقول بترول وغاز (العمر وكونيكو والتنف) على المثلث السوري العراقي الأردني، تحوي أعداداً من المقاتلين وأنظمة دفاع جوي وصواريخ اعتراضية دفاعية وهجومية وقدرة على التعامل مع الصواريخ الإيرانية من مسيرات أو مقذوفات قادرة وإسقاط كل الصواريخ الهجومية. وأضاف الشارع أن "إيران تمتلك مساحة جغرافية جيدة تتحرك فيها بسهولة، بالحديث عن البادية السورية ابتداءً من المعبر الحدودي بين سوريا والعراق في البوكمال، وصولاً إلى منتصف البادية لمدينة تدمر، حيث تتحرك بأريحية في مساحة جغرافية مفتوحة تتيح لها شن هجمات ضد القواعد الأميركية، وهذا ما يحدث". ووصف المتخصص في الشؤون الإيرانية، الوضع العسكري وقواعد الاشتباك بين الطرفين في شرق سوريا بما يشبه "صندوق بريد أمنياً وعسكرياً، وهذه العملية جارية تقريباً منذ تمكن الفصائل الإيرانية من السيطرة على مدينة البوكمال وفتحت هذا الطريق البري الذي يربط مناطق سيطرتها بين العراق وسوريا". ووفق رأيه "لم يكن هناك أي تغيير بقواعد الاشتباك في هذه المنطقة، بل وتتصاعد حدة بين الطرفين كمناوشات حيناً، وتبرد أحياناً". وأردف، "لا أعتقد أن التصعيد يمكن أن يصل إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، ولعل المعارك في غزة يمكن أن تزيد التصعيد، لكن ضمن قواعد الاشتباك، ودون الذهاب في حرب مفتوحة، وهي الاستراتيجية الأميركية المعلنة. والبيت الأبيض لا يريد حروباً مفتوحة".
ويرى الشارع أن "إيران أيضاً لا ترغب بدخول هذه الحرب، فهي لا تريد خسارة ما كسبته في الاستحواذ على المعبر الوحيد الذي يربط سوريا والعراق، وفي حال خسارته يعني انتهاء مشروعها وحضورها بالجغرافيا السورية، ويعني لزاماً عليها التنقل جواً، وهذا ما سيكلفها كثيراً، ويزيد تقليص نفوذها، لذلك تسعى إلى أن تبقي التصعيد ضمن قواعد الاشتباك".
في هذه الأثناء، بعثت الولايات المتحدة برسالة لتبريد الأجواء الساخنة، وجاء على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بات رايدر "لا تسعى الولايات المتحدة إلى الصراع، وليس لديها نية أو رغبة في الانخراط في مزيد من الأعمال العدائية". يأتي ذلك وسط إرسال الجيش الأميركي لما يقارب 900 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، وتعزيز منظومة الدفاعية لحماية قواعده.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط