Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات المحلية تختبر قدرة الأحزاب التونسية على إعادة التموضع

الهيئة تسابق الزمن من أجل تسجيل المقترعين المؤهلين للتوجه إلى الصناديق يوم 24 ديسمبر المقبل

بلغ عدد المرشحين للانتخابات المحلية في تونس 7000  (أ ب)

ملخص

من غير الواضح ما إذا كانت الأحزاب الموالية للسلطة التونسية قادرة فعلياً على استقطاب الناخبين الذين سئموا الاستحقاقات وهو أمر عبرت عنه نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية

مع نهاية فترة تقديم الترشيحات إلى الانتخابات المحلية المرتقبة في تونس، ثارت تساؤلات حول قدرة الأحزاب السياسية على استعادة زمام المبادرة في استحقاق قد يجذب الناخبين، خصوصاً أنه يهم واقعهم اليومي وأيضاً لعدد المرشحين الذي بلغ 7000 مرشح، بحسب ما أعلنت هيئة الانتخابات.

وفي ظل الملاحقات القضائية التي يواجهها نشطاء سياسيون بارزون مثل زعيمة الحزب "الدستوري الحر"، عبير موسي، ورئيس "النهضة" راشد الغنوشي وكلاهما مسجون الآن، فلا شيء في الشارع يشي بأن هناك انتخابات في تونس، وهو ما قد يبدد التكهنات بعودة الأحزاب إلى تصدر المشهد السياسي في بلد كان شاهداً على بدء الانتفاضات في بعض الدول عام 2010.

وعلى رغم تسارع وتيرة ونسق تقديم الترشيحات، إلا أن هيئة الانتخابات التونسية لم تُخف غياب أي مرشح في بعض الدوائر وهو أمر دفعها إلى القول إنها تُفكر في تمديد فترة تقديم الترشحات للاستحقاق الذي من المتوقع أن يفرز مجلساً وطنياً للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).

لا إعادة انتشار

وتعيش الأحزاب التونسية على وقع جمود لم تُفلح المبادرات والتحركات التي قام بها بعض الفاعلين، مثل مبادرة الحوار الوطني لاتحاد الشغل ومنظمات أخرى ولا استحقاقات انتخابية مهمة، في كسره وإعادة الحياة لهذه الأجسام التي تصدرت المشهد العام طيلة العشرية التي تلت احتجاجات يناير (كانون الثاني) 2011.

وقاطعت خمسة أحزاب من بينها "آفاق تونس"، و"حزب العمال"، وحزب "التيار الديمقراطي" الانتخابات المحلية في تكرار لسيناريو الانتخابات البرلمانية التي قاطعتها هذه الأحزاب، فيما ذهب الحزب "الدستوري الحر" إلى أبعد من ذلك من خلال إعلانه بأنه لن يعترف بهذا الاستحقاق وما سيفرزه من مؤسسات أصلاً.

ويقول النائب البرلماني السابق والناشط السياسي، حاتم المليكي، إن "مسألة إعادة انتشار هذه الأحزاب في الاستحقاق المحلي مستبعدة، خصوصاً أنه حتى الشارع نفسه اليوم يتجاهل هذه الانتخابات وبدأ يطرح أسئلة حول علاقة المواطن بالدولة وأجهزتها".

وأردف المليكي في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن "المحك الحقيقي اليوم أن هذا الشارع لم يعد يرى أي جدوى من الانتخابات سواء كانت محلية أو برلمانية، حيث يعتقد أن هذه الاستحقاقات لن تغير من واقعه، وبالتالي عودة الأحزاب إلى المشهد تبدو صعبة لا سيما إذا ربطناها أيضاً بمقاطعة قوى بارزة لهذا الاستحقاق".

وعلى رغم ألا شيء يوحي في الشارع بأن البلاد على بعد أسابيع من الانتخابات المحلية، إلا أن هيئة الانتخابات التي لطالما واجهت انتقادات من قبل المعارضة، تسابق الزمن من أجل تسجيل الناخبين المؤهلين للتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وكانت الهيئة قد أعلنت تسجيل 480 ألف ناخب في المرحلة الأولى من التسجيل الخاصة بهذا الاستحقاق، الذي يُعد آخر محطة من خريطة طريق شاملة أطلقها الرئيس قيس سعيد، الذي استحوذ على معظم الصلاحيات عام 2021، في خطوة وصفها معارضوه بأنها "انقلاب"، لكنه نفى ذلك معتبراً أنه أقر إجراءات لـ "إنقاذ الدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

موت سريري

وتأتي الانتخابات المحلية في وقت تراجع بشكل لافت نشاط الأحزاب السياسية في تونس، في أعقاب انشقاقات داخلية وتوقيفات طاولت رموز تلك الأحزاب، من بينها زعيم "النهضة" راشد الغنوشي والأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي وأخيراً عبير موسي وغيرهم.

وفي المقابل، من غير الواضح ما إذا كانت الأحزاب الموالية للسلطة ومن بينها "التيار الشعبي" و"حركة الشعب" و"التحالف من أجل تونس"، ستدخل دخولاً قوياً إلى هذه السباق أو ما إذا كانت قادرة فعلياً على استقطاب الناخبين الذين سئموا الاستحقاقات الانتخابية، وهو أمر عبرت عنه نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية الماضية عندما توجه 11 في المئة فقط إلى مراكز الاقتراع، ما يعني عزوف حوالى 90 في المئة من الناخبين الذين يحق لهم التصويت، عن الانتخاب.

ولم تعلن هذه الأحزاب عن أعداد مرشحيها للاستحقاق المحلي أو الدوائر الانتخابية التي تحضر فيها بكثافة للمنافسة على المجالس المحلية التي ستفرز لاحقاً الغرفة الثانية للبرلمان.

ويرى المحلل السياسي، محمد صالح العبيدي، أن "أحزاب الموالاة تعيش هي الأخرى حالة موت سريري في تونس مع اختلاف في التفاصيل مع أحزاب المعارضة، هناك أحزاب تزعم أنها موالية للرئيس سعيد ولها تأثير في دوائر الحكم وغيره، لا نرى لها أثراً في الشارع ولا في الاستحقاقات الانتخابية ككل".

وأبرز العبيدي في تصريح خاص أن "المعضلة الآن تتمثل في أن الأحزاب تمت شيطنتها في إطار مشروع شامل للقضاء على الأجسام الوسيطة، وهذا المشروع انخرطت فيه – وهنا التناقض – بعض الأحزاب التي تدعم السلطة، واليوم تصل معظم الأحزاب التونسية إلى حالة من الوهن التي لم تعرفها ربما منذ عقود".

وشدد على أنه "مع مركزة اليوم معظم الصلاحيات في قصر قرطاج، سيزداد انحسار نفوذ الأحزاب التي باتت على الهامش بالفعل، واليوم مع اهتزاز صورة هذه الأجسام لدى الرأي العالم، فإن حتى المنخرطين فيها قد يدخلون الانتخابات المحلية بصفة مستقل في مسعى لكسب الأصوات، وهو أمر يعني أن الأحزاب غير قادرة على استعادة دورها في الوقت الحالي".

وتُراهن السلطة في تونس المُثقلة بأزمات اقتصادية واجتماعية، على كسر حالة العزوف الشعبي عن الاستحقاقات الانتخابية من أجل تعزيز شرعية الأجسام التي سيتم انتخابها في 24 ديسمبر المقبل، وهو هدف يرى مراقبون أنه صعب المنال في خضم تجاهل التونسيين لمثل هذه الاستحقاقات بسبب الصعوبات التي يواجهونها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير