Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف من تكرار التجربة السابقة في الجولة الثانية لانتخابات تونس

دعوات أحزاب المعارضة إلى المقاطعة يقابلها إصرار سعيد على مسار 25 يوليو والشعب يتخبط في مشكلاته الاقتصادية   

يواجه التونسيون أوضاعاً اقتصادية صعبة انعكست ضعفاً في اقبال على صناديق الاقتراع في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية (رويترز)

أعلنت "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" في تونس موعد إجراء الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية في ما يراه بعضهم تحدياً لدعوات المعارضة من أجل إلغاء هذه الجولة بعد المشاركة الضعيفة التي شهدتها الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وحددت الهيئة مساء الأحد 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، موعد الجولة الثانية من هذا الاستحقاق، الذي يعد محطة مفصلية ضمن خريطة طريق شاملة أطلقها الرئيس قيس سعيد، في 29 يناير.

وسيكون سعيد أمام تحدي تجاوز نتائج الجولة الأولى عندما أدلى 11 في المئة فقط من التونسيين بأصواتهم في خطوة دفعت قوى معارضة مثل "الحزب الدستوري الحر" و"جبهة الخلاص الوطني" وهي تجمع لعدد من الأحزاب إلى الإسراع بمطالبته بالاستقالة، معتبرة أن نسبة المشاركة الضئيلة تعكس فشل مساره. لكن الرئيس رفض ذلك، قائلاً إن "المواجهة لا تحسم في شوط واحد، وهناك دور ثان".

وانطلقت الحملة الدعائية لهذه الجولة اليوم الإثنين، من أجل إفراز مجلس نواب جديد في مرحلة أولى ثم مجلس أعلى للجهات والأقاليم يشكل الغرفة الثانية من البرلمان.

مشاركة أضعف

وفي ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي ترزح تحت وطأته تونس وتنامي المعارضة لخطوات الرئيس سعيد، توقعت أوساط سياسية معنية بالانتخابات أن تشهد الجولة الثانية تكراراً لسيناريو الجولة الأولى. وسبق للاتحاد العام التونسي للشغل، (أكبر نقابة عمالية في تونس) أن دعا إلى إلغاء الجولة الثانية في خطوة رفضها سعيد.

ومن المقرر أن يشارك في هذه الجولة 262 مرشحاً، بينهم 34 امرأة يتنافسن على 131 مقعداً برلمانياً وذلك بعد فوز 23 نائباً بمقاعدهم من الجولة الأولى.

وقال رئيس جمعية "عتيد" التي تراقب الانتخابات بسام معطر، إن "الحملة الانتخابية التي تعد أحد أهم الأسباب التي تدفع الناخب للتوجه إلى صناديق الاقتراع، نعتقد أنها بتقلص عدد المرشحين، ستكون أضعف من حملة الدور الأول. كما أنه في الدور الأول شارك أكثر من ألف مرشح، بينما في هذا الدور سيشارك 262 مرشحاً فقط".

وتابع معطر "هل سينجح هؤلاء في تقديم برامج انتخابية أوضح وحملة أكثر واقعية وتناسق مع صلاحيات البرلمان المرتقب؟ وهل سيستخدمون وسائل يصلون فيها إلى الناس؟ هذا كله صعب لأن التمويل وطريقة الوصول للناس تبقى صعبة وأيضاً التغطية الإعلامية ستطرح إشكالات".

وشدد على أن "الأسباب ذاتها التي قادت إلى عزوف الناخبين في الدور الأول لا تزال قائمة بل يمكن القول إنها تعززت في ظل المناخ الاقتصادي والاجتماعي الذي يتعكر أكثر، بخاصة بعد صدور موازنة العام الحالي، مما يمهد لمناخ غير سليم من أجل تحقيق مشاركة أوسع من الدور الأول".

وكان المعارضة صورت المقاطعة الواسعة للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية على أنها نصر لها بعدما دعت إليها بالفعل، واعتبرت أن التونسيين باتوا رافضين للمسار الانتقالي الذي يقوده الرئيس سعيد منذ عام ونصف العام.

لكن معطر اعتبر أن "هناك أسباباً موضوعية تتمثل في الأوضاع المتدهورة أصلاً في ظل الاقتصاد المتعثر، إضافة إلى أسباب تتعلق بطريقة تنظيم الانتخابات والأوضاع السياسية المحيطة بها سواء من خلال تغيير القانون الانتخابي وتغيير الدستور واستعجال ذلك بطريقة لم تتضمن مداولات ونقاشاً واسعاً يضمن إجماعاً حول هذه الخطوات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نسب إقبال أضعف

وحتى الأحزاب الموالية للرئيس سعيد تعيش مرحلة شك تجاه الجولة الثانية مع اتساع دائرة المعارضين.

وقال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، إن "الحركة شاركت في الانتخابات وعبرت في بيان عن خيبة أمل من نسب المشاركة الضعيفة في الجولة الأولى، وهو ما كنا نتوقعه في الواقع لكن لم نكن نتوقع تلك النسبة المتدنية".

وأردف المغزاوي في تصريح لـ "اندبندنت عربية''، "نحمل رئيس الجمهورية والمسار برمته مسؤولية هذه المشاركة لأننا لطالما نبهنا سواء في الإعلام أو خلال لقاءاتنا برئيس الجمهورية أن المشاركة ستكون ضعيفة بسبب الوضع صعب، ولا نتوقع أن تكون المشاركة أقوى في الجولة الثانية لأننا نعرف ما يحدث في تونس اليوم".

وشدد على أن "حركة الشعب ستكون موجودة بقوة في الجولة الثانية، لكن ليس هذا المهم بل المهم هو إصلاح الوضع، لأن ما نتوقعه أن تكون نسب الإقبال أضعف لأن الناس التي لم تذهب في الجولة الأولى لن تذهب في الثانية وهناك مرشحون شاركوا في الجولة الأولى ولكن الآن غادروا السباق، بالتالي المراهنون عليهم قد لا يذهبون هم الآخرون إلى الإدلاء بأصواتهم".

وحول أفق المشهد السياسي في تونس في ظل تحشيد المعارضة المستمر ضد الرئيس، قال المغزاوي إن "منظومة الإخوان المسلمين لن تعود إلى الحكم لكن هناك حال إحباط ويأس وتشنج في الشارع التونسي قد تؤدي إلى انزلاقات، وهذا ما لا نتمناه".


تمسك بالمسار

ولا يولي الرئيس سعيد أهمية للانتقادات التي توجهها المعارضة له، مشدداً في كل مرة على أنه سيتم استكمال مسار 25 يوليو (تموز) 2021 الذي يقوده، وأطاح من خلاله البرلمان السابق والحكومة برئاسة هشام المشيشي.

وقال الباحث السياسي بوبكر الصغير إن "سعيد يؤكد أن لا رجوع إلى الوراء، مما يعكس تمسكه بالمسار الذي أسس له انطلاقاً من حركة 25 يوليو واستكمال محطاته مهما كانت ردود الفعل سواء الداخلية منها أو الخارجية".

وأضاف أنه "بالتالي سيكون رئيس الجمهورية محملاً بالمسؤولية الكاملة لهذه العملية وتداعياتها سواء على المستويين الداخلي أو الخارجي. وأعتقد أن الرئيس مصر على التأسيس لمنظومة سياسية مختلفة تماماً مع المنظومة السابقة وتقطع معها حتى في جوانب طبيعة النظام، وهذا ما يندرج في الفلسفة التي يتمسك بها الرئيس ويرى أنها الأصلح لتونس على رغم الأوضاع الصعبة".

وأكد أنه "ستكون هناك كلفة لهذا الإنجاز، لا سياسية فحسب بل اجتماعية واقتصادية أيضاً، لأن الرئيس سعيد لم يوفر بعد حداً أدنى من الإجماع حوله، وظل يقود الإصلاح بمفرده ولا يستأنس برأي أياً كان حتى من الأطراف الفاعلة والداعمة له التي لها وزن في المشهد السياسي والاجتماعي على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل".

وخلص الصغير إلى القول "أعتقد أن الدور الثاني لن يختلف كثيراً عن الدور الأول، إذ هناك عزوف كبير عن الشأن السياسي وحتى المعارضة لا تستطيع حشد الناس لأن التونسيين منشغلون بوضعهم المعيشي والاقتصادي والاجتماعي''.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات