Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش السوداني و"الدعم السريع" يعودان إلى طاولة جدة

مسؤول أميركي قال إن الطرفين مستعدان لاستئناف المحادثات وشهود أكدوا تباطؤ وتيرة القتال في الأسبوع الماضي

قادة من قوات "الدعم السريع" خلال جوله لهم في منطقة العسيلات شرق النيل (صفحة الدعم السريع على منصة إكس)

ملخص

تسعى قوات "الدعم السريع" إلى السيطرة على حامية الجيش في نيالا التي تعد بمثابة رئاسة الفرق العسكرية في غرب السودان، فيما يستميت الجيش في الدفاع عن قاعدته

قال مسؤولون كبار بوزارة الخارجية الأميركية إن الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" سيعودان إلى طاولة المفاوضات في جدة غداً الخميس بعد أن أنهكت الحرب المستمرة منذ ستة أشهر البلاد والطرفين المتحاربين.

وقال الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، إنه قبل الدعوة إلى أن "المفاوضات هي إحدى الوسائل التي قد تنهي الصراع"، لكنه لن يوقف القتال.

قوات "الدعم السريع"، من جهتها، تقول إنها أرسلت وفداً إلى السعودية للتفاوض، بناء على دعوة من المملكة والولايات المتحدة.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين "أشار الطرفان سراً إلى أنهما مستعدان لاستئناف المحادثات"، مضيفاً أن القتال الممتد منذ أشهر والأزمة الإنسانية أنهكا كلا الطرفين.

القضايا الإنسانية

وسينضم الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا "إيغاد" إلى المحادثات في جدة التي ستركز أولاً على القضايا الإنسانية ووقف إطلاق النار وتدابير بناء الثقة من أجل إرساء أساس للحل بطريق التفاوض.

ولن يشارك الزعماء المدنيون، الذين يعقدون اجتماعات تنظيمية في أديس أبابا هذا الأسبوع، في الجولات الابتدائية، لكن قد يشركون لاحقاً. وقال أحد المسؤولين إن فشل الطرفين في حماية المدنيين جعل من الواضح أنهما لم يعودا مناسبين لحكم البلاد من الآن فصاعداً.

وقال دبلوماسيون ومصادر سودانية إنه على رغم رغبة الجيش في التفاوض، فإن الموالين للبشير الذين يتمتعون بنفوذ قوي في الجيش يرفضون المفاوضات وسيفضلون مواصلة إعادة بناء النفوذ في ظل استمرار القتال.

واندلع القتال في أبريل (نيسان) الماضي بسبب خطط لدمج القوات، وجاء أيضاً بعد أربع سنوات من إطاحة الجيش و"الدعم السريع" بالرئيس السوداني عمر البشير، وبعد 18 شهراً من قيادتهما انقلاباً للإطاحة بشركاء مدنيين، وتسبب القتال منذ ذلك الحين في دمار بالعاصمة ومدن رئيسة أخرى، ونزوح ستة ملايين شخص ومقتل آلاف.

وعلقت الولايات المتحدة والسعودية المحادثات في يونيو (حزيران) بعد تكرار انتهاك وقف إطلاق النار.

اشتباكات ضارية

ميدانياً، شهدت مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور طوال، أمس الثلاثاء، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، واعتُبرت الأعنف منذ بدء الحرب في 15 أبريل (نيسان) الماضي، وتركزت حول محيط قيادة الجيش في هذه المدينة، مما أوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين، فضلاً عن فرار جماعي لأعداد كبيرة من المدنيين.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبدالله في بيان عن الوضع العملياتي، إن "القوات المسلحة السودانية بجميع المناطق والفرق متماسكة ومسيطرة على الأوضاع. وقد دحرت الفرقة 16 مشاة في نيالا محاولات هجومية فاشلة جديدة من قبل ميليشيات الدعم السريع، وبلا شك أن قواتنا قادرة على تحطيم جميع هذه المحاولات التي يقوم بها العدو". وأضاف عبد الله، "كما تمكنت قواتنا في منطقة العيلفون شرق الخرطوم من إسقاط مسيرة معادية، وفي ذات الوقت توجه قواتنا ضربات ناجحة في مختلف المحاور والمناطق داخل العاصمة وخارجها".

وواصل المتحدث باسم الجيش "صحيح أن العدو يحاول القيام بمناوشات هنا وهناك، لكنها دائماً تبوء بالفشل وتعود بالخسائر في الأفراد والمعدات في صفوف المتمردين، فقواتنا جاهزة بكامل معنوياتها واستعداداتها لتحطيم هذه المحاولات حتى يتحقق النصر".

في المقابل، أظهرت فيديوهات عدة بثتها قوات "الدعم السريع" إحكام سيطرتها على مستشفى السلاح الطبي ومستودعات الذخيرة التابعة للقوات المسلحة بنيالا، مؤكدة تقدمها في هذه المعركة من ناحية الاتجاه الشرقي لمقر الفرقة 16 للجيش.

وبحسب شهود ، فإن قوات "الدعم السريع" قصفت بشكل مكثف داخل الأحياء المحيطة بقيادة الجيش، خصوصاً "الجير شمال"، و"خرطوم بليل"، و"النهضة"، مما دفع سكانها إلى النزوح باتجاه المناطق الآمنة، لافتين إلى مشاهدتهم جثثاً متناثرة على الطرقات نتيجة القصف المدفعي الكثيف والمتواصل.

وذكرت "تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر" حول الوضع في نيالا أن "معارك شرسة دارت في محيط القياة التابعة للجيش السوداني، وتمكن الجيش من صد الهجوم وأجبر قوات الدعم السريع على الانسحاب والخروج من السلاح الطبي والمستودعات، لكن لم نتمكن من حصر عدد القتلى والجرحى المدنيين". وتسعى قوات "الدعم السريع" إلى السيطرة على حامية الجيش في نيالا التي تعد بمثابة رئاسة الفرق العسكرية في غرب السودان، وهو ما يتيح لها السيطرة على الجزء الأكبر من جنوب دارفور ذات الموقع الاستراتيجي، فيما يستميت الجيش في الدفاع عن قاعدته.

هدوء حذر

وفي الخرطوم، يسود جبهات القتال المختلفة في مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم، وأم درمان، وبحري، هدوءاً حذراً مقارنة بسابق الأيام، إذ سُمع دوي قصف مدفعي من منصات "الدعم السريع" بمناطق شرق وجنوب العاصمة لفترة تقل عن ساعة، باتجاه أهداف للجيش السوداني، فيما لا تزال أعمدة الدخان تتصاعد في محيط سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية وأحياء جبرة والجريف وسوبا جنوب شرق الخرطوم.

ووفقاً لمصادر مدنية، فإن المنطقة المحيطة بسلاح المهندسين جنوب أم درمان، لا سيما حي المربعات وحي الشقلة، شهدت معارك متقطعة، إضافة إلى قيام "الدعم السريع" بقصف مدفعي باتجاه تلك المنطقة مما أسفر عن تلف المحول الكهربائي الذي يغذي المنطقة وانقطاع التيار الكهربائي فيها.

تسليم أسرى

في الأثناء، سلمت السلطات المختصة بولاية كسلا، ممثلة بمجلس رعاية الطفولة، أمس الثلاثاء، 30 طفلاً قاصراً من أسرى الحرب إلى ذويهم، بعدما تم أسرهم كمقاتلين في صفوف "الدعم السريع" ومن ثم تسليمهم من قبل القوات المسلحة إلى منظمة الصليب الأحمر وترحيلهم إلى ولاية كسلا.

ونوه والي كسلا المكلف، خوجلي حمد عبد الله، "بجهود كافة الذين أسهموا في تقديم الخدمات لهؤلاء الأطفال من دعم نفسي ورعاية اجتماعية وصحية وبلوغهم الحالة الصحية الجيدة من منطلق أنهم مواطنون سودانيون لهم كل الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن". وتابع "إننا ضد تجنيد الأطفال كمقاتلين ونحترم القانون وحقوق الإنسان وأن الناس جميعهم سواسية ولا يوجد تمييز بينهم على أي أساس"، مؤكداً أن "الولاية ستسلم أي طفل إلى ذويه شريطة اكتمال الإجراءات والتأكد من درجة القرابة ومن أنه في أيد أمينة، وأن هناك خطاباً موجهاً من الولاية إلى رئاسة المجلس السيادي متعلق بإصدار عفو عام عن الأطفال حتى لا تتم ملاحقتهم أو مساءلتهم من أي جهة إذ إنهم لم يعودوا جنوداً في ’الدعم السريع’".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


31 بلاغاً

إلى ذلك، بلغ عدد البلاغات الجنائية التي دونت في منصة البلاغ الإلكتروني في الفترة ما بين الأول من يونيو (حزيران) الماضي و21 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أكثر من 31 ألف بلاغ.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم قوات الشرطة، العميد فتح الرحمن محمد التوم، أن "جملة البلاغات المدونة في الأشهر الأربعة الماضية حتى أكتوبر، بلغت 31667 بلاغاً. إذ وصل عدد بلاغات الأشخاص المفقودين إلى 113، وبلاغات التعدي على النفس 40 بلاغاً، والتعدي على المال 7721 بلاغاً. كما سجلت بلاغات السيارات المفقودة 23761 ألف بلاغ. وتم استرداد أكثر من 40 سيارة مفقودة".

وبين التوم أن "لجنة تفعيل العمل الجنائي التي شكلها وزير الداخلية قامت بالتحري واتخاذ الإجراءات اللازمة في سير الدعاوى الجنائية لهذه البلاغات"، مضيفاً أن "اللجنة قامت بحظر السيارات المبلغ عن سرقتها في نظام المرور حتى لا يتم ترخيصها أو التداول فيها بالبيع والشراء، كما عممت نشرات جنائية بأوصافها لكافة الأقسام والإنتربول حتى يتم ضبطها إذا ما هُربت إلى خارج البلاد".

سجال حول المفاوضات

سياسياً، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي سجالاً كبيراً بين السودانيين بمختلف ألوانهم حول استئناف المفاوضات بين الجيش و"الدعم السريع"، غداً الخميس، برعاية الوساطة السعودية- الأميركية، في مدينة جدة، وعما ستسفر عنه هذه المفاوضات التي يؤيدها قطاع عريض من نتائج، أهمها وقف الحرب.

في هذا السياق، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عروة الصادق لـ"اندبندنت عربية" إنه "نظراً لما آلت إليه الأوضاع الإنسانية والمادية والمهنية والأخلاقية وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخسائر الفادحة في الأرواح والأموال والاضطراب الأمني وموجات الهجرة والنزوح والفرار، فإن استئناف مفاوضات جدة بين طرفي النزاع طال انتظاره، وفي تقديري أن أحد أبرز أوجه الاختلاف عن المفاوضات السابقة، هو التوقيت، فاحتراق المنطقة بنيران الحروب يتسع والأزمات تتفاقم، والوضع على الأرض كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأيقن الطرفان أن استدامة الحرب تعني خراباً ودماراً وربما انقساماً في البلاد وحتى في جيوشهم المتقاتلة".

وزاد الصادق أن "هناك مؤشرات إيجابية لهذه المفاوضات من أبرزها رفع الدول الميسرة للتفاوض لتمثيلها الدبلوماسي، ما يزيد درجة الجدية والحزم. كما أن الوضع في المنطقة جعل دول المحيطين العربي والأفريقي تدعم منبر جدة عبر ممثلين بالحضور والمراقبة، لا سيما من منظمة الإيغاد ودول جوار السودان والاتحاد الأفريقي، مما يعني اتساع دائرة الدعم لوقف الحرب وتحجيم دور الدول والجماعات الداعمة لها. كما أن حضور كروت الضغط الجزائية والملاحقات الجنائية والعقوبات الدولية تسهم في الدفع للتوجه نحو السلام، فيما يمثل تشكيل الكتلة السياسية المدنية والاجتماعية الموحدة ضد الحرب أحد عوامل الضغط لإنهائها ونزع المشروعية عنها".

وأردف "في الحقيقة لمسنا من خلال اتصالاتنا وتواصلنا مباشر مع العسكريين من جنرالات الفريقين رغبة أكيدة في إنهاء الحرب، وإصراراً أكيداً على نجاح هذه الجولة، واجتهاد في تهيئة الأجواء لقبول علمية السلام وكسر جمود العملية التفاوضية، ورأينا ذلك في تنوير نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، والذهاب المبكر إلى جدة، إذ إن عملية السلام وحدها هي التي ستكفل لنا جميعاً خروج البلاد من حالة اللادولة وعدم الاعتراف الدولي، وهي الضامن الوحيد لبقاء البلاد مستقرة بحدود موحدة وجيش واحد، وهي الفرصة لمعرفة من تسبب بالحرب وكشف القناع عن المجرمين".

وأفاد القيادي في قوى الحرية والتغيير بأن "استمرار الحرب لأكثر من ذلك سيقسم البلاد ويشظي سبيكتها المجتمعية ويفتحها على الحرب الأهلية الشاملة ويمهد ذلك لغزو خارجي أو تدخل دولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كل هذه المخاوف صارت ماثلة لعيان جنرالات القوات المسلحة والدعم السريع، كما أن الضغوط اليومية على المواطنين جراء الانتهاكات رفعت وتيرة السخط والغضب والغبن الاجتماعي، وفوق كل ذلك القناعة التي وصل إليها الجنرالات بعد التجربة والتاريخ أن الحروب لا تنتهي إلا على طاولات التفاوض ولعل هذه فرصة ذهبية أخيرة إن أضاعوها ستضيع البلاد التي ورثناها موحدة ومتماسكة".

المزيد من متابعات