Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تثبيت الفائدة في تونس يزيد معاناة القطاع الخاص

صعوبات الوصول إلى التمويل بسبب الكلفة المرتفعة تؤدي إلى انكماش وإفلاس آلاف المؤسسات

انخفضت معدلات التضخم إلى 9 في المئة خلال سبتمبر الماضي مقابل 9.3 في المئة في أغسطس 2023 (أ ف ب)

حافظ البنك المركزي التونسي على مستويات أسعار الفائدة الرئيسة عند ثمانية في المئة، بعدما أعلن الخميس الماضي للمرة التاسعة على التوالي تثبيت الفائدة.

وكان البنك المركز التونسي رفع أسعار الفائدة خلال ثلاثة مناسبات في العام الماضي، كان آخرها في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وأكد في بيان عقب قرار التثبيت أنه سيظل يقظاً مراقباً لمؤشرات التضخم، مشدداً على استعداده لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتقليص التضخم وإعادته إلى المستويات العادية، ومعتبراً أن السياسة النقدية الحالية من شأنها أن تدعم استمرار انفراج أزمة التضخم خلال الفترة المقبلة.

وفي المقابل قوبل قرار "المركزي التونسي" بانتقادات قوية من قبل الهياكل الممثلة للمؤسسات التونسية، إذ ترى أن تمسكه بالمستوى الحالي للفائدة الرئيسة أنهك شركات القطاع الخاص بسبب الزيادة في كلفة الاقتراض، إضافة إلى أنه يكرس تدهور القدرة الشرائية للتونسيين، فكل خفض في قيمة الدينار التونسي يقلص حظوظ الأسر التونسية في الاقتراض.

 وكانت مؤشرات التضخم تراجعت بصورة طفيفة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ انخفضت إلى تسعة في المئة هبوطاً من 9.3 في المئة خلال أغسطس (آب) 2023، وهو ما وصفه المركزي التونسي بـ "التحسن النسبي الناجم عن استعادة الديناميكية على مستوى القطاع السياحي ونمو الصادرات الصناعية"، بينما اعتبر أن الجفاف وتداعياته السلبية يعرقلان مسار النمو الاقتصادي بصورة ملحوظة.

في غضون ذلك انخفض العجز الجاري الذي بلغ 3.4 مليار دينار (1.07 مليار دولار) ما يعادل 2.2 في المئة من إجمال الناتج المحلي حتى سبتمبر 2023، في مقابل عجز قدره 10.3 مليار دينار (3.2 مليار دولار) بنسبة 7.2 في المئة من إجمال الناتج المحلي.

ويعود هذا التقلص لاستمرار تراجع العجز التجاري الذي بلغ 11.6 مليار دينار (3.65 مليار دولار) في نهاية سبتمبر 2023 في مقابل 17 مليار دينار (5.36 مليار دولار) قبل عام، إضافة إلى دعم ميزان العمليات الجارية بمقابيض القطاع السياحي وتحويلات المغتربين، مما عزز رصيد احتياط العملات الأجنبية الذي بلغ في منتصف الشهر الجاري عند 26.6 مليار دينار (8.39 مليار دولار)، وهو ما يغطي فاتورة الواردات لمدة 119 يوماً.

وتوقع المركزي تباطؤ معدل التضخم بصورة تدريجية خلال العام الحالي، بعد أن استمر في اتجاه تنازلي بدأ منذ مارس (آذار) 2023، ليعكس انفراج تدريجي في نمو التضخم الأساس من دون اعتبار لأسعار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة بعد أن ناهز التضخم في أسعارها نحو 8.8 في المئة خلال أغسطس الماضي.

واستدرك البنك، "لكن تظل عوامل الأخطار التضخمية نشطة مما يعرقل المسار النزولي لمؤشرات التضخم على خلفية ارتفاع أسعار بعض السلع في السوق العالمية وكذلك عوامل الجفاف"، داعياً إلى تسريع ارساء الإصلاحات الهيكلية بصفتها السبيل الوحيد لاستعادة نسق النمو وتوازنات الاقتصاد التونسي.

سوق نقدية هشة

وأشار البنك إلى أن نسبة الفائدة في السوق النقدية التونسية سجلت استقراراً عند ثمانية في المئة بعدما شهدت ارتفاعاً مطرداً خلال العامين الأخيرين، إذ ارتفعت من 6.26 في المئة في أغسطس2021 إلى 7.03 في المئة في الشهر نفسه من عام 2022، قبل أن تواصل الارتفاع في أبريل (نيسان) الماضي إلى 8.01 في المئة، مقابل 8.05 في المئة في مارس الماضي و8.02 في المئة في فبراير (شباط) 2023.

ضحايا الاقتراض المكلف

إلى ذلك أسهم ارتفاع أسعار الفائدة في تراجع إجمال القروض البنكية الموجهة للمؤسسات، مما أثار حفيظة المنظمات التي تمثلها، إذ تراجع إجمال القروض بنحو مليار دينار (315 مليون دولار) في غضون 10 أشهر، وسجل في مارس الماضي 82.8 مليار دينار (26.11 مليار دولار) متراجعاً من 83.8 مليار دينار (26.43 مليار دولار) خلال ديسمبر 2022.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشمل النقص القروض بجميع أصنافها من طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى، وتشير البيانات أن 59.6 في المئة منها قصيرة المدى.

ولم تعد المؤسسات التونسية قادرة على الاقتراض الكبير طويل المدى لتوسيع استثماراتها، بل تكتفي بقروض صغيرة لمواجهة مصاريف التسيير والتشغيل.

المؤسسات تواجه إشكالاً كبيراً

وتعليقاً على ذلك قال رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (منظمة مستقلة) طارق الشريف إن "المؤسسات تواجه إشكالاً كبيراً على مستوى التمويل"، داعياً إلى إيجاد حلول عاجلة.

وعن تلك الحلول أوضح الشريف أن "منها إحداث بنك استثماري خاص يستجيب لحاجات الشركات التي تحتاج في الظرف الراهن إلى امتيازات، سواء في ما يتعلق بمدة سداد القروض أو نسب الفوائض حتى تتمكن من رفع قدراتها التنافسية وضمان استمراريتها في السوق".

من جهته انتقد نائب رئيس الاتحاد التونسي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة علي العبيدي ارتفاع كلف الاقتراض بعدما تخطت حدود الـ 12 في المئة لدى البنوك، وتتراوح بين 14 و20 في المئة لدى مؤسسات الإيجار المالي، مشيراً إلى أن ذلك يعوق جهود دفع الاستثمار، إذ تدفع المؤسسات الصغرى والمتوسطة ضريبة الترفيع (الزيادة) في الفائدة الرئيسة، ولا تقع مراعاة وضعها المالي الهش من قبل البنوك التجارية.

وأضاف العبيدي، "علاوة على تداعيات الترفيع في الفائدة الرئيسة التي لا تتوقف عند الزيادة في فوائد الاقتراض بل تتعداها إلى إجحاف المؤسسات بضمانات إضافية، بسبب الأخطار الناجمة بدورها عن ارتفاع الكلفة".

وتابع أن هذا الأمر تسبب في إفلاس شركات عدة على خلفية أزمة كورونا، بينما أغلقت 135 ألف مؤسسة أبوابها نهائياً"، مطالباً بتدخل الدولة لحماية المؤسسات الصغرى والمتوسطة من تداعيات صعوبات التوصل إلى التمويل، وفي الأقل الشركات المهددة بالإفلاس، إذ تمثل نحو 80 في المئة من النسيج الاقتصادي التونسي.