Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد العام التونسي للشغل في طريق "الموت البطيء"

مراقبون يتوقعون صداماً مرتقباً بين الحليفين سعيد والطبوبي

صوت الاتحاد العام التونسي للشغل خفت في المرحلة الفائتة (أ ف ب)

ملخص

مراقبون تونسيون يحذرون من صدام مرتقب بين الرئيس قيس سعيد والاتحاد العام للشغل بعد تراجع مكانة الأخير

دخل الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة التي كانت تحظى بنفوذ قوي مكنها من لعب أدوار سياسية بارزة، مرحلة من عدم اليقين بعد تجاهل مبادرات دفع بها لحلحلة الأزمة السياسية التي تشهدها تونس ودخوله في معركة مع السلطة زادت من إضعافه.

وكان لافتاً تلويح الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، قبل أيام بالعودة إلى "النضال" وهو ما أثار تساؤلات حول مستقبل الاتحاد وأدواره، لا سيما أن الرئيس قيس سعيد الذي أعاد البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي القوي حاول منذ فترة قطع الطريق أمام الاتحاد بتبني شعارات كانت بالأمس حكراً عليه على غرار رفض التخلي عن الدعم الحكومي المخصص للسلع الأساسية ورفض كذلك التفويت في المؤسسات العمومية للقطاع الخاص وهي مسائل شديدة الحساسية في تونس.

يدفع ثمن أخطائه

بعد الزج بمعظم رموز المعارضة السياسية في السجن والتي كانت آخرهم رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، تتوجه الأنظار في تونس إلى بطحاء محمد علي الحامي في العاصمة التي تعد ساحة رئيسة وتاريخية للاتحاد، حيث كان ينظر إلى النقابة على أنها عصية عن التزحزح.

لكن في هذه المرحلة، التي نجح فيها الرئيس قيس سعيد في تثبيت حكمه تدريجاً، بدأ الاتحاد في التراجع بالفعل على رغم أن الأمور تسوء لا سيما على المستوى الاجتماعي بعد فقدان العديد من المواد الأولية والغلاء المستفحل وهي نقاط كان في إمكان الاتحاد أن يلعب على وترها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول المستشار الرئاسي السابق، عدنان منصر، وهو مؤرخ تونسي أيضاً، إن "وضعية الاتحاد الراهنة تشبه بشكل كبير حال الأحزاب السياسية وهو شريك سياسي رئيس في صياغة عشرية الانتقال الديمقراطي لكنه يتعرض لعملية تحرش الآن ومستهدف مثل كل الأجسام الوسيطة لأننا نعيش فترة تنتعش فيها الشعبوية التي ترفض أي دور للأجسام الوسيطة".

وقال منصر في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إن "هذه الشعبوية لن تقضي على تلك الأجسام بجرة قلم بل من خلال حرمانها من لعب أي دور، هذا التمشي نفهمه من خلال رفض الرئيس قيس سعيد لأفكار قدمها الاتحاد على أساس أنها مبادرة للحوار السياسي، ولا يوجد أي استعداد لمنح الاتحاد دوراً، فالسلطة مصممة على ذلك وما يزيد الطين بلة هو الخلافات التي شهدها البيت الداخلي للاتحاد حول مؤتمره وهو أمر استفاد ويستفيد منه سعيد".

كانت خلافات قوية شقت الاتحاد بعد مؤتمر استثنائي جرى خلاله المصادقة على تعديلات في النظام الداخلي بشكل يسمح للقيادة الحالية برئاسة الطبوبي بالترشح مجدداً وهو أمر استغلته السلطة بالفعل عندما عينت قيادياً من القيادات الغاضبة في منصب وزير وهو محمد علي البوغديري الذي تولى حقيبة وزارة التربية في خضم مواجهة بين نقابات التعليم والوزارة.

 

 

واعتبر منصر أن "الاتحاد يتحمل مسؤولية لأنه وفر الظروف لانشقاقات داخله، فتعديل النظام الداخلي خطيئة يدفع ثمنها اليوم وسيظل يدفع ثمنها مستقبلاً، لكن هو أيضاً كان شريكاً في مرحلة الانتقال الديمقراطي ما جعله اليوم مستهدفاً في دوره الاجتماعي والسياسي".

دور الاتحاد يبقى قائماً

في المقابل، يرى مراقبون تونسيون أن حالة الجمود التي تخيم على الاتحاد في المرحلة الراهنة لا تعني نهايته، لا سيما أن تاريخه تذبذب بين تحقيق مكاسب ضد خصومه وأيضاً انتكاسات، خصوصاً عند الصدامات التي دخل فيها مع السلطات السابقة.

وأيد الاتحاد التونسي للشغل الإجراءات التي أقرها الرئيس سعيد في 2021 وهي إجراءات وضعت حداً لتجربة الانتقال الديمقراطي التي أفرزتها احتجاجات يناير (كانون الثاني) 2011، لكن سرعان ما هزت الخلافات العلاقات بين الطرفين حول حل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.

وحاول الاتحاد في البداية تحريك بعض النقابات في قطاعات حيوية مثل النقل والتعليم، وهي نقابات شنت إضرابات لها كلفتها في بلد ينهار اقتصادياً، وأخفق إلى حد كتابة هذه السطور في الحصول على تمويل يقدر بـ1.9 مليار دولار وهو تمويل تعد مالية البلاد في أمس الحاجة إليها.

الاتحاد والرئيس معاً

وقال المحلل السياسي، الجمعي القاسمي، إن "دور الاتحاد ما زال قائماً، وله العديد من الأوراق، لكن طبيعة المعادلة السياسية بعد 25 يوليو (تموز) تغيرت كثيراً حتى مفردات الخطاب السياسي وكذلك الاقتصادي والاجتماعي أصبحت هي نفس المفردات التي يستعملها الرئيس قيس سعيد مع اختلاف في الحدة في بعض الأحيان".

وذكر القاسمي في تصريح خاص، أن "المفردات التي استند إليها الاتحاد العام التونسي للشغل وتجسدت في شعارات وفي خطوات عملية في أحيان كثيرة في السنوات الماضية تراجعت بعد أن سحب الزخم الذي استطاع قيس سعيد أن يحققه من الاتحاد بعض شعاراته، إلى جانب الخلافات التي عصفت بالاتحاد داخلياً والصورة التي تغيرت على المستوى الإعلامي ما قاد إلى إضعاف حضور دور الاتحاد الذي فقد جزءاً من حاضنته العمالية".

 

 

واستنتج أنه "لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتراجع دور الاتحاد العام التونسي للشغل، وما زالت لديه الأوراق لإدارة المعركة مع السلطة القائمة، لا سيما أننا لم نصل بعد إلى مرحلة التصادم بين الطرفين على رغم القطيعة، لكن طبيعة الأوضاع ستدفع الاتحاد إلى موقع تصادم بالفعل إن لم تقم السلطة بتحركات ما لامتصاص جزء من الاحتقان الشعبي الذي بدأ يتراكم".

وفي خضم استعداده لآخر استحقاق انتخابي في خريطة سياسية شاملة أطلقها قبل سنتين، من المتوقع أن يواصل الرئيس سعيد تجاهل الاتحاد العام التونسي للشغل وهو ما سيضع دوره على المحك خصوصاً أن الرجل لا يزال يحظى بتأييد شعبي على رغم الأزمات التي تتربص بالبلاد.

المزيد من متابعات