Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تاريخ الجيش الإسرائيلي من عصابات "الهاغاناه" إلى قدرات قتالية كبيرة

أفراده 169 ألفاً و500 وجنود الاحتياط نصف مليون يبقون في حالة استعداد للالتحاق بالخدمة العسكرية في حال استدعائهم

ما زالت المساعدات المالية الأميركية لإسرائيل المصدر الأهم للدعم العسكري (أ ف ب)

ملخص

نشأت عصابات "الهاغاناه" اليهودية المتطرفة على مرأى جيش الانتداب البريطاني ثم تطورت إلى جيش بعد عام 1930 ثم حولها بن غوريون إلى جيش الدفاع عام 1948.

يمتلك جيش الدفاع الإسرائيلي سمعة عسكرية كأحد أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، ويحتل غالباً واحدة من المرتبات الـ10 الأولى في تصنيفات جيوش العالم التي تنشر سنوياً وتعتمد على معايير كثيرة، من بينها العتاد والآليات العسكرية وأنواع الأسلحة وتطورها التقني والتنظيم الإداري والجهوزية القتالية، وغيرها كثير من الشروط التي يجب توافرها في الجيش القادر على الانتصار في حروبه التي يخوضها أو في الدفاع ورد الهجوم.

خلال البحث في الأسباب التي تمنح الجيش الإسرائيلي المراتب المتقدمة بين جيوش دول كبرى تفوق بحجمها ومساحتها وعدد سكانها إسرائيل بعشرات المرات، وجدنا أن موقع الجيش الإسرائيلي الإلكتروني والمفتوح أمام الزوار خير مصدر للمعلومات الرسمية بلغات عدة منها العربية، وللتثبت من صحة هذه المعلومات قارناها مع تحقيقات وتقارير مستقلة صادرة عن معاهد ومراكز الدراسات المعنية بتصنيف الجيوش وبتجارة السلاح على أنواعه.

استراتيجيته في البيانات الرسمية

يشير الجيش الإسرائيلي إلى تطوير قدراته القتالية في السنوات الأخيرة بسبب المستجدات التي طرأت على البيئة الحربية المحيطة، ومنها تغيير خصائص التهديد على إسرائيل، بعد تزايد التهديدات غير التقليدية التي تنتهجها حركات مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، سواء في لبنان أو في فلسطين، كحفر الأنفاق المجهزة بدرجة عالية من الاحترافية والسرية وقدرتها على تحمل حرب طويلة.

كذلك من بين التغييرات الاستراتيجية تغيير أدوات الصراع بواسطة رشقات صواريخ متوسطة المدى تنطلق من غزة وجنوب لبنان، ويسمى الجيش الإسرائيلي هذه العمليات "إطلاق النار بمسار مرتفع"، وتضاف التهديدات السيبرانية إلى الأسس المهمة في الحروب الحديثة. أما القاعدة الأساسية الجديدة في الاستراتيجية الدفاعية الإسرائيلية فترتكز على التدريب المكثف لمحاكاة معارك أو مواجهات أو حروب عدة على جبهات متباعدة في آن واحد.

وأدى تطوير حركات المقاومة كفاءتها في المناورة البرية وتنويع عملياتها الموضعية في المعارك الصغيرة التي تقع في فترات ما بين الحروب التدميرية إلى عودة الجيش الإسرائيلي لتوكيد مبادئه القديمة التي تدور حول الردع والإنذار والدفاع والحسم، كما يشرح موقع الجيش الإلكتروني.

تعريف إسرائيل لجيشها

جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش دولة إسرائيل، وكلمة "الدفاع" تأتي في صلب اسمه على خلاف أسماء جميع جيوش العالم، في محاولة للإيحاء بأن مهمته الدفاع عن الدولة، ولا يبادر إلى الهجوم والتوسع من تلقاء نفسه.

وجيش الدفاع الإسرائيلي كانت نشأته في البداية من عصابات "الهاغاناه" اليهودية المتطرفة والمسلحة بعد مجموعة من أعمال الشغب في مواجهة قوات الانتداب البريطاني من جهة، وبعد معارك متفرقة في المدن والقرى الفلسطينية بهدف ترهيب السكان وإجبارهم على ترك أرضهم بالقوة تحت التهديد بالقتل أو بواسطة القتل مباشرة من دون التهديد به، وقد قامت هذه العصابة بعدد كبير من المجازر في حق المدنيين الفلسطينيين الذين رفضوا التخلي عن ملكياتهم ومنازلهم، ومنها مجزرة الحولة ومجازر دير ياسين وصفد والبيرة، وهي مجازر جماعية كان يقع بعضها تحت نظر الجيش الإنجليزي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تطورت "الهاغاناه" منذ ثلاثينيات القرن الـ20 من ميليشيات إرهابية غير منظمة إلى جيش كامل بعد عام 1930، ثم قام رئيس الوزراء بن غوريون بتحويل "الهاغاناه" إلى جيش الدفاع الإسرائيلي في عام 1948.

وينص التعريف الوارد في الموقع الإلكتروني بأن جيش الدفاع الإسرائيلي يخضع لسلطة الحكومة المدنية، من أجل تحقيق هدف الحفاظ على دولة إسرائيل وحماية استقلالها وإحباط محاولات "أعدائها" لتعطيل الحياة الطبيعية داخلها. ويكمل البيان بأن "جنود جيش الدفاع الإسرائيلي ملزمون بالقتال وتكريس حياتهم لحماية دولة إسرائيل ومواطنيها وسكانها على أن تصرفاتهم تنبع من قيم جيش الدفاع الإسرائيلي وقيم إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، بحسب التعريف الرسمي على موقع الجيش الإسرائيلي. وتسمى هذه المدونة الأخلاقية "روح جيش الدفاع الإسرائيلي" التي توجه جنوده وقادته ووحداته وفيالقه.

لمحة لوجيستية

وفقاً لأرقام عام 2023 جاء في التقرير الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن عديد أفراد الجيش والبحرية والمؤسسات شبه العسكرية يبلغ 169500 جندي. ويقارب عدد جنود الاحتياط نصف المليون يبقون في حالة استعداد للالتحاق بالخدمة العسكرية ريثما يتم استدعاؤهم. على سبيل المثال في حرب "السيوف الحديدية" الدائرة منذ أسبوعين تمركز نحو 300 ألف جندي على حدود قطاع غزة بسبب إمكانية الاجتياح البري للقطاع بحسب الناطق العسكري الإسرائيلي. ويلتزم الشبان والشابات الذين بلغوا الـ18 من العمر بتأدية الخدمة العسكرية، ويخدم الذكور لمدة ثلاث سنوات وسنتين للإناث.

أما الترسانة العسكرية التي تمتلكها إسرائيل وتضع جيشها في لائحة أقوى الجيوش، فتضم أسلحة حديثة تطورها المصانع العسكرية الإسرائيلية أو المؤسسة الصناعية العسكرية الأميركية، التي تقدم دعماً سنوياً دائماً لإسرائيل من الأسلحة ومن الأموال المقدرة بمليارات الدولارات. ويدخل في هذه الترسانة 2200 دبابة من بين الأحدث والأكثر تطوراً تقنياً و"الميركافا" هي الأشهر بينها. وتتوزع الفرق المدفعية على 530 موقعاً للمدافع الثقيلة الطويلة والمتوسطة والقصيرة المدى. وتتألف القوة الجوية الإسرائيلية من 399 طائرة حربية قتالية ذات قدرات تدميرية هائلة، وتتوزع على 196 طائرة "F16" و83 طائرة من نوع "F15" و30 طائرة من نوع "F35". وتعاون الطائرات الحربية القادرة على خرق سرعة الصوت مجموعة من 142 طائرة هليكوبتر، بينها 43 مروحية هجومية من طراز "أباتشي" التي طورتها إسرائيل لتصبح واحدة من المروحيات التي تثير الرعب في الجيوش البرية، بسبب قدرتها العالية على المناورة وعلى حمل عدد كبير من الأسلحة المختلفة.

وتتألف القوة البحرية الإسرائيلية من خمس غواصات و49 فرقاطة مقاتلة يمكنها القتال في عرض البحر وقرب السواحل.

 

وتطورت القبة الحديدية بعد تطوير حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية آليات إطلاق رشقات كثيفة من الصواريخ الخفيفة والمتوسطة المدى نحو الداخل الإسرائيلي، وصار لنظام القبة الحديدية واسمها الأكاديمي "منظومة الدفاع الجوي المتنقل" دوراً مهماً في إطار دفاعات الجيش. وقد تم تطوير القبة الحديدية عام 2006 بعد حرب لبنان الثانية أو "حرب تموز"، وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد قدمت 1.5 مليار دولار للدفاع الصاروخي الإسرائيلي في عام 2022.

وبعد ساعات من الهجوم الأخير الذي أطلقت عليه حركة المقاومة الفلسطينية اسم "طوفان الأقصى" أطلقت إسرائيل حربها "السيوف الحديدية" ضد حركة "حماس" في قطاع غزة، وحصلت خلال أيام على ذخائر ومعدات إضافية ومنصات إطلاق جديدة تدعم قبتها الحديدية في اعتراض الصواريخ القادمة من غزة أو من جنوب لبنان. وقد زار الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل قبل أيام خلال دوران رحى الحرب ليؤكد الدعم المطلق لإسرائيل، واقتدى رؤساء دول أوروبية بهذا الدعم عبر زيارات قادتها وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا.

ووفقاً للجيش الإسرائيلي فإن القبة الحديدية تمكنت من اعتراض أكثر من 90 في المئة من الصواريخ التي أطلقت نحوها خلال عام 2021، ثم تأتي الترسانة النووية الإسرائيلية كأداة ترهيب رئيسة من أدوات الجيش، إذ لم يتم الاعتراف رسمياً بامتلاك إسرائيل السلاح النووي، على رغم تأكيد مسؤولين عسكريين سابقين امتلاكها برنامجاً نووياً سرياً، هذا الصمت يساعد إسرائيل في التهرب من التزام الاتفاقات النووية من جهة، وفي زرع الشك لدى أعدائها حول ترسانتها النووية من جهة أخرى.

الإنفاق العسكري

في عام 2022 أصدرت مؤسسات ومعاهد غير حكومية عدة أرقاماً حول إنفاق إسرائيل العسكري في عام 2022 الذي وصل إلى 23.4 مليار دولار. وغالباً ما تخصص الحكومات الإسرائيلية في موازناتها ما نسبته 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لصالح الموازنة العسكرية وهي النسبة الـ10 عالمياً.

ذهبت ثلث الصادرات العسكرية الإسرائيلية وتقدر بـ1.2 مليار دولار إلى الهند وحدها في العام الماضي (2022)، وهناك 34 دولة أخرى تستورد الأسلحة من المصانع الإسرائيلية، مثل أذربيجان ثاني أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية تليها الفيليبين ثم فيتنام.

وما زالت المساعدات المالية الأميركية لإسرائيل المصدر الأهم للدعم العسكري إذ تلقت ما مجموعه 263 مليار دولار أميركي كمساعدات وهبات وقروض ميسرة ما بين عامي 1946 و2023. وجاء الجيش المصري في المرتبة الثانية كأكبر متلق للمساعدات الخارجية الأميركية بـ151.9 مليار دولار في السنوات الـ77 الماضية.

في تحقيق بعنوان "ما الذي يجعل الجيش الإسرائيلي قوياً جداً؟"، كتبت المعلقة العسكرية مايا كارلين، أن عدد الحروب الكبير الذي خاضه الجيش الإسرائيلي في مواجهة الجيوش العربية وحركات المقاومة الفلسطينية على اختلافها، كانت سبباً لتطور بنيان وقوة الجيش الإسرائيلي بناءً على التجربة، فكل حرب كانت تكشف الثغرات التي يجب سدها في كل النواحي العسكرية، والحروب الإسرائيلية بدأت منذ عام 1948 أي ما سماها العرب "النكبة"، وتلتها أزمة قناة السويس عام 1956، ثم حرب الأيام الستة عام 1967 التي سماها العرب "النكسة" ثم حرب يوم الغفران عام 1973 التي استرد فيها الجيش المصري سيناء، وأقام الرئيس المصري الراحل أنور السادات على أثرها اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام بين مصر وإسرائيل، وقد تركت هذه الاتفاقية آثاراً هائلة الحجم في علاقات الدول العربية مع إسرائيل سواء إيجاباً أم سلباً.

وتلت حرب الغفران عملية عنتيبي عام 1976، واجتياح لبنان عام 1982 الذي انتهى بطرد المنظمات الفلسطينية من العاصمة اللبنانية وتوزيعها على الدول العربية، ثم جاءت الانتفاضتان الأولى والثانية وحربا غزة، ثم حرب عناقيد الغضب على لبنان في عام 1996 ثم حرب لبنان الثانية في يوليو (تموز) 2006.

المزيد من تقارير