Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عبء النزوح يثقل كاهل المسنين السودانيين في مراكز الإيواء

منهم من هجر قسراً جراء تعرض مناطقهم للقصف وآخرون يعيشون حياة الشتات جراء نزوح أسرهم بحثاً عن الأمان

نزح مئات الكهول والطاعنين في السن من الخرطوم بحثاً عن الأمان (أ ف ب)

يعيش المسنون السودانيون في معسكرات إيواء النازحين الفارين من ويلات حرب الخرطوم، حياة شاقة ومتعبة تلازمهم منذ ستة أشهر من التشرد وسط ظروف بالغة التعقيد، بخاصة الأوضاع الإنسانية والمعيشية والرعاية الصحية.

ومنذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، نزح مئات الكهول والطاعنين في السن من الخرطوم بحثاً عن الأمان، فمنهم من هجر قسراً جراء تعرض مناطقهم للقصف، وآخرون يعيشون حياة الشتات جراء نزوح أسرهم بحثاً عن النجاة بحياتهم.

أزمات ومعاناة

يعيش حسن خضر البالغ من العمر 70 سنة، في أحد المدارس بمدينة ربك جنوب الخرطوم، ويسرد معاناته مع النزوح قائلاً: "أتينا إلى هنا وتركنا منازلنا، وخلال ستة أشهر تغلبنا على ظروف بالغة التعقيد، لكننا لن نقوى على الصمود في حال استمرار الحرب لفترة طويلة، لم تراع الدولة أو المنظمات الإنسانية الوطنية والدولية وضعنا الاستثنائي وضرورة تخصيص أماكن تتوافر فيها سبل الراحة، علاوة على الرعاية الصحية والغذاء النوعي".

وبين خضر أن "تصاعد القتال لم يستثن أحداً واستهدف حتى كبار السن، مما اضطرهم للنزوح هرباً من سعير الحرب إلى جحيم الحياة القاسية في معسكرات تفتقد أبسط المقومات، في ظل وجود نساء ورجال يعانون من أمراض مزمنة وسوء تغذية ومشكلات نفسية".

وواصل القول "نحتاج إلى اهتمام متعاظم من الجهات كافة إلى جانب توفير المعينات الطبية والإنسانية، وتخصيص مراكز إيواء موحدة للمسنين بمواصفات تراعي وضعهم الخاص من أجل ضمان سلامتهم صحياً ونفسياً".

ضعف الإمكانات

ويقول مدير مركز الزهراء للإيواء مجذوب فرح إن "غالبية المراكز عبارة عن مدارس أو داخليات، وليس في مقدورنا توفير الأماكن المخصصة للمسنين وسبل الراحة والمساعدة التي تقتضيها ظروفهم والمعاملة التي تراعي أوضاعهم الخاصة، بالتالي فإنهم يقيمون مع بقية النازحين في غرف مشتركة ويحصلون على خدمات الغذاء والمياه والدواء مثل الموجودين في المعسكر".

وأضاف أن "كبار السن يتأثرون بشكل كبير بعوامل المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية والتي تستوجب توفير تهوئة جيدة، وهو وضع غير متاح بمراكز الإيواء، فضلاً عن عدم توافر الرعاية الصحية الكافية لافتقار مراكز الإيواء للعيادات الدائمة لمتابعة الحالات الحرجة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع المتحدث "على رغم وجود مئات المسنين، فإننا نبذل مزيداً من الجهد لدعمهم، مع أن الدعم لن يتناسب وأوضاعهم الخاصة، ونسعى إلى سد النقص في الغذاء والعلاج وتوفير الخدمات الطبية. نحن قلقون ونشعر بالحزن إزاء الظروف الصعبة التي يعيشها المسنون، لا سيما أن البلاد تعاني حالياً من أزمات عدة منها القطوعات المستمرة للتيار الكهربائي وشح المياه وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى ما يحمله فصل الخريف من أمراض".

غياب الرعاية

خديجة الطاهر تعيش مأساة لا تقل عن أوضاع المسنين الآخرين في مراكز الإيواء، إذ تقول "نحتاج في المقام الأول إلى احترام حقوقنا وكرامتنا وعدم التهميش، لأن وضع الحرب يختلف كلياً عن حياة كثيرين في منازلهم ووسط أسرهم. والأمر المؤسف أن الدولة لا تهتم برعاية كبار السن ولا توفر لهم الحد الأدنى من الحاجات الأساسية، كما أن المنظمات الإنسانية تركز على تسجيل بياناتنا فقط".

ووصفت الطاهر الحالة الصحية لعدد من المسنين بالسيئة، إذ "يعاني بعضهم من مرض السكري، وآخرون يشكون من أمراض القلب، وطيف ثالث فقد القدرة على الرؤية بسبب ضعف النظر، والغالبية لا يملكون أموالاً لشراء الأدوية وتوفير كلف العلاج".

وطالبت طرفي الصراع المسلح بـ"التحلي بالحكمة والجلوس إلى طاولة التفاوض من أجل إيقاف الحرب حتى ينعم السودان بالأمن والاستقرار، وتنتهي معاناة ملايين المواطنين الذين هربوا من جحيم الاشتباكات في الخرطوم".

عجز حكومي

في السياق، اعتبرت مديرة إدارة الرعاية الاجتماعية بمحلية الجبلين في ولاية النيل الأبيض وسط السودان، هويدا سيف الدين، أن "ظروف البلاد الحالية لا تسمح بإنشاء مراكز إيواء خاصة بالمسنين تتوافر فيها مقومات تُعنى بوضعهم الخاص وظروفهم، كما أن غرف المدارس والداخليات ذات مساحات صغيرة لا تستوعب الأعداد الهائلة من النازحين مع صعوبة توفيق أوضاع فئة محددة".

ولفتت إلى أن "تكدس المئات أدى إلى ظهور مشكلات صحية كثيرة، فضلاً عن تفشي الأوبئة في وقت نعاني فيه من عدم وجود أدوية للأمراض المزمنة والملاريا، وكل جهدنا يتركز في يوم صحي من حين لآخر للكشف المجاني وتقديم علاجات شحيحة، أما بالنسبة للعمليات الصغيرة والكبيرة فنعتمد على خيرين لإجرائها".

ونبهت مدير الرعاية إلى أن "إدارتها لا تملك موازنة لكي توظفها في تقديم الغذاء والدواء للمسنين، وكل ما يتوافر يستفيد منه كل النازحين الموجودين في معسكرات الإيواء"، مشيرة إلى أن "المنظمات الإنسانية لم تؤمن أية معينات حتى الآن".

إهمال وتهميش

ورأت الباحثة الاجتماعية تهاني أحمد أن "هذه الفئة تعاني تهميشاً وإهمالاً كبيرين، وأغلبهم يعانون من سوء تغذية غالباً ما يؤدي إلى الإصابة بعدد من الأمراض المزمنة، كما أن نسبة كبيرة منهم بحاجة لإجراء فحوصات طبية بشكل دوري وتقديم العلاجات المطلوبة".

وأضافت أن "المسنين في معسكرات الإيواء يشعرون بعدم الاهتمام بهم وإهمالهم، سواء من قبل الدولة والمنظمات وأحياناً من الأسر، مما يجعلهم عرضة لكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية والبدنية".

وناشدت الباحثة الاجتماعية الدولة والمنظمات الوطنية والدولية بضرورة تحسين أوضاع كبار السن من النازحين، وتوفير كافة الحاجات المتعلقة بوضعهم وظرفهم الخاص في الوقت الحالي، كما طالبت الأسر المقتدرة اقتصادياً في الولايات الآمنة، باستضافة كبار السن الذين يعانون من مشكلات صحية ونفسية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات