ملخص
مريضة بداء الخرف ضحية اغتصاب مقدم الرعاية لها في بريطانيا.
التقت كارولين* للمرة الأولى بالشخص الذي اعتدى بالاغتصاب على شقيقتها جوانا* عندما كانت تزورها في دار الرعاية التي كانت تتلقى فيها العلاج من الخرف. قام العامل في حينه بمساعدتهما على تركيز جهاز تلفزيون على جدار غرفة نوم جوانا. وبدا - كما تقول كارولين - لطيفاً للغاية.
لكن خلال زيارةٍ أخرى، أثار رد فعل شقيقتها تجاه العامل قلقاً لديها. وأوضحت أنه "في أحد الأيام، مر بقربنا بينما كنا جالستين في غرفة الطعام. لاحظتُ أن عينَي شقيقتي ضاقتا، وقامت بتتبعه بنظرها طيلة فترة انتقاله في أنحاء الغرفة. ثم خفضت رأسها مطلقةً بعض العبارات المسيئة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الواقع لم يظهر الحجم الحقيقي لجرائم تيو فالنتين تودوروفيتس، إلا بعد مرور نحو عام على الاعتداءات، وذلك عندما اكتشف موظفون واقياً ذكرياً في غرفة جوانا.
وتُعد جوانا من الضحايا الأوائل المعروفين لتودوروفيتس، وهو عامل رعايةٍ مغتصب "متوحش"، حُكم عليه بالسجن لمدة 24 سنة بتهم اغتصاب واعتداءٍ جنسي وإساءة معاملة مرضى الخرف، في داري رعاية، من ضمن مجموعة أفعال مروعة قام بها على مدى ثلاثة أعوام.
اعترف الشاب البالغ من العمر 22 سنة بأنه مذنب في 12 تهمة - شملت عمليتي اغتصاب، وفعل استراق نظر وتلصص، وعدداً من الاعتداءات الجنسية - ولم تتمكن الشرطة من التعرف إلا إلى ضحيتين فقط، إحداهما جوانا. وتقول كارولين إن جرائمه المروعة حولت جوانا إلى شخص آخر محطم نفسياً وعاطفياً.
"صرخت للتو: لا، لا، لا"
تقول كارولين لـ "اندبندنت" في وصف حال شقيقتها: "تبدو وكأنها لم تعد هنا. فكل ما تفعله هو الجلوس والصراخ فقط، تشد أصابع يديها على شكل مخالب، وتبدأ في تمزيق جسدها كما لو كانت تحاول التخلص من شيء ما. كل ما أستطيع القيام به هو أن أداعب ذراعيها ورأسها. وعندما تتعرف إلى صوتي تهدأ، يحدث ذلك لنحو دقيقتين تقريباً، لكن (الصراخ) يمكن أن يتكرر كل 10 دقائق.
كانت جوانا تتلقى العلاج في دار الرعاية لبضعة أشهر، قبل أن ينضم تودوروفيتس للعمل هناك في عام 2020. وبعد وقت قليل من وصوله، تلقت كارولين مكالمة هاتفية من شخص مجهول، ينبهها فيها إلى أن شقيقتها تتعرض للأذى على يد أحد الموظفين. هرعت بعدها إلى دار الرعاية حيث أخبرها مدير المركز بأن العامل قام بدفعها، لكنها اكتشفت أن هناك المزيد مما يحدث.
فبعد مرور نحو 12 شهراً، تلقت مكالمة هاتفية مثيرة للهلع، توضح وقوع مزيد من الانتهاكات. وأتت المكالمة بعدما تم تحويل جوانا إلى المستشفى لتلقي العلاج من التهاب في المسالك البولية.
وتقول في هذا الإطار: "أبلغتني مديرة دار الرعاية بالآتي، ’إنها عائدة من المستشفى وهي بخير، ولا تعاني من أي مشكلة جسدية‘. بعد ذلك توقعت ما ستقوله لي".
وتتابع: "بدأتُ بالصراخ عبر الهاتف. فقد ساورتني شكوك في أن شيئاً ما كان مخفياً وقد تكشف في تلك اللحظة. أخذتُ أصرخ، ’لا، لا، لا‘ عبر الهاتف. وفي مساء اليوم التالي، كان هناك ثلاثة من عناصر الشرطة عند عتبة منزلي".
تم العثور على الواقي الذكري في غرفة جوانا في مارس (آذار) عام 2021. وقد أبلغ مديرو دار الرعاية الشرطة باحتمال وقوع حادث يتعلق بالحماية من الأذى أو الإساءة.
مع ذلك، ووفقاً لكارولين، فإن "خطأً" ارتكبه عناصر الشرطة - ثلاثةٌ منهم يخضعون الآن لتحقيق في سوء سلوك - سمح لعامل الرعاية بالفرار من البلاد، قبل أن يعود إلى المملكة المتحدة للعمل في دار رعاية أخرى، حيث كان قادراً فيها مرةً أخرى على إساءة معاملة نساء أكثر ضعفاً.
حتى اليوم، لا تعلم كارولين الحجم الفعلي للأذى الذي تعرضت له شقيقتها. لكن أفراداً من الشرطة أخبروها بأن تودوروفيتس قام بتصوير أختها بكاميرا فيديو، والتقط صوراً لها، وكان يتصل بأشخاص آخرين عندما كان يعتدي عليها.
وتقول في وصف ما تشعر به: "ما زلتُ كلما أذهب إلى السرير، وأغمض عيني محاولةً النوم، يجعلني التفكير بها أعاود فتحهما. لم أتمكن من حمايتها - وأنا لست الوحيدة التي يتملكني هذا الشعور".
حكم بالسجن 24 سنة
عندما حكم القاضي على تودوروفيتس بالسجن لمدة 24 سنة، قالت كارولين إنها شعرت "بالبهجة". وأضافت: "لا أستطيع أن أعبر بالكلمات عن مدى امتناني لفريق (الشرطة) بأكمله الذي كان هناك بالأمس ولمرشدي".
وأضافت: "أعلم أن عناصر إنفاذ القانون (الأوائل) ارتكبوا خطأ، لكن الشرطة قامت بتصحيح الوضع على وجه السرعة، وكان عناصرها شفافين معي في شأن ذلك. فالناس يرتكبون الأخطاء".
ثوب برتقالي
لا تزال جوانا تعاني من الخرف، وهي تعيش الآن في منزل بعيد جداً عن شقيقتها. وتقول كارولين: "إن تأثير ما حدث يصدمني حقاً بعد أن أغادرها، لأنني عندما أقوم بزيارتها أهتم بتأمين جميع حاجاتها وأحرص على توفير الراحة التي تحتاجها، وأحاول تهدئتها. لكن بعد أن أتركها، وأنا في طريقي إلى المنزل، أفكر في وضعها السابق، قبل أن يحدث أي شيء من هذا".
وتتابع: "كانت سعيدةً للغاية. وكنتُ أنا كذلك، لأنها كانت على بعد 10 دقائق فقط. لكن الآن تغير كل شيء، وأحياناً تكون الزيارات، حتى بالنسبة إلي - بمقدار ما أحب القيام بها - صعبةً للغاية.
تصف كارولين جوانا بأنها كانت "امرأةً ساحرة وطيبة القلب، وذات شخصيةٍ رائعة". وتقول: "ما زلتُ أتذكر بوضوح الصورة المذهلة لها وهي تتوجه نحوي مرتديةً ثوباً برتقالياً، مزيناً بقماشٍ متلألئ، وكله مزخرف. كانت ترتدي كعباً عالياً يبلغ طوله 10 سنتيمترات، وفي تلك اللحظة، لم أكن أدرك أنني كنت أحدق في أختي".
نظام الرعاية يحتاج لتغيير
بمعزل عن الإساءة المروعة التي تعرضت لها شقيقة كارولين، فهي ترى أن هناك حاجةً لنظام رعايةٍ جديد. وتوضح أن الدار التي تعرضت فيه جوانا للاعتداء كانت "مكاناً موحشاً، فقد تم وضعها في غرفةٍ هي أشبه بخزانة مكنسة، وكانت لديها بطانية وملاءة، وسرير يرتفع نحو 23 سنتمتراً عن الأرض".
ورأت أن "النظام برمته، كما هو عليه الآن، يتطلب إعادة نظر شاملة. ولسوء الحظ، من غير المرجح أن يحدث ذلك بسبب النقص في الموارد المالية المتاحة".
في غضون ذلك، أفادت السلطة المحلية بأنها باشرت إجراء مراجعة هدفها حماية الأشخاص البالغين في هذه القضية.
وذكرت الشرطة في بيان لها بعد صدور الحكم أنه "بعد المشكلات المحتملة التي تم تحديدها في المراحل الأولى من التحقيق في تصرفات تودوروفيتس، اتخذنا قراراً بإحالة أنفسنا إلى ’المكتب المستقل لمراقبة سلوك الشرطة‘Independent Office for Police Conduct (IOPC) (هيئة تُعنى بزيادة ثقة الناس في نظام الشكاوى ضد الشرطة في إنجلترا وويلز). وفي المرحلة الراهنة، يُجرى هذا التحقيق بالتعاون مع "المكتب المستقل لمراقبة سلوك الشرطة"، الذي نبقى على اتصال وثيق معه.
وختمت بالإشارة إلى أنه منذ ذلك الوقت، أجرت الشرطة تحقيقاً شاملاً، عمل على تحديد حجم جريمة تودوروفيتس، وأحالته في نهاية المطاف إلى العدالة، وقد صدر حكمٌ كبيرٌ في حقه. وقد رأى القاضي في الحكم الذي أصدره، أن من المناسب الإشادة بالعناصر الذين شاركوا في هذا التحقيق".
* تم تغيير اسمي الشقيقتين إلى كارولين وجوانا لأسباب قانونية
© The Independent