Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السمك وجبة العراقيين المفضلة مهددة بـ"الغياب"

كان مجلس الوزراء قرر ردم البحيرات في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة لمواجهة الشح المائي

ردم أعداد كبيرة من البحيرات غير المجازة في العراق (اندبندنت عربية)

ملخص

الوزارة أدرجت استيراد الأسماك ضمن برنامج الرزنامة الزراعية باعتبارها سلعة غذائية

يبدو أن للجفاف المائي انعكاسات خطيرة وصلت إلى الوجبة المفضلة لدى العراقيين وهي السمك، التي باتت اليوم مهددة نتيجة ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية بسبب القرار الذي تسبب بغلق البحيرات غير المجازة.

وكان مجلس الوزراء قرر مطلع مايو (أيار) الماضي، ردم بحيرات الأسماك غير المجازة بالتنسيق بين وزارتي الزراعة والموارد المائية في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لمواجهة الشح المائي في البلاد.

وكشفت وزارة الموارد المائية مطلع أغسطس (آب) الماضي في بيان لها، تجفيف وردم أكثر من 2965 بحيرة أسماك منشأة في عموم مناطق ومدن البلاد.

لكن القرار انعكس على المائدة العراقية التي تتزين كل أربعاء وجمعة وعند تجمع الأهل والأصدقاء والضيوف، إذ غيب ارتفاع الأسعار في الأسواق السمك عن المائدة، في حين تعزو وزارة الزراعة ذلك إلى قرار ردم بحيرات الثروة السمكية غير المجازة، ما تسبب بارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية، فيما بينت أن القرار جاء من وزارة الموارد المائية لمعالجة الشح المائي.

وقال المتحدث باسم الزراعة محمد الخزاعي في تصريح صحافي، إن "لقرار ردم البحيرات، تأثيرات كبيرة جداً، حيث ردمت أعداد كبيرة من البحيرات غير المجازة"، لافتاً إلى أن "وزارة الزراعة حاولت من ضمن طرق تغيير عدة، تأجيل قرار ردم البحيرات على أمل ان يتحسن الوضع المائي في العراق".

وعن المعالجة، أكدت أن "الوزارة أدرجت استيراد الأسماك ضمن برنامج الرزنامة الزراعية باعتبارها سلعة غذائية، الأمر الذي سيحدد عملية استيراده ومراقبة الأسعار صعوداً ونزولاً، فضلاً عن قرار غلق الحدود أو فتحها أمام استيراد الأسماك أو بقية المحاصيل والسلع الغذائية، يتوقف على حجم الفائض أو الشح داخل الأسواق".

أسباب متعددة

في هذا السياق، أكدت نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار زوزان كوجر، أن ارتفاع أسعار الأسماك في البلد له أسباب متعددة، منها، أزمة شح المياه وانخفاض مناسيبها في الأنهار ما أدى إلى تلوثها وزيادة الملوحة، الأمر الذي تسبب في نفوق كميات كبيرة من الأسماك، كذلك إزالة البحيرات المتجاوزة وغير المجازة، بقرار من وزارة الموارد المائية بالاتفاق مع وزارة الزراعة، لأنها تعد متجاوزة على الأنهر وتسهم بهدر المياه، ما يؤثر في حصة المياه للمحافظات والمناطق.

ووفق نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار، فإن هذا القرار للضرورة القصوى جاء بحسب الظروف التي يمر بها البلد، فنحن نحتاج إلى توفير مياه للشرب للخدمات العامة والزراعة، ولقد انخفض إنتاج الأسماك تقريباً 800 ألف طن إلى 400 ألف طن في هذا العام، وهذا التغيير ملحوظ بالانخفاض في الإنتاجية".

وبحسب كوجر، "نحن نحتاج إلى إيجاد حلول جذرية لتنمية هذه الثروة السمكية، التي تؤمن مردوداً اقتصادياً يدعم الحكومة، مثل تربية الأسماك وتوفيرها بأسعار مدعومة، وإعطاء الأدوية ومستلزمات أخرى يحتاجها مربو الأسماك، والتعامل مع الموقف الذي قد يتطلب فتح باب الاستيراد حتى لوقت معين بهدف خلق توازن ما بين العرض والطلب والسيطرة على الأسعار"، داعية إلى وجود برنامج حكومي لمراقبة أسعار الأسماك.

ضعف الإقبال

وفي هذا الجانب، يشير بائع الأسماك، أبو محمود، إلى انخفاض الإقبال على شراء الأسماك نتيجة ارتفاع أسعارها قياساً بالسنوات الماضية، مشيراً إلى أن السمك يعد وجبة العراقيين الرئيسة في يوم الجمعة، لأنه يكون عطلة حين تتجمع أغلب العوائل والأهل والأصدقاء على مائدة واحدة وتكون الطبق الرئيس.

وذكر أنه في السابق كانت أسعار السمك للكيلو الواحد تتراوح بين أربعة إلى خمسة آلاف دينار عراقي (ما يقارب أربعة دولارات)، أما اليوم فسعر كيلو الواحد يتراوح بين ستة إلى ثمانية آلاف دينار عراقي (ما يقارب ستة دولارات) وهذا الشيء أثر في المستهلك الذي فضل اللحوم الأخرى بدلاً من السمك بسبب الغلاء.

وتابع أن قرار ردم البحيرات أثر بشكل واضح في استقرار الأسعار وجعلها في تصاعد مستمر، لا سيما ونحن مقبلون على الشتاء وهو موسم الأسماك، ويرتفع في هذه الفترة من العام الطلب عليها نتيجة الإقبال الكبير.

تكثيف الزراعة في البحيرات

وبخلاف ذلك، قال خبير الأسماك، إبراهيم السوداني، إن ردم البحيرات غير المرخصة ضرورة قصوى لأنها تستنفد كميات كبيرة من المياه، فضلاً عن تلويث مياه النهر، لكن يجب تعويض ذلك من خلال تكثيف الزراعة في البحيرات المرخصة، كذلك تشجيع الزراعة في الأنظمة المغلقة التي تحتاج كمية مياه لا تتعدى 20 في المئة مما تحتاجه بحيرة تقليدية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق، يشير الخبير المائي، رمضان حمزة، إلى أن سوء الإدارة وعدم تنظيف الأنهار من المخلفات والأوساخ والتبخر والتلوث وعدم الاهتمام، كلها تجعل الأمور تتداخل وتكون أحد هذه الجوانب، إذ إن الثروة السمكية في خطر عندما يكون هناك تجاوز على أعداد هائلة من أحواض الأنهار، فتربية الأسماك يجب أن تكون ضمن المعادلات التي تسمح بها الدولة.

ورأى أن المعادلة صعبة ويجب أن يكون هناك تدخل للدولة عادل ومنصف، ولا يحث أن تكون لأصحاب النفوذ أحواض أسماك خارج السياقات، وأن يطبق القانون على الجميع.

حلول اقتصادية

اقتصادياً، اعتبر الباحث الاقتصادي، بسام رعد، أن لبحيرات الأسماك أهمية كبيرة، إذ تمثل دعماً قوياً للأمن الغذائي في البلد، وتعد مصدراً للدخل وفرصة للعمل سواء للعاملين فيها بالاستزراع أو الصيد أو المطاعم أو تجارة الأعلاف السمكية. وتمثل الأسماك من الناحية الغذائية وجبة أساسية للمواطن العراقي وتمتاز بارتفاع قيمتها الغذائية، إلا أن ردم بحيرات الأسماك لتخفيف أزمة المياه الناتجة من قيام دول المنبع بتنفيذ مشاريع وسدود إنمائية ضخمة وانخفاض الهطولات المطرية، كلها أدت إلى انخفاض الكميات المنتجة من الأسماك وأصبحت لا تغطي إلا نسبة قليلة من حاجة السكان، وارتفعت أسعارها بشكل كبير وباتت تثقل كاهن المواطن.

وعن الحلول الاقتصادية، ذكر أنه لتجاوز هذه الأزمة، بما أن مصادر الثروة السمكية في العراق متنوعة بين المياه الداخلية والمياه البحرية، ينبغي الاستثمار في مجال الصيد البحري من خلال العمل على إنشاء شركات متخصصة بالصيد البحري والاستزراع البحري واستثمار الخلجان في المياه الإقليمية البحرية، علماً أن العراق كان له تجربة ناجحة في هذا المجال في القرن الماضي من خلال الشركة العامة لصيد الأسماك، التي كانت تمتلك أسطولاً بحرياً لصيد السمك، وترفد الأسواق بمئات الأطنان من الأسماك البحرية المجمدة شهرياً.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات