ملخص
اشتهرت حلبجة عراقياً وإقليمياً ودولياً بسبب الفاجعة التي تعرضت لها بعد قصفها بالأسلحة الكمياوية من قبل النظام العراقي السابق في 16 مارس 1988
دخل قانون محافظة حلبجة العراقية لتكون الـ19 من محافظات البلاد مرحلة عدم التوافق السياسي في مجلس النواب الذي لم ينجح في التصويت على قانونها ليؤجل حسمه إلى إشعار آخر كما يحدث غالباً في القوانين والملفات غير المتفق عليها.
ويتبع قضاء حلبجة محافظة السليمانية في كردستان العراق وتبعد عن العاصمة بغداد نحو 240 كيلومتراً، ولا يفصل بينها وبين الحدود الإيرانية سوى نحو 14 كيلومتراً فقط، وتقع عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية - العراقية.
واشتهرت حلبجة عراقياً وإقليمياً ودولياً بسبب الفاجعة التي تعرضت لها بعد قصفها بالأسلحة الكمياوية من قبل النظام العراقي السابق في 16 مارس (آذار) 1988 خلال الحرب العراقية - الإيرانية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 5 آلاف شخص من أهالي المدينة، معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال، وإصابة 7 إلى 10 آلاف آخرين، توفي عدد كبير منهم فيما بعد نتيجة المضاعفات الصحية والأمراض والتشوهات الخلقية.
موافقة حكومية
ووافق مجلس الوزراء العراقي في جلسته له في 13 مارس الماضي على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة، بعد عقد من الزمن على موافقة حكومة إقليم كردستان على استحداثها في يونيو (حزيران) 2013 ومصادقة برلمان الإقليم عليها في فبراير (شباط) 2015.
أزمة جديدة
وأدت القراءة البرلمانية الأولى لقانون حلبجة في أبريل (نيسان) الماضي إلى إثارة مواقف عدد من الكتل السياسية طالبت بتحويل بعض الأقضية إلى محافظات، مثل قضاء تلعفر - أكبر أقضية البلاد - في محافظة نينوى (شمالاً)، وقضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين (شمالاً) وقضاء الفاو في محافظة البصرة (جنوباً) وعدد آخر من الأقضية.
ودفعت هذه المطالب الجديدة رئاسة البرلمان العراقي إلى رفع البند الخاص بالتصويت على القراءة الثانية لقانون محافظة حلبجة من جدول الأعمال في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي وتأجيله حتى إشعار آخر يبدو أنه لن يكون قصيراً.
مخاوف سياسية
من جهته رأى الباحث السياسي عصام الفيلي أن "هناك مخاوف سياسية من بعض القوى في شأن استحداث محافظات جديدة"، فيما أشار إلى أن "حلبجة مهيأة أكثر من غيرها لتكون محافظة". وقال الفيلي إن "كل موضوع يخص الكرد لا بد أن يدخل ضمن الأبعاد السياسية، وهناك أكثر من طرف يحاول أن يعرقل هذا الأمر، على رغم خصوصية حلبجة على غرار هورشيما وناغازاكي"، مشيراً إلى أن "حلبجة تعرضت لإبادة جماعية لم تتعرض غيرها من المحافظات لمثلها".
مساحة كبيرة
وأوضح الفيلي أن "مساحة حلبجة تبلغ 1600 كيلومتر تعادل خمسة أضعاف مساحة غزة، فضلاً عن أن مساحة العراق المكون من 18 محافظة، تعادل نصف مساحة تركيا التي تضم 80 ولاية وتسعى إلى أن تصبح 100"، معرباً عن أمله في أن يكون هناك مزيد من المحافظات كون هذا الأمر مفيداً من ناحية الاهتمام الخدمي وإعطاء الأولويات في النشاط الاقتصادي. وأضاف أن "المخاوف السياسية تتقدم على المخاوف المالية في قضية إنشاء محافظة حلبجة، إذ إن الدستور العراقي ينص على أنه في حال اعتراض ثلاث محافظات على فقرة يتم نقضها"، لافتاً إلى أن "المخاوف ليست من الكرد، وإنما من السنة والشيعة".
الأنبار والجنوبيات
وبين المتحدث ذاته أن "بعض القوى السياسية ترى أن هذه الخطوة ستفتح الباب على محافظة الأنبار التي تبلغ مساحتها أكثر من 135 كيلومتراً، وهي مهيأة لتشكيل أربع أو خمس محافظات، فضلاً عن مخاوف الشيعة من تكون محافظات أخرى بمناطق شيعية في الجنوب"، مشيراً إلى أن "المؤثر الخارجي حاضر في هذا الموضوع مثل إيران وتركيا اللتين تتخوفان من الفيدرالية خوفاً من فتح الباب لمكونات اجتماعية لديهما لتكرار تجربة الفيدرالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صراع سياسي
وصرح الباحث في الشأن السياسي الكردي عبدالسلام برواري بأن "قضايا سياسية عرقلت عملية التصويت على جعل قضاء حلبجة محافظة". وأضاف أن "الدستور والقوانين من ضمنها قانون المحافظات تتحدث عن استحداث أقضية ومحافظات إلا أنه لم يجر الحديث عن استحداث محافظات في الإقليم كونه يقوم بجميع المهام التشريعية"، مبيناً "عدم وجود أي نص دستوري لاستحداث محافظات". ورأى برواري أن "استحداث حلبجة كمحافظة كان يجب أن يصدر بموجب كتاب من مجلس الوزراء الاتحادي، لكن مع الأسف الشديد لم يحدث هذا"، لافتاً إلى "مجلس الوزراء الاتحادي أكد ضرورة أن يصدر قانون من مجلس النواب، وهو في الحقيقية خطوة غير ضرورية".
دخلت في الصراع
وأوضح برواري أن "كل القادة السياسيين يؤيدون أن تكون حلبجة محافظة، لكن برزت مطالبات من بعض القوى بتكوين محافظات جديدة"، مشيراً إلى أن "الشيعة يطالبون أن يكون قضاء تلعفر محافظة، والبعض الآخر يرى أن هذا يؤدي إلى تقسيم العراق، على رغم أن هذا الأمر هو تقسيم إداري ولا يشكل تهديداً لوحدة البلاد". وأكد أن "قضية حلبجة لا تحتاج إلى قانون، من ثم أصبحت ضحية الصراع ووسائل ضغط لكون الخطوة لا ضير منها ولا يوجد أي ضير من زيادة محافظات العراق إلى 19 ومحافطات الإقليم إلى أربع".
مكاسب لأهلها
وتابع برواري أن "الفوائد من تحويل حلبجة إلى محافظة ستكون إدارية من خلال استقلالها الإداري، لكن المبالغ المرسلة لحلبجة ستبقى نفسها، كونها خصصت بحسب النسب السكانية"، مؤكداً أن "فقرة استحداث محافظة حلبجة موجودة منذ خمسة أشهر في البرلمان، إلا أن المشكلة ربطها بقضايا أخرى".
لا يوجد قانون
وأكد المتخصص القانوني علي اللامي عدم وجود نص قانوني يحول الأقضية إلى محافظات، فيما أشار إلى أنه "يجب موافقة البرلمان على إنشاء المحافظات". وقال اللامي أن "القانون رقم 21 لعام 2008 ألغى القانون 159 لعام 1969 الذي كان يتيح تحول الأقضية إلى محافظات"، مبيناً أن "قيام بعض الأقضية بتقديم الطلبات إلى مجالس المحافظات وإعداد الملفات لإرسالها إلى مجلس الوزراء بغية إرسالها إلى البرلمان يصطدم بعقبة عدم وجود النص القانوني الذي ينظم ذلك من حيث عدد السكان والمساحة والشروط الأخرى التي تعتمد في التحول". وأضاف أنه "من الضروري موافقة البرلمان الذي يجب عليه أن يشرع هذا القانون الملح"، لافتاً إلى أن "عدم وجود مجالس المحافظات حالياً يتطلب أن يقدم القائمقام طلباً إلى المحافظ الذي يرفعه إلى مجلس الوزراء للتصويت عليه، ومن ثم إرساله إلى البرلمان للتصويب عليه بالغالبية المطلقة".