Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تمضي حكومة "الإطار التنسيقي" في العراق لعام آخر؟

أخفقت في حسم ملفات عدة على رأسها السيطرة على أسعار الصرف وحل "الحشد الشعبي"

تبدو بوادر الارتباك واضحة في المشهد العراقي، في حين يعتقد مراقبون بإمكانية حدوث انفجار احتجاجي في أي لحظة خلال الأشهر المقبلة (صفحة رئيس الحكومة العراقية على فيسبوك)

ملخص

لم تتمكن حكومة السوداني من وقف نزيف الدولار من العراق نحو إيران واستمر التدهور الاقتصادي نتيجة ارتفاع أسعار الصرف في السوق المحلية

بعد نحو عام على تسلم حكومة "الإطار التنسيقي" للقوى الشيعية في العراق برئاسة محمد شياع السوداني، التي تشكلت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مقاليد الحكم، تدور الأسئلة حول إمكانية أن تستمر تلك الحكومة لعام آخر مع عدم إيفائها بالتزاماتها في ملفات داخلية عدة، فضلاً عن الاشتراطات الدولية التي تشكلت الحكومة وفقها.
ولا يرى مراقبون أي بوادر حتى الآن لحسم جملة من الملفات التي ألزمت الحكومة نفسها بتسويتها، خصوصاً ما يتعلق بملف "الحشد الشعبي" والفصائل المسلحة الموالية لإيران، أو وقف تدفق الدولار إلى إيران وحلفائها في المنطقة، ما أسهم في إرباك أسعار الصرف في السوق المحلية.
وإضافة إلى تلك الملفات تمثل الاتفاقات البينية مع القوى السياسية السنية والكردية هي الأخرى حجر عثرة إضافي على مسار حكومة "الإطار التنسيقي"، خصوصاً مع تعهداتها بإنهاء وجود الميليشيات الولائية في المدن وحصر السلاح بيد الدولة، فضلاً عن ملف عودة النازحين.

محطات العام الأول لحكومة السوداني

ومع استمرار عدم حسم تلك الملفات الرئيسة في الداخل العراقي، تبدو بوادر الارتباك واضحة في المشهد العراقي، في حين يعتقد مراقبون بإمكانية حدوث انفجار احتجاجي في أي لحظة خلال الأشهر المقبلة.
ويرى رئيس المركز "العراقي الأسترالي" للدراسات، أحمد الياسري أن "العام الأول لحكومة الإطار يمكن تقسيمه إلى نصفين، مثّل النصف الأول الانطلاق من الخارج نحو الداخل، من خلال اعتماد الإطار التنسيقي على جملة عوامل خارجية أفضت إلى توافقات بين طهران وواشنطن حول تشكيل حكومة السوداني". ويضيف لـ"اندبندنت عربية" أن "الأشهر الستة الأولى من عمر حكومة السوداني كانت نتاجاً واضحاً للهدنة الأميركية- الإيرانية".

وانتجت "حالة التوافق الأميركي- الإيراني"، بحسب الياسري، "جملة التزامات على حكومة السوداني لعل أبرزها سحب العسكرة الميليشياوية من الشارع العراقي ووقف استهداف المصالح الأميركية في البلاد مقابل الحصول على الدعم الدولي". وعلى رغم مضي الأشهر الأولى لحكومة السوداني من دون إشكالات داخلية، إلا أن "النصف الثاني من عمرها بات مرتبطاً بالتفاعلات الداخلية العراقية"، وفق الياسري الذي يشير إلى أن تلك الفترة مثلت "بداية التراجع وظهور بوادر تذمر وانسداد اجتماعي جديد".

احتجاج مرهون بنتائج الانتخابات المحلية

ويلفت الياسري إلى أن "عدم تمكن حكومة السوداني من وقف نزيف الدولار نحو إيران والتدهور الاقتصادي الحاصل نتيجة ارتفاع أسعار الصرف في السوق المحلية مثلّت التحديات الأكبر التي لا تزال تواجه حكومته".
وتمثّل الملفات التي عملت حكومة السوداني على حسمها وتصويرها كمنجزات، خصوصاً ما يتعلق بالربط السككي مع إيران وتهديد "الحرس الثوري" للمعارضة الكردية في العراق، كبوادر "مواجهة جديدة مع قوى الاحتجاج في العراق"، بحسب الياسري الذي بيّن أن حسم هذه الملفات مثّل "تحدياً إضافياً للقوى الاجتماعية المعارضة للنفوذ الإيراني في البلاد".
واعتمدت قوى "الإطار التنسيقي" خلال العام الماضي، على سياسة "إخفاء النفوذ الإيراني في البلاد من خلال إبعاد الميليشيات الموالية لإيران عن الشارع خلال الفترة الماضية". كما يعتبر الياسري أن استمرار هذا النهج مرتبط بـ"بقاء بايدن في السلطة، وطبيعة الاتفاقات الأميركية- الإيرانية بخصوص العراق".
ويلفت إلى أن "السوداني ألزم نفسه مع بداية حكومته بعام واحد للإيفاء بالتزاماته، إلا أنه أخفق في تحقيقها الأمر الذي سيجعل حكومته مكشوفة الظهر أمام قوى الاحتجاج العراقي"، مبيناً أن "هذا الأمر سيضعه في مواجهة قريبة مع الشارع العراقي".

ويرجح الياسري أن تكون الموجة الاحتجاجية المقبلة مرهونة بـ"نتائج الانتخابات المحلية، التي في حال شهدت صعوداً جديداً لقوى الإطار التنسيقي ستكون البلاد في مواجهة حالة أكبر من الانسداد السياسي خصوصاً مع تنامي موجة معاداة النفوذ الإيراني في البلاد".

غياب المنافسين

في السياق، أشار رئيس الحكومة العراقية، في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى أن "هناك حرباً على الفساد، وأدخلنا استرداد الأموال والمطلوبين، ضمن سياسة ممنهجة لمكافحة الفساد والإصلاحات في الضريبة والجمارك والدفع الإلكتروني، وهذه كلها تؤسس لبيئة تجذب القطاع الخاص وتسهّل عمله".
أما بخصوص تدهور أسعار صرف الدولار، فقال السوداني في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" إن "سعر الدولار يتعلق بالإصلاحات الخاصة للقطاع المصرفي والمالي. والحكومة باشرت بتنفيذ الإصلاحات، على رغم كلفتها الاجتماعية، وأن تقلبات أسعار الصرف معركة بين الدولة التي تريد تثبيت التعاملات الصحيحة، وبين فئة كانت تعتاش على الدولار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وعلى رغم التوقعات باحتمالية نشوء موجة احتجاج جديدة بوجه الحكومة، يرى مراقبون أن غياب التيار الصدري وعدم فاعلية قوى العارضة العراقية خلال الفترة الأخيرة يمثلان معرقلاً رئيساً لصناعة المطبات أمام حكومة "الإطار التنسيقي".
من جهته، يعتقد رئيس منطقة الشرق الأوسط في مؤسسة "غالوب الدولية"، منقذ داغر أن حكومة السوداني شهدت خلال العام الأول من عمرها "نجاحاً نسبياً في ملف الخدمات إلا أنها أخفقت في حسم أهم الملفات الأخرى، خصوصاً ما يرتبط بملف مكافحة الفساد والذي شابه العديد من الفضائح". ويضيف أن "من بين الملفات الرئيسة التي أخفقت في حسمها حكومة السوداني هو ملف أسعار صرف الدولار والوضع الاقتصادي، فضلاً عن عدم حسم ملف السلاح المنفلت والميليشيات".
ويشير إلى أن "التساؤلات حول إمكانية أن تواجه حكومة السوداني عراقيل خلال الفترة المقبلة يرتبط بشكل مباشر بوجود تحديات من تيارات منافسة للحكومة والتي تبدو غائبة عن المشهد"، مبيناً أن "عدم وجود بوادر عودة قريبة للتيار الصدري تعزز احتمالية استمرار الحكومة الحالية لفترة أطول".

قيود سياسية وعجز عن الإيفاء بالالتزامات

من جانبه، يعتقد رئيس مركز "التفكير السياسي" إحسان الشمري، أن الحكومة العراقية "عجزت عن تنفيذ بنود البرنامج الحكومي، خصوصاً ما يتعلق بتوفير الخدمات وإجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد، فضلاً عن عدم تمكنها من تجاوز محنة المحاصصة"، مبيناً أن "هذا الإخفاق يضعها ربما خلال الأشهر المقبلة في مواجهة مع الشارع العراقي". ويضيف الشمري أن "الإشكالات التي تحيط بحكومة السوداني ترتبط مباشرة في عدم قدرته على إحداث التغيير"، لافتاً إلى أن الأخير "أشار إلى إخفاقات لدى عدد من وزراء حكومته منذ ستة أشهر إلا أنه لم يتمكن من إجراء أي تغيير وزاري". ويشير الشمري إلى أن "القيود والإرادة السياسية المفروضة على الحكومة" تدل على "عجزها عن حسم أي من الملفات الكبرى في البلاد".
وعلى رغم محاولات السوداني العمل على تعزيز علاقات العراق الخارجية خلال العام الأول من ولايته، يرى الشمري أن "الفاعلية لم تكن بمستوى الطموح في هذا الملف خصوصاً مع عدم القدرة على تحقيق مبدأ التوازن في تلك العلاقات".
ولا تتوقف إشكالات العام الأول لحكومة الإطار التنسيقي عند حدود الملفات السياسية، إذ يبرز ملف الاقتصاد كتحدٍ رئيس خلال الفترة الماضية، خصوصاً مع استمرار تهريب الدولار من العراق إلى إيران وحلفائها في المنطقة، ما دفع واشنطن إلى إصدار جملة عقوبات على مصارف عراقية، ما أدى إلى تدهور أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار.
ويبيّن الشمري أن إجراءات الحكومة العراقية بخصوص التداعي المستمر في أسعار الصرف، فضلاً عن محاولة بعض الجهات السياسية السيطرة على البنك المركزي العراقي، تعطي انطباعاً بـ"عدم الاكتراث"، على رغم الاستياء الشديد في الشارع العراقي والآثار الاقتصادية الجسمية التي تسبب بها هذا التداعي في قيمة الدينار. ويقول الشمري إن "جملة الإشكالات التي تعاني منها البلاد خلال الفترة الماضية ستدفع إلى موجة احتجاجية جديدة"، خصوصاً مع الاكتفاء بـ"أنشطة بلدية ضيقة مثل تعبيد الشوارع وانشغالها عن الملفات الجوهرية أو رسم السياسة العامة للبلد وفق المهمات الدستورية".

الانتخابات المبكرة من جديد

ولا تتوقف الإشكالات التي تواجه حكومة "الإطار التنسيقي" عند هذا الحد، حيث يتصاعد الحديث عن الانتخابات المبكرة من جديد والذي يعد هو الآخر أحد تعهدات رئيس الوزراء والذي لا توجد بوادر لتحقيقه. ويعتقد الشمري أن "أول تنصل من الاتفاقات السياسية هو عدم الشروع بالعمل نحو إجراء الانتخابات بعد عام واحد من عمر الحكومة"، مبيناً أن هذا الأمر يؤشر إلى "عدم وجود جدية بتنفيذ الاتفاقات السياسية والرغبة بالتمسك بالسلطة من قبل الإطار التنسيقي الشيعي".
ويختم قائلاً إن "تصويت البرلمان على البرنامج الحكومي الذي يتضمن الذهاب نحو انتخابات مبكرة سيكون ملزماً لكافة السلطات"، مضيفاً أن "عدم التوجه نحوها سيحفز التيار الصدري والأحزاب الناشئة للتحرك".
وكان السوداني صرح في وقت سابق أن الانتخابات المبكرة "تأتي وفق حل مجلس النواب لنفسه، وعندها تكون الحكومة جاهزة لأي انتخابات، لكن القوى السياسية، من خلال قراءتنا، لديها ثقة بالحكومة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات