Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"القروي" على الشاشة المغربية صور نمطية بلا إبداع

وظفته الدراما والسينما ليكون محط سخرية واستهزاء جراء جهله بالحياة الحضرية ولطريقة كلامه ولهجته

ظهر "كبور" مثالاً لشخصية القروي المثير للضحك  (التواصل الاجتماعي)

ملخص

هل أساءت الدراما والسينما المغربية إلى صورة القروي على شاشتها؟ وما الدوافع؟

يشغل الفضاء القروي زهاء 90 في المئة من المساحة الكلية للمغرب، فيما يمثل أهل القرى ما يقارب نصف سكان البلاد، لكن على رغم كل هذا الزخم الجغرافي والبشري، يبدو أن الدراما والسينما المغربية لا تجسد صورته كما هي، فقط تكتفي بالجانب النمطي في شخصية القروي، متمثلاً في السخرية والإضحاك.

يرى نقاد مغاربة أن المسلسلات والسينما المغربية تكتفي بنقل الصورة السلبية التي تروج عن شخصية القروي في المخيال الجمعي، حيث يكون محط سخرية واستهزاء جراء جهله بالحياة الحضرية ولطريقة كلامه ولهجته.

صور نمطية

في عديد من المسلسلات والأفلام السينمائية التي تتطرق إلى القرية أو البادية، سواء كمحور رئيس للقصة الدرامية، أو كجزء من المشهد العام للعمل الفني، تظهر الشخصية القروية بسمات نفسية وسلوكات اجتماعية متكررة، إلا في استثناءات قليلة جداً.

ومن السمات النفسية التي تلتصق بالشخصية القروية في السينما المغربية والمسلسلات الدرامية و"السيتكومات" الهزلية، أنه يكون متملقاً للآخرين أو طماعاً أو خائناً للأمانة أو ساذجاً أو لا يدرك عديداً من مجريات الحياة.

ومن السلوكات الاجتماعية التي تلازم شخصية القروي في عديد من الأعمال الدرامية والسينمائية المغربية أنه عصبي ومنفلت ومزاجي يصرخ لأتفه الأسباب، ويتعامل بقسوة وفظاظة ولا يقدر عواقب الأمور.

وعلى سبيل المثال في "سيت كوم" شهير بعنوان "كبور والشعيبية"، مثل فيه كل من الفنانين حسن الفد ودنيا بوطازوت، ظهر "كبور" مثالاً لشخصية القروي المثير للضحك، ولكنه أيضاً يجمع بين الذكاء إلى حد السذاجة، والسذاجة إلى حد الذكاء.

وفي مسلسل "وجع التراب" من بطولة الفنان الراحل محمد بسطاوي، كان الموضوع الرئيس يتحدث عن خلافات الإرث والأرض، وعن "الدسائس" بين أفراد الأسرة الواحدة وبين أفراد القبيلة.

وفي نماذج قليلة تكاد تحصى على رؤوس الأصابع، يظهر القروي أو البدوي بشخصية قوية وسوية، بعيداً من محاولة استجداء الجمهور بإثارة الضحك، وبمنأى عن سلوكات اجتماعية نمطية سائدة في العقل المجتمعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نمطية فجة

يقول الناقد السينمائي مصطفى الطالب إن الدراما المغربية والبرامج الكوميدية و"السيت كوم" لا تزال تعتمد على شخصية البدوي (العروبي باللهجة المغربية) غالباً لإضحاك الجمهور". وأشار إلى أن "هناك من الممثلين والممثلات من وجدوا ضالتهم في تقمص شخصية البدوي في جل أعمالهم، أحياناً ينجحون وغالباً يفشلون نظراً إلى النمطية الفجة التي يتم التعامل بها، والصورة السلبية التي تروج عن تلك الشخصية في المخيال الجمعي.

وأرجع رواج الصورة النمطية عن شخصية البدوي على الشاشة المغربية إلى عدة أسباب، أولاها دوافع اجتماعية، بمعنى أن شخصية البدوي في المجتمع يكون محط سخرية واستهزاء بسبب أمية القروي وجهله بالحياة المدنية، وأحياناً لطبيعته القاسية وطريقة كلامه ولهجته، بينما الحقيقة أن التهميش والفقر والأمية أسباب تجعله يعيش في تلك البيئة. والسبب الثاني، وفق الطالب، يتمثل في تأثير الدراما والسينما المصرية على نظيرتها في المغرب، فالدراما المصرية التي تعد رائدة في العالم العربي وألفها المتفرج المغربي لسنين طويلة، لعبت هي الأخرى على حبل "شخصية الصعيدي" لإضحاك الجمهور"، مردفاً أنه "في الأعمال المصرية يبدو الصعيدي شهماً، بخلاف الإنتاجات المغربية إلا نادراً. أما الدافع الثالث، فيتجسد في الاقتصار على نمط واحد من الدراما المغربية، وهي الاجتماعية السطحية، بخاصة الكوميدية، التي ترى في شخصية البدوي الحل السهل لضمان نسبة كبيرة من المشاهدة في ظل غياب دراما بنكهة سياسية أو (كوميديا سوداء) تعكس واقع المواطن المغربي بشكل ساخر لاذع". ويتابع، "أما السبب الرابع فيتمثل في مستوى كتابة السيناريو التي تتطلب النهل من المتن الأدبي المغربي، وحتى العالمي، ومن الواقع المغربي بكل تجلياته، ما يفترض أن يكون كاتب السيناريو قارئاً جيداً ومشاهداً متمرساً للأعمال العالمية وملاحظاً جيداً للمجتمع ودارساً له ولعقلياته المتعددة وتعقيداته، ومحتكاً به لضمان الصدقية والعمق في العمل الدرامي أو السينمائي وثرائه الفكري والفني".

وخلص الطالب إلى أن "المطلوب هو تجاوز هذه النمطية والسلبية التي يتم التعامل بها مع شخصية البدوي، والتعامل معها بشكل احترافي وفني مقنع يضمن كرامة كل فئة اجتماعية ترى نفسها في العمل الدرامي الذي يجب أن يركز على سلوكات معينة وطريقة تفكير سلبية يجب انتقادها، وليس استغلالها من أجل السخرية والاستهزاء".

غير منصف

من جانبه يرى الناقد فؤاد زويريق أن معظم الأعمال الدرامية والسينمائية لا تفرق بين شخصية البدوي وشخصية القروي، فالبادية شيء، والقرية شيء آخر، ولكل منهما خصوصياته، وثقافته وتقاليده، من ثم فالقروي يتطبع بثقافة بيئته وكذلك البدوي"، مبرزاً أن "ما نراه في الأعمال الفنية المغربية التي تجري أحداثها خارج المدينة، مجرد خلط بشكل ساذج بين هذا وذاك". ويضيف، أن معظم هذه الأعمال الفنية تبخس هذه الشخصية حقها، سواء كانت بدوية أو قروية، إذ لا يتم الغوص في عمق الثقافة البدوية أو القروية بتفكيك تفاصيلها، وسرد خصوصياتها بخطاب فكري وفني وسوسيولوجي جاد ومتوازن يخدم هذا الفضاء ويقربه من المتلقي".

وسجل الناقد أنه في معظم هذه الأعمال يتم تجسيد الفضاء القروي كمعطى جمالي لخلفية الموضوع باتخاذه ديكوراً طبيعياً فقط لا غير، أو بتناوله كمسرح لأحداث هزلية ساخرة، أو تراجيدية غير منصفة تظهر الشخصيات البدوية أو القروية بمظهر يفتقر إلى الاحترام، لا هم لها سوى الصراع حول الإرث، أو حول حدود الأرض، أو الجري خلف البهائم، بخلاف التطرق إلى "شخصيات المدينة".

وبخصوص الأعمال المغربية الناطقة باللغة الأمازيغية، يورد زويريق بأنها تنحصر في غالبيتها في هذا الفضاء أيضاً، كأن الأمازيغي هو تلك الشخصية التي لا تتجاوز حدود البادية والقرية". وخلص إلى أن "مثل هذه الأعمال التي تصور البادية والقرية كأرض فقيرة متخلفة وبئيسة ستعكس التصور نفسه على شخصيات هذا الفضاء، وتظهر للمشاهد القروي والبدوي كذلك، وطموحهما محدود لا يتعدى الشكليات فقط، أو تصورهما شخصيات ساذجة أو بهلوانية متخلفة".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة