Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ألزهايمر" سيد المعاناة في تونس بـ100 ألف مريض محتمل

صعوبات كبرى في التعاطي مع المصابين لغياب ثقافة الدعم وانعدام العلاج الجذري

يحتاج مصابو مرض "ألزهايمر" إلى رعاية خاصة ومرافقة لصيقة (أ ف ب)

ملخص

عائلات مصابي ألزهايمر في تونس يعانون محنة مزدوجة، فما هي؟

سجلت تونس في أواخر عام 2016، 70 ألف حالة إصابة بـ"ألزهايمر"، بينما يتوقع المتخصصون أن ترتفع حالات الإصابة بالمرض لتبلغ  100ألف مصاب في غضون عام 2025.

وتواجه معظم العائلات التونسية التي لديها فرد مصاب بـ"ألزهايمر" صعوبات كبرى في التعاطي معه لغياب الثقافة اللازمة في التعامل مع المريض، إذ إن العناية بمصابي هذا المرض تتطلب استدامة ومرافقة لصيقة.

جسد بلا روح

محمد الحبيب بالعيد (52 سنة) يتابع الحال الصحية لوالدته منذ أكثر من ثلاثة أعوام عندما اكتشفت العائلة أنها مصابة بـ"ألزهايمر"، ويقول "البداية كانت بنسيان أمور بسيطة لم نولِها اهتماماً كبيراً، كأن تنسى أنها زارت شقيقتها منذ أيام قليلة، أو أن لا تتذكر أن جارتها (فلانة) توفيت منذ فترة، فتتساءل كيف لم تعلم بموتها، ثم تطورت الحال إلى أن أصبحت تنسى أين وضعت أدويتها، وهل تناولتها أو لا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "والدتي تبلغ الآن من العمر 73 سنة، وهي بالكاد تعرف من أكون؟"، مشيراً إلى أن "التجربة مع هذا المرض قاسية، تخيل أن تجلس إلى جانب أمك ولكنها لا تعرفك، تسألها فلا تجيبك"، ينفث محمد سيجارته في اتجاه الريح، ويضيف "أمي الآن جسد بلا روح، لقد فقدت أمي التي أعرفها بابتسامتها الدائمة وبعتابها اللين وبغضبها أحياناً".

الاحتماء بالصمت

حال والدة محمد الحبيب لا تختلف عن حالات أخرى تطور معها المرض ووصل إلى درجة عدم القدرة على الحركة أو على قضاء الحاجة البشرية، ويتطلب الأمر في تلك الحالات عناية خاصة وإمكانات كبيرة، بينما يواجه علي الحشاني، وهو شاب في مقتبل العمر، صعوبات في توفير مستلزمات والده البالغ من العمر 78 سنة أو أكثر، مستحضراً معاناة والدته منذ نحو 10 أعوام، ويقول "الوالد (عز الدين) الآن على كرسي متحرك ويستعمل الحفاظات، وهو شبه غائب عن الوعي، فقط جسد ضعيف منهك لا حول له ولا قوة، وينظر إلينا في صمت، يراقب تحركاتنا من حوله، لكنه لا يجيب عن أسئلتنا أو أسئلة كل من يزوره من الأهل والأصدقاء، ترى هل اختار الصمت ليكون أكثر بلاغة من الكلمات التي كانت ثقيلة على لسانه، كلمات بلا معنى، وأحياناً غير مفهومة".

يدعك علي الحشاني لحيته الكثة ويقول شارداً "لقد اختار والدي الصمت بعد كل تلك الحكمة التي يملكها، لاذ به لأن العبارة خذلته، والذاكرة باتت مثقوبة ولم تنصفه، لقد خسرت والدي"، ويلعن علي والدمع ينساب على لحيته، المرض ويتساءل بحرقة "هل عجز العلم عن إيجاد حل لهذا الداء؟".

قدرات الذاكرة

حملنا أسئلة علي الحشاني إلى الأستاذة في طب الأعصاب سامية بن ساسي، فأكدت  لـ"اندبندنت عربية" أن "ألزهايمر" مرض عصبي يصيب قدرات الذاكرة والتفكير ويتطور تدريجاً ويمس كبار السن، بخاصة بعد 65 سنة.

وأشارت إلى أن "ثلاثة في المئة ممن هم فوق 65 سنة في تونس يصابون بالمرض، والنساء هم أكثر عرضة للإصابة".

وشددت على وجود صعوبات في التشخيص المبكر لهذا المرض، إذ يمكن فقط تشخيص بعض الأمراض التي قد تؤدي إلى الإصابة به، لافتة إلى "وجود فرق بين ’ألزهايمر‘ وحالات النقص في الذاكرة الناتج أحياناً من نزيف في الرأس أو نقص في الفيتامينات".

وأضافت بن ساسي أن "ألزهايمر" يصيب مباشرة المخ ويفتك بالجهة التي تخزن المعلومات ويبدأ بإتلافها تدريجاً، وقد تتطور الحال فيصبح كلام المصاب غير مفهوم، علاوة على التأثير في عدد من الوظائف الدماغية الأخرى"، مشيرة إلى أن "المصاب لا يحتفظ بالمعلومات الجديدة، بل يخزن فقط المعلومات القديمة التي رسخت في الذاكرة، على غرار المكان الذي نشأ أو درس فيه، وهو لا يعلم أنه ينسى، بل المحيط هو الذي يكتشف هذه الحال بينما تبدأ بالتطور".

التغذية والرياضة

بخصوص النصائح التي توجهها المتخصصة في طب الأعصاب إلى العائلات التي لديها مصاب بـ"ألزهايمر"، تقول "يجب على العائلة ألا تدخل في مواجهة مع المصاب الذي تبدأ شخصيته بالتغير، ولا يترك المصاب بعيداً من محيطه ولا يتم عزله لأن ذلك يعكر حاله"، موضحة أنه "في بعض الحالات تصبح للمريض تهيؤات فيتهم زوجته بالسرقة أو بالخيانة" وداعية إلى "تفهم حال المصاب وعدم إجهاده بالأسئلة التي تستنزف طاقته".

وتدعو بن ساسي إلى الوقاية من مرض "ألزهايمر" من خلال "التغذية المتوازنة المكونة من الخضراوات والألياف والسمك مع ضرورة تقليص الأملاح والسكريات والعجين، وتفادي السمنة من خلال الحرص على ممارسة الرياضة والمشي".

وكذلك نصحت بـ"ضرورة تنشيط الذاكرة من خلال المطالعة والقراءة والمشاركة في الأنشطة الثقافية والرياضية والتواصل مع العائلة والأصدقاء".

المزيد من صحة