Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوأمة بين الدول والمدن ما نجح منها وما فشل

انطلقت الفكرة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية كوسيلة لتعزيز السلام والتصالح

من بين أشهر علاقات التوأمة بين الدول تلك القائمة بين فرنسا (يمين) وألمانيا والتي كانت حجر الزاوية للتصالح والتعاون الأوروبي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (أ ف ب)

ملخص

الفشل في عالم التوأمة ينطبق على مدينتي ديترويت في ولاية ميشيغان والعاصمة العراقية بغداد عام 2008

انتشرت توأمة المدن والعواصم والبلدات الكبرى والبلدان نفسها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لإقامة شراكات رسمية تسهم في تعزيز التبادل الثقافي والاقتصادي والتعليمي وتقّرب بين الحضارات والثقافات وتدفع التقدم الحضاري في المجتمعات الإنسانية إلى الأمام، وبقدر من المساواة بين الشعوب عبر مشاركة المدن أو البلدات أو البلدان التوائم تراثهما الثقافي وتقاليدهما وقيمهما الاجتماعية والحضارية والتقليدية. فتدفع التوأمة إلى فرض هذا التبادل عبر معارض فنية ومهرجانات موسيقية وفعاليات ثقافية وبرامج لتعلم اللغات لتعزيز التسامح والتنوع، وغالباً ما تتعاون المدن التوأم في مجال المبادرات التعليمية، مثل تبادل الطلاب ومشاريع البحث المشتركة، وبالتأكيد يزداد التعاون الاقتصادي والشراكات التجارية، وجذب الاستثمارات وتعزيز السياحة حين يرغب سكان المدينتين بالتعرف وزيارة مدينتهم التوأم، ويمكن أن تؤدي هذه العلاقات إلى تعاون في قضايا عالمية مثل تغير المناخ وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والتخطيط العمراني وتطوير البنية التحتية والاستدامة البيئية، وفي حالات الأزمات أو الكوارث يمكن أن تتبادل المدن التوأمة الدعم والمساعدة والإمدادات الطبية وفِرق الإغاثة والمساعدة المالية.

تجارب التوأمة الناجحة والمستمرة

في الأمثلة على تجارب ناجحة لتوأمة المدن، يمكن إيراد توأمة مدينة أوستن في ولاية تكساس الأميركية مع مدينة أويتا في اليابان، إذ قامت المدينتان بالتعاون في مختلف الفعاليات الثقافية والمهرجانات والمعارض الفنية، وأسهمت الشراكة في تيسير التواصل التجاري، بخاصة في قطاع التكنولوجيا والطاقة النظيفة بين رواد الأعمال في المدينتين.

المثال الثاني هو التوأمة بين العاصمة الألمانية برلين ومدينة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا الأميركية، فتحولت التوأمة من اتفاقية بين المدينتين إلى شراكة حقيقية على صعيد التبادل الثقافي المشهود وبرامج التعليم المتبادلة والتعاون في صناعات الفنون والترفيه والسياحة وتعزيز رابطة الفئات الاجتماعية الإبداعية في المدينتين، وما زالت هذه الشراكة الناجحة قائمة حتى اليوم.

وهناك الشراكة بين مدينة نانجينج الصينية ومدينة سانت لويس في ولاية ميزوري الأميركية والتي ركزت على التبادل التعليمي والثقافي، وقد أدى تبادل المعارف والطلاب بين المدينتين إلى خلق ما يشبه التوأمة الحقيقية بين سكان هاتين المدينتين، فمكوث الطلاب لسنوات في التعليم داخل جامعات المدينة التوأم يخلق تخالطاً اجتماعياً مديداً ومتأصلاً في ما بينها. وكان الاتحاد السوفياتي قد اتبع سياسة التعليم الواسعة هذه إذ قرّب عدداً هائلاً من مجتمعات العالم الثالث عبر المنح التعليمية المجانية لمئات آلاف الطلاب من العالم الثالث.

التوأمة بين العاصمة الفرنسية باريس وعاصمة العالم نيويورك مثال آخر عن فوائد التوأمة بين مدينتين من أهم المدن في العالم إذ أسفرت هذه الشراكة الرمزية عن العديد من الفعاليات الثقافية والتعاون الفني ومبادرات تعزيز الاستدامة الحضرية والابتكار.

ونجحت التوأمة بين مدينتي لايبزيغ الألمانية وهيوستن الأميركية (ولاية تكساس) في تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا الحيوية والبحث الطبي، وجذبت الشراكة الاستثمارات من مختلف أنحاء العالم وأسهمت في تسهيل الروابط التجارية، فاستفادت المدينتان والدولتان أيضاً، وبعض الدول الأخرى التي أسهمت في الاستثمارات.

تجارب توأمة فاشلة

هذه الأمثلة عن تجارب توأمة المدن الناجحة، لكن ليست مختلف شراكات توأمة المدن تحقق مستوى النجاح نفسه لأسباب كثيرة منها نقص الموارد أو نقص الاهتمام المستدام أو التغييرات في الأولويات. وهناك أمثلة على حالات لم تحقق النجاح المتوقع أو واجهت الشراكات تحديات. المثال الأول عن هذا الفشل في عالم التوأمة ينطبق على مدينتي ديترويت في ولاية ميشيغان والعاصمة العراقية بغداد، عام 2008، وقد فشلت بسبب الوضع السياسي والأمني الصعب في العراق خلال تلك الفترة، وواجهت الشراكة عقبات كبيرة ما أدى إلى بقائها حبراً على ورق.

الأمر نفسه ينطبق على التوأمة بين مدينتي القدس وبيت لحم في فلسطين والتي كانت تهدف إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين المدينتين في منطقة معقدة بالصراعات السياسية، وهذا ما انطبق بالتأكيد على الشراكة المتوأمة بين العاصمة الأوكرانية كييف، والعاصمة الروسية موسكو والتي انتهت حتى قبل انطلاق المعارك الحربية على الحدود بين البلدين قبل سنوات عدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفشلت التوأمة بين مدينتي سان فرانسيسكو في كاليفورنيا ومدينة أبيدجان عاصمة ساحل العاج، وبين مدينتي بريستول في المملكة المتحدة وهانوفر في ألمانيا بعدما شعر سكان مدينة بريستول بأن العلاقة لم تجلب فوائد كافية للمدينة، وأن الموارد والجهود المبذولة للحفاظ على العلاقة التوأمية يمكن توجيهها بشكل أفضل نحو أهداف أخرى.

ويرتكز نجاح توأمة المدن على عوامل خارجة عن سيطرة المدن المشاركة، مثل التوترات السياسية والتحديات الاقتصادية والتغييرات في القيادة وعلى مستوى الالتزام والمشاركة من المدن وسكانهما.

نبذة تاريخية حول توأمة المدن

وانطلقت فكرة توأمة المدن في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية كوسيلة لتعزيز السلام والتصالح، في عام 1947، عندما توأمت مدينة كوفنتري في المملكة المتحدة مع مدينة ستالينغراد (الآن فولغوغراد) في الاتحاد السوفياتي، عقب تدمير كلتا المدينتين خلال الحرب، ومع تأسيس منظمات مكرسة لتعزيز التعاون البلدي الدولي انتشر هذا النوع من الشراكات خصوصاً مع منظمة "المدن الشقيقة الدولية" التي تأسست في الولايات المتحدة عام 1956، وفي العام نفسه، قامت شراكة بين باريس وروما بهدف الاحتفال بتراثهما الثقافي المشترك وأهميتهما التاريخية، وفي عام 1959، تمت التوأمة بين مدينتي لوس أنجليس وناغويا في اليابان، وفي العام التالي بين مدينتي نيويورك وطوكيو.

توأمة البلدان

على رغم أنها أقل شيوعاً، إلا أن بلداناً بأكملها يمكن أن تشارك في برامج التوأمة مع دول أخرى، ويكون التركيز في مثل هذه العلاقات على الدبلوماسية، والشراكات الاقتصادية والتعاون الدولي. ومن بين أشهر علاقات التوأمة بين الدول هي تلك القائمة بين فرنسا وألمانيا والتي كانت حجر الزاوية للتصالح والتعاون الأوروبي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبين الولايات المتحدة واليابان حيث تتعاون الدولتان في قضايا عالمية متنوعة، بما في ذلك التجارة والأمان وتبادل الثقافة، وهناك التوأمة بين الهند وروسيا في مجالات مثل الدفاع، واستكشاف الفضاء، والطاقة، والتوأمة بين أستراليا ونيوزيلندا.

وتدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة برامج التوأمة حول العالم، ويؤكد الهدف 17 على إنشاء "الشراكات من أجل تحقيق الأهداف" في التنمية المستدامة مثل الفقر وعدم المساواة وتغير المناخ وغيرها.

وتقوم جمعية توأمة المدن الدولي، وهي منظمة غير ربحية بالتشجيع ودعم إقامة شراكات بين مدن الولايات المتحدة ومدن أخرى حول العالم في مجالات التبادل الثقافي وتطوير الاقتصاد والتعاون التعليمي.

ويعتبر برنامج توأمة الاتحاد الأوروبي من أهم المبادرات التي تدعم الشراكات والتوأمة بين دول الاتحاد الأوروبي والدول التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد أو المجاورة لها، ويركز هذا البرنامج على مشاركة خبرة الاتحاد الأوروبي لتحديد أفضل الممارسات مع الدول الشريكة في مجالات مثل الحكم وسيادة القانون وإدارة القطاع العام.

على صعيد مختلف، يقدم البنك الدولي والبنوك الإقليمية للتنمية وبعض المؤسسات المالية الدولية تمويلاً ومساعدة فنية لمشاريع التنمية الحضرية التي تشمل شراكات بين المدن والبلدان.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير