Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جمهورية السايس" في مصر تفرض "قوانينها" في غفوة القانون

شكاوى المواطنين تتصاعد بسبب رفع "رسوم انتظار" السيارات ومتخصصون يعدون الظاهرة إهداراً لـ1.4 مليار دولار سنوياً على الدولة

تشهد القاهرة زحاما مروريا يصعب معه الحصول على موقف لسيارات المواطنين   (رويترز)

ملخص

مراقبون يتساءلون عن مساعي الدولة المصرية إلى تقنين بلطجة "السايس" فيما بالإمكان إنشاء شركات تابعة لها لإدارة المساحات المملوكة لها

أصبحت ظاهرة "السايس" كابوساً مفزعاً يؤرق عديداً من المصريين وبات بمثابة صداع مزمن في رأس الأجهزة التنفيذية بالدولة. الأزمة تصاعدت مع الزحام المروري وتزايد أعداد المركبات في الشوارع، وعلى رغم تنبه الحكومة المصرية لخطورة تلك القضية والتدخل لوضع قانون ينظم انتظار السيارات في الشوارع لمواجهة ممارسات "السياس" السلبية ومغالاتهم في فرض رسوم انتظار على سائقي السيارات نظير "ركن سياراتهم"، فإنها لا تزال تشكل قنبلة موقوتة في الشارع المصري.

ويعرف "السايس" أو "ركين السيارات" أو "منادي السيارات" بأنه الشخص الذي يتولى مهمة تنظيم السيارات في الشوارع والطرقات، وغالباً ما يضع يديه على أي مساحة على الطريق العام ويفرض على سائقي السيارات دفع رسوم انتظار أو ما يسميها البعض بـ"إتاوة" تختلف قيمتها بحسب المنطقة أو نوع السيارة أو مظهر الشخص أمامه في بعض الأحيان، وجرت العادة أن يرتبط "السياس" في ما بينهم بما يشبه الميثاق، فلا يمكن لـ"سايس" الاعتداء على مكان انتظار يخص آخر.

بدا لافتاً انتشار جيش من "السياس" في شوارع وطرقات مصر المحروسة للحد الذي أصبح لا يخلو فيه شارع أو طريق عام من وجود "سايس" أو أكثر، ليجد أصحاب السيارات أنفسهم فجأة تحت رحمة العاملين في تلك المهنة التي اكتسبت سمعة سيئة لسنوات طويلة بسبب سلوكيات العاملين بها وممارسة كثير منهم أعمال "البلطجة".

"اندبندنت عربية" حاولت فك طلاسم ذلك العالم الخفي، في محاولة لمعرفة أسباب تنامي تلك الظاهرة ومدى فاعلية قانون تنظيم انتظار مركبات السيارات الذي أقرته الحكومة في مواجهة ممارسات "السياس" السلبية وهل تتحمل وزارة التنمية المحلية (المشرفة على عمل الأحياء والأجهزة المحلية كافة) وحدها عبء مواجهة تلك الأزمة؟

منشفة صفراء وصافرة

في أحد الشوارع الجانبية بحي المهندسين بالجيزة يقف محمد رمضان (31 سنة) ابن محافظة البحيرة ليمارس عمله الذي اعتاد عليه طوال 14 عاماً في مهنة "السايس"، يتولى مهمة تنظيم وركن السيارات في الشوارع نظير مقابل مالي يحدده على أصحاب السيارات.

يجوب رمضان، الحاصل على مؤهل دبلوم صناعي، الشوارع طوال الليل والنهار بثياب ممزقة و"صافرة" في رقبته و"فوطة برتقالية اللون" بين يديه، يقول "عملت في وظائف ومهن عديدة قبل أن يستقر بي الحال في النهاية للعمل كسايس لتنظيم السيارات وأصبحت تلك المهنة مصدر رزقي الوحيد"

وفقاً لرمضان، فإنه يبدأ عمله منذ الصباح الباكر ويواصل حتى ساعات متأخرة من الليل لتأمين السيارات خشية حوادث السرقة أو إحداث أي تلفيات بها، مؤكداً أنه لم يكن يوماً طرفاً في أي أزمة مع مالك سيارة.

يشير إلى أنه يتعامل بأسلوب لائق ومحترم مع كل سائقي السيارات حتى يكتسب سمعة جيدة بين الأهالي في المنطقة، موضحاً أنه يستقبل يومياً 100 سيارة، ويتقاضى من سائقي السيارات 600 جنيه شهرياً (19.4 دولار) نظير إيجار ركن السيارة الملاكي "كصف أول" و450 جنيهاً (14.5 دولار) نظير ركن السيارة "كصف ثان"، و10 جنيهات (0.32 دولار) مقابل الإيجار الموقت للسيارات الملاكي لبضع ساعات.

يرى رمضان أن نظرة المجتمع لجميع العاملين في تلك المهنة باعتبارهم بلطجية وخارجين عن القانون ليست دقيقة، قائلاً "لسنا بلطجية أو أشخاصاً خارجين عن القانون، وإذا كان البعض يرتكب جرائم أو يمارس أعمالاً غير مشروعة فلا يجوز أن نعمم ذلك على الجميع لأننا نحرص على كسب قوت يومنا بالحلال".

لا يبدي الشاب الثلاثيني اهتمامه بالقوانين التي تقرها الحكومة في شأن مهنته، إذ يلخص المسألة في قوله "العلاقة بيني وبين أصحاب السيارات دائماً ما يحكمها الضمير والأمانة".

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أقر القانون رقم 150 لسنة 2020 في شأن تنظيم انتظار المركبات في الشوارع خلال يوليو (تموز) 2020 إثر موافقة مجلس النواب والمعروف إعلامياً بقانون "السايس".

في منتصف يونيو (حزيران) الماضي أصدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (جهة حكومية) بياناً رسمياً رصد أن إجمالي عدد المركبات المرخصة بمحافظات الجمهورية بلغ 9.9 مليون مركبة خلال 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي مقابل 10.9 مليون مركبة خلال 31 ديسمبر من عام 2021 بنسبة انخفاض قدرها 8.9 في المئة، وجاءت محافظة القاهرة بالمرتبة الأولى، إذ بلغ عدد المركبات بها 2.6 مليون مركبة بنسبة 25.8 في المئة ومحافظة الجيزة في المرتبة الثانية بعدد 1.3 مليون مركبة بنسبة 13.5 في المئة.

مضايقات مستمرة

فيما يرى محمد يسري (36 سنة) يعمل موظفاً بأحد البنوك الخاصة أنه دائماً ما يتعرض لمضايقات من "السياس" وقد يتطور الأمر ليصل إلى حد المشادات الكلامية في بعض الأحيان، بسبب الاختلاف حول أماكن ركن السيارات ورسوم الانتظار.

وعلى رغم تلك المضايقات التي يتعرض لها في شوارع وميادين مصر المحروسة فإنه يجد نفسه مضطراً إلى دفع مبلغ مالي شهري لـ"السايس" الموجود في موقف انتظار سيارات أمام مقر عمله لتأمين سيارته خلال فترة وجوده بالعمل. وأشار إلى أنه إذا لم يدفع تلك الإتاوة يكون البديل الآخر التجول في الشوارع لساعات بالسيارة لإيجاد مكان آمن للانتظار.

 

 

يقول يسري لـ"اندبندنت عربية" إن كثيراً من "السياس" يستحوذون على مساحات من الطريق العام من دون وجه حق، وبعضهم يمارس أعمال البلطجة ويهدد السائقين بتخريب سياراتهم وإحداث تلفيات بها في حالة عدم دفع الإتاوات المالية ورسوم الانتظار المقررة.

وأوضح أن تسعيرة انتظار السيارة يحددها "السايس" من وجهة نظره بحسب المنطقة سواء كانت راقية أو شعبية، ونوع السيارة نفسها وهيئة سائق السيارة.

يأمل يسري في اختفاء تلك الظاهرة نهائياً بسبب المشكلات الدائمة التي تصنعها، وتساءل، من أعطى الحق لتلك الفئة أن تستحوذ على مساحة من الطريق العام وتحدد تسعيرة مالية علينا نظير ركن السيارات ولماذا لا نلجأ إلى وسائل تكنولوجية حديثة للقضاء على تلك الظاهرة نهائياً؟

وفي محاولة لإنهاء أزمات السايس في الشارع وتقليص العنصر البشري لجأت الحكومة المصرية لخطة بديلة باستخدام الكروت الذكية، وبرز ذلك جلياً أثناء افتتاح "جراج روكسي" أواخر يوليو (تموز) 2019، الذي يعد أول جراج ذكي في مصر والأكبر في الشرق الأوسط وفق تأكيدات رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي آنذاك.

وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالبدء في تطبيق النظام المستحدث للجراجات الميكانيكية المتعددة الطوابق للسيارات، لتخفيف عبء الزحام وتكدس السيارات وتحقيق أكبر قدر من السيولة المرورية.

الشارع ملك لهم

يعضد الرأي السابق، قول هناء محمد (38 سنة) موظفة بإحدى الهيئات الحكومية، موضحة أن "السايس" دائماً ما يصنع كثيراً من الأزمات في الشوارع ومصدر إزعاج دائم، مشيرة إلى أن كثيراً من العاملين في تلك المهنة منحرفون ومسجلو خطر ويمارسون أعمال البلطجة ليل نهار على المواطنين.

تضيف هناء أنها دائماً ما تخضع لابتزاز "السياس" في الشوارع لتأمين سيارتها وخشية من إحداث تلفيات بها أو الدخول في مشادات كلامية معهم، موضحة أن رسوم انتظار السيارات باتت تشكل عبئاً إضافياً على الميزانية الخاصة بالمنزل، مردفة "السايس مهنة من لا مهنة له، ونعيش طوال الوقت تحت رحمتهم خشية على سياراتنا من التخريب أو الإتلاف".

تستدرك حديثها "بعضهم يعتبر الشارع ملكاً له ويفرض إتاوات مالية تختلف بحسب المنطقة ونوع السيارة، على رغم أنهم ليسوا أصحاب حق في ذلك، وكثير منهم لا يحمل رخصاً رسمية يعمل من خلالها".

يشار إلى أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم انتظار مركبات السيارات في الشوارع تنص على أن رخصة العمل "سايس" سارية لمدة ثلاث سنوات تراوح قيمتها ما بين 1000 (32.3 دولار) و2000 جنيه شهرياً (64.7 دولار) للأماكن التي تستوعب من سيارة إلى 20 سيارة، ومن 2000 (64.7 دولار) إلى ثلاثة آلاف جنيه (97.1 دولار) للأماكن التي تستوعب أكثر من 21 سيارة، وذلك للأفراد العاديين أو من يتبعون شركة، وتدفع قيمة الرخص لرئاسة الحي أو المركز حيث ساحة الانتظار.

جرائم لا تنتهي

أزمات "السايس" مع سائقي السيارات لم تقف عند حد المناوشات الكلامية بسبب الاختلاف على قيمة رسوم الانتظار أو أماكن ركن السيارة، بل تطور الأمر لحد ارتكاب الجرائم والوصول لأقسام الشرطة وساحات المحاكم.

ففي 2017 شنت إدارة المرور حملات لملاحقة "السياس" لمواجهة ظاهرة أعمال البلطجة التي يقوم بها "سياس السيارات" مع المواطنين، وفرضهم إتاوة على سائقي المركبات لركن السيارات في شوارع وميادين ومحاور العاصمة، وتلقت غرف العمليات بلاغات من المواطنين وصلت إلى 1664 بلاغاً على الخط الساخن المخصص لتلقي الشكاوى وتمكن رجال المباحث بالمرور من القبض على 286 متهماً، بسبب مزاولة المهنة من دون ترخيص وتحصيل أموال من المواطنين من دون سند.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مطلع يوليو الماضي تمكنت الأجهزة الأمنية بالإسكندرية من ضبط "سايس" عقب بلاغ تم تقديمه من أحد الأشخاص "من ذوي الحاجات الخاصة وزوجته" بعد محاولة التعدي عليهما بالسب والضرب، وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2019 ألقي القبض على عامل لتزويره إيصالات تحصيل رسوم لانتظار السيارات منسوبة إلى محافظة القاهرة، واعترف بتقليد الإيصالات للنصب على المواطنين والاستيلاء على مبلغ 30 جنيهاً (0.97 دولار) قيمة انتظار كل سيارة بمنطقة كورنيش الزمالك.

 كما تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على عاطلين لقيامهما بالبلطجة وإجبار المواطنين على دفع مبالغ مالية نظير ركن السيارات الخاصة بهم بمنطقة النزهة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021.

2300 ساحة انتظار غير رسمية

يرى أستاذ الإدارة المحلية الدكتور حمدي عرفة أن تفاقم الأزمات المرتبطة بـ"السياس" في الشوارع يرجع إلى التأخر في تطبيق قانون انتظار مركبات السيارات بالشوارع، مشيراً إلى أنه على رغم مضي أكثر من عامين على إصدار القانون فإنه لم يطبق سوى في أربع محافظات فقط وهي القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية، ولا تتجاوز نسبة تطبيقه في باقي المحافظات الأخرى خمسة في المئة، مما يعني أن هناك نحو 23 محافظة خارج نطاق الخدمة في تطبيق قانون "السايس".

يضيف عرفة أن أزمة "السايس" ليست مسؤولية وزارة أو جهة بعينها ولكن مسؤولية مشتركة من جميع الجهات وينبغي التكاتف لمواجهتها، كاشفاً عن وجود نحو 2300 ساحة انتظار غير رسمية، كما أن تلك القضية تهدر على اقتصاد الدولة ما يعادل نحو 43 مليار جنيه سنوياً (1.4 دولار)، فهو بمثابة اقتصاد غير رسمي يمكن للدولة ضمه إلى خزانة الدولة.

 

 

ويرى أستاذ الإدارة المحلية أن تزايد أعداد تلك الفئة في الشوارع والميادين الرئيسة يرجع إلى ندرة فرص العمل في القطاعين الحكومي والخاص وهو ما يجعلهم يقبلون على العمل في مهنة "السايس"، موضحاً أن نسبة ضئيلة منهم لا تتخطى الاثنين في المئة بلطجية ويفرضون إتاوات على السائقين في الشوارع، وهو ما جعل الدولة تتدخل بوضع قانون تنظيم مركبات الشوارع من أجل تحديد شروط لمن يمارسون تلك المهنة.

وحدد قانون تنظيم انتظار مركبات السيارات في الشوارع شروطاً لمن يزاول تلك المهنة تشمل ألا يقل عمره عن 21 سنة يوم تقدمه بطلب الترخيص للجهة المتخصصة بإصداره، وإجادة القراءة والكتابة، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي من أدائها قانوناً، وأن يكون حاصلاً على رخصة قيادة سارية، وألا يكون حكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو المخدرات أو التعدي على النفس، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، والحصول على شهادة صحية من الطب الشرعي أو المعامل المركزية بوزارة الصحة تفيد خلوه من تعاطي المواد المخدرة.

لا حصر بالأعداد

يتفق مع الطرح السابق عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب الدكتور محمد عطية الفيومي، موضحاً أن ظاهرة السايس ستختفي من الشوارع المصرية مع مرور الوقت شريطة استكمال تطبيق قانون تنظيم مركبات السيارات في الشوارع.

يضيف الفيومي خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن الأزمة الكبرى تكمن في عدم تطبيق القانون بشكل كامل في مختلف محافظات الجمهورية وتطبيقه في بعض المحافظات فقط.

ويؤكد عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب أنه لا يوجد حصر بأعداد "السياس" الموجودين في الشوارع والميادين الرئيسة، قائلاً "لا نعلم عدداً محدداً لهم، وقانون تنظيم مركبات السيارات حدد شروط وآليات عملهم".

فرض الإتاوة

في السياق ذاته يقول خبير التطوير الحضاري والتنمية المستدامة الدكتور الحسين حسان إن مهنة
"السايس" لها بعد تاريخي فكانت البداية بتنظيم عربات الخيول، ومع مرور الوقت تغيرت طبيعة تلك الوظيفة وتحولت لتنظيم السيارات في الشوارع، وسرعان ما اقتحمت تلك المهنة فئة يمكن أن يطلق عليهم "بلطجية"، كونهم يستحوذون على أماكن مخصصة للدولة من دون وجه حق ويفرضون مبالغ مالية على السائقين، قائلاً "من يمتنع عن دفع الإتاوات والأموال للسايس قد يجد سيارته مهشمة أو تحدث تلفيات بها عقاباً له".

وأرجع الحسين خلال حديثه لنا تفاقم ظاهرة "السايس" إلى غياب الرقابة من الدولة على العاملين في تلك المهنة، واتساع منظومة الفساد التي أسهمت في انتشار هؤلاء "السياس" بشكل واضح في الشوارع والميادين، موضحاً أن معظمهم يحصلون على مبالغ مالية طائلة بسبب رسوم الانتظار التي يحصلونها من مواقف الانتظار والميادين الرئيسة الكبرى، مؤكداً أن معظمهم يوجدون في المدن التابعة للإدارات المحلية وليس المدن التابعة للمجتمعات العمرانية.

ويحظر القانون رقم 150 لسنة 2020 مزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات في الشوارع الخاضعة لولاية المحافظات أو أجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلا بعد الحصول على رخصة مزاولة النشاط.

ويرى خبير التطوير الحضاري أن تدخل الدولة لعمل قانون تنظيم مركبات السيارات في الشوارع أمر خاطئ، متسائلاً "كيف نعد قانوناً لتقنين البلطجة بدلاً من تدخل الدولة بإنشاء شركات تابعة لها لإدارة المساحات المملوكة لها؟"، موضحاً أن القانون الذي يخضع له العاملون في تلك المهنة غير رادع.

وينص القانون رقم 150 لسنة 2020 بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من مارس نشاط تنظيم المركبات في غير الأماكن المحددة أو من دون ترخيص وتضاعف العقوبة بحديها في حالة العودة.

ويرى الخبير المروري اللواء أحمد هشام أن أزمة البطالة والتأخر في تطبيق قانون "تنظيم انتظار مركبات السيارات" في مختلف محافظات الجمهورية سببان رئيسان في تفاقم ظاهرة "السايس" خلال الوقت الراهن.

ووفقاً لهشام فإن بعض العاملين في تلك المهنة "بلطجية" ومحكوم عليهم في قضايا جنائية سابقة، ويفرضون الإتاوات على المواطنين مقابل ركن سياراتهم، مشيراً إلى أن بعضهم يفرض 50 جنيهاً (1.62 دولار) إتاوات (رسوم مالية)، في مناطق مثل المهندسين والزمالك ووسط البلد وأمام المولات الشهيرة.

تداعيات اجتماعية خطرة

واجتماعياً، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي نقيب الاجتماعيين الدكتور عبدالحميد زيد، أن هناك عديداً من التأثيرات الاجتماعية الخطرة الناجمة عن تلك الظاهرة، علاوة على كونها قد تؤدي إلى ظهور تداعيات أكثر خطورة في المستقبل.

ويوضح لـ"اندبندنت عربية" أن الحاجة إلى "السايس" ارتفعت مع تزايد نسب الزحام المروري، فأصبح ضرورياً استدعاء العامل في تلك المهنة لتأمين السيارات نظير مبلغ مالي معين، ولكن مع مرور الوقت أصبحت هناك مغالاة من قبل "السايس" في طلباته المالية وتحول الأمر إلى ما يشبه أعمال "البلطجة" ونشبت كثير من المشكلات والجرائم الاجتماعية كان "السايس" طرفاً رئيساً فيها، وفي ظل عدم وجود رقابة على تلك الفئة أصبح "السايس" "إمبراطور الشارع" واختلفت مهامه إذ أصبح سمساراً للشقق والعقارات، وبلطجياً يفرض إتاوات على السيارات، ومرشداً تابعاً للأجهزة الأمنية على المواطنين بالشوارع.

يضيف زيد أنه حينما تنبهت الدولة لخطورة تلك القضية تدخلت لضبط تلك المنظومة والحصول على حقها المشروع في أماكن الطريق العام وأعدت قانون تنظيم مركبات السيارات في الشوارع، مشدداً على ضرورة توفير رقابة كاملة على عمل تلك الفئة والحرص على وضع هويات للعاملين في تنظيم السيارات بالشوارع حتى لا يقع المواطن فريسة لهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات