Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرار جماعي من وسط السودان عقب هجوم من "الدعم السريع"

مواجهات عنيفة وانفجارات قوية بين أطراف النزاع في الخرطوم

مسيرات الجيش استهدفت تجمعات قوات الدعم السريع جنوب وشرق الخرطوم (أ ف ب)

ملخص

هجوم فجائي لقوات "الدعم السريع" يتسبب في نزوح جماعي من وسط السودان

فر آلاف السودانيين من سكان بلدة تقع على الحدود بين ولايتين بوسط السودان بعد أن هاجمتهم قوات "الدعم السريع"، بحسب ما أفاد بعضهم، في ظل المعارك الدائرة بينها وبين الجيش منذ أكثر من خمسة أشهر.

وأفاد أشخاص من الفارين عن هرب أكثر من 15 ألف شخص من سكان بلدة "ود عشانا" التي تقع بولاية شمال كردفان على الحدود مع ولاية النيل الأبيض بعد أن هاجمتها قوات "الدعم السريع"، صباح السبت، على متن أكثر من 50 عربة "لاندكروزر" مسلحة.

وقال السوداني الطيب عبدالباقي الذي فر مع أسرته من البلدة إلى قرية العديداب على بعد 10 كيلومترات شمالاً لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف، "عشنا ساعات من الرعب. قتل جاري وابن عمي بسبب الرصاص العشوائي".

وتابع "فقدنا حيواناتنا والمعدات التي نستجلب بها مياه الشرب".

وأوضح عبدالباقي أن "الأوضاع في البلدة كانت هادئة حتى الأسبوع الماضي حينما وصلت قوة من الجيش أقامت غرب البلدة"، مضيفاً أنه "بعد ثلاثة أيام تحركت ’الدعم السريع’ من (مدينة) أم روابة (ولاية شمال كردفان) التي سيطر عليها قبل شهر تقريباً وهاجم قوات الجيش ثم استباح" بلدة ود عشانا.

من جهتها أكدت قوات "الدعم السريع" عبر حسابها على موقع "إكس" (تويتر سابقاً)، الأحد، "السيطرة على حامية منطقة ود عشانا بولاية شمال كردفان وهي آخر حامية حدودية للفلول مع ولاية النيل الأبيض".

وقال عبدالباقي الذي يقيم حالياً بقرية العديداب بمنزل أحد أقاربه مع ثلاث أسر أخرى من الفارين "انسحب الجيش إلى بلدة تندلتي بولاية النيل الأبيض على بعد 35 كيلومتراً شرق ود عشانا".

وقال أحمد وهو أحد الفارين وصاحب متجر بسوق ود عشانا "تم نهب السوق تماماً ولم نخرج إلا بما علينا من ثياب".

وتكدست في مدارس قرية العديداب عشرات الأسر الهاربة من العنف التي لم تحمل معها أي شيء وهي تعتمد فقط على ما يقدمه أهالي القرية من مساعدات.

ومنذ اندلاع المعارك التي تركزت في الخرطوم وإقليم دارفور غرب البلاد، قتل نحو 7500 شخص بينهم 435 طفلاً في الأقل بحسب منظمة أكليد غير الحكومية والأمم المتحدة، في حصيلة يرجح أن تكون أقل بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع.

واشتعلت الحرب بسبب النزاع على السلطة بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" الذي كان نائباً له الفريق محمد حمدان دقلو.

وحتى الآن فشلت كل الجهود الدبلوماسية التي قامت بها أطراف عدة بينها الولايات المتحدة في وقف القتال.

تواصل المواجهات 

استمرت المواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لليوم الـ16 على التوالي في مدن العاصمة الثلاث، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي المكثف على جبهات قتالية عدة من أبرزها محيط القيادة العامة بوسط الخرطوم والمنطقة الصناعية شمال أم درمان.

وقالت مصادر عسكرية إن مسيرات الجيش التي انطلقت من قاعدة وادي سيدنا الجوية بأم درمان استهدفت تجمعات قوات الدعم السريع في كل من المنشية والجريف والمعمورة والمدينة الرياضية جنوب وشرق الخرطوم، بينما تصدت مضادات الأخيرة الأرضية لغارات الجيش المكثفة، وتبادل الطرفان القصف بالأسلحة الثقيلة في منطقة جبل أولياء جنوب العاصمة.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن منطقتي الفتيحاب والمربعات جنوب أم درمان شهدتا اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وتصاعدت أعمدة الدخان في عدد من المواقع شمال سلاح المهندسين عقب عمليات القصف العنيف، مما أدى إلى نزوح عديد من الأسر. أضافت أن مسيرات الجيش استهدفت أحياء أم درمان القديمة وأمبدة والمنطقة الواقعة شرق جسر شمبات الرابط بين بحري وأم درمان، الذي يعد المنفذ الرئيس لإمداد قوات الدعم السريع. وأكدت مصادر الجيش السوداني أن الأخير أحرز تقدماً كبيراً في مدينة بحري بدخوله منطقة الحلفايا وطرده قوات الدعم السريع التي كانت توجد بكثافة في المنطقة.

حامية ود عشانا

وفي كردفان تمكنت قوات الدعم السريع، بحسب بيان صادر، من السيطرة على حامية منطقة ود عشانا التي تقع في ولاية شمال كردفان بعد اشتباكات مع الجيش السوداني، لكن مصادر في القوات المسلحة السودانية أكدت أن المدينة ما زالت تحت سيطرة الجيش. وأشار البيان إلى استيلاء "الدعم السريع" على 12 سيارة قتالية بكامل عتادها العسكري. أضاف "بالسيطرة على حامية ود عشانا بات الطريق ممهداً أمام قواتنا للتقدم نحو مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، كما سنواصل التقدم في مختلف المحاور للقضاء تماماً على الفلول وأعوانهم".

وبحسب شهود فإنه تم قتل خمسة أشخاص في الأقل في هذه الاشتباكات برصاص قوات الدعم السريع أثناء دفاعهم عن ممتلكاتهم، فيما تعرضت غالبية أحياء المدينة للنهب والاستباحة بشكل كامل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وظلت ولاية شمال كردفان ممثلة في عاصمتها الأبيض محل استهداف من قبل قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب بين الطرفين، وشهدت قتالاً عنيفاً تسبب في قتل أعداد كبيرة من المدنيين.

وتسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الأبيض لموقعها الاستراتيجي الرابط بين إقليمي كردفان ودارفور، فضلاً عن الاستفادة من مطارها في الأعمال العسكرية.

محاصرة الخرطوم

وعن مسار المعارك في الخرطوم، قال الباحث في الشؤون العسكرية اللواء بدر الدين حسن عبدالحكيم "في الحقيقة، استراتيجية الجيش ظلت كما هي ولم تتبدل، لكنها تتغير مع تغير الظروف الميدانية، فقد اعتمدت، منذ بداية الحرب منتصف أبريل (نيسان)، على محاصرة الخرطوم حصاراً عنيفاً بإحكام السيطرة على أطرافها بقوات كبيرة جداً من المتطوعين وقوات من الجيش تم إحضارها من فرقها المنتشرة في 17 ولاية، فضلاً عن إحكام السيطرة على الجسور والكباري التي تربط مدن العاصمة الثلاث بواسطة المسيرات والعمل الخاص المباشر، إضافة إلى ضرب النواة الرئيسة لقيادة ميليشيات الدعم السريع من أبناء قبيلة الماهرية التي تشكل 90 في المئة من قياداتها". وتابع "ركزت استراتيجية الجيش أيضاً على تدمير المركبات العسكرية رباعية الدفع التي تستخدمها قوات الدعم السريع في تحركاتها القتالية، وبالفعل تمكنت من ذلك، فالآن لم يتبق لهذه القوات سوى 200 أو 250 مركبة من إجمالي ثمانية آلاف كانت تمتلكها، مما يؤكد أن تخطيط الجيش كان سليماً وذكياً مع استمرار الضغط اليومي على تجمعات الدعم السريع في مدن العاصمة الثلاث"، وبين عبدالحكيم أن "كل العمليات العسكرية التي قادتها قوات الدعم السريع تجاه مقار الجيش في القيادة العامة بوسط الخرطوم وسلاح المدرعات جنوب العاصمة وسلاح المهندسين بأم درمان كانت فاشلة، بل خدمت الجيش في القضاء على أعداد كبيرة من أفرادها، إذ سقط لـ(الدعم السريع) في هجومها الأخير على القيادة العامة نحو 1800 قتيل، وفي سلاح المهندسين ما لا يقل عن 2000 قتيل، وفي معارك سلاح المدرعات التي بلغت 41 معركة فقدت 7700 قتيل".

أضاف الباحث في الشؤون العسكرية "الآن باتت قوات الدعم السريع ضعيفة للغاية، فمقاتلوها بدأوا في الهرب من المعارك ويتجهون إلى مناطقهم بغرب البلاد، حيث يهرب يومياً ما بين 1500 و2000 مقاتل، مما أحدث عجزاً كبيراً وسط هذه القوات التي فقدت إجمالاً ما لا يقل عن 29 ألف قتيل، وهو ما دفع بعض الأصوات من القبائل التي تشكل القوة الضاربة في قوات الدعم السريع إلى إبعاد أبنائها من هذه الحرب التي لا ناقة لها فيها ولا جمل، وفي الوقت نفسه جعل هذه القوات تلجأ لتجنيد الأطفال إلى جانبها والزج بهم في هذا القتال". وأكد أن الجيش ممثلاً في قيادته لا يرفض أي مبادرة لوقف هذه الحرب عبر التفاوض، لكن هناك اتفاقاً موقعاً بينه وبين قوات الدعم السريع ينص على خروج الأخيرة من منازل المواطنين وهو لم ينفذ من قبل "الدعم السريع"، لأن "قيادة هذه الميليشيات فقدت السيطرة على مقاتليها الذين أصبحوا مجرد قطاع طرق وتفرغوا لأعمال النهب والسلب".

هجوم البرهان

وكان رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أكد أن الحديث الذي تروجه قوات الدعم السريع في شأن الديمقراطية والعدالة مضلل وكاذب. وتابع "هذه الميليشيات كانت تنظر للدولة السودانية بعد 2019 باعتبارها غنيمة يجب الإجهاز عليها وأخذ نصيبها منها". وقال البرهان خلال زيارته لسلاح المدفعية في مدينة عطبرة شمال الخرطوم إن "السلام لا يمكن أن يرفضه أحد، لكن يجب أن يكون سلاماً يحفظ كرامة البلد وعزته وسيادته"، مؤكداً ثقته بالانتصار في هذه الحرب بفضل التفاف الشعب حول قواته المسلحة، ونوه بأن الجيش الذي يقاتل "الدعم السريع" هو جيش الوطن وليست هناك أي جهة أو حزب له سطوة عليه، مشدداً على أن ما قامت به قوات الدعم السريع من أفعال طعنة في خاصرة الشعب السوداني. وأشار قائد الجيش إلى قدرة القوات المسلحة على ردع كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعب السوداني والنيل من كرامته وسيادته، مبيناً أن الجيش سيمضي في إنهاء الحرب، وأن ما حدث في 15 أبريل تقف وراءه أطماع شخصية الهدف منها ابتلاع الدولة السودانية.

المزيد من متابعات