Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جواز السفر "مخرج طوارئ" السودانيين للهرب من الحرب

جسر للهجرة ولم الشمل وطريق بداية حياة جديدة

"أريد السفر إلى أي مكان، فهنا المستقبل مجهول والبقاء غير مأمون العواقب وفيه إهدار للوقت والمال" (اندبندنت عربية- حسن حامد)

ملخص

ظل آلاف السودانيين داخل البلاد لنحو خمسة أشهر ليس بسبب الصراع المسلح وحسب، بل لغياب أجهزة الدولة واستحالة استخراج الأوراق الثبوتية

فرقت الحرب شمل الأسر السودانية التي تركت منازلها وتشتت ما بين نازح في ولايات البلاد المختلفة ولاجئ عبر إلى دول الجوار، خصوصاً مصر وتشاد وإثيوبيا، لكن ظل الآلاف داخل البلاد لنحو خمسة أشهر ليس بسبب الصراع المسلح وحسب، بل لغياب أجهزة الدولة واستحالة استخراج الأوراق الثبوتية ووثائق السفر من أجل اللحاق بالعائلات في الخارج أو الهجرة بصورة نهائية أو تلقي عناية طبية غير متوافرة في الداخل أو مواصلة الدراسة بعد تعطلها نتيجة تصاعد المعارك.

مناظر الصفوف الطويلة للمتدافعين للحصول على جوازات سفر بعد استئناف العمل قبل ثلاثة أسابيع كانت مؤشراً إلى رغبة مزيد من السودانيين في الهجرة بسبب الأوضاع المتردية، وكثيرون لم يفكروا في المغادرة ذات يوم باتوا الآن يبحثون جدياً عن مخرج تاركين وراءهم كل أحلامهم وممتلكاتهم وهم يعلمون أنهم ربما لن يتمكنوا من تعويضها.

صفوف ومعاناة

تفاقمت معاناة الآلاف أمام مكاتب جوازات السفر في عدد من ولايات البلاد المختلفة، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد الصفوف والازدحام الشديد خارج مراكز خدمات الجمهور في ظل ارتفاع درجات الحرارة وطول مدة الانتظار لإكمال الإجراءات التي قد تصل لثلاثة أيام متتالية منذ الصباح وحتى المساء بخلاف فترة التسلم التي حدد لها أسبوع.

 

 

واللافت أن المئات فروا من دون أن يتمكنوا من حمل أوراقهم الثبوتية، كما أن هناك آخرين انتهت مدة صلاحية جوازاتهم، وشرع طيف ثالث في الاستخراج للمرة الأولى، وأسهمت حرب الخرطوم في إفشال خطط كثيرين، إذ لم يتمكن مئات الطلاب من العودة لجامعاتهم في الخارج، وكذلك هناك عقود عمل لمغتربين لم تكتمل ومرضى لم يعالجوا بسبب حاجتهم إلى المغادرة، والعائق كان جواز السفر غير الموجود.

لم الشمل

وينتظر عدد كبير من السودانيين العالقين في مدينتي بورتسودان ووادي حلفا، بينهم نساء وأطفال ومسنون ومرضى، لاستخراج جوازات السفر ومن ثم الوصول إلى وجهاتهم التي اختاروها مرغمين بسبب تصاعد القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وانسداد أفق الحل السلمي حتى الآن.

المواطن عبدالعظيم الأمين اعتبر أن "معاودة عمل استخراج الجوازات خطوة مهمة وبارقة أمل لمئات الأسر والشباب بعد انتظار دام قرابة خمسة أشهر من التوقف، فهناك عائلات نصفها داخل السودان والآخر في الخارج لفترة طويلة، وحال الحصول على الأوراق الثبوتية يتمكن كثيرون من لم الشمل في وقت وجيز للغاية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الأمين إنه "بعد معاناة تقارب شهراً حصلت على جواز جديد عقب ضياع مستنداتي في المنزل بالعاصمة الخرطوم بسبب الحرب، أسرتي استقرت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا وأسعى إلى اللحاق بها وقضاء أطول فترة ممكنة، لأن الوضع في البلاد غير مبشر مع استمرار المعارك وعدم رغبة طرفي الصراع في إنهاء الحرب".

وأضاف، "لم تراع السلطات ظروف المواطنين وفرضت زيادات جنونية على رسوم استخراج وثائق السفر في وقت لم يتمكن الموظفون في القطاعين الحكومي والخاص من الحصول على رواتبهم لأشهر عدة، فضلاً عن فقدان الغالبية العظمى لمصادر دخلهم بعد توقف أعمال الأسواق، والوضع الجديد يفاقم الأزمة لأن الراغبين في مغادرة السودان في حاجة إلى مبالغ مالية كبيرة لتوفير كلفة السفر، سواء بالبر أو الطيران أو البحر".

خيارات الهجرة

ينتج مصنع الجوازات الجديد في مدينة بورتسودان بشرق السودان 6 آلاف وثيقة جواز إلكتروني يومياً، ويستمر العمل في 15 ولاية، وعلى رغم ذلك تتراص صفوف آلاف المواطنين بصورة يومية.

معاوية محمد نور، شاب في مطلع العشرينيات تخرج حديثاً قال، "أكره السفر ولم تكن الهجرة خياراً بالنسبة إلي في يوم من الأيام، لكن في ظل استمرار الحرب بدأت قناعة البقاء في البلاد تتراجع، فالمستقبل أصبح مظلماً أكثر من أي وقت مضى، وتسيطر الضبابية على كل شيء، ولم أعد قادراً على أن أدفع ثمن ذلك من مستقبلي، بلا وظيفة ولا حياة كريمة وأقراني الذين هاجروا إلى أوروبا قبل عامين أنجزوا كثيراً، ووفرت لهم الدول التي لجأوا إليها فرص عمل وتأهيلاً أكاديمياً مميزاً".

 

 

وعن خياراته يوضح نور، "أريد السفر إلى أي مكان، فهنا المستقبل مجهول والبقاء غير مأمون العواقب وفيه إهدار للوقت والمال الباقي، وجهتي ستكون القاهرة لمعاودة الأسرة ومن بعد ذلك المفاضلة تبقى بين دول الخليج وأوروبا لاختيار الأفضل وبدء حياة جديدة بعيداً من الوضع المعقد في السودان، وأتطلع لتطوير نفسي ومساعدة عائلتي خلال الفترة المقبلة".

وأردف، "في تقديري أن الحرب لن تنتهي في القريب العاجل وتنبغي الاستفادة من الوقت والتفكير في خيارات هجرة جديدة للهرب والنجاة من الموت المجاني إلى واقع جديد وبناء مستقبل مشرق وعيش حياة كريمة، فضلاً عن تقديم العون للأسر بدلاً من إهدار الزمن من دون جدوى".

بدائل جديدة

وتقول أمنية الطيب إنها "ترغب في السفر إلى السعودية للبحث عن فرصة تعليم لأبنائها واستكمال ما بقي من دراستهم والخروج من هذا المأزق الذي يخيم على مستقبلهم في ظل عدم وضوح الرؤية في شأن مصير العام الدراسي السابق في السودان على رغم اقتراب السنة الجديدة بحسب تقويم وزارة التربية والتعليم".

واعتبرت الطيب أن "الحرب أجهضت أحلام آلاف التلاميذ والطلاب في مواصلة الدراسة وتخرج آخرين من الجامعات، ولذلك يبقى خيار الهجرة الأنسب بخاصة للأسر المقتدرة اقتصادياً، لأن آثار الصراع المسلح لن تنتهي في الوقت الحالي، كما أن بعض المؤسسات الأكاديمية تأثرت نتيجة القصف والغارات الجوية وتحتاج إلى فترة طويلة لإعادة إعمارها".

وتابعت، "المطلوب حالياً من الأسر أن تفكر بعقلانية لإدارة الأمور والاستفادة من الزمن إلى أن تتوقف الحرب".

المزيد من متابعات