Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خنق واعتداء وإجبار على التعري داخل مركز احتجاز مهاجرين في بريطانيا

تحقيق يكشف عن قيام الحراس باستخدام أساليب تقييد خطرة وإرغام النزلاء على خلع ثيابهم عند أخذهم من زنزاناتهم

استخدم الحراس العنف الجسدي لمعاقبة المحتجزين (رويترز)

ملخص

كشف تحقيق بريطاني مثير للصدمة عن قيام عناصر حراسة أحد مراكز الاحتجاز في المملكة المتحدة بمحاولة خنق مهاجرين وإساءة معاملتهم وإجبارهم على مغادرة زنزاناتهم بلا ملابس

كشف تحقيق بريطاني مثير للصدمة عن قيام عناصر حراسة أحد مراكز الاحتجاز في المملكة المتحدة بمحاولة خنق مهاجرين وإساءة معاملتهم وإجبارهم على مغادرة زنزاناتهم بلا ملابس، في بيئة وصفت بأنها "ذات ثقافة سامة" يتعرض فيها المحتجزون لمعاملة رديئة "شبيهة بتلك المتبعة في السجون".

ووجد التقرير المؤلف من 800 صفحة والخاص بأوضاع "مركز بروك هاوس لترحيل المهاجرين" Brook House Immigration Removal Centre في غرب ساسيكس، أن الحراس استخدموا العنف الجسدي لمعاقبة المحتجزين، في حين قوبل هذا السلوك "غير المقبول والمسيء في كثير من الأحيان" [من قبل إدارة المركز]، باعتباره مزاحاً.

وفي حادثة مثيرة للرعب وردت تفاصيلها في تقرير التحقيق، قام أحد عناصر الاحتجاز في الموقع الذي كانت تديره سابقاً شركة "جي فور أس" G4S (شركة أمنية خاصة متعددة الجنسية ومقرها الرئيس لندن) قرب مطار غاتويك، بالإمساك بعنق أحد المحتجزين اليائسين وقال له مهدداً: "أنتَ مجرد حثالة، سأجعلك تغط في نوم عميق".

وشملت الحوادث المروعة الأخرى نقل أفراد قسراً من زنزاناتهم وهم عراة أو شبه عراة، فيما تبين أن حراس مركز الاحتجاز اعتادوا استخدام لغة مهينة تجردهم من إنسانيتهم، بما في ذلك إطلاق عبارات ساخرة مثل "إذا مات فليمت".

التقرير الذي نظر في الظروف السائدة في المركز خلال الفترة الممتدة ما بين شهري أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) عام 2017 سجل أيضاً ما يأتي:

• 19 خرقاً لقوانين حقوق الإنسان تتعلق بالتعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو المهينة.

• أمثلة على موظفين يستخدمون "لغة مسيئة وعنصرية ومهينة" تجاه المحتجزين.

• أدلة على احتجاز رجال في ظروف قاسية وشبيهة بالسجن، بما في ذلك إجبارهم على تقاسم زنزانات قذرة ذات تهوية سيئة ومراحيض مشتركة غير معزولة.

• أمثلة على عاملين يسببون الألم بصورة غير لائقة للمحتجزين، ويستخدمون معدات كدروع مكافحة الشغب والأقنعة بطريقة تهديدية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رئيسة التحقيق العام في سوء المعاملة في مركز الترحيل كيت إيفز دحضت تقارير وزارة الداخلية البريطانية وشركة "جي فور أس" التي تفيد بأن الأحداث التي وقعت في "مركز بروك هاوس" تعزى إلى أقلية صغيرة من موظفي الشركة الأمنية، وأعربت عن قلقها الشديد إزاء سلوك بعض الموظفين، بحسب الأدلة، الذين يواصلون العمل في "بروك هاوس"، مشيرة إلى وجود "حال من عدم الوعي الذاتي حتى بين أولئك الذين يتولون الآن مناصب عليا في مركز الاحتجاز".

واعتبرت أن "هذا يثير تساؤلات حول مدى تغلغل التغييرات الثقافية الموصوفة بصورة حقيقية في تلك المؤسسات"، وقالت "لدي مخاوف من أنه لا يزال أمامنا شوط كبير يتعين اجتيازه لإحراز تقدم في هذا المجال".

ودعت السيدة إيفز إلى إجراء تغييرات شاملة لضمان "عدم تعرض أفراد للمعاناة التي واجهها المحتجزون في مركز ’بروك هاوس"، بما في ذلك وضع حد زمني لمدة الاحتجاز لا يتعدى 28 يوماً، مطالبة بمراجعة المبادئ التوجيهية الصارمة في شأن استخدام القوة، وحضت وزارة الداخلية البريطانية على إصدار تعليمات فورية للشركات التي يجري التعاقد معها تنص على "عدم استخدام القوة إلا كملاذ أخير، واستخدام التقنيات المصرح بها".

وحذرت السيدة إيفز من أنه ما لم تنفذ جميع توصياتها الـ 33 بالكامل فمن المحتمل أن يتعرض مزيد من المحتجزين في مراكز الهجرة لمعاملة غير إنسانية، وكذلك أعربت عن اعتقادها بأنه "إذا لم تعتمد التوصيات بصورة كاملة، وإذا لم تكن هناك مساءلة عامة شفافة لضمان تنفيذها، فسيظل هناك خطر كبير من تكرار حوادث مماثلة مرة أخرى"، مشددة تحديداً على ضرورة وضع حد زمني للاحتجاز مدته 28 يوماً.

واعتبرت أن "حصر الحد الزمني الأقصى بـ 28 يوماً لاحتجاز المهاجرين في بيئة تشبه السجن أمر مهم للغاية، وجميع الأدلة المتاحة التي قمت بالاطلاع عليها تثبت ذلك، وإضافة إلى ذلك فأنا لست أول شخص قدم هذه التوصية، لذا أعتقد أنه من المهم للغاية أن يؤخذ هذا الجانب في الاعتبار".

وزير شؤون الهجرة في حكومة الظل العمالية المعارضة ستيفن كينوك وصف بعض الأدلة التي قدمت للتحقيق بأنها "مروعة للغاية"، وأظهرت أن الحكومة "أخفقت في التحكم بالموضوع وتفتقر إلى أي حس بالتعاطف".

ودان ناشطون أيضاً الحكومة البريطانية على هذه النتائج، وقالت منظمة "العدالة الطبية" Medical Justice، وهي مؤسسة خيرية تعمل مع المحتجزين لدعم حقوقهم القانونية والطبية، إن الأدلة التي قدمت للتحقيق أظهرت أن وزارة الداخلية أشرفت على "معاملة غير إنسانية ومهينة للأشخاص الذين كانوا تحت رعايتها".

مديرة مؤسسة "العدالة الطبية" إيما غين اعتبرت أنه "من المهزلة أن يتطلب الأمر إجراء تحقيق عام كي تؤخذ الشهادات المروعة للمحتجزين على محمل الجد، ولقد بررت أقوالهم أخيراً، ومع وجود هذه الأدلة الواضحة التي لا يمكن إنكارها يجب الآن اتخاذ إجراءات عاجلة".

"منظمة العفو الدولية - فرع المملكة المتحدة"  Amnesty UK، وصفت النتائج التي توصل إليها التحقيق في "مركز بروك هاوس" بأنها "إدانة شديدة للطريقة التي تدار بها مراكز احتجاز المهاجرين في هذا البلد".

ويشار إلى أن التحقيق انطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019 بعد عرض محطة "بي بي سي" حلقة من برنامجها "بانوراما" في سبتمبر (أيلول) عام 2017، تضمنت بث لقطات مروعة التقطت خفية للانتهاكات المزعومة ضد محتجزين على يد عناصر الاحتجاز.

وسجل تقرير التحقيق 19 حادثة خلال خمسة أشهر يمكن أن تصل إلى الحد الذي حظرته المادة الثالثة من "الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان" European Convention on Human Rights. وتنص المادة على ما يأتي: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة".

وعلقت السيدة إيفز رئيسة التحقيق قائلة "إن اكتشافي لهذا العدد الكبير من الحوادث التي حصلت خلال إطار زمني قصير مدته خمسة أشهر فقط أمر مثير لقلق كبير".

ورأت أنه "خلال فترة وقوع هذه الأحداث لم يكن مركز ’بروك هاوس‘ الخاضع لإدارة وزارة الداخلية والشركة المتعاقدة معها ’جي فور أس"، يمتلك ما يلزم لتوفير إطار إنساني لائق وآمن ورحيم لكل من المحتجزين والموظفين، وقد أدى ذلك إلى نمو بيئة أصبحت فيها المعاملة غير المقبولة أكثر انتشاراً".

ولفتت السيدة إيفز إلى استخدام أساليب تقييد خطرة للمحتجزين، ولاحظت وجود حالات وجهت فيها ملاحظات مهينة في حقهم، بما في ذلك من جانب بعض الموظفين تجاه فرد كان يتعافى من علاج طبي بعد تناوله جرعة زائدة من المخدرات.

وسلط التقرير الضوء أيضاً على معاناة أحد المعتقلين الذي وصف بأنه معرض بشدة لإيذاء النفس والانتحار، من لغة ترهيب وتهديد وحرمان من الاستحمام، مما جعله يمتنع من المشاركة في طقوس التطهير الديني التي كانت جزءاً من ممارسات عقيدته الدينية.

وأشارت السيدة إيفز إلى الضعف المتزايد في كثير من الأحيان للأفراد الذين قد ينتهي بهم المطاف في مثل هذا المركز من مراكز الاحتجاز، وقالت "ليست هناك من مسؤولية أكبر على عاتق الدولة من أن تعمل كوصية حامية للمحتجزين الذين هم تحت رعايتها"، مضيفة أنه "بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يحملون جنسية فإن وضعهم غير المستقر يجعلهم أكثر عرضة للخطر بطبيعة الحال، ويمكن لعوامل مثل الحواجز اللغوية أو سوء الحال الصحية أن تجعلهم أكثر عرضة للأذى".

ويذكر أن التقرير أثار مخاوف في شأن المركز نفسه الذي صمم وفقاً لمواصفات سجن من الفئة "ب" Category B Prison (يوضع فيه الأفراد الذين لا يحتاجون لأقصى مقدار من الأمن) مع إحاطته "بسياج عال من الأسلاك الشائكة"، على رغم أن المحتجزين لم يكونوا يقضون أحكاماً بالسجن، وقد وصفه الشهود الذين أدلوا بإفاداتهم في التحقيق بأنه "غير مناسب للغرض المحدد له"، مشيرين إلى أنه يفتقر إلى المرافق اللازمة لاستيعاب المعتقلين "لأكثر من بضعة أيام"، على رغم أن عدداً منهم يمضون فترات أطول بكثير فيه.

وشهد المركز اكتظاظاً ملحوظاً، وكثيراً ما كان المحتجزون فيه يفتقرون إلى الوصول إلى الإنترنت في ظل فرض "قيود غير ضرورية على المواقع الإلكترونية وتعطل أجهزة الكمبيوتر في كثير من الأحيان".

أما تعاطي المخدرات فشكل "معضلة كبيرة" في "مركز بروك هاوس"، ولا سيما منها المواد ذات التأثير النفسي، وأعرب الموظفون عن "شعورهم بالعجز" عن معالجة المشكلة والتعامل مع المحتجزين الذين تعاطوا تلك المخدرات.

ويتضمن التقرير 33 توصية يمكن في حال تنفيذها أن تحسن بصورة كبيرة البيئة التي يحتجز فيها المهاجرون على نحو تصبح "أكثر إنسانية ورأفة واحترافية"، وتشمل التوصيات الرئيسة المقدمة ضرورة أن تعتمد الحكومة سياسة جديدة تحظر إبقاء المحتجزين في مراكز ترحيل المهاجرين لأكثر من 28 يوماً كحد أقصى.

وأثار ذلك تساؤلات عن جدوى خطط وزارة الداخلية في تعزيز آلية احتجاز المهاجرين في المملكة المتحدة، إذ تأتي هذه التوصية بعد أسابيع فقط من إقرار قانون الهجرة غير الشرعية الذي يمنح وزيرة الداخلية سويلا برافرمان صلاحية احتجاز أفراد إلى أجل غير مسمى.

وفي هذا الإطار حضت رئيسة لجنة التحقيق وزارة الداخلية والمستفيدين الآخرين على نشر ردودهم على التقرير خلال ستة أشهر، قائلة "آمل بصدق في أن يقدم أكثر من مجرد كلام واه على هذا التقرير، إذ لا يمكن السماح بتكرار الأحداث التي وقعت في ’بروك هاوس‘".

ويشار إلى أن شركة "جي فور أس" توقفت منذ ذلك الحين عن إدارة وتشغيل "مركز بروك هاوس" واستبدلت بشركة "سيركو" Serco العملاقة (المتخصصة في شؤون الدفاع والعدالة والهجرة والنقل والصحة وخدمات المواطنين) لتولي المسؤولية.

وفي تعليق على ما تقدم، أقر متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية بأن هذه الانتهاكات "غير مقبولة"، مشيراً إلى أن الحكومة أجرت منذ ذلك الحين "تحسينات كبيرة للحفاظ على سلامة المحتجزين وكرامتهم"، وأضاف "نحن ملتزمون بضمان السلامة والأمن في جميع مراكز ترحيل المهاجرين، في وقت نستخلص فيه العبر من الأحداث التي وقعت في مركز ’بروك هاوس‘ للتأكد من عدم تكرار تلك الأحداث مرة أخرى".

متحدث باسم مجموعة "جي فور أس" قال إن "الشركة قدمت دعمها الكامل للتحقيق حول ما حصل في ’بروك هاوس‘ وستنظر بعناية في التوصيات التي خرج بها"، مضيفاً أن "غالبية الموظفين في مركز ترحيل المهاجرين ركزوا على ضمان سلامة الأشخاص المحتجزين واضطلعوا بواجباتهم على مستوى عال في ظل ظروف صعبة للغاية غالباً".

وختم بالقول، "شعرنا بقلق بالغ نتيجة تصرفات عدد من الموظفين السابقين عام 2017 بطريقة تتعارض مع قيمنا وسياساتنا وتدريبهم، ونحن آسفون لما حصل فلقد كان هذا السلوك غير مقبول، وبالتالي اتخذت الشركة إجراءات سريعة من خلال فصل عدد من الأفراد وتكليف شركة "فيريتا" Verita بإجراء مراجعة مستقلة قامت بإنجازها.

© The Independent

المزيد من تقارير