Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرياضة السودانية تدفع ثمنا باهظا للحرب

الصراع المسلح انعكس ضحايا وإخفاقات وخسائر بالجملة

بات مصير الموسم الكروي الجديد في السودان مجهولاً بخاصة مع استمرار الحرب (أ ف ب)

ملخص

يبدو أن الحلم الذي ظل يراود السودانيين منذ ستينيات القرن الماضي بتحويل المدينة الرياضية في الخرطوم إلى أكبر مؤسسة كروية بالقارة الأفريقية سيطول وربما يتبخر حال استمرار المعارك الحربية.

خلفت حرب الخرطوم أضراراً عدة لم تقتصر تبعاتها على المستويين الاقتصادي والسياسي فقط، بل امتدت إلى الرياضة السودانية، إذ أدت إلى تجميد النشاط ومضاعفة الخسائر في البنى التحتية التي تعاني في الأساس، فضلاً عن تدهور مستوى اللاعبين وإخفاق المنتخبات وبعض الأندية في البطولات القارية وخروجها من الأدوار الأولية للمنافسات الدولية.

تحولت العاصمة إلى ساحة معركة، ووصل القصف المدفعي إلى مقر اتحاد كرة القدم في الخرطوم، وشملت قائمة ضحايا الصراع المسلح بين الجيش وقوات "الدعم السريع" لاعبين ومدربين وإداريين، علاوة على تعرض بعض مقار الفرق الرياضية للسلب والنهب.

ضحايا القتال

خيم الحزن على الشارع الرياضي السوداني برحيل لاعب فريق الفئات العمرية بنادي المريخ أحمد عبدالسلام إثر مقذوف ناري تسبب في تعرض اللاعب لإصابات بالغة أودت بحياته، وكان سبقه لاعب المنتخب الأولمبي السوداني وحي الوادي نيالا حسن بركية، الذي توفي بطريقة مماثلة، ولقي مسؤول الإعلام باتحاد كرة القدم السوداني نائب رئيس نادي مريخ الفاشر السابق أمير أحمد حسب الرسول مصرعه بطلق ناري أمام منزله.

كما شهدت الأشهر الأولى للحرب رحيلاً حزيناً لعدد من أبرز نجوم الرياضة على رأسهم أسطورة حراسة المرمى بنادي المريخ حامد بريمة، أكثر اللاعبين تتويجاً بالبطولات، كما رحل فوزي المرضي قائد الهلال السابق متأثراً برحيل ابنته التي فارقت الحياة بعيار ناري خلال الاشتباكات المسلحة بين طرفي الصراع.

تبخر الحلم

تحول مقر مدينة السودان الرياضية إلى مواقع عسكرية، وظل منذ بداية الحرب يتعرض للقصف وطلقات الرصاص، ويبدو أن الحلم الذي ظل يراود السودانيين منذ ستينيات القرن الماضي بتحويل المدينة الرياضية في الخرطوم إلى أكبر مؤسسة كروية في القارة الأفريقية سيطول وربما يتبخر حال استمرار المعارك الحربية.

ودشنت المدينة الرياضية في عام 1995 على مساحة تقارب مليوناً ونصف مليون متر مربع، لكنها لم تكتمل نتيجة فساد وسرقات وصفتها التقارير المحلية بأكبر عملية فساد أراض في البلاد، إضافة إلى التعدي على أراضي المدينة الرياضية بنسبة وصلت إلى 73 في المئة.

خطط بديلة

تعهد رئيس اتحاد كرة القدم السوداني معتصم جعفر بتأهيل وإعمار ما دمرته الحرب خصوصاً مقر الاتحاد، مشيراً إلى متانة العلاقات مع الاتحاد الدولي (فيفا)، والاتحادات القارية المختلفة، وعلى التواصل المستمر مع قادتها، ومتابعتهم لما يجري بقلق بالغ"، لافتاً إلى تخصيص موازنة كبيرة لتنفيذ مشاريع ستفيد الكرة السودانية وسترى النور في القريب العاجل".

وأضاف جعفر أن "الاتحاد السعودي لكرة القدم تكفل بكامل المبالغ المطلوبة لاستكمال كل النواقص في الملعب الأولمبي بالمدينة الرياضية بالخرطوم وصولاً إلى إجازته على أعلى مستوى من الاتحاد الأفريقي (كاف)، فضلاً عن تأهيل مقر اتحاد الكرة الحالي من جديد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف عن أن اتحاده اتخذ قراراً صعباً يقضي باستمرار أنشطة المنتخبات والأندية في مشاركاتها الخارجية، "في حال الاعتذار، كنا سنرجع بالكرة السودانية سنوات إلى الخلف، وفي كل الأحوال وعلى رغم الظروف الاستثنائية أعتقد أننا اتخذنا القرار الصحيح".

ونوه جعفر إلى أن "الاتحاد السعودي أبدى استعداده الكامل في دعم الاتحاد السوداني لكرة القدم في مجال البنيات التحتية وإصلاح الملاعب والتعاقد مع الخبراء الأجانب من أجل تطوير اللعبة والوصول إلى مرحلة استضافة البطولات الكبيرة واكتساب الخبرات في مجال التنظيم حتى تعود الكرة السودانية من جديد رائدة وقائدة".

إلغاء وإخفاق

مع دخول الحرب شهرها الخامس قرر اتحاد كرة القدم السوداني إلغاء الموسم الكروي الذي حدد لنهايته الـ31 من مايو (أيار) الماضي، وبدوره أعلن اتحاد شرق ووسط أفريقيا (سيكافا) سحب تنظيم بطولة المنتخبات تحت سن 20 عاماً من السودان التي كانت مقررة في الفترة من الـ15 إلى الـ29 من يوليو (تموز) الماضي.

وانعكس تأثير الصراع المسلح على نتائج المنتخبات السودانية في البطولات القارية بشكل واضح، وودع المنتخب الأول تصفيات كأس الأمم الأفريقية وفشل في التأهل للنهائيات المقامة بكوت ديفوار بعد أن تذيل المجموعة التاسعة، التي ضمت إلى جانبه منتخبات الكونغو الديمقراطية وموريتانيا والغابون.

كما ودع المنتخب الأولمبي السوداني مسابقة دورة الألعاب العربية التي أقيمت في الجزائر من نصف النهائي، وخرج فريق حيدوب النهود من الدور التمهيدي لبطولة الكنفيدرالية الأفريقية، في حين اقترب نادي المريخ من وداع دوري أبطال أفريقيا من الدور الأول، إثر خسارته على ملعبه الافتراضي في رواندا أمام الشباب التنزاني بهدفين من دون مقابل، وأعلن نادي حي العرب بورتسودان انسحابه رسمياً من كأس الاتحاد الأفريقي لأسباب فنية ومالية نتيجة توقف النشاط الرياضي.

آثار فنية ونفسية

اعتبر المدرب القومي إبراهيم حسين أن "توقف النشاط الرياضي أثر بشكل كبير في تدهور مستوى اللاعبين بعد توقف التدريبات البدنية لفترة طويلة وغياب اللعب التنافسي والاحتكاك القوي، فضلاً عن الضغوط النفسية بسبب تصاعد القتال بشكل عنيف في معارك استخدمت فيها الغارات الجوية والمدفعية الثقيلة.

وقال حسين إن هذه الأسباب مجتمعة قادت إلى خروج المنتخب السوداني الأول من تصفيات كأس الأمم الأفريقية إلى جانب وداع فريق حيدوب النهود لمسابقة كأس الاتحاد الأفريقي، وفشل المنتخب الأولمبي في الوصول إلى نهائي دورة الألعاب العربية، وخروج الهلال من البطولة العربية، واقتراب المريخ من وداع دوري أبطال أفريقيا.

وأشار إلى أن "إلغاء الموسم الكروي في البلاد قبل استكماله وعدم معرفة مصير مسابقات الموسم الجديد سيفاقم معاناة الأندية في ما يتصل بالإعداد البدني وأداء التدريبات والمباريات الودية ويحفز اللاعبين الأجانب لفسخ العقود من طرف واحد من دون التعرض إلى عقوبات، ويعرض الأندية لخسائر مالية".

وأوضح أن "الجانب الأصعب سيكون في تراجع مستوى اللاعبين ولياقتهم البدنية إلى أدنى معدل، فضلاً عن الآثار النفسية المترتبة على توقف النشاط الرياضي، وهي مؤشرات ستقود إلى نتائج كارثية في المستقبل".

ويخشى مدرب المريخ السابق من تأثير الحرب في مقاعد الأندية السودانية الأربعة في البطولات القارية، وتوقع تقليص عدد المقاعد عطفاً على نتائج الفرق هذا الموسم عقب انسحاب نادي حي العرب بورتسودان وخروج حيدوب النهود من بطولة الكنفيدرالية الأفريقية من مرحلة التمهيدي إلى جانب الخروج المتوقع للمريخ من الدور الأول لدوري أبطال أفريقيا، وربما غياب مقعدين للأندية السودانية في مرحلة مجموعات دوري أبطال أفريقيا هذا الموسم.

مصير مجهول وخسائر

بات مصير الموسم الكروي الجديد في السودان مجهولاً بخاصة مع استمرار الحرب، وتعاني كل الأندية الأمرين في سبيل توفير مرتبات اللاعبين والأجهزة الفنية، في وقت استغل فيه لاعبون أجانب ظروف الحرب وفسخوا عقودهم مع الأندية من طرف واحد، مما عرضها لخسائر مالية بلغت آلاف الدولارات، وكان نادي الهلال الأكثر تضرراً بعد أن فسخ ثلاثة لاعبين أجانب عقودهم، وهم الكونغوليان ليليبو مكابي وفابريس نغوما والغامبي لامين جارجو.

إلى ذلك يخشى نادي حي العرب بورتسودان تعرضه لعقوبات من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، بسبب انسحابه من بطولة الكنفيدرالية الأفريقية، إذ تنص اللوائح على فرض عقوبة الإبعاد من المشاركات القارية لمدة عامين إلى جانب الغرامة المالية.

وتعليقاً على قرار الانسحاب وصف الأمين العام للنادي طه باشري الأسباب التي قادتهم لاتخاذ القرار بالمنطقية المبررة، "لأن المشاركة في ظل غياب الإعداد النفسي والبدني ضرب من الجنون وبلا معنى وسيدفع الفريق ثمن توقف النشاط الرياضي هزائم ثقيلة أمام أندية جاهزة فنياً وبدنياً".

وأضاف أن "النادي عانى أيضاً مشكلات تتعلق بجوازات سفر عدد من اللاعبين المؤثرين، ولم يتمكن من استخراج وثائق جديدة، فضلاً عن الكلفة المالية الكبيرة للسفر والإقامة وخلافه"، وأوضح أن "مجلس الإدارة اتخذ القرار الصحيح الذي يخدم مصلحة النادي ولن نندفع في مشاركة بلا جدوى ونعلم نتائجها مسبقاً".

المزيد من رياضة