Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتجاوز عدد المهاجرين إلى سواحل أوروبا 1.5 مليون شخص؟

أكثر من 232 ألف مهاجر غير نظامي وصلوا إلى القارة العجوز منذ بداية السنة الحالية

ملخص

تضاعف عدد المهاجرين إلى إيطاليا عبر السواحل التونسية والليبية

تؤرق ظاهرة الهجرة السرية دول ضفتي المتوسط على حد سواء، فبقدر ما تتذمر دول أوروبا وبخاصة إيطاليا، من تنامي تدفق المهاجرين غير النظاميين خصوصاً من أفريقيا جنوب الصحراء، بقدر ما تواجه تونس بدورها صعوبات في التحكم في تدفق المهاجرين على رغم ما تضعه من إمكانات لوجيستية من وحدات عسكرية وأمنية وعمل استخباراتي على الأرض للسيطرة على شبكات الهجرة السرية.

وتجاوز عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى أوروبا منذ بداية العام الحالي 232 ألف مهاجر، وصل معظمهم عبر السواحل التونسية والليبية، وفق الإحصاءات الأولية التي كشفت عنها الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل (فرونتكس)، وهو أكبر عدد من المهاجرين السريين الذي يصل إلى أوروبا منذ عام 2016، كما تضاعف عدد المهاجرين عبر السواحل التونسية والليبية، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، ليبلغ 143 ألفاً و350 مهاجراً.

وتوقعت "فرونتكس" استمرار الضغط عبر هذا الطريق الرئيس في ظل النشاط المتنامي لشبكات مهربي البشر على السواحل التونسية والليبية.

من جهتها أكدت الحكومة الإيطالية أن نحو 126 ألف مهاجر وصلوا إلى الشواطئ الإيطالية منذ بداية عام 2023، مقارنة بـ66 ألفاً خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وتصدرت الجنسيات الإيفوارية (ساحل العاج) والمصرية والغينية قائمة المهاجرين عبر هذا الطريق الذي يوصف بأنه الأخطر.

إيطاليا تطالب بتدخل أممي

وفي ظل طاقة الاستيعاب المحدودة لجزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي وصل إليها أكثر من 8500 مهاجر، خلال الأيام القليلة الماضية، بحسب الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيديريكو فوسي، بينما يبلغ عدد سكان الجزيرة سبعة آلاف نسمة، تعمل السلطات الإيطالية على نقل عدد كبير من الوافدين إلى جزيرة صقلية وموانئ أخرى في البلاد.

كما أطلقت إيطاليا صيحة فزع إزاء هذا الوضع، وطالبت بتدخل أممي لمواجهة تدفق المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء.

المتوسط مقبرة المهاجرين

ويظل البحر الأبيض المتوسط الطريق الأكثر نشاطاً في عمليات الهجرة نحو الاتحاد الأوروبي، كما يعتبر مقبرة للمهاجرين، إذ فقد فيه أكثر من 2300 شخص خلال العام الحالي، بينما ابتلع نحو عشرين ألفاً منذ عام 2014.

وإذ يعتبر الطريق الليبي أخطر من الطريق التونسي لأنه أبعد عن السواحل الإيطالية، إلا أن ازدهار نشاط شبكات الهجرة السرية، واستخدام قوارب الحديد رجح كفة الطريق التونسي في الفترة الأخيرة.

وعرفت ظاهرة استخدام قوارب الحديد تطوراً لافتاً، بسبب تشديد التضييقات الأمنية على القوارب الخشبية، علاوة على تنامي الطلب على الهجرة السرية، مما عزز الإقبال على هذه القوارب التي لا تستجيب للمعايير، وتتسرب إليها المياه بسهولة، كما أنها لا تصمد أمام الأمواج في عرض البحر، وهو ما تسبب في غرق عدد كبير منها.

إتلاف ستة قوارب حديدية وتوقيف 100 شخص

وإزاء هذه المعضلة كثفت تونس جهودها من أجل تجفيف منابع شبكات الهجرة السرية التي ازدهر نشاطها في الأشهر الأخيرة بخاصة في محافظة صفاقس (جنوب).

وأسفرت حملة أمنية واسعة النطاق نفذتها الوحدات التابعة لمختلف أجهزة الحرس والأمن، ليل 15 سبتمبر (أيلول) الجاري، بكل من مدينة صفاقس وسواحلها الشمالية وجزيرة قرقنة، عن "إيقاف 100 شخص من المطلوبين للعدالة، كما تم إحباط عمليات هجرة غير نظامية ومداهمات لمحال تجميع المهاجرين"، بحسب ما بينه الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، العميد حسام الدين الجبابلي.

كما شهدت مناطق عدة عمليات تمشيط ومداهمة لمحال سكنية معدة لتجميع المهاجرين غير النظاميين، مما مكن من "منع أكثر من 200 مهاجر من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، كانوا يستعدون للمشاركة في عمليات هجرة غير نظامية، كما حجزت هذه الوحدات وأتلفت ستة قوارب حديدية معدة للهجرة غير النظامية وسيارتين معدتين للكراء".
وتهدف هذه العملية الأمنية الواسعة إلى مراقبة وإحباط عمليات الهجرة غير النظامية وتعقب منظمي هذه الرحلات والوسطاء المتاجرين بأرواح الناس.
يذكر أن تونس وقعت في يوليو (تموز) الماضي مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء "شراكة استراتيجية شاملة" بهدف تقليص عدد المهاجرين السريين الوافدين من تونس، مقابل توفير مساعدات مالية لتونس التي تعيش وضعاً اقتصادياً ومالياً صعباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


توقعات بأن يتجاوز عدد المهاجرين المليون

وأكد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الميليشيات المسلحة على السواحل الليبية تسيطر بشكل كامل على شبكات الهجرة السرية، وتعتاش منها، وهي تستغل الظروف المناخية الراهنة الملائمة للهجرة، وتدرك أن السياق السياسي الراهن في ليبيا تمزقه الانقسامات السياسية والصراع بين الشرق والغرب". وأضاف عبدالكبير أن "هذه الميليشيات استغلت الوضع المتردي في كل من السودان والنيجر من أجل استقطاب مزيد من طالبي الهجرة"، مرجحاً أن "يبلغ عدد المهاجرين السريين أكثر من مليون ونصف المليون مهاجر في الفترة المقبلة".

وشدد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان على أن "ملف الهجرة السرية عبر المتوسط أصبح ملفاً سياسياً بامتياز"، لافتاً إلى أن "تونس تدفع الثمن بسبب التدفق غير المسبوق لمهاجرين قادمين من مناطق تشهد نزاعات مسلحة وعدم استقرار سياسي".

ودعا عبدالكبير إلى "وضع استراتيجية شاملة تشترك في إعدادها جميع الجهات المتدخلة من وزارات معنية بملف الهجرة، ومجتمع مدني يعمل في هذا المجال، من أجل بلورة خطة عمل ناجعة لمجابهة الظاهرة التي باتت تؤرق دول ضفتي المتوسط"، لافتاً إلى أن "المقاربة التونسية الأمنية في معالجة ظاهرة الهجرة السرية لن تجدي نفعاً"، محذراً من "تفاقم الظاهرة خلال الفترة المقبلة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وعدم الاستقرار السياسي في عدد من دول أفريقيا جنوب الصحراء".

تحسين شروط التفاوض مع الاتحاد الأوروبي

في المقابل يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية فؤاد غربالي أن "تونس حاولت الاستفادة من الضغط المسلط على أوروبا بخصوص الهجرة السرية، وتوصلت إلى اتفاق معها إلا أن هذا الاتفاق لم يمنع تدفقات الهجرة، لأن دول جنوب الصحراء تواجه أزمات اقتصادية وسياسية، علاوة على أن الشباب في تونس ينزع نحو الهجرة"، مشيراً إلى أن "الضغط سيزداد على تونس في المستقبل في ملف الهجرة السرية". وأضاف غربالي أن "الاتحاد الأوروبي سيعمل على توظيف ملف الهجرة السرية سياسياً ضد تونس، وأدعو بلدنا إلى تحسين شروط التفاوض مع أوروبا ومراجعة سياسة الهجرة مع التونسيين وأيضاً إرساء شراكة اقتصادية حقيقية مع تونس من أجل تعزيز الاستقرار فيها".

تونس لن تكون حارس حدود لأوروبا

ويعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي أن "تونس بدورها ضحية لأنها متأثرة بالأزمة ولم تنتجها، ولن تكون حارس حدود لأوروبا وهي تعاني أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد أكد بدوره أن تونس لن "تعمل كحارس حدود للدول الأوروبية، وأن الحل لن يكون على حسابها"، مضيفاً أن عمليات الهجرة غير الشرعية تدار من قبل "شبكات إجرامية متورطة في الاتجار بالبشر وتهريب الأعضاء".

وتتطلب معالجة ظاهرة الهجرة السرية إرساء شراكة ناجعة وعادلة بين أوروبا وأفريقيا، للحفاظ على حقوق الشعوب الأفريقية التي استبيحت ثرواتها لعقود من الزمن، فهل تغير أوروبا من سياساتها في التعاطي مع الظاهرة؟

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات