Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لامبيدوزا" لا تسع "طوفان المهاجرين" وتونس متهمة

مراقبون يرجحون لجوءها إلى الضغط على أوروبا بسبب عدم الإيفاء بتعهداتها المالية وآخرون يشيرون إلى "عصابات القوارب"

تعد الأزمة الحالية التحدي الأكبر للحكومة اليمينية المتشددة في إيطاليا برئاسة جورجيا ميلوني (رويترز)

ملخص

هل تستنسخ تونس سيناريو أردوغان في الضغط على أوروبا بورقة المهاجرين؟

أثار وصول نحو سبعة آلاف مهاجر غير قانوني إلى سواحل جزيرة "لامبيدوزا" الإيطالية في غضون 48 ساعة استنفاراً منقطع النظير في هذه الجزيرة من قبل السلطات الأمنية والسياسية التي لا تزال تحت الصدمة، حيث لم تعد قادرة على استيعاب كل هؤلاء المهاجرين.

أصابع الاتهام أشارت إلى تونس التي تعد الأقرب إلى "لامبيدوزا" التي لا تبعد عن السواحل التونسية سوى 150 كيلو متراً، إذ قالت وزارة الداخلية الإيطالية في تقرير نشرته مساء أمس الجمعة إن عدد المهاجرين القادمين منها بلغ ذروته في الأيام الماضية، حيث وصل إلى سواحلها منذ أغسطس (آب) المنقضي 30 ألف شخص، في حين عقد الرئيس التونسي قيس سعيد اجتماعاً مع قيادات أمنية عليا ووزير الداخلية لبحث الملف.

وفي سياق متصل، قال مسؤولون وشهود اليوم السبت، إن القوات الأمنية التونسية، مدعومة بطائرات ووحدات مكافحة الإرهاب، بدأت حملة واسعة النطاق في مدينة صفاقس تهدف إلى وقف موجات تدفق آلاف المهاجرين نحو إيطاليا وتستهدف مهربي البشر. وداهمت وحدات من الحرس الوطني التونسي منازل تؤوي مئات المهاجرين واعترضت شاحنات تحمل مهاجرين باتجاه الشواطئ واحتجزت العديد من القوارب وألقت القبض على مهربين. واستخدمت أيضاً وحدات من القوات الخاصة التابعة للحرس وطائرات وكلاب.
وجاءت المداهمات والاعتقالات التي طالت مئات المهاجرين والعديد من المهربين، في الوقت الذي تواجه فيه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية عددا قياسيا من المهاجرين الذين يصلون إليها على متن قوارب. ووصف المسؤولون المحليون الوضع بأنه "مأساوي" في الجزيرة الصغيرة. وطوق المئات من العناصر الأمنية التونسية أماكن تعرف بأنها "نقاط أمنية سوداء" في مناطق جبينانة وقرقنة والمساترية وفي صفاقس، التي أصبحت نقاطا رئيسية لمغادرة قوارب الهجرة باتجاه إيطاليا.
وقال العميد في الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي إن العملية الجوية تستهدف الوسطاء والمهربين الذين يتاجرون بآلام الناس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت تكهنات سرت داخل الدوائر السياسية التونسية والإيطالية حول احتمالية لجوء تونس إلى الضغط على روما بعد عدم إيفاء الأخيرة وبقية العواصم الأوروبية بتعهداتها في ما يخص التمويلات التي ستتلقاها البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية حادة.

وتعد الأزمة الحالية التحدي الأكبر للحكومة اليمينية المتشددة في إيطاليا برئاسة جورجيا ميلوني، ففي حين سارع نائبها زعيم حزب "الرابطة" اليميني ماتيو سالفيني إلى اعتبار هذا التطور "إعلان حرب"، أكدت المفوضية الأوروبية مساء الخميس الماضي أنها على "اتصال وثيق" مع السلطات الإيطالية حول الوضع.

حدود الابتزاز

ويأتي زحف الآلاف من المهاجرين غير النظاميين نحو "لامبيدوزا" بعد شهرين من توقيع مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي في القصر الرئاسي بقرطاج، عندما تعهدت القوى الأوروبية بتقديم دعم قوي لتونس مقابل التزامها صد المهاجرين.

ومنذ 16 يوليو (تموز) وهو تاريخ توقيع هذه المذكرة التي أثارت عاصفة من السجالات السياسية في تونس، تضاءلت فرص عبور البحر نحو أوروبا، لكن هذا البروتوكول واجه انقساماً حوله في التكتل الأوروبي مما جعل المساعدات المرتقبة لتونس تراوح مكانها.

 

 

وقال النائب البرلماني التونسي السابق مجدي الكرباعي، إن هناك عوامل عدة تجعلنا نرجح أن تونس بصدد ابتزاز الاتحاد الأوروبي بورقة الهجرة، منها أن معظم المهاجرين الذين وصلوا إلى "لامبيدوزا" وتحدث معهم يوم الخميس الماضي أخبروه بأنهم قدموا من تونس ولم يتصد لهم أحد، بل هناك شبه فراغ سمح لهم بالمغادرة من شواطئها.

وتابع الكرباعي وهو مقيم في إيطاليا لـ"اندبندنت عربية"، أن "هذا الابتزاز جاء في هذا الوقت بالذات لأن تونس مطالبة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بسداد قرض قيمته 500 مليون يورو (533 مليون دولار) للبنك الأوروبي والسلطات كانت تراهن على الأموال التي ستتلقاها بمقتضى توقيع مذكرة التفاهم، لذلك تريد تونس الحصول على الأموال، وستكون أموال مباشرة من أجل التمكن من سداد هذا القرض".

وأوضح أن "الخلاف بين الطرفين هو بخصوص الأموال، إذ يريد الاتحاد الأوروبي أن تتجسد هذه الأموال في شكل زوارق لمكافحة الهجرة غير النظامية، لكن تونس تريد تمويلاً مباشراً لسداد القروض".

وكانت السلطات التونسية رفضت دخول وفد من البرلمان الأوروبي أخيراً، مما أخرج هذه الخلافات إلى العلن، لا سيما في ظل حراك مكثف من الجانب الأوروبي للتراجع عن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع تونس.

تونس بريئة

في المقابل، يرى مراقبون وأوساط موالية للرئيس التونسي قيس سعيد الذي بدا لافتاً تقاربه مع رئيسة الوزراء الإيطالية خلال الأشهر الماضية، أن تونس لا تسعى إلى ابتزاز القارة العجوز أو الضغط عليها بملف المهاجرين غير النظاميين.

وتشهد السواحل الإيطالية تدفقاً كبيراً للمهاجرين غير النظاميين، إذ بلغ عدد هؤلاء منذ بداية العام الحالي 124 ألفاً بحسب ما أعلنته السلطات في روما، وهو أمر يبعث على القلق، لا سيما أن ميلوني تضع على رأس أولوياتها التصدي لملف الهجرة، وأطلقت سلسلة من المحادثات مع تونس وليبيا في وقت سابق للتنسيق في هذا الشأن.

 

 

ولم تتردد المعارضة اليسارية بإيطاليا في السخرية من سياسات ميلوني حيال ملف المهاجرين غير النظاميين، وذلك وسط مخاوف من أن يتخطى عددهم الرقم القياسي الذي سجل عام 2016، عندما وصل 181 ألف مهاجر إلى "لامبيدوزا"، وهي جزيرة صغيرة لا يمكن أن تستوعب كل هذه الأعداد.

واعتبر الباحث السياسي التونسي المقيم في باريس نزار الجليدي، أن وصول الآلاف إلى "لامبيدوزا" ليس تنظيماً من الدولة التونسية، بل هو من تنظيم أباطرة الهجرة غير النظامية في المتوسط، ولم يكن هذا الوصول انطلاقاً من الموانئ والسواحل التونسية فقط، إذ يعرف القاصي والداني أن أغلب القوارب تأتي من ليبيا مباشرة، وهي عملية منظمة الآن في ظل إنذارات الحرب التي تضرب النيجر وبوركينافاسو ومالي.

وشدد على أن "تونس تحاول بشكل أو بآخر أن تكون رؤيتها واضحة تجاه مذكرة التفاهم التي تعيش الآن حالاً من التذبذب من الجانب الأوروبي الذي لا يريد الإيفاء بوعوده، كما أن هناك انشقاقاً كبيراً في أوروبا بسبب هذا البروتوكول، وهو ما دفع تونس إلى رفض دخول لجنة برلمانية أوروبية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير