ملخص
أعضاء فرقة "يونغ فاذرز" البريطانية يتحدثون لـ"اندبندنت" عن ألبومهم الجديد "ثقيل ثقيل"
"ما هو شعورك عندما تصل إلى القائمة القصيرة لجائزة ميركوري الموسيقية للمرة الثانية"؟ يردد كايوس بانكولي من فرقة "يونغ فاذرز" Young Fathers (الآباء اليافعون) وهو يقلب السؤال في ذهنه، قبل أن يضيف: "ممممم ... يبدو الأمر وكأنه اعتراف بأننا لسنا فرقة حالفها الحظ مرة واحدة". يهز زميله في الفرقة ألويشس ماساكوي رأسه ببطء ويقول: "نعم ... إنها لحظة ترسيخ. الأمر برمته جيد…".
كانت المكالمة تتقطع أثناء حديثهما إلي عبر تطبيق "زوم" من مكانين مختلفين، بينما انقطع صوت العضو الثالث في الفرقة، غراهام "جي" هيستينغز، تماماً - يبدو أعضاء "فرقة الهيب هوب الإلكترونية الليبيرية/ النيجيرية/ الاسكتلندية المخدرة" أكثر حماسة بشكل طفيف مما كانوا عليه عام 2014، عندما حصلوا على الجائزة عن ألبومهم الأول "ميت" Dead. أجابوا الصحافيين في ذلك الوقت باستهجان: "ماذا تتوقعون منا أن نفعل، أن نقفز فرحاً"؟ مجادلين بأن الجائزة التي تبلغ قيمتها 20 ألف جنيه استرليني (25 ألف دولار) وما صاحبها من موجة اهتمام في الصناعة "لا تغير شيئاً على الإطلاق".
وبعد مرور حوالى عقد من الزمن، لا يزال الموسيقيون الثلاثة – من خلال حديثهم على الأقل - بعيدين من كونهم متحمسين. لا تزال نبرات أصواتهم الجادة وكلماتهم الحذرة تتعارض مع موسيقاهم الصاخبة الرائعة والعاطفية والتي لا يمكن التنبؤ بها – التي يستعرضونها أخيراً في ألبومهم الرابع "ثقيل ثقيل" Heavy Heavy الذي أكسبهم ترشيحهم الثاني لجائزة ميركوري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي عرض مليء بالقفز والتنقل بخفة على المنصة والتهليل، قدم الثلاثي المقيم في إدنبرة (والذين يتناوبون على الغناء والعزف) إحدى أكثر الوصلات إثارة وحماسة في مهرجان غلاستنبري لهذا العام. أثناء أداء عنيف لأغنية "رأيت" I Saw التي صدت بشكل منفرد قبل أن تصبح الأغنية الرئيسة في ألبوم "ثقيل ثقيل"، التصق بانكولي، الأسود وصاحب الشعر المجدول، بـ هيستينغز، ذي البشرة البيضاء المحمرة؛ كان جسداهما قريبين جداً مثل صوتيهما. في هذه الأثناء، كان ماساكوي يكرر شطراً من أغنيتهم الأقدم "سكر الكاكاو" Cocoa Sugar: "الزنوج العاديون الذين يشبهون يسوع...". وفي نهاية وصلتهم، قاد هيستينغز الحشد في ترنيمة: "قولوها بصوت عالٍ! قولوها بوضوح! اللاجئون مرحب بهم هنا"! قبل أن يصرخ "اللعنة على حزب المحافظين" ويهدي أغنيتهم المنفردة "عار" Shame لوزيرة الداخلية سويلا بريفرمان.
حين سألت هيستينغز في وقت لاحق، عبر رسالة إلكترونية بعد انقطاع الإشارة في هاتفه أخيراً، ما إذا كان هذا البيان السياسي مخططاً له مسبقاً، حصلت على إجابة من كلمة واحدة: "لا". لكن فرقة "يونغ فاذرز"، التي تدمج أصواتاً أفريقية وموضوعات عالمية في موسيقاها، هي فرقة سياسية بطبيعتها. ويعترف أعضاؤها بذلك، على المستوى البصري البحت على الأقل. يقول ماساكوي: "إن كوننا فرقة متعددة الأعراق هو بيان سياسي في حد ذاته... نحن غرباء، ندفع عكس التيار، ونحدث صوتاً عالمياً في جزء بارد من أوروبا حيث تصادف أننا التقينا ببساطة".
ولد ماساكوي البالغ من العمر 35 سنة في ليبيريا، ووصل إلى إدنبرة كطفل لاجئ لما كان في الرابعة من عمره، هرباً من الحرب الأهلية في بلده الواقع في غرب أفريقيا. ولد كل من بانكولي (ابن لمهاجرين نيجيريين) وهيستينغز في إدنبرة، لكن ليست لديهم رغبة في التعريف عن أنفسهم من خلال جنسياتهم التي جمعت بينها الصدفة.
التقى الثلاثة على حلبة الرقص في نادي هيب هوب تجوبه أجواء ساخنة لما كانوا في الـ14 من العمر. وسرعان ما حولوا منزل هيستينغز لمعسكر لهم، حيث كانوا يتكومون فوق بعضهم البعض في خزانة ملابسه ممسكين بآلة كاريكوكي ويغنون بطريقتهم الخاصة. كانت علاقتهم الحميمة الجسدية والصوتية جزءاً لا يتجزأ من تركيبتهم منذ البداية (جرى تسجيل ألبومي "ميت" و"ثقيل ثقيل" في أقبية ضيقة) ويأتي التشويق "الصعب ولكن الذي يساعدك على التحرر" لموسيقاهم من الصداقة التي تفسح المجال للهشاشة العاطفية والخلاف المعتاد – الذي يجمع في الأغنيات لأنهم، كما أخبرني هيستينغز، يخشون "إفساد الموسيقى بالكلام".
يقول ماساكوي: "نحن لا نتفق كثيراً... إننا نقدم أشياء مختلفة كأفراد، من حيث تجاربنا ومحننا وأفراحنا. أذواقنا مختلفة، لكننا نتمسك بشيء ما في ما بيننا، ونعثر على أشياء تعلق بالأذهان في المرح والكآبة... كل واحد منا هو الحلقة المفقودة التي يحتاجها الآخرون لجعل هذا الوحش ناجحاً". ويضيف أنه على رغم أن علاقتهم "تكاد تكون تخاطرية"، فإن التحدي يكمن في "مدى رغبتنا في مفاجأة بعضنا البعض".
يتابع ماساكوي "كنا نخوض معارك الراب rap battles [تحدي في إلقاء إيقاعي بطريقة الراب بين شخصين أو أكثر]. كنا نغني أغاني بوب مدتها ثلاث دقائق. وموسيقى راقصة. هذا ما يخلق جواً ملائماً لنا"، يدخل بانكولي على الخط قائلاً: "لكننا نصاب بالملل بسهولة" (وهو يحدثنا الآن عبر مكبر الصوت في السيارة أثناء القيادة في إيرلندا). يوافق ماساكوي على ذلك قائلاً: "لذلك أدركنا في النهاية أننا أردنا القيام بشيء أكثر شجاعة ضمن هذه التشكيلة المكونة من ثلاثة رجال يكتبون الأغاني".
خلال السنوات الـ20 التي أمضوها معاً، يقول بانكولي إنهم سجلوا في كل بيئة مادية وكل الأنواع الموسيقية التي يمكنهم تخيلها "وإنهم يبحثون دائماً عن هذا الشعور بالبهجة الطفولية". من المنطقي إذن أن يكون ألبوم "ثقيل ثقيل" مستوحى من صور ومقاطع فيديو لأشخاص يرقصون. يقول ماساكوي متأملاً: "تلك الطاقة الجماعية... الناس يتحركون بتلقائية"، مضيفاً أن معظم الألبوم سجل باستخدام هواتفهم، موضحاً "كان لدينا كثير من الألعاب المجمعة التي يمكننا التقاطها واللعب بها أو ضربها في أي وقت".
كان بانكولي قد أحضر معه آلات موسيقية مختلفة من رحلته إلى أفريقيا: طبول تحاكي الأصوات البشرية، وشخشيخات و"مقاطع صوتية لأطفال يبكون". لكنه يقول: "لن يبدأ التحضير لأي شيء حتى نكون جميعاً في الاستوديو. يجب أن يكون هناك مستوى من عدم اليقين وانعدام الأمن في تلك المساحة التي نروي فيها القصص ونجمع الكلمات المسجوعة. علينا أن نفكر: ماذا لو لم يحدث ذلك أبداً؟ الخطر يعطينا دفعة ويرتقي باللحظة حتى تنمو لها أذرع وأرجل وتصبح كياناً".
في فبراير (شباط) الماضي، عندما صدر الألبوم، تحدث هيستينغز عن استفادة الفرقة من التيارات "القديمة" للدندنة والطقوس. وهكذا يحتوي "ثقيل ثقيل" على إشارات إلى أصوات السكان الأصليين والأصوات السلتية: مقدسة ومهدئة ومبسطة إلى نبض خام مثل النقر على الخشب والحجر. يبدو النسيج الصوتي متعدد الخامات للثلاثي خالداً. يقول لي هيستينغز الآن: "هذا ما يؤثر بي، لأنني أتذكر حدوثها بدافع الغريزة والثقة المحضة. تبدو المصادفات عاطفية بالنسبة لي".
قبل خروج هاتفه أيضاً عن نطاق تغطية شبكة الهواتف، بدا بانكولي أكثر حيوية وهو يناقش أغنية "أن أكون سيدتك" Be Your Lady التي تتحدث فيها الفرقة بلسان الجنس الآخر كما فعلت من قبل مع الأغنية الرئيسة في الألبوم السابق "الرجال البيض هم رجال سود أيضاً" White Men are Black Men Too الصادر عام 2015. تقول كلمات أغنية "أن أكون سيدتك": "لن أتحرك عندما تصارعين، أنا الفاشل الذي يروق لك/ لستِ بحاجة إلى التخبط في الكبرياء... أريد أن أكون سيدتك/ وأنسى أنني الرجل".
على رغم أن هذه الموضوعات ذات ثقل حقيقي، إلا أن ماساكوي يؤكد أنهم أرادوا أن يكون الألبوم مرحاً، ويقول: "لهذا السبب أطلقنا على الألبوم عنوان ’ثقيل ثقيل‘... تكرار الكلمة يجعلها أخف حدة". وفي حين أن موسيقاهم تأتي مصحوبة "بالوعي بما يحدث في العالم، فإنها لن تشير إليه بشكل مباشر أبداً. نريد أن نفعل ذلك بطريقة هدامة ولكن تعلق بالأذهان. بعض الفنانين الذين تعاونوا مع تسجيلات موتاون فعلوا ذلك. وبوب مارلي؟ كانوا سياسيين حتى النخاع وقادرين على إيصال الرسالة، وهنا يكمن السحر".
يقول بانكولي إنه يريد من "يونغ فاذرز" أن تكتب أغنيات تعلق بالأذهان "على مستوى ما تقدمه بيونسيه". لكن - وفي شهادة على المواقف المختلفة للثلاثي - عندما أرسلت بريداً إلكترونياً إلى هيستينغز لأسأله عما إذا كان يعتقد أن أغنيات تعلق بالأذهان على غرار أعمال بيونسيه ممكنة لمثل هذه الفرقة التي تقدم موسيقى بديلة، أجاب: "لا أريد أن يكون ذلك ممكناً. يبدو الأمر ككابوس. لكن هذا الاختلاف بيني وبين [بانكولي] هو ما جعل فرقتنا كما هي عليه الآن. ليست هناك مشكلة". يعترف هيستينغز، وهو الأكثر إيجازاً في الكلام بين الرجال الثلاثة، بأنه ينجذب إلى عالم الجوائز والدعاية. ويقر بأنه يستمتع "بوصف الموسيقى أكثر" وبأن صناعة الترفيه تدور حول "النجاح والتألق" بقدر ما هي متعلقة بالصعوبات والعقبات التي ترافق ذلك.
من المؤكد أن "يونغ فاذرز" متعطشون أكثر للجائزة هذه المرة. وعلى رغم أنهم شعروا في السابق أنها لن تغير شيئاً، إلا أن ماساكوي يعترف الآن بأن الفوز بتلك الجائزة أوصل موسيقاهم إلى جمهور أوسع. يقول هيستينغز: "لقد تمكنا من الحفاظ على موقف شجاع وابتعدنا... إنه أيضاً وقت عصيب للموسيقى والفرق الموسيقية في هذه الجزيرة من حيث مدى استحالة الاستمرار، بخاصة عندما تقدم شيئاً مختلفاً عن القديم المتكرر، ويزداد الأمر سوءاً إذا لم يكن لديك صندوق تمويل لدعمك".
وزعت جوائز جائزة ميركوري لعام 2023 يوم 7 سبتمبر في مسرح إيفنتيم أبولو في منطقة هامرسميث بلندن.
© The Independent